"لا يمكن لشركة ‘آبل’ بيع الجهاز لي إذا كنت أخطط لنقله إلى سوريا، بسبب العقوبات"؛ أجابني مدير متجر "آبل" في لندن، عندما استفسرت عن كيفية تفعيل جهاز كنت أنوي شراءه كهدية لأحد أفراد أسرتي في سوريا، حيث باتت العقوبات الأمريكية سخيفةً للغاية. ففي أثناء وجودك في سوريا، لا يمكنك استخدام العديد من التطبيقات أو مواقع الويب التي يتعامل بها الناس في أماكن أخرى، بل لا يمكنك حتى تنزيل تطبيق طقس أو قراءة مقال على موقع "سي إن إن"، حسب مجلة "نيولاينز".
مؤخراً، وفي خطوة غير متوقعة، خلال منتدى استثماري في العاصمة السعودية الرياض، في الثالث عشر من الشهر الجاري، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب: "سآمر بإلغاء العقوبات المفروضة على سوريا من أجل منحهم (أي السوريين) فرصةً للعظَمَة. حان وقت تألّقهم. سنلغي جميع العقوبات". أضاف: "حظاً سعيداً يا سوريا، أرينا شيئاً مميزاً للغاية"، وذلك في خطوة تشكل إعادة ضبط جريئةً لمجريات الأمور، بعد إسقاط نظام الأسد، الذي صُممت العقوبات في الأصل لعزل حكومته والضغط عليها، حسب معهد كوينسي.
ويشير الموقع، إلى أنه مع سقوط النظام السابق، لم يعد بقاء هذه العقوبات مستنداً إلى حجج مقنعة، وينبّه إلى أنّ قرار ترامب لا يوسّع الإغاثة الاقتصادية فحسب، بل يتضمن مبادرةً سياسيةً أيضاً، قد تمنح القيادة السورية الجديدة فرصةً لاكتساب قدر أكبر من الاعتراف والشرعية، "فنجاح الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، في تأمين الموارد والانفتاح الاقتصادي والاستقرار الإقليمي مستقبلاً، قد يجعل ترامب ينظر إليه كزعيم يمكن إبرام العديد من الصفقات معه. وهو عامل مهم بشكل خاص في سياق الانسحاب الكامل المحتمل للقوات العسكرية الأمريكية من سوريا. وعليه، سيكون لدى الإدارة الأمريكية حافز أكبر لتعزيز علاقات إيجابية مع أي حكومة تتولى السلطة في دمشق، لتلافي الحاجة إلى أي وجود على الأرض السورية. وفي السياق الأوسع، سيؤدي الاستمرار في العقوبات إلى اكتساب الصين وروسيا نفوذاً أكبر في سوريا، ولا سيّما في مجال الدفاع وإعادة الإعمار"، والكلام للمعهد.
وفي خطوة وصفت بأنها "إنجاز تاريخي" من شأنه أن يعزّز أمن واستقرار وازدهار سوريا، وافق الاتحاد الأوروبي، مساء الثلاثاء 20 أيار/ مايو الجاري، على رفع العقوبات المفروضة على البلاد.
رفع العقوبات سيجعل عنوان المرحلة القادمة في سوريا اقتصادياً-تنموياً بامتياز. خلالها، سيتركز العمل على تحسين المناخات الاقتصادية الدافعة باتجاه تذليل العقبات الحائلة دون امتلاك الدولة والمجتمع السوري الأدوات كافة التي تتطلبها برامج الإصلاح والتعافي والتنمية
تاريخ من العقوبات
بعد أن صنّفت نظام الأسد، نظاماً راعياً للإرهاب عام 1979، فرضت واشنطن قيوداً واسعة النطاق على تصدير أو إعادة تصدير بعض المواد الخاضعة للرقابة و"ذات الاستخدام المزدوج"، إلى سوريا. مع ذلك، بقيت التجارة العامة مسموحاً بها بين الجانبين، حسب معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى.
ومع توقيع قانون مساءلة سوريا واستعادة السيادة اللبنانية (SALSRA)، عام 2003، تم فرض عقوبات إضافية على سوريا، تضمنت حظر تصدير المواد العسكرية الأمريكية أو المواد ذات الاستخدام المزدوج، مع عقوبتين على السلطة التنفيذية، ومنع الشركات الأمريكية من الاستثمار أو العمل في سوريا، وفرض قيود على سفر الدبلوماسيين السوريين في نيويورك وواشنطن العاصمة، بجانب منع شركات الطيران السورية من الوصول إلى المجال الجوي الأمريكي أو المطارات الأمريكية، وتقليص الاتصالات الدبلوماسية الأمريكية مع سوريا، بالإضافة إلى تجميد معاملات الممتلكات التي كانت لدمشق مصلحة فيها.
كما أضافت الأوامر التنفيذية الأمريكية، عقوبات أخرى، منها الأمر التنفيذي رقم 13572 الخاص بانتهاكات حقوق الإنسان، والأمر التنفيذي رقم 13573 الذي حظر ملكيات كبار مسؤولي دمشق، والأمر التنفيذي رقم 13582 الذي يحظر ممتلكات نظام الأسد والمعاملات معه، فارضاً حظراً وعقوبات واسعة النطاق على التجارة والاستثمار مع سوريا.
لاحقاً، أوقع قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين، الذي تم إقراره عام 2020، أشدّ العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا، ما أدى إلى خنق الاقتصاد السوري قبل سقوط نظام الأسد وبعده، نظراً إلى فرضه عقوبات ثانويةً أو مشتقةً ضد ميسّري نظام الأسد، وبما يؤدي إلى تقييد الأشخاص والكيانات الأمريكية، وغير الأمريكية أيضاً، ويمنعها من الانخراط في إعادة إعمار سوريا في عهد الأسد. وعليه، سيخاطر المستثمرون الراغبون في الاستثمار في إعادة إعمار سوريا في معضلة الانقطاع عن التجارة والمعاملات مع الولايات المتحدة، ومع المؤسسات المالية العالمية أيضاً.
على ذلك، لا يُعدّ رفع العقوبات أمراً سهلاً، حيث يتطلب غالباً تنسيقاً وثيقاً بين العديد من الوكالات الأمريكية المختلفة والكونغرس. ووفقاً لوكالة الأنباء الأمريكية "رويترز"، في حالة سوريا يمثّل الأمر تحدّياً خاصاً، نظراً إلى طبقات الإجراءات التي تعزلها عن النظام المصرفي الدولي وتمنع العديد من الواردات الدولية إليها. وعن ذلك يقول المسؤول الأمريكي السابق ومؤلف كتاب "نقاط الاختناق"، إدوارد فيشمان، إنّ تخفيف العقوبات على سوريا قد يستغرق شهوراً، منبّهاً إلى إمكانية استفادة وزارة الخزانة من ممارسة تخفيف العقوبات المفروضة على إيران كجزء من الاتفاق النووي في عام 2015. وما يزيد المهمة تعقيداً، هي العقوبات المفروضة بموجب "قانون قيصر"، الذي تم تمديده نهاية العام الماضي، والذي يتطلب إلغاؤه إجراءً من الكونغرس. لكن القانون يتضمن بنداً يسمح للرئيس بتعليق العقوبات لأسباب تتعلق بالأمن القومي. كذلك يمكن لترامب إصدار ترخيص عام يعلّق بعض أو كل العقوبات. مع ذلك، سيكون رفع كل العقوبات على سوريا كجزء من أمر ترامب، مفاجئاً لفيشمان، وذلك نظراً إلى إيقاع بعضها على أشخاص أو كيانات محددة نتيجة أسباب قائمة على السلوك، مثل دعم جماعة إرهابية.
وتنقسم العقوبات الأمريكية إلى نوعين، حسب الباحث الاقتصادي المختص بالشأن السوري، يونس الكريم؛ "عقوبات تصدر بأوامر تنفيذية، وتُعدّ عقوبات ذكيةً كونها تقع على أشخاص وكيانات دون أن تطال قطاعات معيّنةً، وتسمّى أحياناً العقوبات الثانوية، والأخرى عقوبات قطاعية وهي التي تُقرّ من قبل الكونغرس. كذلك يجب التمييز بين رفع العقوبات كأن لم تكن، وبين تعليقها أو تجميدها، بمعنى إيقافها لفترة زمنية معينة، وهو أمر غير واضح لغاية الآن، بسبب تضارب تصريحات المسؤولين الأمريكيين".
الاقتصاد والتنمية عنوانا المرحلة المقبلة
على ما سبق، فإنّ رفع العقوبات سيجعل عنوان المرحلة القادمة في سوريا اقتصادياً-تنموياً بامتياز. خلالها، سيتركز العمل على تحسين المناخات الاقتصادية الدافعة باتجاه تذليل العقبات الحائلة دون امتلاك الدولة والمجتمع السوري الأدوات كافة التي تتطلبها برامج الإصلاح والتعافي والتنمية.
هذا الواقع الجديد، سيشكل دافعاً باتجاه تحسن قيمة العملة الوطنية، مع تنشيط القطاع المصرفي، والسماح بعودة التعاملات البنكية والتحويلات المالية الدولية، نتيجة دخول سوريا نظام "سويفت" المصرفي العالمي، حسب مركز عمران للدراسات الإستراتيجية، بالإضافة إلى تنشيط حركة التجارة الخارجية، بما في ذلك استيراد وتصدير المواد الأساسية والمحروقات، ورفع الحجز عن الأموال السورية المجمّدة في الخارج، ما يخفف معدلات التضخم، ويوفر فرص العمل وتحسين مؤشرات سبل العيش، وأيضاً تعزيز البيئة الجاذبة للاستثمارات الوطنية والدولية، مع زيادة معدلات الإنتاج الوطني، بجانب إطلاق عجلة إعادة الاعمار، مع تذليل العوائق الفنية والمالية التي تحول دون إعادة تأهيل قطاعات التعافي، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية والأدوية، وتحسين قدرة المنظمات على العمل داخل سوريا من دون قيود مصرفية أو لوجستية.
رفع العقوبات الأمريكية سيتبعه بالتأكيد رفع مماثل لعقوبات اقتصادية مفروضة من قبل أطراف دولية أخرى، بدأت بالفعل بقرار مماثل من الاتحاد الأوروبي قبل بضع ساعات من نشر هذا التقرير، حسب الباحث الاقتصادي السوري، ملهم الجزماتي، ما سيساعد سوريا على إعادة الاندماج في المجتمع الدولي، بعد عزلة اقتصادية استمرت لأكثر من أربع عشرة سنةً. وسيسمح تالياً لهذه الدول والكيانات الدولية بالمساهمة مباشرةً في بناء الاقتصاد السوري، من خلال المنح والمشاريع التنموية والقروض الميسّرة، وسيسمح أيضاً لكبار المستثمرين الدوليين بالاستثمار المباشر في سوريا، ناهيك عن ملف إعادة الاعمار الذي يُعدّ وجبةً دسمةً لكبار المستثمرين والمقاولين الدوليين.
"هذا سيؤثر إيجاباً على الاقتصاد السوري"، يضيف الباحث الاقتصادي، لرصيف22، "لكن بشرط عمل السلطات السورية على خلق البيئة المناسبة لجذب الاستثمارات إلى البلاد، من خلال مراجعة القوانين الاقتصادية المعمول بها في سوريا، كقانون الاستثمار وقانون الشركات وقانون الضرائب، والتي تتطلب وضوحاً وعدالةً وحسن تنفيذ، سواء للمستثمرين أو للشعب السوري. كما يجب على البنك المركزي السوري وضع سياسة نقدية واضحة والالتزام بها، وهو ما ينسحب على وزارة المالية بوضع سياسة مالية واضحة وعادلة. وهذا إلى جانب ضرورة معالجة مشكلة نقص الكفاءات وحوكمة جميع مؤسسات الدولة التي تعاني من ترهّل إداري كبير"، يضيف.
يمثّل القرار، تغييراً جذرياً تجاه سوريا، التي بقيت خلال العقود الستة الماضية خصماً للولايات المتحدة الأمريكية ومعظم دول الخليج، أولاً كحليف قديم للاتحاد السوفياتي، ثم كحليف لإيران وعميل لها في نهاية المطاف
كذلك، وفقاً للجزماتي، يجب عدم إغفال الجانب الأمني، وهو موضوع حساس في عالم الاستثمارات، فمن المعروف أنّ رأس المال جبان، ما يعني هروباً مباشراً للاستثمارات عند أول اختلال أمني. لذلك، من دون تحقيق الأمان المطلوب ستذهب جهود المشرّعين الحكوميين سدى، إذ إنّ رفع العقوبات الاقتصادية ليس سوى نقطة بداية في طريق طويل لبناء اقتصاد متين، وهذا الطريق يحتاج إلى العمل الدؤوب والالتزام من قبل السلطات والمؤسسات السورية.
جهود نوعية
ويذكر مركز عمران، أنّ سوريا تحتاج إلى جهود نوعية للاستفادة التامة من قرار رفع العقوبات، بما فيها إنجاز تقدير احتياجات سوري يراعي المنظور القطاعي والجغرافي، ويعيد ترتيب أولويات التعافي المبكر وإعادة الإعمار، مع ضرورة الاستفادة من جهود وخبرات المنظمات السورية، وتحسين آليات العمل في القطاع المصرفي والمالي، وإقرار سياسات نقدية ومالية ناجعة، تؤكد على الملكية الوطنية للمشاريع التنموية كافة لضمان تنفيذها وفق معادلات الاحتياج السوري وضروراته، مع الاستمرار في تطوير وتحديث البيئة الاستثمارية في سوريا، عبر إقرار قوانين جديدة وإعفاءات ضريبية، وتقديم تسهيلات للمستثمرين، لخلق إيرادات تخفف من عبء الاعتماد المتنامي على المساعدات الخارجية، بالإضافة إلى تعزيز مؤشرات الشفافية، وضرورة إجراء إصلاحات هيكلية في سياسات المراقبة ومكافحة الفساد وسوء الإدارة.
وفي هذا السياق، يشير موقع سوريا في مرحلة انتقالية، إلى أنه ولغاية اليوم، لم يتم سنّ أيّ تشريع سوري جديد للاستثمار، برغم ربط المادة 8 من الإعلان الدستوري، صراحةً، مسألة التعافي في سوريا برفع العقوبات الدولية واستئناف تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية، ما يمثّل مناخاً استثمارياً غير مشجع، في حال تعليق العقوبات كجزء من اتفاق إقليمي.
كذلك، ينبّه مركز "ستراتيجكس"، إلى غياب سابق للهوية الاقتصادية في سوريا، نتيجة عجز النظام الاقتصادي عن بلورة نموذج متكامل يحقق التوازن بين متطلبات التنمية واحتياجات العدالة الاجتماعية، وهو ما أدى إلى تشوهات هيكلية مزمنة، وإلى أزمة هوية هيكلية عميقة، تجلت في غياب رؤية تنموية واضحة وتذبذب النموذج الاقتصادي بين اشتراكية مقيّدة وليبرالية مشوّهة.
يقول المركز في قراءته: "تواجه سوريا الجديدة تحدّياً في إعادة تعريف هوية اقتصادها الوطني؛ إما أن تبني نموذجاً تنموياً متكاملاً قادراً على استيعاب التحولات العالمية، أو ستستمر في إجراءات التبعية والهشاشة، وهو ما يتطلب جرأةً في إعادة هندسة النظام الضريبي، والسياسة الصناعية، والبنية التشريعية، وآليات الحوكمة. فالهوية الاقتصادية ليست شعاراً، بل نظام متكامل من السياسات والمؤسسات التي تحدد مكانة الدولة في الخريطة الاقتصادية العالمية. كذلك تحتاج سوريا إلى توحيد اقتصادها المجزّأ، والذي بقي حتى إسقاط نظام الأسد موزّعاً بين أربع مناطق اقتصادية مستقلة، في إدلب، وفي شمال حلب، وفي مناطق سيطرة نظام الأسد، ومناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال وشمال شرق سوريا".
وعليه، فإنّ سوريا في معضلة سياسية بالغة التعقيد، وتحتاج إلى استقرار اقتصادي كشرط أساس لانتقال سياسي ناجح. فيما تظل العقوبات أداة ضغط حيويةً تجاه إصلاحات سياسية شاملة. لكن استمرار التشدد في تطبيق العقوبات دون مراعاة الواقع الميداني المتدهور ينطوي على مخاطر جسيمة، قد تؤدي إلى انهيار العملية الانتقالية برمتها، وفقاً للقراءة نفسها.
سيسّهل الاندماج في النظام المصرفي العالمي عمليات التجارة والاستثمار، حسب الكريم. وتالياً سيسّهل التعافي والانتعاش الاقتصادي الوطني، ويؤدي إلى تحسن سعر صرف الليرة السورية، نتيجة عمليات الاستيراد والتصدير، وذلك بعد الانتعاش الاقتصادي وتحسن الإنتاج، وهو ما يحسّن قيمتها الشرائية، بالإضافة إلى جذب الاستثمارات الأجنبية، نتيجةً لعودة البنوك للعمل بعد رفع العقوبات، وحينها تصبح عملية الجذب معتمدةً على الفرص كمعيار لها. كما أنه بعودة الاقتصاد الوطني للاندماج في الاقتصاد العالمي، سيعاد تأهيل البنى التحتية، نتيجة الانطلاق بعملية إعادة الإعمار مع السماح بشراء التكنولوجيا اللازمة، وهو ما يُعدّ أيضاً ساحةً لجذب المستثمرين، بما فيها من فرص للاستثمار.
لكن ذلك يحتاج إلى إعادة بناء الثقة مع المجتمع الدولي، حيث تحاط الشكوك الكثيرة بالدول الخارجة من وطأة العقوبات عادةً، سواء لناحية آليات بناء الثقة، أو لناحية تجنّبها تصرفات قد تعيد فرض العقوبات عليها، عبر صفقات تتسم بعدم الشفافية والمصالح الشخصية، ما يهدد السلم الأهلي الهش الذي يعقب عملية تغيير الأنظمة السياسية. كذلك يجب إصلاح النظام المصرفي، حيث تعاني الدول المعاقبة اقتصادياً من انغلاق نظامها المصرفي، ووجود قنوات غير رسمية كثيرة كأسلوب لعملياتها المصرفية بعيداً عن العقوبات. لذا فإنّ عملية الانتقال الى اقتصاد من دون عقوبات قد تحول دونه متطلبات الشفافية والمعايير الدولية مستفيدةً من حالة التخبط في الاقتصاد.
"تجب مكافحة الفساد، الذي يشكل مكوّناً أساسياً في اقتصاد الدول الخاضعة للعقوبات"، يقول الكريم، لرصيف22، مع التخطيط المسبق لإدارة التضخم الكبير المرافق عادة لحالات رفع العقوبات، وهو ما يتطلب وجود سياسة نقدية فعالة تسبق الرفع المزمع. كما يجب التحضير لإشكالية المنافسة المحتملة بين الشركات القادمة للاستثمار، خصوصاً في جانب شراء الأصول الوطنية، مستفيدةً من الأسعار البخسة وغير الدقيقة لهذه الأصول. وبجانب ذلك، يجب وضع نظام اقتصادي واضح يبين الحقوق والواجبات، يوضح آليات تنفيذ كل إجراء.
وختاماً، يجب التركيز على مشروع العدالة الانتقالية، كأحد محفّزات استجرار الاستثمارات، نظراً إلى ما يضفيه من شعور بالقطيعة مع النظام السابق، سواء في ما يخصّ تجنّب عودة الصراع، أو ما يخص حروب الظل المحتملة بين نظام فساد سابق ونظام جديد يُفترض أن يثبت الشفافية والحوكمة.
"سوريا تحتاج إلى جهود نوعية للاستفادة التامة من قرار رفع العقوبات، بما فيها إنجاز تقدير احتياجات سوري يراعي المنظور القطاعي والجغرافي، ويعيد ترتيب أولويات التعافي المبكر وإعادة الإعمار، مع ضرورة الاستفادة من جهود وخبرات المنظمات السورية، وتحسين آليات العمل في القطاع المصرفي والمالي، وإقرار سياسات نقدية ومالية ناجعة"
رفع العقوبات... تمهيد لاعتراف رسمي؟
على المستوى الجيو-سياسي، قرار رفع العقوبات عن سوريا، هو الأمر الأكثر لفتاً للانتباه خلال زيارة ترامب إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر، حسب صحيفة "ذا ناشيونال"، حيث يمثّل القرار، الذي أعقبه اجتماع دافئ بين ترامب والشرع، تغييراً جذرياً تجاه سوريا، التي بقيت خلال العقود الستة الماضية خصماً للولايات المتحدة الأمريكية ومعظم دول الخليج، أولاً كحليف قديم للاتحاد السوفياتي، ثم كحليف لإيران وعميل لها في نهاية المطاف.
لذا، فإن تمكّن الشرع من الاستفادة من هذا الدعم لانتشال بلاده من حالة الحرب والانهيار الاقتصادي، فسوف يعيد تنظيمها جنباً إلى جنب مع الخليج والولايات المتحدة ويعكس عقوداً من تاريخ الشرق الأوسط الحديث.
إلى ذلك، يشير خبير الشرق الأوسط، فرانشيسكو ساليسيو شيافي، خلال حديثه إلى معهد "كوينسي"، إلى أنّ قرار رفع العقوبات بعيد كل البعد عن الاعتراف الرسمي، لكنه يزرع بذور عملية تطبيع مرحلية، تبدأ باتصال محدود وربما تؤدي إلى إعادة الانخراط في مكافحة الإرهاب وإعادة الإعمار وأمن الحدود، بشرط نأي الشرع بصدق عن ماضيه المتشدد.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 19 ساعةمحاوله انقاذ انجلترا من انها تكون اول خلافه اسلاميه في اوروبا
Aisha Bushra -
منذ يومينA nice article,I loved it..
رزان عبدالله -
منذ 4 أيامشكرأ
حكيم القضياوي المسيوي -
منذ 6 أيامترامب يحلب أبقار العرب، وهذه الأبقار للأسف تتسابق للعق حذاء المعتوه ومجرم الحرب ترامب!
Naci Georgopoulos -
منذ 6 أيامOrangeofferis a convenient platform for finding the latest promo...
Naci Georgopoulos -
منذ 6 أيامgutscheine7.de is a German coupon platform that helps users discover...