ماذا بعد

ماذا بعد "غزوة السويداء" وتداعياتها الإقليمية والخطر الداهم؟

سياسة نحن والتطرف نحن والحقوق الأساسية

الخميس 24 يوليو 202513 دقيقة للقراءة

"من هنا مرُّوا إلى الشَّرقِ غماماً أسود  

 يقتلون الزهر والأطفال والقمح وحبّات الندى".

بهذه الكلمات التي صدحت قبل سنوات بعيدة، يبدو كأنّ الشاعر الفلسطيني توفيق زيّاد، كان يرسم بدم حارّ جداريةً محدّثةً لأهوال السويداء السورية اليوم. بعد أسبوع من "غزوة السويداء" التي خلّفت أكثر من 1،300 قتيل، في المدينة وريفها، تسود الهدنة الهشّة وسط أنباء عن خروقات وتهديدات باقتحام المدينة من فصائل مسلّحة محسوبة على العشائر، برغم انتشار قوات الأمن الداخلي، حسب العميد أحمد الدالاتي (قائد الأمن الداخلي)، في المنطقة الجنوبية، والذي قال الإثنين 21 تموز/ يوليو 2025، إنّ "اتفاقنا يضمن خروج المدنيين الراغبين في المغادرة، ويدخل الراغبون في العودة. وقد فرضنا طوقاً أمنياً حول السويداء لوقف القتال". 

ويبقى السؤال: ماذا بعد "غزوة السويداء"؟ وماذا عن التداعيات الإقليمية والخطر الداهم؟

"الانسحاب الإستراتيجي" لحماية المدنيين 

قالت الحكومة السورية إنّ سحب قواتها "بالكامل" من محافظة السويداء جاء بعد تكليف "فصائل درزية محلية" بحفظ الأمن، ووصفت القرار بأنه يهدف إلى حماية المدنيين الدروز وتجنّب حرب واسعة النطاق، فيما قال الرئيس السوري أحمد الشرع، إنّ القرار نابع من "إدراك عميق بخطورة الموقف على وحدتنا الوطنية". 

كذلك اتهمت الحكومة إسرائيل بالسعي إلى تحويل سوريا إلى "ساحة فوضى غير منتهية" عبر تفكيك وحدة الشعب السوري، مشيرةً إلى أنّ الضربات الإسرائيلية على دمشق (التي أودت بحياة 15 عنصراً حكومياً)، كانت جزءاً من مخطط لزعزعة الاستقرار. كما أكدت أنّ وساطةً أمريكية–عربية–تركية "أنقذت المنطقة من مصير مجهول".  

يرى الملحم أن لا سلامَ فوق جثث الضحايا، فـ"هذا السلام لن يكون بملاحقة الجلّادين على منابر العدالة الدولية فحسب. كرامة الموتى تقتضي الاعتراف بالحقيقة، وكرامة الأحياء تستوجب محاسبة من سلبوهم أحبّاءهم. العدالة هنا ليست خياراً، بل هي الأساس"

كذلك أدانت حكومة دمشق "الانتهاكات المؤسفة" ضد المدنيين الدروز، ووصفتها بـ"الأفعال المشينة"، وتعهدت بمحاسبة كل من تورط فيها. ووصف بيان الرئاسة السورية هذه الأفعال بأنها "لا تمثّل الدولة".

كذلك روّجت الحكومة لاتفاق وقف إطلاق النار المكوّن من 14 بنداً كإنجاز لها، والذي يضمن: انسحاب المسلّحين من العشائر البدوية، وتشكيل لجان مراقبة مشتركة مع شيوخ الدروز، بجانب فتح المعابر الإنسانية، فيما نفى وزير الداخلية، أنس خطاب، تورّط قوات الأمن في العنف، وادّعى أنّ انتشارها "هدّأ الأوضاع" وفرض وقف إطلاق النار. كما أكد أنّ القوات الحكومية وفّرت ممرات آمنةً لإجلاء عائلات البدو "الراغبة في المغادرة" .

في المقابل، وفي خطاب ألقاه يوم السبت 19 تموز/ يوليو الجاري، قال الشرع إنّ حقوق الدروز "من الأولويات"، ورفض أيّ مسعى لجرّهم إلى "طرف خارجي أو إحداث انقسام" داخل الصف السوري، مشيراً إلى أنّ أحداث السويداء تُمثّل "منعطفاً خطيراً" في مسار تنمية البلاد. وأدان التدخل الإسرائيلي، وكذلك الطموحات "الانفصالية" لبعض سكان السويداء، في إشارة واضحة إلى شخصيات درزية بارزة، بمن فيهم حكمت الهجري، الزعيم الروحي الذي عارض حكومة الشرع، ويرى بعض حكّام دمشق أنّ الهجري، مقربٌ من إسرائيل ويتهمون ميليشياته بأنها مسؤولة عن تهجير عائلات سنّية من البدو خارج السويداء.

وكان الشيخ الهجري قد رفض الاتفاقيات المتعددة لوقف إطلاق النار التي أعلنتها الحكومة السورية، ونفى أي تفاوض معها أو تفويض، عادّاً أنها مفروضة من دمشق وبضغط خارجي، ودعا إلى استمرار القتال حتى "تحرير كامل المحافظة".  

واتّهم الهجري الحكومة السورية بقصف المدنيين ونقض الاتفاقات، واستغاث بقوى خارجية مثل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، للتدخل عسكرياً تحت ذريعة "حماية الدروز"، وتزامن هذا مع غارات إسرائيلية استهدفت دمشق ودرعا.

إحصائيات مفجعة

خلال عشرة أيام، استطاع المرصد السوري لحقوق الإنسان، توثيق أعداد ضحايا الاشتباكات خلال الأيام السبعة بين عشائر البدو ووزارتَي الدفاع والداخلية، والمسلحين المحليين الدروز منذ صباح الأحد 13 تموز/ يوليو الجاري، نتيجة الاشتباكات وعمليات الإعدام الميداني والقصف الإسرائيلي، فوثّق مقتل 1،339 قتيلاً، موزّعين على النحو التالي:

  • 657 من أبناء محافظة السويداء، بينهم 124 مدنياً، منهم 10 أطفال و24 سيدةً.
  • 464 من عناصر وزارة الدفاع والأمن العام، بينهم 40 من أبناء العشائر البدوية ومسلح لبناني الجنسية.
  • 15 عنصراً من عناصر وزارتَي الدفاع والداخلية قُتلوا جرّاء الغارات الإسرائيلية.
  • 3 أشخاص، بينهم سيدة واثنان مجهولو الهوية، قُتلوا جرّاء قصف الطيران الإسرائيلي مبنى وزارة الدفاع.
  • إعلامي واحد قُتل خلال الاشتباكات في السويداء.
  • 196 شخصاً، بينهم 30 امرأةً و8 أطفال ورجل مسنّ، أُعدموا ميدانياً برصاص عناصر من وزارتَي الدفاع والداخلية.
  • 3 من أبناء عشائر البدو، بينهم سيدة وطفل، أُعدموا ميدانياً على يد مسلّحين دروز.

شهادات من قلب الجحيم 

يقول عادل (اسم مستعار)، وهو أستاذ من قرية المجيمر (تقع على بعد 14 كلم جنوب السويداء)، لرصيف22: "استولوا على البلد... بيتاً بيتاً. البيت الذي فيه صورة لشهيد زمن النظام البائد تم حرقه بالكامل. حتى أنهم أطلقوا النار على امرأة كبيرة مريضة ثم جرى إسعافها"، ويضيف: "سرقوا جرّاري ودراجتي النارية. لم يميّزوا بين صغير أو شيخ أو رضيع". ويصف كيف تمّ قتل العديد من أبناء المحافظة مع ترديد شعارات طائفية، لافتاً إلى مشاركة العديد من الأجانب في الاشتباكات والاعتداءات.  

أما فرح (اسم مستعار)، وهي سيدة تعيش بجوار المشفى الوطني، فتقول لرصيف22: "إننا نعيش في مسلخ! بعض الجثث ما زالت في الشوارع"، وتضيف بصوت متهدج: "شاهدتُ من مطبخي رجالاً من وزارة الدفاع يدخلون بسيارة مصفحة إلى المشفى... سمعت صرخات ثم انقطعت". 

يخطر في بال فرح، ما روته لها زميلتها في العمل عن أبوَيها وأخيها في قرية "ولغا" (تبعد 5 كلم عن مدينة السويداء)، وكيف أحرقوا "بيتاً فيه عجوزان (88 عاماً) وابنهم المعوّق".

تداعيات تمتدّ من الشارع إلى العالم 

يتحدث السياسي والأكاديمي يحيى العريضي، إلى رصيف22 والغضب لا يفارق صوته. يقول: "هذه وحشية منقطعة النظير. رمي شباب من بيت عرنوس، من الطابق الرابع، يُذكّر بجريمة أمجد يوسف في التضامن، بل هو أفظع! وتداعيات الغزوة على السويداء ستُظلم مستقبل سوريا كلّها"، مشيراً إلى أنّ "السلطة في دمشق لم تعد مؤهلةً للحكم، والخطر سيطال المنطقة بأسرها".

في هذه الأثناء، كان الواقع الميداني صعباً للغاية. دخول المساعدات بقي بين مدّ وجزر، ولاتزال جثث كثيرة منتشرةً في شوارع السويداء، فيما غالبية الجثث التي يغصّ بها المشفى الوطني غير معروفة الهوية.

أسئلة تعلو فوق دخان المعارك

يحاول الروائي نبيل الملحم، المولود في السويداء والذي يقيم اليوم في برلين، كبح انفعالاته وهو يتحدث إلى رصيف22، فالحديث هنا "يمسُّ قدسية الدماء التي غُسلت بها شوارع السويداء". يقول إنه بعد ساعاتٍ من إعلان "وقف إطلاق النار الذي قد يكون محطةًً لا خاتمة، أجد نفسي في مساحة صمتٍ غريبة، كتلك الهدنة القصيرة بين عاصفتين. صمتٌ ثقيلٌ بالأسئلة: ماذا بعد؟ وكيف يُمكن ألا نعيد إنتاج المأساة؟"، أما السؤال الأخير فهو: "كيف نحوّل هذه الهدنة الهشّة إلى عقدٍ اجتماعي جديد؟".

يرى الملحم أن لا سلامَ فوق جثث الضحايا، فـ"هذا السلام لن يكون بملاحقة الجلّادين على منابر العدالة الدولية فحسب. كرامة الموتى تقتضي الاعتراف بالحقيقة، وكرامة الأحياء تستوجب محاسبة من سلبوهم أحبّاءهم. العدالة هنا ليست خياراً، بل هي الأساس"، ويضيف: "لا مصالحة وطنية دون عدالةٍ تشمل كل ضحايا السويداء، بلا تمييز بين دينٍ أو عرق. قدسية الحياة ونزاهة القضاء هما بوصلتنا الوحيدة".

يدين الشيخ الأسعد، جميع الجرائم بحق الدروز والعرب، مؤكداً لرصيف22، براءة العشائر والأجهزة الأمنية من أفعال ما زعم أنه "طرف ثالث ارتكب جرائم باسم العشائر". كما يؤكد رفض العشائر السورية (عرباً وتركماناً وكرداً) القاطع لأي عملية تهجير

برأيه، "تثبيت وقف إطلاق النار يتطلب أكثر من جنود على حواجز الطرق. نحتاج إلى تحوّل جذري في العقل الجمعي. يجب أن يصبح رفض الاقتتال خياراً وطنياً لا رجعة فيه، لا مجرد هدنة معلقة على أهواء السياسيين. لا أراهن على وطنٍ تُزيّن أرصفته الأشلاء. الدم يولّد الدم، والوطن صار حلبةً لمُتسلّين بسفك الدماء".

يشير الملحم إلى "حاجة البلاد إلى ولادة حركة شبابية خارج عباءة الأحزاب البالية. حركة لا ترفع شعارات جوفاء، بل تنبش في جذور الألم لفهمه لا لإشعاله. المعضلة السورية متاهة من الخيارات المستحيلة، وعلينا أن نبتكر المستحيل". 

وبحسب الروائي السوري، "لا خلاص دون اقتلاع إعلام الحرب الذي حوّل البلاد إلى سيرك دموي، نحن نحتاج إلى إعلام يبحث عن الحقيقة لا عن الانتصار، ويعلي صوت الضمير لا الانتماء الأعمى. سوريا هي اليوم بأمسّ الحاجة إلى إعلام يُعيد للكلمة قداستها بعد أن شوّهتها سكاكين التحريض".  

يقول ملحم: "لا بديل للسوريين عن حوار يُنتج رأياً عاماً يدافع عن السلام كقوة أخلاقية، لا كاستسلام. حوار يبني ضميراً جمعياً يُطوّق زمن الرصاص الفالت، في بلدٍ صار سيركاً تُستبدل فيه ألعاب القردة بألعاب البشر الدامية"، ويختم: "لا نراهن على النصر، بل على شرف المحاولة. وثقافة الفصائلِ تنهش جسد الدولة لأنّ استدعاء العشيرة تفخيخٌ لأسس الوطن".

"إسرائيل تدعم تمرّداً في السويداء"

في المقابل وفي تصريحات لرصيف22، يتحدث الشيخ مضر حماد الأسعد، رئيس المجلس الأعلى للقبائل والعشائر السورية، عن تفاصيل خطيرة حول الأحداث في محافظة السويداء، متّهِماً حكمت الهجري بالخيانة والتعاون مع إسرائيل. يقول: "الهجري سيطر على السويداء بعد سقوط نظام الأسد، مهيمناً على شيوخ الطائفة الدرزية، والموساد الإسرائيلي هو الداعم الرئيس له بعد أن كان يُظنّ أنّ دعمه يأتي من النظام السابق".  

كما اتّهم الأسعد، الهجري، بالتعاون مع "قسد ومسد"، لزرع الفوضى والطائفية، مشيراً إلى ارتكابه جرائم بحق أبناء المحافظة عبر "استباحة الدروز أولاً ثم العشائر العربية وتعامله مع تجار المخدرات". ويحذّر من محاولات ما أسماها "ميليشيات الهجري" تنفيذ "عمليات تطهير عرقي" ضد العرب البدو لطردهم والإبقاء على الموالين، تمهيداً لإعلان "كانتون أو دويلة" مدعومة إسرائيلياً.  

في المقابل، يدين الشيخ الأسعد، جميع الجرائم بحق الدروز والعرب، مؤكداً لرصيف22، براءة العشائر والأجهزة الأمنية من أفعال ما زُعم أنه "طرف ثالث ارتكب جرائم باسم العشائر"، مشيراً إلى أنّ "انسحاب القوات الحكومية السابق تمّ بضمانات أمريكية-تركية-عربية لتحقيق تسوية سلمية، لكن الهجري نقض الاتفاق كالعادة كما نقض عشرات الهدن خلال الأشهر الستة الماضية"، مطالباً الحكومة السورية بـ"الضرب بيد من حديد" ضد المجرمين.  

وكانت قد انتشرت في الأيام التي رافقت الأحداث في السويداء مقاطع فيديو كثيرة توثّق التجييش الكبير الذي حصل، كما توثّق الانتهاكات التي ارتكبتها مجموعات من العشائر بحق مدنيين في السويداء. 

وفي ردّه على سؤال لرصيف22، عن مزاعم تهجير العائلات السنّية من السويداء، ينفي الأسعد ذلك واصفاً الأمر بأنه "نزوح مؤقت" للعرب البدو، بسبب تدمير منازلهم، مؤكداً وضعهم في "مكان آمن" ريثما تعيد الحكومة تأهيل مساكنهم ليعودوا "معزّزين مكرّمين". ويعلن رفض العشائر السورية (عرباً وتركماناً وكرداً) القاطع لأي عملية تهجير، مشدّداً على أنهم لن يغادروا المنطقة، إلا بعد عودة الجيش السوري كاملاً إلى السويداء، ونزع سلاح "عصابات الهجري، ومحاكمة كل المجرمين محاكمات سورية".  

ويختم الأسعد بالتشديد على أنّ القبائل "لن تحلّ محلّ الدولة" وستعمل تحت سقف الدستور، مذكّراً بأنّ الحكومة السورية "وُلدت من رحم الثورة"، ومؤكداً التمسّك بوزارتَي الدفاع والداخلية كرمز للسيادة الوطنية.

أصداء في واشنطن 

بحسب الإعلامي السوري المقيم في الولايات المتحدة أيمن عبد النور، فإنّ "في واشنطن تيارات أمريكيةً متضاربةً، منها من هم متشددون يرفضون رفع العقوبات عن دمشق ويطالبون بتمديدها، بعد انتهاكات السويداء. وفي المقابل، هناك براغماتيون يرون الأحداث جزءاً من ترتيبات المنطقة، غير آبهين بعدد الضحايا". 

هل يمكن بناء عدالة فوق ركام أكثر من 1،300 جثة؟ وهل يسمع العالم صرخات من سُحلوا في شوارع قراهم؟ بين جثث الضحايا وحقول القمح والزيتون المحترقة، تبحث السويداء عن بصيص أمل في هدنةٍ هشّة واختبار لمصير سوريا

ويحذّر عبد النور، من أنّ هناك ضغطاً من ناخبي الكونغرس المنحدرين من السويداء لتمديد العقوبات، مشيراً في حديثه لرصيف22، إلى أنّ هناك معضلةً سياسيةً تواجه السوريين اليوم"، متسائلاً: "كيف ننسّق بين رؤى متناقضة تجاه سوريا؟".  

الحداثة في سوريا نكتة سمجة

يرى الكاتب الفلسطيني والباحث في علم الاجتماع السياسي، موسى جرادات، أنه من الواضح أن مجريات الأحداث التي وقعت في السويداء "كشفت بوضوح عن هشاشة المكونات المجتمعية واستحضارها الماضي السحيق بكل تجلّياته حتى قبل بناء الدولة الوطنية".

فقد كشفت الأحداث، كما يقول جرادات لرصيف22، أيضاً "أنّ حجم الحضور الفاعل لقوى الداخل والخارج في هذه المعركة المفتوحة كان وازناً، والمعركة لم تُحسم بعد لصالح أي طرف"، مشيراً إلى أنّ كل قوى المجتمع المدني السوري "تصطفّ اليوم خلف طوائفها"، و"كل حديث ذا طابع حداثي هو نكتة سمجة في الفضاء السوري". 

"صحيح أنّ الدولة هي التي تحتكر العنف في المحصلة الأخيرة، لكن عليها واجبات كثيرة قبل أن تحمل هذا الادعاء، وفي التجربة السورية الحالية فإنّ الدولة عاجزة عن واجباتها، لهذا فالكرّ والفرّ سيكونان عنوانَي المرحلة بشكل بهيّ"، يختم جرادات.

صمت يسبق العاصفة 

السويداء لم تعد مجرد مدينة جريحة، هي اليوم من دون خصوصيتها التاريخية، وهي اليوم ناقوس خطر يدقّ للشرق الأوسط كله. الهدنة الهشة قد تنهار في أي لحظة، والأسئلة التي يطرحها الملحم والعريضي وجرادات، بالإضافة إلى ما يقوله الأسعد أيضاً، تظلّ معلّقةً في هواء مشبع برائحة البارود والدم.

فهل يمكن بناء عدالة فوق ركام أكثر من 1،300 جثة؟ وهل يسمع العالم صرخات من سُحلوا في شوارع قراهم؟ بين جثث الضحايا وحقول القمح والزيتون المحترقة، تبحث السويداء عن بصيص أمل في هدنةٍ هشّة… السويداء اليوم اختبار لمصير سوريا، ولضمير العالم أيضاً.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

ما زلنا في عين العاصفة، والمعركة في أوجها

كيف تقاس العدالة في المجتمعات؟ أبقدرة الأفراد على التعبير عن أنفسهم/ نّ، وعيش حياتهم/ نّ بحريّةٍ مطلقة، والتماس السلامة والأمن من طيف الأذى والعقاب المجحف؟

للأسف، أوضاع حقوق الإنسان اليوم لا تزال متردّيةً في منطقتنا، إذ تُكرّس على مزاج من يعتلي سدّة الحكم. إلّا أنّ الأمر متروك لنا لإحداث فارق، ومراكمة وعينا لحقوقنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image