شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
دريم سيتي: مهرجان يحوّل مدينة تونس مسرحاً مفتوحاً

دريم سيتي: مهرجان يحوّل مدينة تونس مسرحاً مفتوحاً

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الثلاثاء 27 يونيو 201711:23 م

منذ انطلاقتها سنة 2007، اختارت تظاهرة "دريم سيتي" Dream City أن تكون أزقة المدينة العتيقة في تونس العاصمة، مسرحاً لفن الشارع. وفي برنامج الدورة الخامسة المنتظمة من 4 إلى 8 نوفمبر، يتعمق هذا الخيار الفني، إذ يكون محور الاهتمام حول "الفن والعلاقات الاجتماعية".

يتم تجهيز عدد من الفضاءات العامة بعروض مسرحية وسينمائية، وأخرى للفنون البصرية والرقص المعاصر. مسارات مفتوحة للجمهور في مناطق حضرية غير معهودة للنشاط الثقافي، ورشة للصناعات التقليدية، بناية مهجورة شبه منهارة. هنغارات ضخمة خاوية بلا سقوف ودهاليز ضيقة بلا إضاءة، دور شامخة معمارها عثماني أو أندلسي، أو حتى كولنيالي مشوه.

مقالات أخرى:

معرض شادي النشوقاتي: خطة فنان معاصر لغزو الأرض

تونس: تجارب فنية رائدة تُثمن الطبيعة المهددة

وقوفاً تتم مشاهدة العرض أو مشياً، قلما يتسنى الجلوس، فالكل في حركة. الممثل أو المؤدي والمتلقي، الكل في شوق للإبهار ولذة الفن. وكثيراً ما تكون مدة الفرجة قصيرة نسبياً وتعاد لاحقاً لتمكين عدد أكبر من الجمهور من المشاهدة، وهذا عنصر نجاح للتظاهرة إذ تشهد الأيام إقبالاً كبيراً. إنها تمارين نفسية وروحية لإنشاء أحياء تضج بالحركة الدؤوبة والأصوات الخافتة المتداخلة، ولا تعدو المناسبة حينئذ شحناً مكثفاً للنسيج العمراني، الذي حرم من النشاط الثقافي لسنوات.

[caption id="attachment_38849" align="alignleft" width="700"]مهرجان دريم سيتي - من أعمال المصور مالك غناويmalek_gnaoui من أعمال المصور مالك غناوي[/caption]

في الدورة الحالية، الجزء المهم من العروض المبرمجة هو نتاج لأبحاث ومشاريع أنجزها عدد من الفنانين خلال الصيف في تونس. من بين هذه الأعمال نص مسرحي لعمر أبو سعادة من سوريا، إضافة لعرضين مشتركين تونسي فرنسي لسعاد بن سليمان وجان بول ديلور، ومصري بلجيكي لليلى سليمان ورعود جيلز. وفي مجال الفن التشكيلي والفن الفوتوغرافي يتابع الجمهور عرضاً لأعمال مالك غناوي ووسيم غزلاني وفاتن غداس من تونس. كما تقدم فرقة سيلو بيزا من جنوب إفريقيا عرضاً في الرقص المعاصر.

تحتل عروض تنصيبات الفيديو حيزاً بارزاً في أيام "دريم سيتي"، ومن بين الأعمال المقدمة مشروع بحثي للفنانة التشكيلية التونسية سنية قلال، وعرض للفنان اللبناني روي سماحة، وعرض تجهيز للبرتغالي بيدرو سيرازينا. والمميز هو محاولة تكسير الحواجز الفاصلة بين الفنون وتقريب بعضها إلى بعض، وجعلها متجاورة تخدم عملية الإمتاع. تتداخل الإيماءات وحركات الجسد والهمهمات الملغزة والموسيقى ورشقات الضوء المبهرة واللامعة المتكسرة على الديكور العشوائي. كل ما في المكان يصلح أن يكون خشبة للعرض ولفن الأداء.

[caption id="attachment_38855" align="alignleft" width="700"]مهرجان دريم سيتي - من أعمال الفنانة التونسية سمية قلالsonia_kallel من أعمال الفنانة التونسية سمية قلال[/caption]

وهنالك عرض موسيقي للفنان التونسي محمد الهادي العقربي، وغير بعيد عنه، فضاء يحتضن أعمال لعدسة المصور الفوتوغرافي الكونغولي كيريبي كاتمبو. كذلك يمكن للعين أن تنتقل بشغف لمتابعة قبسات من مسرح المشهد الطبيعي طوايلدوركس من بريطانيا، أو من عرض أداء للفنان السويسري تيم زولوف. كما يتم تنظيم جلسات لقراءة الكتب من أداء الكاتب مصطفى بن فوضيل من الجزائر.

[caption id="attachment_38856" align="alignnone" width="500"]مهرجان دريم سيتي - من أعمال المصور كيريبي كاتمبوkiripi_katembo من أعمال المصور كيريبي كاتمبو[/caption]

عديدة هي الفنون المستلهمة في تظاهرة "دريم سيتي"، منها السرديات التراثية والحكي الشعبي على غرار عرض "رجال صبرة" لسعاد بن سليمان وجان بول ديلور، أو الفن البصري المعاصر وفنون التعبير الجسماني لفنون الشارع. يتضافر عدد لا حصر له من المهن والصنائع لإنقاذ المدينة من التحلل والتلاشي. فمدينة بلا فنون وحرف تتآكل تلقائياً وتصبح مناطق طاردة للسكان يخيم فيها العدم واللامعنى. وفي هذا السياق تقول سلمى ويسي، المديرة الفنية لدريم سيتي، إن "التظاهرة تهدف إلى إطلاق حوار طويل المدى مع مدينة تونس ومكوناتها، ونسيج عمرانها، وبمشاركة سكانها وتجارها وحرفييها".

[caption id="attachment_38859" align="alignleft" width="700"]مهرجان دريم سيتي - عرض "رجال صبرة" لسعاد بن سليمان وجان بول ديلورsabra_paysage عرض "رجال صبرة" لسعاد بن سليمان وجان بول ديلور[/caption]

في عمق المدينة وأزقتها المهمشة تطرح بذرة الثقافة الحية والانبعاث التلقائي لفنون الأداء، عسى أن تسترجع المدينة ألقها، ويستعيد السكان والمارة تطلعهم لممارسة الحياة والحلم. يطرح الفنانون رؤاهم على قارعة الطريق، وفي صميم التخطيط المديني المهجور والآهل، لتتلقف أجيال متتالية بذرة الحياة ورسالة الثقافة في أبهى صورها.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image