شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
الجمال الطبيعي والمثير لشَعِر جسد المرأة... نساءٌ يفتخرن بأجسادهن كما هي

الجمال الطبيعي والمثير لشَعِر جسد المرأة... نساءٌ يفتخرن بأجسادهن كما هي

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 19 يونيو 201803:57 م

كنتُ في الصف الأول الإعدادي حين أخبرني زميلي بأنه يُريد إبلاغي بأمر خطير جداً، سيكتبه لي في ورقة لأنه يخجل من قوله وجهاً لوجه. أخذت الورقة فوجدت مكتوباً فيها: "سلوى، خَلّيِ أمك تعملك شنبك بالفتلة"، واطلبي منها أن تنزع عنك شعر يديك الذي يُشبه الرجال. افعلي هذا لكي تُصبحي جميلة. أمضيت يومي بطوله أبكي وأنظر إلى وجهي وجسدي وأسال هل أنا فعلاً غير جميلة؟ وهل تلك الشعيرات الصغيرة تجعلني قبيحة؟ منذ ذلك الحين وشغلي الشاغل إخفاء أو إزالة كل ما تيسر من شعر جسدي، ولكن الآن، بعد سنوات طويلة، بات الأمر لا يشكل نفس حالة الهوس السابقة وأيقنت أن تلك الشعيرات طبيعية ولا تُعيِبَني أو تنتقص من أنوثتي أو جمالي شيئاً.

هل المرأة الشعرانية غير جميلة؟

الموروث الشعبي والثقافي يُجيب بـ"نعم"، وهو ذاته الذي يضع المرأة في خانة الهلع من أن يلمح أحدٌ شعرةً صغيرةً في جسدها، كما يشمئز بعض الرجال إذا وقعت عيناهم على حفنة صغيرة من الشعيرات المتناثرة على جسد حبيبتهم، وقد يصل الحال حد التعنيف، كما تقول بسمة، 32 عاماً، حين لمح زوجها، بعض المناطق الخاصة في جسدها وقد ملأها الشعر، فنهرها وقال إنه يشعر بـ"القرف منها"، ولم يكمل العلاقة الحميمية عقاباً لها. هذا على الرغم من أن شعر الجسد جزء طبيعي لدى النساء كما لدى الرجال.

"قالوا لنا إن الشعرانيات غير جميلات ونحن صدقناهم"

تاتيانا بيريز، كاتبة مُختصة في تعقيدات الطفولة، تحكي أنها حين كانت في التاسعة من العُمر واجهت عُنصرية النظرة الذكورية حيال الفتيات الشعرانيات، فتقول : "نظر زميلي إلى ذراعي وضحك، قائلاً "إنهن شعرانيات"، هذه الجملة التي رددها مرراً كلما رأى جزءًا من جسدها مملوءاً بالشعر ولم يكتفِ بذلك بل لفت نظر صديقه لهذا الأمر وضحكا معاً، وتؤكد أنها حينها كانت على يقين بأن الفتيات الشعرانيات غير جميلات، تماماً كما قيل لها، من أمها وصديقاتها وزملائها.

تقول إن كلمة "شعرانية"، تدفع الكثيرات للتخلص من شعر أجسادهن برغم ما يخلّفه الأمر من أذى مثل الخدوش، فإزالة الشعر مؤلمة ومُكلفة ولكن يجب أن تتم لأن الفتيات الشعرانيات يعتقدن أنهن غير جميلات، أما الآن وقد تجاوز عمرها العشرين عاماً، باتت تعلم أنهن جميلات ولكن عليهن سؤال الشخص المناسب. عبر مدونة womens - health، نُشرت مناقشة بين المُستخدمين تحت عنوان "شعر الجسد جميل وجذاب"، فقال واحد من الروّاد إن لدى حبيبته شعيرات تنمو فوق ساقيها وفخذيها وذراعيها، وأنها لا تخجل من هذا، فتخرج في وضح النهار مرتدية ملابس قصيرة، ويؤكد أن هذا الأمر يعجبه كثيراً وعلى عكس الشائع فهو يرى أن شعر الجسد مثير ولا يزعجه.

"قالوا لنا إن الشعرانيات غير جميلات ونحن صدقناهم"
ترجع التصوّر السائد بضرورة التخلص من شعر الجسد إلى أفلام البورنو التي أعطت نظرة ضيقة حول ما يجب أن تبدو عليه أجساد النساء.
وقال آخر إن شعر الجسد علامة من علامات الجمال المتكامل الطبيعي، واعتبر ثالث أن المرأة التي تحلق شعر جسدها بشكل هستيري تعرضت لغسيل دماغ مجتمعي بأنه أمر غاية في الخطورة، بينما لفت مُستخدم إلى أن الشعر يُزرع على أجساد النساء سواء في أثدائهن أو أرجلهن أو أذرعهن ووجوههن، وفي أي مكان بحسب عامل الوراثة، وهو أمر طبيعي تمامًا، وما هو غير طبيعي هو أن المجتمع يحاول أن يجعل المرأة تخجل من هذا الأمر لأنها لا تبدو كطفل بلا شعر…

"فلتذهب شفرات الحلاقة إلى جحيم القمامة"

مؤخراً ظهرت حركات نسوية وأصوات تُطالب بترسيخ مبدأ التفاخر بشعر جسد المرأة مع المطالبة بإلقاء شفرات الحلاقة في القمامة.

مادونا وابنتها لورد

كثيرات من الفنانات العالميات أصبحن يتفاخرن بشعر أجسادهن، وفي كثير من المناسبات رصدت الكاميرات شعيرات على وجه أو ذراع أو تحت إبط أكثر من امرأة مشهورة، وبادرت بعضهن بنشر صور لهن مُركزات على شعر جسدهن، ضاربات بعرض الحائط كل القيم الجمالية المتوارثة، وأبرزهن مايلي سايروس ومادونا وابنتها لورد.

عارضة الأزياء السويدية، أرفيدا بيستروم، تنشر دائماً صوراً لها تظهر فيها شعر جسدها، مع كتابة بعض عبارات التفاخر بهذه الشعيرات، لدرجة أنها ظهرت - سابقاً - في إعلان لعلامة تجارية شهيرة بساق شعرانية.

أرفيدا بيستروم

نيكي سيلفر، صاحبة الكتاب المصوّر " Unshaven "، ترى أن الجمال الطبيعي يكمن في شعر الجسد، وأن الجمال النسائي يندرج تحت معايير عديدة ومختلفة منها عدم الحلاقة، مُرجعةً التصوّر السائد بضرورة التخلص من شعر الجسد إلى أفلام البورنو التي أعطت نظرة ضيقة حول ما يجب أن تبدو عليه أجساد النساء وما هو شكل شعر الجسد المُفترض. نشرت مدونة على tumblr مجموعة من الصور لعدد من النساء يتفاخرن بشعر أجسادهن، وقالت إنه لأمر مروّع أن تتعرض بعض النساء للتخويف والانتقاد بسبب شعرهن الطبيعي، معتبرةً أن المجتمع يحتاج إلى التعرّف على الجمال الحقيقي وليس ذلك الذي يتمّ تصويره في المجلات. أُطلقت في فبراير 2017 حملة "no shave" لحث النساء على تقدير أجسادهن الطبيعية، وهدفها هو إنهاء العنف ضد المرأة في كل أنحاء العالم، ويقول مدير الحملة "من المقبول أن يزرع الرجال شوارب شريرةً، لكن هل سيكون من المقبول أن تفعل النساء نفس الشيء مع شعر الإبطين والساقين"، موضحاً أن هذه الحملة عبارة عن محادثة بين صورة الجسد وحقوق المرأة. وأضاف أندرو: "نأمل أن تشعر النساء بأنه يُسمح لهن بأن يحتضن أجسادهن الطبيعية وبأن يفخرن بالانخراط في مجتمع يطالب بالمساواة والأمان لجميع النساء"..

جيجي حديد

"ما هو موقف الرجال حيال المرأة الشعرانية؟"

قبل سنوات ظهر نادي الأرجل الشعرانية، وهو عبارة عن حركة على الإنترنت تُشجع النساء على التخلص من شفرات الحلاقة، ولكن هل يُساند الرجال مثل هذه الحركات؟ يقول الصحافي توم فوردي إن حلق شعر الجسم هو موقف ثقافي، ولهذا السبب فإن المواقف منه متأصلة للغاية. لقد تم تكييف الرجال لعقود من الزمن ليجدوا صورة معينة للأنوثة الجذابة.

يقول أحد مُستخدمي مدونة" reddit"، إنه يفضل النساء الشعرانيات، معتبراً أن ترك شعر الجسد هو عودة للطبيعة، وقال آخر إنه وجد نفسه مُنجذباً إلى الفتيات الآسيويات المعروفات بتركهن شعر أجسادهن، ولفت ثانٍ إلى أنه لن يصل به الأمر لترك العلاقة الحميمة بسبب وجود بعض الشعيرات. ومزح رجل بالقول :"لا مشكلة لدي طالما لم يصبح أطول من شعر جسدي"، وردت سيدة من المُستخدمات: "إزالة الشعر هي صناعة ببلايين الدولارات وحملات للمنتجات تجعل النساء يشعرن بالسوء حيال أنفسهن بصورتهن الطبيعية".

وأما عن روّاد موقع " quora"، فقال أحدهم رداً على تساؤل: "هل يشعر الرجال بالاشمئزاز إذا وجدوا نساءهن شعرانيات؟": "لا، لا أجد شعر الجسم مثيرًا للاشمئزاز. كيف يمكن أن يكون شعر الجسم مثيراً للاشمئزاز؟ هذه قضية هدفها السيطرة على النساء ومضايقتهن وهو أمر مُحزن للغاية، لقد خُلق البشر ولديهم شعر". وأجاب آخر، " لا أنزعج من كثرة الشعر أو قلته ما دامت السيدة تهتم بنظافتها"، وآخر: "بالنسبة لي شعر الجسم غير مثير للاشمئزاز، ولا يجب ربط الأمر بالصور التي تظهر على أغلفة المجلات"، وأجاب مُستخدم جديد: "بالتأكيد لا. لماذا يكون جزء طبيعي من جسم الإنسان مثيرًا للاشمئزاز؟".

"معتقدات خاطئة وخرافات حول شعر أجساد النساء"

لا يخلو الأمر من بعض الأساطير والخرافات والاعتقادات الخاطئة التي ارتبطت بشكل وثيق بالشعرانية، وقد عُرفت بعض المعتقدات غير الصحيحة فيما يخص شعر الجسد وهي: "شعر الإبط يفرز رائحة سيئة": الحقيقة أن البكتيريا تتداخل مع العرق ما ينتج عنه الرائحة. ولا علاقة لها بوجود شعيرات من عدمه. "ترك شعر الجسد دليل نسوية": غير صحيح وهناك الكثيرات من النسويات يزلن شعر أجسادهن. هناك أساطير فيما يخص عدم حلاقة شعر المنطقة الحميمية وهي:

1 - الشعر يحمي من الأمراض المنقولة بالاتصال الجنسي مثل الثآليل التناسلية: هذا أبعد ما يكون عن الحقيقة. فالشعر وحده لا يكفي للحماية من هذه الأمراض.

2 - يجعل الجنس أقل ممتعة: تقول الدكتورة ويندي آسكو في معهد صحة المرأة بمدينة سان أنطونيو الأمريكية: "يعتمد الأمر على مدى تفضيل النساء، وكمّ التحفيز أو الضغط اللذين يتطلبان تحقيق النشوة. وقد يكون الشعر أو لا يكون عائقاً".

3 - ينفر الرجال: هذا هو خطأ آخر، فالعديد من الرجال يرى شعر المهبل مثيراً للغاية. كل هذا يعتمد على شريكك وما يثيره جنسياً.

4 - لا يتوقف البتة عن النمو: في الواقع، يتوقف الشعر عن الزيادة في الطول.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image