شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
إذا توقفت الحرب، هل سيعود اللاجئون السوريون؟

إذا توقفت الحرب، هل سيعود اللاجئون السوريون؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأحد 2 يوليو 201708:05 م

لم يعد مهماً عدد السوريين الذين هاجروا خلال السنوات الأخيرة، بل احتمال رجوعهم في حال عودة الاستقرار إلى سوريا. فهم بدأوا يتأقلمون شيئاً فشيئاً مع ثقافات أخرى، ويبنون مستقبلهم بعيداً عن بلادهم، وهذا ما يجعل مسألة العودة إشكالية لدى معظمهم، لأنهم يتغيرون وفق منحى مختلف بمعزل عن أهلهم وأصدقائهم.

بعضهم وجد عملاً في البلد حيث يقيم، والبعض تعلم لغة أخرى في طريقه إلى إكمال الدراسة ونيل جنسية البلد اللاجئ إليه. فما هي احتمالات عودة السوريين في حال توقفت الحرب؟

سوريا والهجرة

منذ الاحتلال العثماني وما تخلله من حروب وأزمات اقتصادية، نشطت هجرة الأيدي العاملة السورية، التي شكل الشباب القسم الأعظم منها، إلى مختلف بلدان العالم. وفي عهد الانتداب الفرنسي هاجر قسم منهم إلى أوروبا بسبب علاقاته مع جيش الانتداب. أما الهجرة إلى دول الخليج فقد نشطت إثر الازدهار الاقتصادي في السبعينيات، وهي خارج نقاش مسألة العودة. فالدول العربية، ومنها الخليج، لا تمنح السوريين جنسية بلادها ولا حق اللجوء إليها، كما أن اللغة الواحدة وتشابه العادات لا يجعلان الأجيال التي وُلدت في هذه الدول شديدة البعد عن موطنها الأصلي، في حين أن الهجرة إلى الدول غير العربية، باستثناء تركيا، هي ما تهمنا هنا.

فقدان الهوية السورية

تضارب الأرقام يقف حائلاً دون معرفة الأعداد الدقيقة للسوريين في العالم، لكن يُقدر عدد المغتربين بـ35 مليوناً، فقدوا جنسيتهم السورية وانصهروا بجنسيات أخرى، إضافة إلى 17 مليوناً ما زالوا يحملون الجنسية السورية ويقيمون في الخارج. هذا العدد يشمل المدة الزمنية الواقعة بين أواسط القرن التاسع عشر وعام 2011، كما يتضمن معدلات النمو السكاني، وفي الجدول التالي نرصد أعداد المغتربين السوريين في كل من أوروبا والأمريكيتين وأستراليا، قبل الحرب وأثناءها

مقالات أخرى

لاجئون ومهاجرون تحولوا إلى نجوم رياضيين

معظم هجرات السوريين قبل عام 2011 كانت لتحسين الوضع المعيشي، وهو ما يُسمى بالهجرة الاقتصادية، تليها الهجرة التعليمية، أما خلال الحرب الأهلية، فإن أسباب الهجرة أمنية في المقام الأول. ويلاحظ أن السوريين الذين كانوا يقيمون قبل الحرب طلاباً أو عمالاً في الخارج، طلبوا اللجوء مع انتهاء مدة إقامتهم، وتتصدر تركيا المركز الأول في احتواء السوريين 1,800,000، يليها لبنان 1,000000، من أصل 4 ملايين خرجوا منذ بداية الحرب، وهو العدد المسجل في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.

لكن غالبية السوريين في هاتين الدولتين يَعُدُّون إقامتهم عبوراً إلى دول أخرى، يستطيعون فيها العمل والإقامة بشكل أفضل. فمعظم من يرحلون إلى أوروبا عبر البحر، يغادرون من الأراضي التركية. كما أن عدد من وصلوا إلى أوروبا طلباً للجوء خلال هذا العام بلغ نسبة عالية جداً مقارنة بالأعوام السابقة، بحسب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.

هل يعود السوريون؟

لم تشهد سوريا طوال تاريخها استقراراً حقيقياً يشجع من غادرها على العودة، فهي بقيت منطقة اضطراب سياسي أو عسكري أو اقتصادي. وبالاطلاع على هجرات سبَّبتها نزاعات أخرى في العالم، ومعرفة نسبة المهاجرين العائدين على الرغم من الاستقرار في بلادهم، نستطيع أن نستشف احتمال أن يعود السوريون حتى لو أصبحت سوريا بلداً مستقراً وذا نمو اقتصادي يشجع على العودة.

في عام 1918، لجأ 20 ألف أرمني إلى العراق بسبب المذابح التي ارتُكبت في حقهم في تركيا وأرمينيا، وعلى الرغم من اختلاف العادات والديانة وانتهاء الحرب، لم يعودوا. وعندما وقعت الحرب العراقية عام 2003، لجأ آلاف من الأرمن العراقيين إلى سوريا ومصر بدل أرمينيا. وإذا كان المهاجرون العراقيون على سبيل المثال لم يعودوا إلى بلادهم، مند أن خرجوا في عهد الديكتاتورية، لأن العراق لم يشهد استقراراً يتيح لهم العودة، فإن المهاجرين الأرمن لا مبرر لعدم عودتهم سوى أنهم اندمجوا بشكل كامل في البلاد التي هاجروا إليها. وهو اندماج لا يمكن مقارنته بالبرامج الاجتماعية القوية التي تخص اللاجئين في أوروبا والأمريكيتين، ابتداء من تعلم اللغة وانتهاء بالحصول على الجنسية.

القرارات الدولية بعد حادثة غرق الطفل إيلان، تؤكد أن نسبة عالية من السوريين المهاجرين سوف يتجهون إلى القارتين الأوروبية والأمريكية في الفترة المقبلة. إذ أعلن وزراء الداخلية الأوروبيون خطة لاستقبال 160 ألف لاجئ، في حين أعلنت ألمانيا أن عدد اللاجئين إليها سيبلغ نحو 800,000 قبل نهاية عام 2015. أيضاً أعلنت الولايات المتحدة والبرازيل وأستراليا خططاً لاستقبال المزيد من اللاجئين السوريين.

هذه القرارات مجتمعة، بالإضافة إلى عدم وجود أي مؤشر على احتمال نهاية الحرب، في ظل الصراع الدائر بين التكتلات الإسلامية ونظام البعث وتطور النزاع من محلي إلى دولي على الأرض السورية، فإن مسلسل الهجرة سيستمر. ووفقاً لهجرات النزاعات في العالم ونسب من عاد من أبنائها، وتاريخ سوريا مع الهجرة، فإن عودة السوريين اللاجئين لا تبدو مسألة محتملة.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image