وصف المبشّر التلفزيوني الأميركي "بات روبنسون" النسوية بأنها "حركة اشتراكية، سياسية مناهضة للعائلة، تشجع النساء على هجر أزواجهنّ وقتل أطفالهنّ وممارسة الشعوذة وتدمير الرأسمالية والتشجيع على المثلية".
هذه عيّنة من الأفكار النمطية التي تلاحق النسوية، في حين أن النقاد يشككون في هذه الحركة ويحاولون بشتّى الطرق توجيه أصابع الاتهام إلى النسويين/النسويات بهدف التقليل من أهمية نشاطهم/نّ ونضالهم/نّ في سبيل حقوق الإنسان.
من اتهام النسويين بالقبح والعدوانية وصولاً إلى المثلية، ما هي أبرز المعتقدات المخطئة عن النسوية؟ ومن أين تأتي هذه القوالب النمطية السلبية؟
السمعة بخطر؟
يجب أن لا نخشى النسوية إنما يجب أن نفهمها. خرجت الحركة النسوية من قلب المعاناة، كرد فعل على السلطة وعلى النظام الأبوي، الذي يعتبر أن الرجل أهم شأناً من المرأة، سواء كان ذلك على الصعيد الاجتماعي أو السياسي أو الاقتصادي. وعلى مدى السنوات الماضية، نجحت النسوية في تحقيق بعض الإنجازات وبقيت حتى اليوم تحمل قضايا جوهرية مثل المساواة في الأجور، وحق المرأة في التصويت وفي ممارسة العمل السياسي. واللافت أن مناهضة الحركة النسوية ليست وليدة اليوم، فمنذ بزوغ فجر الفكرة النسوية في القرن الثامن عشر حتى وقتنا الحاضر، تحاول فئات عدة في المجتمع تشويه سمعة المنضويين تحت مظلة هذه الحركة من خلال نشر الأفكار النمطية السلبية التي تبث الكراهية تجاه النسويين والنسويات. من هذا المنطلق، سعت دراسة جامعية أميركية إلى معرفة حقيقة ما يفكر فيه الناس حول النسوية، ووجدت أن معظم الآراء اعتبرت أن المنتسبين إلى هذه الحركة هم في الغالب يتشاركون في الصفات التالية: القبح، الغضب، العدوانية، الحدّة، التشدد، العقائدية، النقمة على الرجال... إليكم الأفكار المغلوطة وأكثر الصور النمطية السلبية شيوعاً بحق الحركة النسوية:معاداة الرجال
"أن ندعو الرجل حيواناً هو إطراءٌ له، إنه في الواقع آلة، ديلدو يمشي" (فاليري سولاناس)، "كلما حصلت على المزيد من الشهرة والقوة، كسبت قوة لإيذاء الرجال" (شارون ستون)، "يجب تخفيض نسبة الرجال إلى حوالى 10% من الجنس البشري"(سالي ميلر غيرهارت). هذه عيّنة قليلة من تصاريح بعض النسويات اللواتي لا يخجلن من البوح بشكل علني عن كراهيتهنّ للذكور. "فاليري سولاناس" على سبيل المثال حلمت بتحقيق "عالم بلا ذكور" من خلال قيام الإناث بتنظيم أنفسهنّ للقضاء على الرجال، معتبرةً أن الرجال هم "إناث غير مكتملات الأنوثة، مما يجعلهن كائنات غاضبة تحاول السيطرة على الإناث والعالم بسبب النقص الذي لديهن". via GIPHY ولكن هل يمكن التعميم والزعم بأن جميع النسويات يكرهن الرجال؟ غالباً ما يتم تصوير المرأة النسوية سيدةً ناقمةً على الرجال ورافضة للسلطة الذكورية، وبالتالي تبتعد عن الارتباط بالرجل وتشجع على المثلية. ولكن موقع itspronouncedmetrosexual يرى أنه يجب عدم تعميم ذلك، خاصة أن الحركة النسوية في طبيعتها تدعو إلى تحقيق العدالة والمساواة بين الجنسين، أي "وضع الشخص المناسب في المكان المناسب بغض النظر عن هويته الجنسية". كذلك يوضح موقع "ستادي برايكس" أن النسويات لا يعادين الرجال بل يكرهن فكرة غياب المساواة بين الجنسين وحصول الرجل على معاملة "خاصة" وعلى فرص أفضل بسبب جنسه. عدا أن النسوية لا تعتبر الرجل عدواً لها بل الذكورية، ولعل هذا ما يثير اللغط لدى بعض الناس.سيطرة النساء على الرجال
يظن كثيرون أن النسوية تسعى إلى تعزيز هيمنة النساء على الرجال، إلا أن هذه الصورة النمطية قد تكون وليدة عقول ضيقة لا تستطيع التفكير في عالمٍ يكرّس المساواة بين الجنسين وفق موقع "ستادي برايكس"، معتبراً أن كل مجتمع عانى تقريباً من هيمنة الذكور في مرحلةٍ ما، وبالتالي فمن غير المنطقي التفكير في عالمٍ يهمش فئة على حساب فئةٍ أخرى. النسوية إذاَ لا تعني سيطرة النساء واضطهاد الذكور، بل تسعى هذه الحركة إلى إعطاء الأنثى المزايا نفسها المعطاة للرجل.التمثل بالرجال
هناك فكرة نمطية سائدة تشير إلى أن جميع النسويات يطمحن إلى التمثل بالرجال والتشبه بهم، إلا أن الواقع مختلف. الناشطة في الحركة النسوية لا تريد "مواكبة" الرجال، أو الصمود في ظل "العالم الذكوري"، فالمسألة ليست منافسة أو سباقاً مع الجنس الآخر بل هي ضمان حق المرأة في أن تكون نفسها، وأن يتم التعامل معها على أساس أنها إنسان بغض النظر عن جنسها. via GIPHYإهمال الشكل الخارجي
ينظر البعض إلى النسويات بشيء من الريبة، جازمين أن المرأة الناشطة في هذا المجال قبيحة ولا تهتم شكلها، فقد كشفت الممثلة الأميركية سارة ميشيل غيلادر، التي لعبت دور "بافي سامرز" أنها تكره كلمة "نسوية" لأنها تجعلها تفكر في "نساء لا يحلقن شعر أرجلهنّ". كما بيّن "راش ليمبو" أن "النسوية تم تأسيسها لفتح المجال أمام النساء غير الجذابات للوصول بسهولة إلى التيار الرئيسي". هذه الصور النمطية تجعل بعض النساء يترددن في التعرف على الحركة النسوية والانخراط بها للمطالبة بتوسيع رقعة حقوقهنّ. وعليه، أوضح موقع "ستادي برايكس" أن مجرد التشكيك في حركة النساء عن طريقة إهانة مظهرهنّ يبرر تماماً وجود النسوية في المقام الأول.رفض الأشياء الأنثوية
"أحب اللون الوردي والزهور والأشياء البراقة، أحب الحصول على الهدايا في عيد العشاق، صحيح أن هذه الأشياء تؤخذ في الإجمال على أنها أنثوية، لكنني أستمتع بها لأنها تشعرني بالاحترام، فحتى لو اعتبرتم أن هذه الأمور أنثوية فإن الاستمتاع بها لا يجعلكم نسويين بدرجة أقل". بدأت أسطورة حرق حمالات الصدر في أواخر الستينيات، عندما احتجت النسويات على مسابقة ملكة جمال أميركا، فقد رمى النشطاء العديد من رموز "القمع الأنثوي" مثل حمالات الصدر، في القمامة، ولكن لم يتم حرق أي من هذه الأشياء على الإطلاق، ومع ذلك انتشرت فكرة تخلص النسويات من الأغراض الأنثوية. الحقيقة أن النساء اللواتي رمَيْن حمالات الصدر أردن التعبير بشكل رمزي عن رفضهنّ الملابس الأنثوية القمعية والأعراف الجنسانية، وهو السبب نفسه الذي يجعل بعضهنّ يرفض التخلص من الشعر الزائد وانتعال الكعب العالي وما إلى ذلك. via GIPHYلا يمكن للرجال أن يكونوا نسويين
لا تحمل النسوية طابعاً نسائياً أو ذكورياً. فهي تتوجه للنساء، للرجال، لكبار السن، للشباب. إنها لجميع الناس دون استثناء. هناك معتقد مغلوط بأن الحركة النسوية تُعنى فقط بالنساء، ولكن هناك رجالاً بارزين، أمثال الفيلسوف الإنجليزي "جون ستيوارت ميل"، طالبوا بحقوق المرأة وأقرّوا بأنهم يدعمون النسوية إلى أبعد حدود. في الواقع إن الرجل يمكنه أن يكون نسوياً تماماً كالمرأة ما دام يؤمن بالمساواة بين الجنسين ويدعم حقوق المرأة ويرفض تهميشها في المجتمع. ولكن هنالك فئة من الناس تذهب إلى أبعد من ذلك، متهمةً الرجال النسويين بأنهم "مثليون" ويتمتعون بنعومة مفرطة، وهذا ما يجعل بعض الرجال ينسحبون من هذه المعادلة. البعض ينصحهم بالتحرر من هذا "السمّ الذكوري".رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...