استغلّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تظاهرات "السترات الصفراء" وما تخلّلها من عنفٍ واعتقالات لتصفية حساباته مع الاتحاد الأوروبي بشكل عام وفرنسا بشكل خاص منتقداً "مشاهد الفوضى التي يسبّبها المتظاهرون والعُنْف المفرط في مواجهتهم" حسب وصفه، فيما وجد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الفوضى الفرنسية فرصةً لمهاجمة اتفاق باريس للمناخ، واصفاً الصدامات التي تخلّلت الاحتجاجات بأنها "نهارٌ وليلٌ حزينان في باريس". تأتي ردود الفعل التركيّة والأمريكيّة في وقت اختار فيه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الصمت التام، لكن رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب أكّد أن ماكرون سيتحدّث، دون تحديد موعد ذلك، مطالباً بمزيد من التواصل بين الحكومة والمحتجّين. وشهدت تظاهرات "السترات الصفراء" في باريس يوم السبت، صدامات عنيفة بين قوّات مكافحة الشغب الفرنسيّة ومتظاهرين من الحركة الاحتجاجيّة الشعبيّة التي يرى كثير من الفرنسيين أنها تعبّر عنهم، إذ قال 85% من الفرنسيين في استطلاع للرأي نشر الأحد إنهم يعارضون الزيادة في ضرائب الوقود، وقال 66% منهم إنهم يساندون السترات الصفراء. وأقام بعض متظاهري "السترات الصفراء" السبت متاريس وأضرموا النيران ورشقوا القوات الفرنسيّة بالحجارة، وخرج نحو 125 ألف شخص في ربوع فرنسا معترضين على سياسات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، من بينهم 10 آلاف شخص في العاصمة باريس وحدها والتي شهدت أعمال عنف. ورغم أن السلطات الفرنسية نشرت حوالي 8000 شرطي و12 عربة مدرّعة في باريس، وقرابة 90 ألف شرطي في جميع أنحاء البلاد، إلا أن وسائل إعلام الفرنسية نشرت تسجيلات مصورة لبعض المتظاهرين وهم يحطمون واجهات المتاجر، ويرسمون ويكتبون على الجدران ويشعلون النار في السيارات. كما أظهرت تسجيلات مصوّرة متظاهراً فرنسياً أصيب في بطنه برصاص مطاطي أطلقته الشرطة بينما كان يقف أمامها رافعاً يديه إلى أعلى، كما أعلنت صحيفة لوباريزيان الفرنسية إصابة مصوِّرَين من طاقمها الصحفي. واعتقلت السلطات قرابة ألف شخص السبت ووقعت مصادمات في مدن عدّة، وأطلقت الشرطة الرصاص المطاطي وقنابل الغاز المسيل للدموع على بعض من أطلقت عليهم "مثيري الشغب". وتقول السلطات إن 126 شخصاً أصيبوا في الاحتجاجات من بينهم 3 عناصر أمن، وتسبّبت الاحتجاجات بتأجيل ست مباريات في الدوري الفرنسي لكرة القدم إلى جانب إغلاق متحف اللوفر ومواقع حيويّة أخرى.
أردوغان ينتقد عُنْف السلطات الفرنسية المُفرط
السترات الصفراء التي انتشرت في بعض الدول الأوروبية الأخرى، أبرزها بلجيكا والتي شهدت السبت توتراً شديداً في بروكسيل بعد هجوم المتظاهرين على مقرّ البرلمان الأوروبي، تلقي بظلالها خارج الاتحاد الأوروبي، فلقد انتقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان السبت ما أسماه "العنف المفرط" الذي تستخدمه السلطات الفرنسية في تفريقها لتظاهرات "السترات الصفراء"، مضيفاً أنه يتابع الوضع في فرنسا "بقلق". واعتبر الرئيس التركي في خطاب باسطنبول أن "الفوضى تعمّ شوارع دول أوروبية عدّة بدءاً بباريس" مضيفاً أن "شبكات التلفزيون والصحف تنشر صوراً لسيارات تحترق ومحال تجارية تنهب وردّ الشرطة عنيف جداً ضد المتظاهرين". وبلغة وصفها البعض بالساخرة قال أردوغان إن بلاده ترفض مشاهد الفوضى التي يسبّبها المتظاهرون، كما ترفض كذلك العنف المفرط (من السلطات) في مواجهتهم، موضّحاً أنه يتابع الوضع عن كثب "بقلق". وعلّق الرئيس التركي على مشهد عرضته وسائل إعلام تركية مقرّبة منه يُظهر طلاب يركعون وأيديهم فوق رؤوسهم بعد اعتقالهم في مانت-لاجولي قرب باريس، بقوله بسخرية: "أنظروا ماذا تفعل الشرطة في الأنظمة التي كانت تنتقد رجال الشرطة لدينا. وبثقة ختم أردوغان حديثه قائلاً: إن أوروبا "فشلت في مجالات حقوق الإنسان والديموقراطيّة والحريّات"ترامب: نهار وليل حزينان جداً في باريس
أما الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فقد هاجم السبت مجدّداً اتفاق باريس للمناخ، قائلاً إن مظاهرات "السترات الصفراء" تثبت فشل هذا الاتفاق. وغرد ترامب: "نهارٌ وليلٌ حزينان جدّاً في باريس"، مضيفاً "أنه ربما حان الوقت لوضع حدّ لاتفاق باريس" الذي وصفه بالسخيف والمكلف للغاية، متابعاً أنه يجب إعادة المال (الذي أنفق على الاتفاق) إلى الناس عبر خفض الضرائب، معتبراً أن "اتفاق باريس لا يسير على نحو جيّدٍ بالنسبة لباريس". وأضاف ترامب أن هناك تظاهرات وأعمال شغب في كل أنحاء فرنسا التي عاشت السبت الرابع من التظاهرات الاحتجاجيّة الصفراء" على حد تعبيره." وتابع ترامب أن الناس "لا يريدون دفع مبالغ كبيرة، قسم كبير منها للدول النامية (التي تُدار بشكل يثير الشكوك)، بهدف حماية البيئة، ربما". وسخر الرئيس الأمريكي الثلاثاء الماضي من التنازلات التي قدّمها نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون لحركة "السترات الصفراء"، مؤكّداً أن اتفاق باريس مصيره الفشل.تأتي ردود الفعل التركيّة والأمريكيّة في وقت اختار فيه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الصمت التام، لكن رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب أكّد أن ماكرون سيتحدّث، دون تحديد موعد ذلك.
قال 85% من الفرنسيين في استطلاع للرأي نُشر الأحد إنهم يعارضون الزيادة في ضرائب الوقود، وقال 66% منهم إنهم يساندون السترات الصفراء.
رئيس الوزراء يطالب بالحوار
ودعا رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب في خطاب متلفز مساء السبت إلى المزيد من التواصل بين الحكومة والمحتجّين من أجل حل الخلاف، قائلاً: "لقد بدأ الحوار، ومن الضروري استعادة الوحدة الوطنيّة"، مشيراً إلى أن ماكرون سيتخذ إجراءات لإعادة "اللحمة الوطنية" كما أشاد بمهنيّة قوى الأمن الذين عملوا على فرض "احترام القانون" في مواجهة مثيري الشغب الذين "جاؤوا لا لكي يعبّروا عن رأيهم لكن للمواجهة والتحريض والنهب أحياناً" على حد قوله. وأعلن أن ماكرون سيتحدّث، "وسيقترح إجراءات لإثراء الحوار ستساهم في توحيد الأمة الفرنسية" حسب قوله دون تحديد موعد لظهور ماكرون.ما هي حركة "السترات الصفراء"؟
ظهرت حركة "السترات الصفراء" الاحتجاجيّة في البداية للاعتراض على قرار السلطات الفرنسيّة زيادة ضرائب على الوقود. والسبب في إطلاق اسم "السترات الصفراء" على الحركة هو أن محتجّيها نزلوا إلى الشوارع وهم يرتدون سترات صفراء يستخدمها سائقو السيارات المتوقفة ليلاً على الطرق لكي تنبّه قادة السيارات الأخرى المارّة بهدف منع وقوع حوادث. ولا توجد قيادة واضحة للحركة التي اكتسبت زخماً عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وجذبت إليها فئات مختلفة من الفوضويين في أقصى اليسار إلى القوميين في أقصى اليمين. وتقول الحركة إنها مستمرّة في احتجاجاتها رغم أن الحكومة أعلنت إلغاء زيادة الضرائب على الوقود، وجمّدت رفع أسعار الكهرباء والغاز لعام 2019. ورفعت "السترات الصفراء" سقف مطالبها وباتت تنادي بإسقاط حكم الرئيس ماكرون الذي تعتبره رئيساً للأغنياء فقط. وعلى صعيد متصل بالحراك الأصفر، أعلنت السلطات الفرنسية الأحد شروعها بعمليات تحقّق من تزايد الحسابات الالكترونيّة المزيّفة التي تهدف إلى تضخيم حركة "السترات الصفراء" الاحتجاجيّة على مواقع التواصل الاجتماعي، حسب فرانس برس وقال مصدر مطّلع إن "الأمانة العامة للدفاع والأمن الوطني" هي الهيئة المكلّفة تنسيق عمليات التحقّق الجارية.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ ساعة??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 21 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون