شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
لماذا تتسابق دول الخليج للوساطة في النزاعات الدولية؟

لماذا تتسابق دول الخليج للوساطة في النزاعات الدولية؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

أضافت سلطنة عُمان، فصلاً جديداً إلى فصول الوساطة التي تقوم بها دول الخليج العربي في الأزمات الدولية، عبر استضافتها اجتماعاً جمع مسؤولين أمريكيين وإيرانيين بغية التوصل إلى حلّ دبلوماسي لبرنامح طهران النووي.

الخطوة العُمانية ليست الأولى من نوعها خليجياً، خلال السنوات الماضية، إذ سبقتها خطوات مماثلة في ملفات أخرى، قامت بها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر، وذلك في صراعات دولية عدة، أبرزها الأزمة الروسية الأوكرانية والحرب الإسرائيلية على غزّة، ما يطرح تساؤلات حول محددات وأهداف دول الخليج العربي من تقديم نفسها كوسيط دولي في النزاعات الدولية.

سجلّ حافل بأدوار الوساطة

لدول الخليج سجلّ حافل بجهود الوساطة في النزاعات الإقليمية والدولية تستعرض أبرزها الباحثة الأميركية آنا ل. جاكوبس، في دراستها "الوساطة الخليجية في أزمة أوكرانيا"، والمنشورة في موقع معهد دول الخليج العربية في واشنطن. 

فعلى سبيل المثال، كانت لقطر وساطة ناجحة في الأزمة اللبنانية عام 2008، واستضافت محادثات الولايات المتحدة وطالبان في الدوحة، وسهّلت اتفاق السلام الأفغاني عام 2020، وتوسطت مؤخراً لإطلاق سراح بعض الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزّة. 

تختار الولايات المتحدة وسيطها الخليجي حسب طبيعة الجهة التي تفاوضها: تلجأ إلى قطر عند التعامل مع الإسلاميين، وإلى سلطنة عُمان حين تتحدث مع إيران، وتفضل السعودية في التواصل مع روسيا، ما يكشف عن دقة الحسابات الاستراتيجية لكل وساطة 

كما لعبت الكويت دوراً حاسماً في حلّ الخلاف بين قطر وبعض دول مجلس التعاون الخليجي في الفترة الممتدة من عام 2017 إلى 2021، وحاولت السعودية التوسط في الصراع الفلسطيني الداخلي من خلال اتفاق مكة عام 2007، واستضافت "محادثات جدّة" بين الفصائل السودانية المتحاربة في 2023، ولعبت دور الوسيط بين أمريكا وروسيا بشأن الأزمة الأوكرانية، ونجحت مع الإمارات في إتمام عمليات لتبادل أسرى الحرب بين موسكو وكييف، في كانون الثاني/ يناير 2024.

أما سلطنة عُمان، فاستضافت المناقشات المبكرة بين الولايات المتحدة وإيران، والتي أدت إلى الاتفاق النووي عام 2015. وسجّلت الإمارات العربية نشاطاً واضحاً في ساحة الوساطة، من خلال دورها المحوري في اتفاقية السلام بين إثيوبيا وإريتريا، عام 2018.

الولايات المتحدة الأمريكية... القاسم المشترك

الولايات المتحدة الأمريكية، هي القاسم المشترك في وساطة دول الخليج في النزاعات والصراعات الدولية، وهي التي تختار الوسيط الأكفأ بحسب الطرف الذي تفاوضه، فإذا كانت تفاوض الإسلاميين فإنها تختار قطر لعلاقتها الجيدة بهم، وإذا كانت تخاطب الإيرانيين تختار سلطنة عُمان، وإذا كانت تخاطب الروس تختار السعودية، حسب ما يقول مصطفى شلش، رئيس وحدة الدراسات الآسيوية في مركز الدراسات العربية الأوراسية، لرصيف22

تعتمد السعودية على علاقات وليّ عهدها الشخصية مع قادة دول كبرى مثل بوتين وترامب لتقريب وجهات النظر، وتوظّف في الوقت نفسه أوراقها الاقتصادية، مثل النفط وتحالف "أوبك بلس"، لانتزاع قبول دولي بدورها كوسيط.

ويذكر شلش، أنّ قطر عادةً ما تتفاوض مع قوى وأطراف تابعة للتيار الإسلامي، لوجود قنوات اتصال معها ممتدة منذ ما قبل أحداث أيلول/ سبتمبر 2001، من خلال الرسائل التي كانت تبعثها عبر الشيخ يوسف القرضاوي لجماعة طالبان في أفغانستان، لحثّهم على عدم تفجير تماثيل بوذا والسماح بتعليم الفتيات. منذ ذلك الوقت، تشكّلت علاقة متميزة بين الدوحة والإسلاميين، اعتمدت عليها أمريكا في أيّ تفاوض معهم.

السلطنة الصامتة

وتنبع وساطة سلطنة عُمان، من سياسة الحياد التي تتّبعها. فبحسب شلش، تدرك عُمان حساسية موقعها الجغرافي، إذ تقع بين إيران ودول الخليج العربي التي تتواجد فيها قواعد عسكرية أمريكية، لذا انتهجت مساراً حيادياً لأسباب عديدة، منها أنها لا تستطيع أن تتخذ موقفاً منحازاً لأي طرف، لأنّ ذلك قد يضرّ بموقفها العسكري والسياسي والاقتصادي، وهي لا تستطيع أن تواجه ذلك.

المُعطى المذهبي سبب ثانٍ، يقول شلش، فأغلب سكان السلطنة يتبعون المذهب الإباضي الشيعي، وفي المنطقة الغربية منها ناحية اليمن يوجد من يتبعون المذهب السنّي، وتالياً فإنّ الصراعات ذات البعد الطائفي التي تتحرك في المنطقة بين الحين والآخر تثير قلقلها، لذا تتخذ موقفاً حيادياً حتى لا تتأثر داخلياً، وانطلاقاً من هذا الموقف الحيادي تستطيع السلطنة توصيل رسائل إلى كلّ الأطراف بحكم علاقتها الجيدة بالقوى كلها.

ويتمثل السبب الثالث في أنّ عُمان بنمطها الهادئ، لا تسرّب معلومات عن أي مفاوضات تدور داخل غرفها المغلقة، على عكس دول أخرى تمتلك منصات إعلاميةً كبيرةً. بمعنى آخر هي "سلطنة صامتة للغاية"، وهذا يخدم أي عملية تفاوضية.

لكل هذه الأسباب، اعتمدت أمريكا والسعودية على عُمان في توصيل رسائلهما إلى إيران، وهذا ما أعطاها دوراً كبيراً في الوساطة في الملف النووي بدءاً من 2015 وحتى الآن. 

ووساطة العلاقات الشخصية

ويختلف الأمر في الحالة السعودية، إذ تعتمد في وساطتها في الأزمة الأوكرانية على الجانب الشخصي، من خلال علاقات وليّ العهد محمد بن سلمان، بالرئيسين الروسي فلاديمر بوتين والأمريكي دونالد ترامب، لذا يعتمد عليه الطرفان في تبادل الرسائل وتقريب وجهات النظر، وهذا ما تُرجم مؤخراً من خلال استضافة الرياض، وزيرَي الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأمريكي ماركو روبيو، وسط أنباء عن احتمال استضافة ترامب وبوتين في وقت قريب، بحسب شلش.

لكن العلاقات الشخصية لا تلغي دور المصالح المشتركة في تعميق هذه الوساطة. يشرح شلش، كيف أنّ روسيا تتطلع إلى تحسين علاقاتها بالسعودية باعتبار أنّ هناك ملفاً آخر ما زال مفتوحاً يتعلق بالقواعد الروسية في سوريا، حيث تلعب الرياض دوراً مؤثراً في تحريك الأحداث هناك. 

تبرز سلطنة عُمان كأحد أبرز الوسطاء في النزاعات الدولية، ليس فقط بسبب موقعها الجغرافي الحساس بين إيران ودول الخليج، بل أيضاً بسبب حيادها السياسي الصارم الذي تبنّته منذ عقود. يُضاف إلى ذلك تركيبتها المذهبية، إذ يتبع أغلب سكانها المذهب الإباضي، وهو ما يفرض عليها تفادي الاصطفافات الطائفية، والابتعاد عن الدخول في محاور مذهبية قد تهدد استقرارها الداخلي

أما الأمريكيون، فيعيرون ملف أسعار النفط اهتماماً كبيراً، وهو ملف تلعب السعودية دوراً في تحديد بوصلته، خاصةً أن موسكو والرياض تريدان الذهاب بعيداً بـ"أوبك بلس" وتحديد أسعار النفط، بغض النظر عن الرغبة الأمريكية. وعليه، فإنّ قبول روسيا وأمريكا بوساطة السعودية ومنحها هذه المكانة الكبيرة في السياسة الدولية يرميان بالأساس إلى استرضاء المملكة، يقول شلش.

ويلفت إلى أن الرياض حاولت أن تكون وسيطاً في الأزمة السودانية، لكنها خرجت من دون حلّ، في ظلّ أدوار لعبتها دول أخرى، مثل مصر، بانحيازها إلى الجيش السوداني، والإمارات بانحيازها إلى قوات الدعم السريع. 

ثم تشبيك المصالح

من المؤكد أنّ دول الخليج العربي لا تخرج خالية الوفاض من أدوار الوساطة التي تلعبها، حيث تجني من وراء ذلك عوائد سياسيةً، أبرزها عدم الغياب عن المشهد السياسي أو ما يُعرف بـ"صناعة الدور". 

ويقول شلش، إن قطر -على سبيل المثال- دولة صغيرة في المساحة مقارنةً بجيرانها في المحيط الذي يشتعل بالكثير من الصراعات، لذا يجب أن تصنع لها دوراً حتى لا تدخل في عداءات مع قوى أخرى، وحتى تكون محميةً في هذه المنطقة المتوترة، وهذا يتحقق من خلال عوامل عديدة منها الارتباط بالولايات المتحدة الأمريكية، وتقديم نفسها كوسيط في الأزمات، وعبر هذه الوساطة تستطيع تكوين شبكة حلفاء يقدّمون لها الحماية في أوقات الخطر، وهو يُعرف بـ"تشبيك المصالح".

كذلك الأمر مع الإمارات التي تقوم بـ"تشبيك مصالح" في كل مراكز الصراع حولها، سواء مصر أو إسرائيل أو السعودية أو إيران أو الصين أو روسيا أو الهند، ومن خلال هذه العلاقات لا تستطيع أي دولة الاستغناء عنها لأنها طرف فاعل في الأزمات الدولية، وهذا ما فعلته كوسيط في الأزمة الأوكرانية حيث كانت مرفأ لكثير من الأموال والاستثمارات الروسية.

ومن أجل هذه العوائد، تتنافس دول الخليج في ما بينها على لعب دور الوساطة، مستغلّةً في ذلك إمكاناتها المتاحة، فالسعودية تلعب بقوة حجمها وثروتها وثقلها التاريخي في المنطقة، وقطر بقوتها الإعلامية وقدرتها على التأثير في التيارات الإسلامية واليسارية، والإمارات باستثماراتها في الموانئ، وعُمان بطريقتها الحيادية.

بيد أنّ هذه العوائد تتطلب من دول الخليج دفع أثمانٍ في هذه الوساطات. وبحسب شلش، ربما يكون الثمن جزءاً من "السمعة السياسية"، وهذا ما دفعته قطر عندما استضافت حركة طالبان برغبة أمريكية واتُّهمت وقتها بأنها تتعامل مع الإرهاب، لكنها في النهاية حصلت على نفوذ كبير في دوائر صناعة القرار الأمريكي.

وقد تدفع الدولة الوسيطة أموالاً من أجل حثّ أحد أطراف النزاع على تقديم تنازلات، مثلما فعلت قطر التي دفعت ملايين الدولارات للإفراج عن رهائن لدى تنظيم داعش في العراق، لكنها حازت في النهاية على دور ونفوذ في المنطقة.

صفقات سلاح وإعادة إعمار!

وتعدّد الباحثة في شؤون إيران ودول الخليج ميرفت زكريا، عوائد أخرى تجنيها دول الخليج من الوساطة في القضايا الدولية، منها تعزيز الصورة الذهنية المرتبطة بها على المستوى العالمي كقوى إقليمية صاعدة وساعية ومحبّة للسلام. 

لا تأتي الوساطة الخليجية بلا مقابل، إذ تحقّق الدول من ورائها حماية سياسية وشبكات حلفاء وأدوار استراتيجية، حتى لو تطلّب الأمر دفع أموال أو تحمل اتهامات كما حدث مع قطر في مفاوضاتها مع طالبان وداعش.

وتذكر زكريا، لرصيف22، أنّ أدوار الوساطة تضيف لدول الخليج مزيداً من الثقل في تعزيز الشراكات الاقتصادية والعسكرية والأمنية مع القوى الكبرى، خاصةً مع بعض الدول الصاعدة التي تمتلك مؤهلات لازمةً لذلك مثل الصين، وقد تحصل على مزيد من صفقات السلاح التي تمكّنها من مواجهة التحديات الأمنية والتهديدات التي تتعرض لها من وكلاء إيران في المنطقة، خاصةً في ما يتعلق بجماعة الحوثي اليمنية. 

ولا تستبعد زكريا، أن تضطلع السعودية بدور كبير في إعادة إعمار أوكرانيا خلال فترة ما بعد انتهاء الحرب، فالرياض هي من قامت بدور الوساطة في حلّ الأزمة، كما أنها من القوى القليلة التي حافظت على سياسة خارجية متوازنة بين موسكو وكييف، وأحد الأطراف الأساسية التي قدمت مساعدات اقتصاديةً لأوكرانيا مع عدم معاداتها لروسيا عقب إعلان الأخيرة عن العملية العسكرية الشاملة في أوكرانيا.

الموازنة بين القوى الدولية

ولتحقيق أكبر عائد سياسي واقتصادي من أدوار الوساطة، تلجأ دول الخليج إلى ما يُعرف بـ"التحوط والموازنة بين القوى الدولية"، وذلك بما يخدم مصالحها الوطنية. ظهر ذلك جلياً في وساطة السعودية والإمارات وقطر في الأزمة الأوكرانية. 

تقول آنا ل. جاكوبس، في دراستها المذكورة آنفاً، إنّ هذه الدول الثلاث ساهمت بمساعدات إنسانية كبيرة لأوكرانيا، وتوسطت في العديد من عمليات تبادل الأسرى ولمّ شمل العائلات بين روسيا وأوكرانيا طوال فترة الحرب. وفي آذار/ مارس 2022، صوتت جميعها لصالح قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي يدين غزو روسيا لأوكرانيا، لكنها قاومت الانضمام إلى الجهود الأمريكية والأوروبية لعزل روسيا سياسياً واقتصادياً، واختارت الحياد في المواجهة العالمية، واستمرت في التعامل مع موسكو بدرجات متفاوتة، ورفضت اتّباع الإستراتيجية الأمريكية والأوروبية لمعاقبة روسيا. 

وتذكر جاكوبس، أنّ السعودية في صدارة دول الخليج التي تدعم الوساطة بين روسيا وأوكرانيا حالياً، لكنها تواصل موازنة مصالحها بين الولايات المتحدة وروسيا، لذا استضافت اجتماعات بين مسؤولين أمريكيين وروس، وكذلك بين مسؤولين أمريكيين وأوكرانيين، وأدانت غزو روسيا أوكرانيا، وقدّمت المساعدة لكييف، لكنها في الوقت نفسه رفضت فرض عقوبات على روسيا التي تعدّها السعودية لاعباً عالمياً محورياً في مجال الطاقة، وعضواً في تحالف "أوبك بلس".

أما الإمارات، فواجهت انتقادات لامتناعها عن التصويت في مجلس الأمن الذي أدان الغزو الروسي ودعا إلى إنهائه في شباط/ فبراير 2022، ومع ذلك تزايدت علاقاتها الاقتصادية مع روسيا خلال الحرب، حيث يبحث الأثرياء الروس عن ملاذات مالية آمنة وسط عقوبات غربية واسعة النطاق ضدهم

وسعياً منها إلى تخفيف الانتقادات الموجهة إليها، سعت الإمارات إلى الحفاظ على علاقاتها مع أوكرانيا، فاستضافت في شباط/ فبراير الماضي، الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. 

وأما الدوحة، فاتبعت نهجاً أكثر حذراً ودهاءً من الرياض وأبو ظبي في ما يتعلق بالتحوّط بين القوى العظمى، إذ تجنّبت الكثير من "النشاط الاقتصادي" مع روسيا وإيران، خوفاً من العقوبات الأمريكية، لكنها حافظت على "العلاقات الاقتصادية" القائمة مع منافسي الولايات المتحدة، بما في ذلك روسيا والصين، ولكنها لا تتمتع بمستوى العلاقات السياسية نفسها معها، خاصةً مع روسيا منذ غزوها أوكرانيا.

تحديات تواجه الوساطة الخليجية

وبرغم النفوذ المتزايد لدول الخليج في مجال الوساطة الدولية، إلا أنها تواجه تحديات وقيوداً قد تؤثر على فعالية جهودها. يذكر نيكولاي ملادينوف، في دراسته "النهج العربي للوساطة… إعادة تشكيل الدبلوماسية في عالم متعدد الأقطاب"، أنّ أحد هذه التحديات يتمثل في إمكانية اعتبار وساطة هذه الدول متحيزةً، ولا سيّما في الحالات التي تربطها روابط قوية مع أحد الأطراف المتنازعة. 

وبرغم فعالية الوساطة الخليجية في بعض السياقات، إلا أنّ الاعتماد على العلاقات الشخصية وقنوات الاتصال غير الرسمية قد يحدّ من قدرتها على الانخراط في عمليات أكثر رسميةً ومؤسساتيةً، وهذا تحدٍّ ثانٍ برأي ملادينوف.

وبالإضافة إلى ذلك، قد يُنظر إلى جهود الوساطة التي تبذلها دول الخليج على أنها مدفوعة في المقام الأول بمصالحها الاقتصادية أو الجيو-سياسية الخاصة، بدلاً من الالتزام الحقيقي بحلّ النزاعات، وهذا قد يقوّض شرعية مبادراتها.

وقد تعمل جهود الوساطة لدول الخليج أحياناً بالتوازي مع مبادرات الأمم المتحدة، بل حتى بالتنافس معها، ما يؤدي إلى ازدواجية الجهود وتفتيتها، وحتى تناقضها. لذا يرى ملادينوف، أنه يتعين على دول الخليج والأمم المتحدة وضع أطر وآليات واضحة للتواصل والتنسيق والدعم المتبادل، والاستفادة من المزايا النسبية ونقاط القوة التكاملية لكلّ من دول الخليج والمنظمة الأممية.

وبرغم هذه التحديات، يعتقد ملادينوف، أنّ دور دول الخليج في الوساطة الدولية قد يتوسع متأثراً بعوامل مختلفة، منها استمرار تحول ديناميكيات القوة العالمية نحو عالم متعدد الأقطاب أكثر، تتمتع فيه دول الخليج بمكانة جيدة لتأكيد نفوذها والاضطلاع بدور أكثر بروزاً في حلّ النزاعات، مستفيدةً في ذلك من موقعها الإستراتيجي ونفوذها الاقتصادي وقدراتها الدبلوماسية المتنامية في لعب دور أكثر فاعليةً في تشكيل نتائج النزاعات الإقليمية والدولية. 

ويزداد هذا الدور تطوراً مع ظهور جيل شاب من القادة في دول الخليج، من المرجح أن يقدّم وجهات نظر جديدةً ونهجاً مبتكراً للوساطة، مستفيداً من اطلاعه على التعليم العالمي، وشبكات علاقاته المتنوعة، وخبرته التكنولوجية. 

وبحسب ملادينوف، يمكن أن يؤدي هذا التغيير الجيلي إلى أسلوب وساطة أكثر ديناميكيةً وتكيفاً، يستفيد من أدوات الاتصال الجديدة وتبادل المعلومات وأدوات ومنصات بناء الثقة.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

فلنتشارك في إثراء مسيرة رصيف22

هل ترغب/ ين في:

  • الدخول إلى غرفة عمليّات محرّرينا ومحرراتنا، والاطلاع على ما يدور خلف الستارة؟
  • الاستمتاع بقراءاتٍ لا تشوبها الإعلانات؟
  • حضور ورشات وجلسات نقاش مقالات رصيف22؟
  • الانخراط في مجتمعٍ يشاركك ناسه قيمك ومبادئك؟

إذا أجبت بنعم، فماذا تنتظر/ ين؟

    Website by WhiteBeard
    Popup Image