أمواج تتلاطم، شمس بازغة، رمال تتلألئ متفاخرة، ورائحة اليود تسري في القلوب لترسم ابتسامة على الشفاه..
هنا مشهد البحر المحفور بذهن كل شخص منا لكن، لإكمال المشهد دون أن نزيح شيئاً ما من الكادر لا بد أن نصنع مساحة لشكل رواد البحر، فنجد على الشواطئ الأوروبية والعربية "البيكيني" جزءاً لا يتجزأ من مشهد البحر وقطعة أوروبية وتحديدًا فرنسية أصيلة لملابس السباحة، كاشفة لمفاتن المرأة، من هنا استغلها القائمون على مسابقات ملكات الجمال على مستوى مسمياتها المتزايدة بشكل دوري "من ملكة جمال العالم مروراً بملكة جمال الكون، وملكة جمال الإنترنت وملكة جمال العارضات.. " لتكون أحد الاختبارات الأساسية التي تمر بها المتسابقة للتأكد من عدم وجود أيّ عيب جسدي، قد يؤثر على معايير الجمال، كما يعتبر ارتداء "البيكيني" ضروريّاً، للتأكد من جرأة المتسابقة، إذ تقوم لجنة أعضاء التحكيم بوضع النقاط للمتسابقة، بناءً على الطول والوزن، وشكل الجسم.
وفوجىء متابعو مسابقة ملكة جمال أمريكا- التي تعد من أقدم مسابقات الجمال الدوليّة- والحدث الذي ينتظر الملايين مشاهدته عبر شاشة التلفاز، بقرار إلغاء فقرة جولة "البيكيني " المسابقة.
كواليس القرار
24 ساعة من التسمر أمام شاشة التلفاز لا لشيء إلا لمتابعة حركات وسكنات فتيات "miss America"، فهو لقبٌ واحد وتاجٌ واحد تتنافس العديد من المتباريات عليه في المسابقة .. هذا هو المشهد المعتاد والمنتظر لمتابعي المسابقة، لكنهم تفاجأوا بقرار وصُف بـ "التاريخي" فهو حدث يحدث للمرة الأولى في تاريخ المسابقة، فلن تظهر المشاركات في مسابقة ملكة جمال الولايات المتحدة بـ "البيكيني" .
?ref_src=twsrc%5Etfw&ref_url=https%3A%2F%2Fyallafeed.com%2Fmsabqh-mlkh-jmal-alwlayat-almthdh-tlghy-fqrh-mlabs-alsbahh-6012نشر الحساب الرسمي للمسابقة فيديو لـ "البيكيني" وهو يتبخر بين الدخان وعلّقَ كاتباً #ByebyeBikini .
ووصفت غريتشين كارلسون رئيسة مجلس إدارة المسابقة، في برنامج Good Morning America". " " هناك مرحلة جديدة يشهدها العالم خاصة مع ارتفاع أصوات النساء ضد التحرش والاعتداء الجنسي" مشيرةً إلى حملة #Metoo. – حملًة لجأت لها ملايين النساء لمواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام للحديث عن تعرضهن لتحرش أو اعتداء جنسي تحت هاشتاج #Metoo .
سيكون بدلاً من البيكيني السماح للمشتركات بإرتداء ما يحلو لهن من لباس وما يعبر عن شخصيتهم
عبّر الرجال عما يختلج في صدورهم، وأخذت عبارات مثل ”مش هنشوف البكيني تاني خسارة “ “مش هنشوف المسابقة تاني“ تظهر في آرائهم على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتؤكد كارلسون أنه سيكون بدلاً من البيكيني السماح للمشتركات بارتداء ما يحلو لهن من لباس وما يعبر عن شخصيتهن وستعبر كل مشتركة خلال الفقرة عن مبادراتها لتحسين المجتمع، فالمسابقة تحاول إعادة تعريف دورها في عصر تمكين المرأة والمساواة بين الجنسين.
#byebyebikini
هاشتاج تجمع تحت سقفه مئات من النشطاء منقسمين بين مؤيدين ومعارضين ، فقد حدث انقسام في الرأي بين النساء، كما بدأ الرجال يتحدثون علناً عما يختلج في صدورهم، وأخذت عبارات مثل ”مش هنشوف البكيني تاني ي خسارة “ “مش هنشوف المسابقة تاني“ تظهر في آرائهم على مواقع التواصل الاجتماعي.
"إلغاء فقرة البكيني قضية كبرى يجب الوقوف أمامها، فالتحرش ساد العالم من الشرق إلى الغرب" بهذه الكلمات علقت مالوري هيغان الفائزة بتاج المسابقة عام 2013 ، في حين ترى كيرا كازانتسيف المتوجة باللقب ذاته عام 2015 أنه انتصار جديد للنساء ولحملة " Metoo " مقترحةً إنشاء مسابقة للياقة البدنية لدى المتسابقات وفقًا لما صرحت به لصحيفة " USA Today " الأمريكية.
لماذا هذا القرار؟
كان سؤال أحد الصحفيين بمؤتمر إعلان هذا الخبر، فجاوبته كارلسون أن المنظّمة رأت أن تُخرج نفسها من عالم لباس البحر لأنه ليس الطريق الذي تحاول سلوكه، إذ لفتت إلى أنه لم يكن لـ"البيكيني" أي معنى أو غاية في المسابقة، وأن "ملكة جمال العالم" ليست مسابقة جمال فقط، بل هي مسابقة جمال مع غرضٍ إنساني أو تثقيفي.ووتضيف "سمعنا كثيراً من الفتيات يقلن إنَهن يرغبن في المشاركة في البرنامج، ولكن هن لا يستسحن الظهور بكعبٍ عالٍ وملابس سباحة، لذا نود أن نفاجئهن بأنَّهن لم يعد عليهن فعل ذلك".
ليس القرار التاريخي الأول للمسابقة :
حليمة أدن فتاة صومالية تبلغ من العمر 21 عاماً شاركت بمسابقة مكلة جمال أمريكا لعام 2016، تصف هذا القرار بأنه أهم قرار على مستوى العالم دون مبالغة وتقول "من منا لا ترغب في تعلم مهارات القيادة، وتكون قادرة على أن تقدم نفسها للعالم كإنسان، انطلاقاً من روحها وليس من جسدها؟"
وتروي حليمة تجربتها قائلة "مشاركتي جاءت على خلفية رغبتها بإظهار الفرق بين الإرهاب والإسلام المعتدل والذي لا يقف بينه وبين الحياة سوى احترام أصوله، وقرار موافقة اللجنة على مشاركتي وُصف حينها بالتاريخي أيضًا".
ماذا عن الشرق ؟
"البكيني لغوه في الغرب وبنتباهى بيه في الشرق" كلمات علقت بها آية محمود منظمة مسابقة ملكات جمال المحجبات بمصر لـ "رصيف 22" مشيرةً إلى أنه لم يتم إلغاء جولة البكيني من اختبارات مسابقة ملكة جمال لبنان إلى اليوم، رغم المحاولات في عام 2015 في إلغائها لكنها باءت بالفشل وما زالت الجولة قائمة وشرطاً أساسياً من شروط المسابقة .
رد الفعل العربي هل هو مماثل للغربي أم لا؟
هاجم الجمهور العربي المتابع للمسابقة اللبنانية فكرة إلغاء عرض البكيني، مستندين بذلك إلى أنهم لن يشاهدوا مسابقة ملكة جمال العالم بعد اليوم، وتسلّحوا بضرورة تمتّع المرأة بلياقة بدنية وجسمٍ جميل وفقًا لـ "رويترز".
فيما دعم قسمٌ آخر خطوةَ إلغاء "البيكيني"، لأنها تجعل العالم يركّز على جمال المرأة الداخلي وعلى ثقافتها وإنجازاتها ورؤيتها، واعتبروا أن لباس البيكيني يدفع النساء إلى الاستعانة بالجراحات التجميلية للحصول على شكل جسم معيّن، حتى لو بدا مزيّفاً.
وقال مدير عام شركة We Group المولجة إدارة مسابقة ملكة جمال لبنان ريشار فرعون في تصريحات صحفية، إن تخلّي مسابقة ملكة جمال لبنان عن عرض "المايوه" أمرٌ مستبعَد، لافتاً إلى أن "كل مسابقات الجمال في العالم تتضمن عرض لباس السباحة، وأبرزها مسابقة ملكة جمال الكون، فهو أمرٌ موجود ومتداوَل، والمتبارية مُجبَرة على ارتدائه في لبنان"، "لكن لا ينفي ذلك أهمية الثقافة، فمن الضروري جدّاً أن تتمتع المتبارية بمزايا اجتماعية وثقافية وسلوكية جيّدة".
الأمر ذاته بالنسبة لسالي جريج المتوجة بلقب ملكة جمال لبنان عام 2014 ، والتي أضافت " لا يمكن أن تُلغى مسابقة لباس البحر من المسابقة الوطنية، فهي مسابقة جمالية في نهاية المطاف، وتتطلب حضور المتباريات بلباس البحر، كما بلباس السهرة"، وتشير إلى أن "مسابقة ملكة جمال الكون تفرض ارتداء "البيكيني"، الذي يشكّل قسماً مهمّاً من نتائجها، ما يحتّم عدم إلغاء لباس البحر في لبنان". وفقًا لما ذكرته في مقابلة لتلفزيون لبنان.
"كانت مصر ولبنان -وما زالتا- الدولتين العربيتين الوحيدتين اللتين تقام فيهما مسابقات ملكات الجمال"
وتقول الشاعرة "حنان نصر" رئيسة مسابقة ملكة العرب، لـ "رصيف 22 " إن معايير اختيار ملكة الجمال لا تختلف من زمن إلى زمن، ولا يجب الوقوف حول "البيكيني" فهي ثقافة ملتصقة بالمسابقة منذ وجودها وربما سيتم إلغاؤها هذا العام بأمريكا، لكن لا اعتقد أنها ستستمر فقد تعود العام المقبل"، وسنستمر بوطننا العربي في الاحتفال بالجمال، فكانت مصر ولبنان -وما زالتا- الدولتين العربيتين الوحيدتين اللتين تقام فيهما مسابقات ملكات الجمال بشكل سنوي.
"الجمهور العربي سيظل قاطعًا ورافضًا لفكرة إلغاء البيكيني لانه يريد شهوة الجسد"
يروي المحامي نزار غراب لـ "رصيف 22" صاحب الدعور الشهيرة لإلغاء مسابقات ملكات الجمال بمصر والمطالب بتعميمها في لبنان أيضًا، أن ما يحدث في مسابقة ملكات جمال لبنان هو عولمة للجسد، فحتى الغرب ألغى جولة البكيني بينما نحن نعارض ذلك .. فما يحدث هو عولمة للجسد" .
ويضيف غراب "هوس مسابقات ملكات الجمال هذا طال كل بيت عربي، فالشباب اليوم يتبادلون صور المتسابقات عبر الهاتف، والفتيات أصبحن يقلدنهن في كل شيء، فمسابقات ملكات الجمال خلقت نوعاً جديداً من المقاييس الجمالية التي بات يحلم بها كل شاب وهو ما قد يخلق أزمة مواصفات لدى المقبلين على الزواج.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين