شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
لاجئون سوريون ينعشون اقتصاد مدينة سويدية

لاجئون سوريون ينعشون اقتصاد مدينة سويدية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الجمعة 27 مايو 201605:09 م
بعد أن دخل عام 2015 التاريخ على أنه عام اللجوء، اعتدنا عناوين متشابهة في وسائل الإعلام عن قصص اللاجئين. فإلى جانب قصص المأساة الكبيرة التي يعيشها اللاجؤون، الشائع هو قصة لاجئ سوري تفوّق في الجامعة في بلاد الغرب بعد أن وصل من تركيا عبر البحر، أو قصة لاجئ آخر أنقذ طفلاً، أو ساعد امرأة مسنة في السوق، أو قدم وروداً للألمانيات لئلا يصنفنهم في خانة "متحرش". ولكن هذه القصة التي نرويها الآن، تقدّم معالجة مختلفة لقضية اللجوء السوري بجوانبها الشائكة. قصة مالمو، ثالث أكبر مدن السويد، التي باتت تنظر إلى الحشود السورية الوافدة، من منظور آخر، فترى فيهم خيراً لا عبئاً، وحياةً لا موتاً. عنوان جديد: "اللاجئون السوريون يعيدون إحياء مدينة سويدية، بنوادي الأرجيلة وكافتيريات الفلافل". عنوان تحقيق نشرته صحيفة الغارديان قبل يومين، عن مجموعة من رجال الأعمال السابقين في سوريا، الذين لجأوا إلى السويد، بعد أن شردتهم ظروف الحرب، واستقروا في مدينة مالمو. استثمروا الأموال التي قاموا بنقلها معهم وافتتحوا مجموعة من المشاريع السياحية، كالمطاعم والنوادي وغيرها، التي ساهمت في إحياء مدينة مالمو اقتصادياً واجتماعياً.

مالمو وخساراتها

قبل أن ندخل في تفاصيل موضوع الوجود السوري في مالمو، لا بد من التطرق إلى الخسارات الكبيرة التي تعرضت لها المدينة بين ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي. إذ كان معظم سكان المدينة يعملون في الحقل الصناعي، الذي تعرض لكساد كبير بعد ثورة التكنولوجيا. وتشتهر مالمو بصناعة السفن، وتضم أحد أكبر معامل تصنيع السفن في العالم. لكن المدينة في مرحلة ما بعد الصناعة، وقبل مرحلة التكنولوجيا، دخلت في حقبة من الظلام الاقتصادي، وبالتالي الظلام الاجتماعي. وعانت من هجرة شبه جماعية، إذ رحل عنها نحو مئة ألف خلال سنوات قصيرة، وانخفض سكانها إلى 230 ألفاً، 43% منهم من الأجانب. في الوقت نفسه، تعاني مالمو من مشاكل البطالة المرتفعة، لعدم وفرة المشاريع التي تناسب شباب المدينة. فنسبة البطالة بين الأشخاص الذين يراوح عمرهم من 16 إلى 64، هي 30% للذين لم يولدوا في السويد، ونسبتها بين الشباب من 18 إلى 24، هي 41% للمولودين في السويد. لكن روحاً جديدة نفخت في المدينة بعد عام 2003، إذ توجه نحو 40 ألف عراقي، غادروا بلدهم إثر دخول الولايات المتحدة إليه، إلى مالمو، وبدأوا بإنشاء مؤسساتهم الخاصة، التي تعبر عنهم وعن ثقافتهم. ما أضفى نفساً غير معتاد في المدينة، بالإضافة إلى أنه خلق فرص عمل جديدة لأهلها، خصوصاً من الفتيان الذين يبحثون عن أعمال صغيرة، تكفي قوت عيشهم مع الدراسة.

السوريون لا يشبهون أحداً

بهذه الجملة، تبدأ واحدة من النساء السوريات اللواتي يعشن في مالمو، وهي صاحبة مشروع صغير باسم "مطعم دمشق" حديثها مع الصحافي صاحب التحقيق في صحيفة الغارديان. فتقول إنه سيلاحظ، إذا تمعن، أن السوريين يحبون العمل، ولا يريدون أن يأخذوا أي نوع من المساعدات الحكومية. حين خرج فيصل أبو قرعة من باب محطة القطار في مدينة مالمو للمرة الأولى، بعد أن جاء عبر البحر وعانى الكثير من الصعاب، كان يبدو مثل لاجئ سوري عادي. لكنه لم يكن كذلك، فلم يمض عام واحد على وصوله، حتى افتتح في أبريل الماضي مطعمه السوري الجديد. وهو مشروع بيت دمشقي قديم، كتلك البيوت التي حولت في الأعوام الـ15 الأخيرة إلى مطاعم ومزارات سياحية في دمشق، مع عدة شركاء ورأس مال يعادل 400 ألف يورو. فحوّلوا مطعماً سابقاً لماركة البيتزا العالمية الشهيرة Pizza hut إلى مطعم "ياسمين الشام". على ألحان الأغاني الشعبية السورية، ومأكولات التبولة والشاورما والكبة نية، افتتح ياسمين الشام، موفراً العديد من فرص العمل لأهل المدينة. ولو كان وحيداً، لما كانت القصة ذات أثر في مجتمع مالمو، لكنه لم يكن المطعم السوري الأول. هو واحد من 5 مطاعم افتتحت في العام الأخير، بالإضافة إلى مجموعة وسلاسل مؤسسات سياحية عراقية، ولبنانية وسورية كانت موجودة قبل بدء الأزمة السورية.

ماذا يفعل الوافدون الجدد؟

نرجيلةshisha خلق الوافدون الجدد سوقاً بديلة من وسط المدينة، حول ساحة موليفانج. فتعج الساحة بالخضر الرطبة والطازجة، بالإضافة إلى حوانيت مزدحمة بالبضائع الإيرانية والعراقية واللبنانية. يقول رجل عراقي عمل لمدة 14 سنة لحساب بنك يعطي قروضاً للمهاجرين الذين يودون البدء بمشاريع صغيرة، بأن مالمو تغيرت حقاً. ويضيف أنه عندما قدم في التسعينيات، لم يكن هناك محل فلافل واحد، الكل يبيع النقانق والهامبرغر، أما اليوم، فهناك نحو 50-60 مطعم فلافل، واختفت محالّ النقانق تقريباً. ويقول رجل سوري، أحد أصحاب المطاعم التي بدأت عملها حديثاً، إن مالمو أصبحت ساحة جيدة لتشغيل الأموال التي يخرج بها رجال الأعمال السوريون من سوريا أو لبنان. ويوضح أن الكثير من السوريين يتصلون به من الخارج، يسألونه إذا كانت مالمو مكاناً مناسباً لدفق أموالهم. أما نادي نهاوند للشيشا (النرجيلة)، فهو ملتقى سوري مهم لرجال الأعمال السوريين في المدينة، إذ يجتمعون بملابسهم الأنيقة، يدخنون النرجيلة ويتحدثون في شؤون الأعمال المهمة، والتي يجب عدم إغفال استثمارها في المدينة.  

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image