في خطوة وُصفت بالجريئة، أعلنت وزيرة الداخلية اللبنانية ريا الحسن بعد أقل من شهر على توليها حقيبة الداخلية، نيتها العمل على فتح حوار جدّي حول إقرار الزواج المدني الاختياري في لبنان بدعم من حكومة رئيس الوزراء سعد الحريري، إعلان أثار تعليقات من قبل السياسيين والفنانين ورجال الدين تباينت بين مرحب ومتحفظ ورافض بشكل قاطع.
بدأ الجدل حول إقرار الزواج المدني في لبنان عام 1951. ولا يعترف القانون اللبناني بعقد زواج مدني بالبلاد، لكنه يقر عقود الزواج المدني الصادرة خارج الأراضي اللبنانية استناداً للمادة 25 من القرار رقم 60 ما يعني أن الزواج المدني لا يعتبر مخالفاً للنظام العام في لبنان إلا أن عدداً من المرجعيات الدينية ترفضه، وبادرت بالتذكير برفضها بعد مبادرة الوزيرة.
دعم لدعوة الحسن
أشاد كثيرون بدعوة "الوزيرة المسلمة" التي أطلقتها في مقابلة مع يورونيوز عربية قبل أيام قليلة، لاسيما وأن مرجعية دار الفتوى في عهد الشيخ رشيد قباني سبق أن أفتت بـ"تكفير" أي مسؤول مسلم يعمل لإقرار الزواج المدني.
وأكد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، وليد جنبلاط دعمه لدعوة الحسن قائلاً: "هل يمكن أن ندلي برأينا حول الزواج المدني دون التعرض للتكفير؟ نعم أناصر الزواج المدني الاختياري ..كفى استخدام الدين لتفرقة المواطنين".
وأثنى فيصل الصايغ، عضو كتلة اللقاء الديموقراطي والنائب بالبرلمان اللبناني، على توجه الوزيرة، داعياً إلى الانفتاح على هذا الطرح ومناقشة أبعاده وشروطه بموضوعية، بعيداً عن المزايدات والعصبيات.
وأضاف: "أرى فيه مدخلاً إلى مزيد من التفاعل الإيجابي بين مختلف مكونات المجتمع، يساعد في التخفيف من حدة التنافر السياسي الطائفي. مع الإشارة إلى وجود آلاف اللبنانيين الذين يعقدون مثل هذا الزواج في قبرص وغيرها، ويتم تسجيل العقد قانوناً في لبنان" متسائلاً "لماذا نعترف به خارجاً ونرفضه في الداخل؟".
وغردت الفنانة اللبنانية أليسا قائلاً: صرنا بسنة 2019 وبعض تجار الدين يكفرون كل من يتحدث عن الزواج المدني. الدولة المدنية لا تحتاج إذناً من أحد .. الله يقويكي ريا الحسن".
ولفت عضو تكتل لبنان القوي نقولا صحناوي إلى أن “ الاعتراض وعرقلة الزواج المدني في لبنان يوقف عقارب الساعة في القرن التاسع عشر. ومنع العائلات اللبنانية من مختلف الأديان و الطوائف من الزواج والارتباط ببعضها يبقي الانقسام في مجتمعنا لقرن آخر".
في خطوة وصفت بالجريئة، أعلنت وزيرة الداخلية اللبنانية ريا الحسن بعد أقل من شهر على توليها حقيبة الداخلية، نيتها العمل على فتح حوار جدّي حول إقرار الزواج المدني الاختياري في لبنان. كيف كانت ردات فعل رجال السياسة ورجال الدين؟
مواقف رجال الدين
ترفض الكنيسة الموافقة على عقد زواج مسيحيين خارجها باعتبار الزواج سراً من أسرارها، بينما يشدد المشايخ على أن الزواج ينبغي أن يتم في "إطار القرآن والسنة النبوية".
وصباح الاثنين، أكد المكتب الإعلامي لدار الفتوى أن موقف مفتي لبنان عبد اللطيف دريان ودار الفتوى والمجلس الشرعي الإسلامي الأعلى من إقرار الزواج المدني في لبنان معروف وثابت منذ سنوات وهو "الرفض المطلق" باعتباره "يخالف أحكام الشريعة الإسلامية جملةً وتفصيلاً".
ونقلت الوكالة الوطنية للإعلام عن دار الفتوى في لبنان تأكيدها بأنه: "لا يمكن إقرار هذا الزواج في المجلس النيابي دون أخذ رأيها وسائر المرجعيات الدينية بالبلد"، داعيةً إلى "عدم الخوض والقيل والقال في موضوع الزواج المدني الذي هو من اختصاصها وحدها".
كما اعترض مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار على إقرار الزواج المدني الذي يراه "مخالفة للشريعة ولا أحد في لبنان يجرؤ عليه، خصوصاً من أبناء الطوائف الإسلامية والمسيحية"، مانحاً الأولوية "للحفاظ على الشعائر وخصوصيات الطوائف والمذاهب الدينية".
ويصف الشعار كلام وزيرة الداخلية بأنه "سبق لسان، فهي لم تستوعب معنى الزواج المدني في بُعده الإسلامي والديني" مضيفاً "برأيي، هذه الخطوة تؤدي إلى تغيير الأحكام الشرعية التي جاء بها القرآن ويلتزم بها المسلمون، في حال أُقرت".
واستنكر الشعار إطلاق الدعوة من "وزيرة تعود إلى بيت مسلم معروف في طرابلس والشمال"، مستطرداً " لو أدركت الوزيرة خطورة الأمر لما نطقت به".
وذكر الشعار بتصريح سابق لرئيس الحكومة سعد الحريري، حين تحدث عن الزواج المدني قبل أن يتراجع بسبب ضغط رجال الدين.
وفي 2013، وعقب فتوى بتكفير من ينادي بالزواج المدني، قال الحريري: "جميع أنواع الترفيه موجودة في لبنان، وهي غير شرعية في المفهوم الديني.. لا يعني هذا أن من سمح بها كافر"، مردفاً "موقفي الشخصي أن يكون هناك زواج مدني بعد النقاش بشأنه".
لكن الشعار أكد لموقع ليبانون ديبايت أن الحريري أبلغه شخصياً بأنه لن يوافق على الزواج المدني في حال طُرح، وأنه "سيبقى في الدرج لأنه مخالف للانتماء الإسلامي ولا يتجرأ عليه أي مسلم".
وعام 1999، نوقش مشروع قانون الزواج المدني في مجلس الوزراء، ورغم الموافقة عليه بالأغلبية (21 صوتاً)، إلا أن رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري لم يوقّع عليه ولم يقدمه للبرلمان للتصديق عليه، واعتذر قائلاً: "ظروف لبنان لا تسمح الآن بذلك".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...