“فرنسا تسببت بإفقار أفريقيا ولولا مستعمراتها الأفريقية لما كانت فرنسا بهذه القوة الاقتصادية اليوم”، تصريح ناري لنائب رئيس الحكومة الإيطالية لويجي دي مايو تسبب باستدعاء السفيرة الإيطالية في الخارجية الفرنسية الاثنين، لكن الأزمة تفاقمت الثلاثاء بين روما وباريس حين صرح نائب رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو سالفيني بأن "فرنسا لا ترغب بتهدئة الأوضاع في ليبيا التي يمزقها العنف من أجل الإبقاء على مصالحها في قطاع الطاقة" في مشهد يعيد للأذهان اقتتالهما على ليبيا لكن "عسكرياً" قبل 77 عاماً.
وبدأت الحرب الكلامية بين إيطاليا وفرنسا قبل يومين، لكن العلاقة بينهما تشهد توترات عدة منذ تولى اليمين المتطرف الحكم في إيطاليا في يونيو/حزيران 2018، حين شكل حزب الرابطة اليميني وحركة (5 نجوم) المناهضة للمؤسسات ائتلافاً وشَرَعا بتوجيه سهام النقد للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المؤيد للاتحاد الأوروبي.
ما القصة؟
اندلعت الأزمة الحالية بين فرنسا وإيطاليا عندما طالبت إيطاليا باريس السبت الماضي بتسليم 14 شخصاً من المطلوبين لديها (عددهم الجملي 30 شخصاً) في اتهامات تتعلق بالإرهاب، تزعم أنهم فروا قبل عقود واحتموا بفرنسا.
وقال سالفيني يومها "إذا اقتضى الأمر، أنا مستعد للتوجه إلى باريس ومقابلة ماكرون وإعادة هؤلاء القتلة" لكنه ألمح في الوقت نفسه إلى أن الحكومة الإيطالية "مستعدة لاتخاذ تدابير رسمية لطلب تعاون الدول التي تأوي إرهابيين بدءً بباريس".
ويوم الأحد الماضي، أطلق نائب آخر لرئيس الوزراء الإيطالي هو لويجي دي مايو تصريحات اتهم فيها باريس "بتأصيل الفقر في أفريقيا والتسبب بتدفق المهاجرين بأعداد كبيرة إلى أوروبا".
كما أعرب دي مايو، وهو زعيم حركة 5 نجوم المناهضة للمؤسسات، عن أمله بأن يفرض الاتحاد الأوروبي "عقوبات" ضد الدول التي تقف وراء مأساة المهاجرين في البحر المتوسط، من خلال اضطرارهم للهجرة من أفريقيا وأول هذه الدول فرنسا، على حد قوله.
وتابع دي مايو الذي يتولى وزارة العمل والتنمية الاقتصادية في إيطاليا أيضاً قائلاً: "إذا كان هناك اليوم أفراد يهاجرون، فإن هذا يحدث لأن بعض الدول الأوروبية وفي طليعتها فرنسا لم تكفَّ عن استعمار عشرات الدول الأفريقية".
ورد مصدر دبلوماسي فرنسي على التصريحات قائلاً: "جرى استدعاء السفيرة الإيطالية بعد أحدث التصريحات الصادرة عن السلطات الإيطالية...ليست هذه أول مرة تدلي فيها السلطات الإيطالية بتصريحات غير مقبولة وعدوانية".
ولفت المصدر لرويترز إلى أن كبيرَ موظفي مكتب وزيرة الشؤون الأوروبية ناتالي لوازو استدعى السفيرة الإيطالية تيريزا كاستالدو بعد ظهر يوم أمس الاثنين.
لكن دي مايو رفض التراجع عما قاله، بل عاد ليصرح للصحافيين مساء الاثنين بأن " فرنسا تتلاعب باقتصادات 14 دولة أفريقية تعتمد عملة الفرنك الأفريقي (عملة تعود لعهد الاستعمار تضمنها الخزانة الفرنسية) لتمول الدين العام الفرنسي”. كما نفى أن تسبب تصريحاته “بأزمةً دبلوماسية" معتبراً أن ما يقوله "صحيح".
وأضاف المسؤول الإيطالي: "فرنسا واحدة من تلك الدول التي تتسبب بسكها عملة 14 دولة أفريقية، بمنع التنمية الاقتصادية في هذه الدول كما كانت سبب مغادرة اللاجئين الأفارقة ثم موتهم في البحر أو وصولهم إلى سواحلنا”.
وطالب دي مايو الاتحاد الأوروبي بمعاقبة الدول المسؤولة عن أزمة المهاجرين وأولها فرنسا على حد تعبيره.
تصعيد
واليوم الثلاثاء، أيد ماتيو سالفيني ما ذهب إليه دي مايو، مضيفاً "فرنسا تنتزع الثروات من أفريقيا عوض مساعدة هذه الدول على تطوير اقتصادها" مشيراً على وجه التحديد إلى ليبيا التي تعاني "فوضى" أمنية واقتصادية منذ الانتفاضة التي دعمها حلف شمال الأطلسي في عام 2011 وأطاحت بمعمر القذافي.
وفي مقابلة تلفزيونية مع القناة الخامسة بالتلفزيون الليبي، أكد سالفيني الذي يشغل منصب وزير الداخلية أيضاً، أنه "في ليبيا.. فرنسا لا ترغب باستقرار الوضع ربما بسبب تضارب مصالحها النفطية مع مصالح إيطاليا".
لم يكتف سالفيني وهو زعيم حزب الرابطة (أقصى اليمين) بما قال للتلفزيون الليبي، فبث مقطعاً مصوراً عبر حسابه على فيسبوك قال فيه: "آمل أن يتمكن الفرنسيون من التحرر من رئيس بالغ السوء، وفرصة تحقيق ذلك ستكون في 26 أيار/مايو (الانتخابات الأوروبية) حين سيكون بإمكان الشعب الفرنسي أن يستعيد زمام مستقبله ومصيره، وكبريائه الممثل بشكل سيء من شخصية مثل إيمانويل ماكرون".
وأضاف سالفيني في الفيديو "أنا متعاطف جداً وبكل جوارحي مع الشعب الفرنسي، ملايين الرجال والنساء الذين يعيشون في فرنسا مع حكومة سيئة جداً ورئيس جمهورية بالغ السوء".
يشار إلى أن دي مايو وسالفيني دعما بقوة حراك "السترات الصفراء" الذي اندلع في فرنسا في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ضد سياسات ماكرون الاجتماعية وما زال.
وفي تصريحات سابقة، اتهم سالفيني الرئيس الفرنسي بالحكم "ضد شعبه" وتمنى رحيله عن الحكم قائلاً "كلما اقترب موعد رحيله كان الأمر أفضل".
“فرنسا تسببت بإفقار أفريقيا ولولا مستعمراتها الأفريقية لما كانت فرنسا بهذه القوة الاقتصادية اليوم”، تصريح ناري لنائب رئيس الحكومة الإيطالية لويجي دي مايو تسبب باستدعاء السفيرة الإيطالية في الخارجية الفرنسية الاثنين، لكن الأزمة تفاقمت الثلاثاء.
أطلق نائب آخر لرئيس الوزراء الإيطالي هو لويجي دي مايو تصريحات اتهم فيها باريس "بتأصيل الفقر في أفريقيا والتسبب بتدفق المهاجرين بأعداد كبيرة إلى أوروبا".
لم يكتف سالفيني وهو زعيم حزب الرابطة (أقصى اليمين) بما قال للتلفزيون الليبي، فبث مقطعاً مصوراً عبر حسابه على فيسبوك قال فيه: "آمل أن يتمكن الفرنسيون من التحرر من رئيس بالغ السوء، وفرصة تحقيق ذلك ستكون في 26 أيار/مايو (الانتخابات الأوروبية).
الماضي الاستعماري
الحرب الكلامية بين الدولتين المستعمرتين تعيد فصولاً من التاريخ الاستعماري لروما وباريس، فإيطاليا التي تنتقد "فرنسا الاستعمارية" لديها تاريخ استعماري لا يقل عن شقيقتها الأوروبية، كما أنها كانت أسبق لاحتلال ليبيا بين عامي 1911 و1912 وارتكبت من الجرائم والفظائع بها ما لا ينسى ولعل أبرزها إعدام الزعيم والمناضل عمر المختار الذي قاد المقاومة ضد الاستعمار الإيطالي طيلة 20 عاماً.
ويقول المؤرخ الليبي وهبي البوري في مؤلفه الذي يؤرخ لفترة الاستعمار الإيطالي لليبيا بعنوان "بنغازي في فترة الاستعمار الإيطالي" إن "إيطاليا بدأت عمليات القمع والإرهاب منذ اليوم الأول الذي وطأت فيه أرضَ ليبيا، وأسلوب القمع والسجن والشنق والإبعاد ظل قائماً حتى عام 1939" مضيفاً " في اليوم الذي غادر فيه آخر إيطالي البلاد، كانت البلاد خراباً، دمرتها القنابل وتركتها مدينة أشباح".
روما طردتها باريس من ليبيا "غنيمتها" عام 1942، لتقتسم فرنسا وبريطانيا ليبيا التي لم تهنأ منذ اكتشاف النفط بها فبعد أن تخلصت من الاستعمار الأجنبي ونالت الاستقلال في عام 1951 دخلت عقوداً من الديكتاتورية حين تولى العقيد معمر القذافي الحكم عقب انقلاب عسكري في العام 1969.
وبعد الإطاحة بنظام القذافي في 2011، دخلت ليبيا دوامة عنف وإرهاب لم تخرج منها حتى الساعة، ولا زالت الميليشيات المتنازعة والجماعات المتطرفة تتقاتل على بسط السلطة، ما أدخل ليبيا أزمة اقتصادية رغم ثرائها بالنفط وأزمة أمنية زادتها مطامع وتدخلات الدول الغربية سوءًا.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينرائع
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعربما نشهد خلال السنوات القادمة بدء منافسة بين تلك المؤسسات التعليمية الاهلية للوصول الى المراتب...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحرفيا هذا المقال قال كل اللي في قلبي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعبكيت كثيرا وانا اقرأ المقال وبالذات ان هذا تماما ماحصل معي واطفالي بعد الانفصال , بكيت كانه...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحبيت اللغة.