أعادت فنانة إسرائيلية تدعى جينيا ليؤور مسروقات اختلسها والدها من عائلة فلسطينية في حرب 1948، معربةً عن شعورها أخيراً بـ "راحة الضمير".
وقبل أيام، سلمت الفنانة التي قاربت السبعين من عمرها المقتنيات لرئيس بلدية الطيبة شعاع منصور مصاروة، في حضور نائبه عبد الحكيم جبارة ومدير متحف الطيبة للتراث محمد جبارة بغرض حفظها في المتحف المحلي للمدينة.
فوضى مشاعر
وجرى تسليم المسروقات الفلسطينية في مراسم رمزية طغت عليها "الإنسانية ومشاعر جمعت بين الغضب والحسرة"، حسب ما نشر موقع مدينة الطيبة.
وذكرت بلدية الطيبة، في بيان: "في لفتة إنسانية مثيرة للدهشة، أحيت وجع الماضي وأعادته إلى مشهد الحاضر، سلمت الممثلة اليهوديه ليؤور (أمانة) غنائم والدها الذي عمل ضابطاً في الجيش في منطقة حيفا وضواحيها وصفورية المهجرة، بعدما سرقها خلال حرب عام 1948، من إحدى العائلات الفلسطينية".
ولفتت البلدية إلى أن الفنانة: "عاشت تحمل وزراً وأمانة ناس غُيبوا وطردوا وقتلوا"، مضيفةً أن "ليؤور تبحث عن مؤسسة فلسطينية لتسلمها هذه الأغراض منذ عامين، بعدما عجزت عن إعادتها لأصحابها".
وشددت بلدية الطيبة على أن الفنانة الإسرائيلية "طلبت الصفح عما اقترفه والدها". والمقتنيات التي أعيدت هي سجادة وثوب لرجل وأدوات منزلية وبعض التحف.
وأوضح البيان أن رئيس البلدية، الذي تسلم المقتنيات المسروقة، قدّر لليؤور خطوتها التي اعتبرها "إنسانية وشجاعة"، مشدداً على أن الاعتراف بالذنب فضيلة، وموضحاً أن "السلام العادل والشامل هو السبيل الوحيد القادر على ردم الهوة وترسيخ قيم العيش المشترك".
ردود فعل متباينة
ووصفت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" ما أقدمت عليه جينيا بأنه "بادرة إنسانية غير مسبوقة وإن تأخرت عقوداً"، وأكدت أنها كانت تعاني "صراعاً داخلياً إذ نازعتها رغبة إعادة الأغراض مع الرغبة في الاحتفاظ بها جزءاً من ذكريات والدها".
لكن جينيا كتبت عبر حسابها على تويتر، بعد تسليم الأغراض: "شكراً لكم، لقد حررتموني من وجع الضمير، فقد كان يثقل كاهلي وكأنه صخرة على صدري"، قبل أن تختم: "أنا فخورة بما قمت به".
&feature=youtu.beوفي حديث مع بي بي سي، قالت جينيا إنها شعرت بأن "الوقت قد حان لإعادة الحقوق لأصحابها، خصوصاً أنني أرى أن ما جرى في النكبة (حرب 48) ينبغي تصحيحه بحق العرب لإعادة الحقوق لأهلها".
وفي سؤال عن قصدها من إعادة الحقوق هل هو المقتنيات البسيطة فحسب أم ثمة هدف أبعد من ذلك، أجابت جينيا أن ما أعادته مجرد "رمز" لكل هذه الحقوق التي ينبغي إعادتها للعرب ووقف كل ما يجري بحقهم الآن (العرب والفلسطينيين).
وتعددت تعليقات المغردين العرب على ما قامت به جينيا، فالبعض اعتبر فعلها "اعترافاً بالحق الفلسطيني" ووصفوها بـ "الشجاعة". وأكدوا أن تلك "السيدة اليهودية أثبتت أنها أفضل من كثير من الحكام العرب الذين ينهبون حقوق بلادهم دون أي شعور بتأنيب الضمير".
بعد مرور 70 عاماً على نهب والدها بيتاً فلسطينياً في حرب 48، أعادت فنانة إسرائيلية المسروقات إلى بلدية الطيبة، مصرحة "الآن أشعر براحة الضمير".
متى يعاد الحق الفلسطيني كاملاً؟
على جانب آخر، تهكم البعض على خطوة السيدة التي أعادت "الأشياء التي لا تلزمها" بحسب تعبيرهم، في حين تتجاهل أن والدها وبلدها سرقا الأرض الفلسطينية وارتكبا بحق أهلها الفظائع، متسائلين عن موعد إعادة "البيت" الذي سرقت منه الأغراض.
وحرب 1948 كانت أولى حروب العرب ضد إسرائيل بعد إنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين وإعلان قيام "إسرائيل" في منتصف مايو/آيار 1948. وأودت بحياة آلاف الجنود من الطرفين وانتهت بهزيمة العرب، فأطلقوا عليها "حرب النكبة".
وفي يناير/كانون الثاني الماضي، رفعت عائلات يهودية من جميع أنحاء العالم دعاوى قضائية ضد عدة مصارف عربية وإسلامية بتهمة "تمويل الإرهاب الذي قتل أحباءهم"، في حين تستمر الانتهاكات الإسرائيلية المتعمدة بحق الشعب الفلسطيني كل يوم دون مساءلة.
وأظهر الفنانون الإسرائيليون بعض المواقف المعارضة لسياسات الحكومة الاستيطانية, ففي عام 2010، وقع عشرات الممثلين والمخرجين الإسرائيليين على عريضة رافضة للمشاركة في أعمال المسرح الوطني الإسرائيلي (هابيما) وأي أعمال أخرى تعرض داخل مستوطنة "آرييل" المحتلة. وهذا ما وصفه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، بـ"هجمة داخلية ضد إسرائيل".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...