شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
عوضاً عن التكنولوجيا والسيارات والأزياء… اتجاه عالمي لتصنيع كمامات طبية وعلى الموضة

عوضاً عن التكنولوجيا والسيارات والأزياء… اتجاه عالمي لتصنيع كمامات طبية وعلى الموضة

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 7 أبريل 202005:59 م

مع تسارع انتشار فيروس كورونا والنقص المتزايد في مستلزمات الوقاية الطبية، لا سيما أقنعة الوجه، اتجهت شركات كبرى في مجالات مختلفة إلى تصنيعها وتقديمها مجاناً أو بمقابل زهيد للكوادر الصحية والمواطنين.

برغم استحسان هذه الخطوة "التضامنية" مع الجهد العالمي لمكافحة الجائحة، تبقى عدة محاذير تثير جدلاً، لعل أبرزها مدى قدرة هذه الكمامات على الوقاية من الفيروس.

وتصنع الكمامات الطبية عادةً من مادة البولي بروبيلين التي تتمثل في شبكة من الخيوط الدقيقة القادرة على تصفية الجسيمات الميكروسكوبية، لكن بسبب تعقيدها يصعب على المصانع المتخصصة إنتاج القدر الكافي لتلبية الطلب المتزايد عليها.

ولذا لجأ الكثيرون إلى أقنعة القماش برغم أن منظمة الصحة العالمية لا توصي بها "تحت أي ظرف من الظروف".

يستند هؤلاء إلى اقتراح المركز الأمريكي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بارتداء كمامات مصنوعة من القماش، قائلاً إن أي نوع من القماش تقريباً صالح ليُصنع قناع وجه منه، مع إضافة أربطة مطاطية.

 

عربياً... مبادرات فردية

ظهرت مبادرات فردية عدة في دول عربية لإنتاج أقنعة الوجه القماشية وتوزيعها مجاناً على الكوادر الصحية والأمنية والمواطنين.

في العراق مثلاً، أطلق عدد من الخياطين في العاصمة بغداد بشكل تطوعي مبادرة "إبقى في بيتك وإحنا نجيب الكمامة"، بعدما تحولوا من خياطة الأزياء إلى إنتاج الكمامات، ويوزعون نحو ألفي كمامة يومياً على قطاعات القوات الأمنية والجيش والكوادر الطبية والمواطنين من دون مقابل.

جاء هذا بموازاة الإشادة الواسعة من رواد مواقع التواصل الاجتماعي في العالم العربي كله بطفلٍ عراقي من مدينة الناصريّة الجنوبية، يدعى علي ماهر النداف، بادر هو أيضاً بحياكة الكمامات القماشية وتوزيعها بالمجان على المواطنين.

وفي تونس، بادر نحو 150 عاملاً، غالبيتهم من النساء، وجميعهم من العاملين في أحد المصانع المتخصصة في صنع وسائل الوقاية الصحية بولاية القيروان (وسط البلاد)، إلى عزل أنفسهم في معسكر مغلق داخل المصنع لتأمين حاجات المستشفيات والصيدليات والمؤسسات الخدمية قدر الإمكان، بالإضافة إلى تحويل عدة ورش في مجال الحياكة، بمبادرات من أصحابها، إلى تصنيع الكمامات لسد النقص وتلبية الطلب المتزايد عليها.

وفي المغرب، قامت شركة "يارا كونفيكسيون" في طنجة، بصنع الكمامات الوقائية وتوزيعها مجاناً على الأشخاص الذين سيضطرون للعمل خلال فترة الطوارئ الصحية.

كذلك حَوّل مصنع مغربي لأجهزة المخابز، في إحدى ضواحي العاصمة الرباط، نشاطه إلى صنع الأقنعة الزجاجية الواقية التي تستخدمها الأطقم الطبية، وتوزيعها عليهم بالمجان.

عالمياً… شركات التكنولوجيا والسيارات

إن كان الطابع الغالب على المبادرات عربياً اقتصارها على الصعيد الشخصي أو المشاريع الصغرى، فعلى صعيد عالمي، أقدمت شركات ضخمة ذات شهرة دولية على مبادرات مماثلة.

قبل يومين، أعلنت عملاقة التكنولوجيا "آبل" اعتزامها تسخير قدراتها لإنتاج نحو 20 مليون قناع للوجه، مع توجيه عدد من أقسامها نحو تصنيع دروع بلاستيكية شفافة واقية للوجه تحمي الفرق الطبية والعاملين في الصفوف الأمامية لمكافحة الفيروس.

وأوضح المدير التنفيذي للشركة تيم كوك عبر تويتر أن الشركة ستقدم هذه المنتجات الوقائية مجاناً إلى الحكومات، لا سيما في أكثر البلدان حاجةً إليها.

وأعلنت الشركة أن الشحنة الأولى من أقنعتها سُلّمت في الأسبوع الماضي لمستشفى في كاليفورنيا، وقوبلت بتعليقات إيجابية. كما أنها زودت في آذار/مارس المرافق الصحية الأمريكية بنحو تسعة ملايين قناع.

من جهتها، قرّرت شركة "لامبورغيني"، صاحبة الصيت الذائع في صناعة السيارات الرياضية الفاخرة في إيطاليا، تحويل أقسام من مصانعها إلى صنع الكمامات والدروع الشفافة الواقية للفرق الطبية.

وأوضحت الشركة أنها ستُنتج يومياً ألف كمامة و200 درع طبية واقية باستخدام تقنية الطباعة الثلاثية الأبعاد، لافتة إلى أنها تتعاون مع جامعة بولونيا حيث يشرف قسم العلوم الطبية والجراحية على اختبار التحقق من سلامة الأجهزة الطبية التي تنتجها قبل تسليمها مجاناً إلى مستشفى "سانت أورسولا مالبيغي" (Sant’Orsola-Malpighi) في مدينة بولونيا، شمالي إيطاليا.

علامة المصمم العالمي رالف لورين أعلنت كذلك، عبر مؤسسته الخيرية، اعتزامها إنتاج 250 ألف قناع وجه و25 ألف عباءة عزل وتوزيعها في الولايات المتحدة، علاوةً على التبرع بـ10 ملايين دولار لجهود مكافحة الفيروس.

وأكدت علامة "كندا غوز" الرائدة في مجال الملابس الشتوية اتجاهها نحو تصنيع "العباءات والأثواب الوقائية" للأطقم الطبية.

وفي وقت سابق، أعلنت علامة "لوي فيتون" الفرنسية توجيه أحد مصانعها إلى تصنيع مطهر اليد الكحولي عوضاً عن الروائح.

كمامات على الموضة

في سياق متصل، يبدو أن عدة شركات ومتاجر وجدت ضالتها في التوصيات الطبية بإمكان استخدام الكمامات القماشية لتقديم تصاميمها المختلفة من الأقنعة "على الموضة" بأسعار متفاوتة.

استند هذه الشركات إلى وجهة النظر القائلة إنه "إذا كان علينا مواجهة كورونا وارتداء أقنعة الوجه، فينبغي أن نحظى ببعض المرح"، وإنه "يجب أن يكون لكل شخص لمسته الخاصة عوضاً عن أن يكون الجميع متشابهين خلف الأقنعة".

من أمثلة على ذلك، قناع قطن من "Matrushka" في لوس أنجلوس يبلغ ثمنه 10 دولارات، ويُصنع من قصاصات القماش مع رسوم مبهرة ومختلفة للقطط الكارتونية والكائنات الفضائية وأسماك القرش وغيرها.

آبل، لامبورغيني، لويس فيتون... شركات عالمية في مجال السيارات والتكنولوجيا والموضة دخلت عالم صناعة أقنعة الوجه وتوزيعها، لسد العجز الذي ظهر مع انتشار فيروس كورونا، فما هي المحاذير؟

شركة "Ball and Buck" لمتاجر التجزئة للملابس الرياضية الرجالية قدمت قناعاً مموهاً يناسب الرجال بـ20 دولاراً. وعرضت "Maison Modulare" قناع الدانتيل الفرنسي بـ60 دولاراً.

أما علامة "Katie May" الخاصة بفساتين السهرة والزفاف، فلجأت إلى حيلة تحافظ بها على مستوى منخفض من الشغل لموظفيها مع المساهمة في جهود مكافحة كورونا.

كذلك صممت أقنعة وجه "للسهرة" بأشكال وتطريزات فخمة عرضتها للبيع بأسعار تراوح بين 25 و35 دولاراً، معلنةً تبرعها بثلاثة أقنعة وجه للكوادر الصحية مقابل كل قناع للسهرة تبيعه.

لكن علامات تجارية عريقة، منها Christian Siriano وZara وH&M وPrada، أبقت مصانعها لإنتاج الأعداد الضرورية من الأقنعة وخصصتها للكوادر الطبية.

محاذير وإشكاليات

مسارعة علامات الأزياء إلى تقديم الأقنعة تكتنفه عدة محاذير، أولاً تسليع الجهد الأخلاقي والمخاوف من استغلال خشية الناس من فرض أسعار مبالغ فيها للأقنعة، وتلك الانتهاكات المحتملة في ما يتعلق بالإضرار بالبيئة والمساس بحقوق العمال وسلامتهم.

تعتبر تقارير عدة المبادرات الفردية والأخرى الخاصة بالمصانع والشركات لإنتاج الأقنعة في ظل عجز الحكومات عن توفيرها "جهداً مشجعاً"، بينما يناقش باحثون "مدى مناسبة هذه الأقنعة للظرف الراهن، وقدرتها على الحماية"

وفيما تعتبر تقارير عدة المبادرات الفردية والأخرى الخاصة بالمصانع والشركات لإنتاج الأقنعة في ظل عجز الحكومات عن توفيرها "جهداً مشجعاً ومثيراً للإعجاب"، تبقى هناك مشكلة لا يمكن تجاهلها وهي "مدى مناسبة هذه الأقنعة للظرف الراهن، وقدرتها على الحماية من الفيروسات والعدوى"، خاصةً أن غالبية هذه الأقنعة مصنوعة من منسوجات قماش عادية مثل القطن، الذي تقول الأبحاث إنه لا يوفر سوى القليل من الحماية ضد الأمراض المعدية مثل فيروس كورونا المستجد.

مع ذلك، تصر الكاتبة في مجال الأزياء والجمال ماري لودي على أن "الجميع يستفيدون: العلامات التجارية التي تخسر المال (بوقف خطوطها)، والعمال في مجال الرعاية الصحية، والأشخاص الذين يحتاجون إلى أقنعة".

وقد أوصى الطبيب الأمريكي سكوت سيغال الذي درس أخيراً أقنعة محلية الصنع، باختبار سريع للتحقق من مدى فائدة أقنعة القماش أو تلك المصنوعة منزلياً.

قال: "ارفع القناع نحو ضوء ساطع. إذا كان الضوء يمر بسهولة عبر الألياف ويمكنك رؤية الألياف تقريباً، فهذا ليس نسيجاً جيداً"، مستطرداً "النسيج الأكثر كثافة من المواد السميكة لا يمر الضوء خلاله بقوة، وهو ما يُنصح باستخدامه".

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard