بالتزامن مع بداية الموسم الزراعي في إسبانيا، اتخذ المغرب الجار القريب من إسبانيا إجراءاتٍ جديدة لحماية أكثر من 19 ألف امرأة مغربية يعملن في الحقول الإسبانية من التحرش الجنسي، بعد فضح عدد منهن تعرضهن للتحرش والمضايقات حين شاركن في مواسم الحصاد الزراعي في إسبانيا العام الماضي.
و أكدت وكالة الأنباء المغربية الثلاثاء أن إجراءات كثيرة أُقرّت بالتنسيق بين الرباط ومدريد، واتفقت وزارتا الشغل والمقيمين في الخارج على تشكيل لجنة مشتركة تزور الحقول الزراعية في إسبانيا لتتابع أوضاع العاملات الموسميات هناك بشكل مستمر والاستماع للشكاوى ومراقبة ظروف العمل.
فراولة…تحرش
وأوضحت الحكومة المغربية أنها اتخذت تلك الإجراءات لتجنب تكرار حوادث التحرش الجنسي بين المغربيات أثناء عملهن الموسمي في حقول الزراعة في إسبانيا، كما حدث في العام الماضي وأثار موجةً استياء وانتقادات.
وتقدم العديد من المغربيات العاملات على جني الفراولة في إسبانيا عام 2018، بشكاوى عقب تعرضهن للتحرش الجنسي والمضايقات في حقول إسبانيا وكان الإعلام الإسباني أول من فضح القضية وأثارها.
ونتجت عن هذه الشكاوى ردود فعل سياسية واستنكار في وسائل الإعلام المغربية، بينما اعتبرت الحكومة المغربية أن الأمر يتعلق بحالات "معزولة جداً".
وتستقبل منطقة الأندلس (جنوب إسبانيا) آلاف المهاجرات العاملات في جني الفراولة وغيرها من الفواكه بين فبراير/شباط ويونيو/حزيران من كل عام.
وتعمل المغربيات في هذه المزارع بعقود محدودة الأجل تلزمهن بالعودة إلى المغرب فورَ انتهاء الموسم.
وتشارك في الموسم الحالي لجني الثمار بإسبانيا، الذي بدأ الثلاثاء 5 فبراير، 19 ألف و179 عاملة مغربية، بحسب أرقام وكالة إنعاش الشغل المغربية.
وتتلقى المرأة المغربية أجراً يومياً يبلغ 37 يورو نظير عمل 6 ساعات ونصف يومياً وتتراوح أعمار العاملات المغربيات بين 25 عاماً و 45 عاماً.
وتُشرف وكالة إنعاش الشغل على عملية تشغيل المغربيات في إسبانيا وتوفر لهن دورات تكوينية للعاملات الموسميات وتقول الوكالة إن تجاربهن “أنموذجٌ للهجرة التي يستفيد منها اقتصادا المغرب وإسبانيا”.
استغلال واستعباد
شكاوى العاملات المغربيات بإسبانيا لم تتوقف عند التحرش الجنسي، إذ تقدمت عشر سيدات في يونيو/حزيران الماضي، بشكاوى قضائية تتعلق بظروف عملهن، ثلاث اشتكين من التعرض لتحرشات جنسية خلال العمل وأكدت عاملة موسمية مغربية تعرضها لمحاولة اغتصاب بمنطقة ولبة (جنوب غرب).
وتحركت الجمعيات النسائية المغربية مطالبةً بحماية حقوق العاملات الموسميات بإسبانيا منددةً بتعرضهن إلى أشكالٍ مختلفة من العنف والاعتداءات والتحرش.
وأدان النائب الإسباني عن حزب اليسار الراديكالي (بوديموس) دييغو كاناميرو ظروف عمل المغربيات في إسبانيا وأكد أن هناك "استغلالاً مفرطاً" لهن، واصفاً ما يتعرضن له بأنه "شكل من أشكال العبودية" مشدداً على أن ضحايا خشين البوح بما حدث لهن حتى لا يخسرن عملهن.
وأكد النائب الإسباني أن: "الاتفاق الموقع مع المغرب ينص على أن تتلقى العاملات الموسميات أجراً بـ 40 يورو مقابل 6 ساعات ونصف ساعة عمل في اليوم مع يوم راحة أسبوعياً"، مشيراً إلى أن "أرباب العمل يمنحوهن 36 يورو فقط في اليوم، دون دفع أجر الساعات الإضافية أو احترام يوم الراحة".
ووعد وزير التشغيل المغربي محمد يتيم، آنذاك، عقب استجواب في البرلمان بوضع "نظام خاص" مستقبلاً لمتابعة أوضاع العاملات الموسميات المغربيات في إسبانيا وحمايتهن وتوفير الدعم اللازم في حال تعرضهن لممارسات غير قانونية.
حين تنضج الفراولة في حقول الأندلس جنوب أسبانيا في شهر فبراير من كل عام، تشد العاملات المغربيات الرحال إلى تلك الأراضي لجنيها. دون مغربيات تعفّن تلك الثمار، لكن عمل المغربيات في إسبانيا محفوف بالمخاطر والإهانة: تحرش جنسي وحرمان من العطل وتحيل في دفع الأجور.
تشارك في الموسم الحالي لجني الثمار بإسبانيا، الذي بدأ الثلاثاء 5 فبراير، 19 ألف و179 عاملة مغربية،يسعى المغرب إلى حمايتهن من التحرش بعد فضيحة الاعتداء على عدد منهن العام الماضي. كيف يحمي المغرب مواطناته؟
ثورة مغربية ضد التحرش الجنسي
في نهاية العام 2017، تعرض ما يربو عن 2.4 مليون امرأة مغربية للعنف الجنسي والتحرش، وفق تقارير الأمم المتحدة، ما دفع الحكومة المغربية ومنظمات المجتمع المدني لشن حملة قوية ضد الجرائم والانتهاكات الجنسية.
وبمبادرة من اتحاد العمل النسائي الحر، بات بإمكان المغربيات، منذ مارس/آذار 2018، إرسال شكاوى بتعرضهن لتحرشات جنسية إلى الجهات المعنية عبر تطبيق إلكتروني باستعمال الهواتف الذكية والتقنيات التكنولوجية الحديثة لتسجيل الجرائم الجنسية تحت اسم (مانشوفوش) أي لا نرى.
وفي سبتمبر/أيلول 2018، أصدرت الرباط قانوناً يجرم العنف والتحرش ضد النساء بعد 6 سنوات من النقاش العام حول مضامينه وعقوباته.
وجاء إقرار القانون استجابةً لمطالب الحركة النسائية ومنظمات المجتمع المدني ووصفته وزيرة الأسرة والتضامن المغربية، بسيمة الحقاوي بأنه "قانون ثوري".
وينص القانون على تجريم الإكراه على الزواج والتحايل على النساء بعد الطلاق بحرمانهن من النفقة والسكن وغيرها من الحقوق.
ويعاقب القانون المذكور المتحرشين جنسياً بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وغرامة مالية من 2000 درهم (210 دولاراً) إلى 10.000 درهم (1500 دولاراً) أو إحدى العقوبتين "لكل من أمعن في مضايقة الغير في أي مكان بأقوال أو إشارات أو أفعال لها دلالات جنسية أو لأغراض جنسية أو عن طريق وسائل مكتوبة أو إلكترونية أو هاتفية أو تسجيلات أو صور ذات طبيعة جنسية أو لأغراض جنسية".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...