كثرت التقارير الإعلامية التي تشير إلى دور مزعوم يرقى إلى "الوساطة" للقيادي السابق في حركة التحرير الوطني الفلسطينية (فتح) محمد دحلان في إتمام اتفاق السلام بين الإمارات وإسرائيل أخيراً، وسط تقديرات متباينة لأثر هذا التدخل على طموح القيادي إلى رئاسة السلطة الفلسطينية بديلاً للرئيس محمود عباس.
في 25 آب/ أغسطس، تناولت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية الشائعات والافتراضات التي قالت إنها "تنتشر في الخطاب الفلسطيني" بشأن قيام دحلان، الذي وصفته بـ"مستشار" ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، بدور "الوسيط" في اتفاق السلام الذي وقعته الإمارات مع إسرائيل.
وفي مقال تحليلي، سلطت عميرة هاس، الكاتبة والصحافية الإسرائيلية التي اشتهرت بدعم القضية الفلسطينية وحقوق الفلسطينيين العادلة، الضوء على أن دحلان "المفضل لدى الإسرائيليين والأمريكيين الذين يخططون لتنصيبه ‘الزعيم الفلسطيني المقبل‘".
"تنتشر في الخطاب الفلسطيني"... شائعات عن قيام القيادي الفلسطيني محمد دحلان، المقرب من ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، بدور "الوسيط" في اتفاق السلام الذي وقعته الإمارات مع إسرائيل، وأنباء عن نبذ الفصائل الفلسطينية لأعضاء فصيله
ولفتت هاس إلى تغيّب أعضاء وممثلي "التيار الإصلاحي في فتح" الذي يقوده دحلان عن المهرجان الوطني الرابع لمواجهة الضم، الذي أقيم الأسبوع الماضي في بلدة ترمسعيا (شمال شرقي رام الله)، وحضره أعضاء اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير والمركزية لحركة فتح، وممثلو فصائل العمل السياسي الفلسطيني وجمهور.
ونبهت إلى أنه "لم يذكر اسم دحلان، لكنه كان يحوم في الهواء" في اللقاء الذي ركّز على معارضة "التطبيع المجاني"، مشيرةً إلى اتهامه بلعب دور الوسيط في الصفقة الإماراتية الإسرائيلية مقابل منحه مستقبلاً زعامة السلطة الفلسطينية.
"يهدد مشروع خلافته عباس"
ونقلت صحيفة "الأخبار" اللبنانية عن مصدر لم تذكر اسمه في "التيار الإصلاحي في فتح" أن زعيم التيار كان "يرغب في أن يتمّ الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي سرّاً، وأن تُنفّذ بنوده من دون أن يكون هناك إعلان رسمي" وذلك "كي يبقى دحلان الوسيط الذي يتكسّب من الجهتين".
وأضافت: "برغم الدور الذي لعبه دحلان في التمهيد للاتفاق، فإن إعلانه بهذه الطريقة وضعه في حرج أمام قاعدته، وهذا ما عزّز مخاوفه من تراجع فرص مشروعه المتصل بخلافة محمود عباس"، مبرزةً أن "معارضته إعلان الاتفاق خلال الشهرين الماضيين أدّت إلى تقليص الدعم الذي يتلقّاه من الإمارات، وهذا ما انعكس على رواتب العاملين في مؤسّسات التيار إذ تَقلّصت بنسبة 30%".
وألمحت الصحيفة إلى اتخاذ "بعض الفصائل قراراً قضى بوقف التعامل مع دحلان، وتهميش أنصاره في أيّ لقاءات، والعودة إلى التعامل معهم على أنهم جزء من ‘فتح‘ لا كيان منفصل عن الحركة"، لافتةً إلى زيادة "سخط الفصائل بعد البيان الأخير لدحلان والذي لم يُدِن التطبيع الإماراتي الإسرائيلي، بل سعى إلى تلطيف الموقف عبر إشادته بـ‘الدور التاريخي للإمارات في دعم صمود شعبنا وثورتنا، ومساندتها الدائمة لشعبنا في نضاله من أجل الحرية والاستقلال‘".
"هل هناك تطبيع حلو وتطبيع مالح؟"... قيادي في تيار دحلان يسلط الضوء على التسامح الذي تبديه السلطة الفلسطينية الحالية تجاه تطبيع العلاقات بين دول مثل قطر وتركيا مع إسرائيل فيما تدين التطبيع الإماراتي
عدّ تنازلي لتنصيبه؟
في مقلب آخر، رأى موشيه إلعاد، المحاضر في أكاديمية الجليل الغربي، أنه ربما بدأ العد التنازلي لتنصيب دحلان زعيماً على الفلسطينيين، مُقراً بأن ذلك لن يستقبل بالورود وإنما قد يصل إلى "حرب أهلية" ومواجهة مسلحة مع الفصائل الأخرى.
وأضاف إلعاد، في مقال بصحيفة "يسرائيل هيوم" المقربة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن "دولة الإمارات تعتزم، بدعم من الولايات المتحدة، دعم دحلان (واصفاً إياه بالمستشار السري لبن زايد)" في صراع الخلافة على منصب رئيس السلطة الفلسطينية.
وأقر إلعاد بأن دحلان "يفترض أن يكون قائداً مختلفاً ومبتكراً ورائداً، وقبل كل شيء، قائداً لا يعرف الخوف الذي ما زال يحول - حتى يومنا هذا- دون توقيع اتفاقية دائمة مع إسرائيل"، مشيراً إلى "سعيه الواضح من أجل السلام، ونحو إقامة دولة راسخة اقتصادياً تمنح سكانها الأمل".
وتكهن بأن السنوات الـ15 التي قضاها دحلان في الأعمال التجارية خارج فلسطين قد منحته "الخبرة المطلوبة لتأسيس دولة حقيقية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وليس هيئة غير محددة تجتذب التبرعات والمنح التي لا تنتهي".
لكن إلعاد نبّه في الوقت نفسه إلى أنه في وجود من يعتبرون أنفسهم ورثة محتملين لزعامة السلطة، وأبرزهم القيادي جبريل الرجوب، "يفهم الجميع أن محاولة الغرب، بدعم إسرائيل، لإنزال دحلان بالقوة يمكن أن تتحول إلى حمام دم".
في وجود من يعتبرون أنفسهم ورثة محتملين لزعامة السلطة، وأبرزهم جبريل الرجوب... "يفهم الجميع أن محاولة الغرب، بدعم إسرائيل، إنزال دحلان بالقوة يمكن أن تتحول إلى حمام دم"
دعاية إسرائيلية؟
وكانت الكاتبة الإسرائيلية في "هآرتس" قد أشارت في مقالها إلى رد سمير المشهراوي، القيادي في فتح وأحد مؤسسي التيار الإصلاحي، على هذه المزاعم خلال مقابلة تلفزيونية مع قناة الغد المصرية قبل أيام.
قال المشهراوي ساخراً: "كيف سيفعلون (ينصبون دحلان زعيماً) ذلك بالضبط؟ ينزلونه بالمظلة من طائرة؟". واستطرد: "لا تستهزئوا بذكاء الناس. إسرائيل هي التي تتحدث دائماً عن عودة دحلان وعن حقيقة أن لا مكان لأبو مازن. كل من يفهم السياسة يعي ما تريده إسرائيل. إنها تريد إخافة السلطة الفلسطينية للكف عن مطالبتها بمزيد من التنازلات".
وقال المشهراوي إن فصيل دحلان، كما سائر الفصائل الفلسطينية الأخرى، ضد تطبيع العلاقات بين دولة الاحتلال وأي دولة عربية.
وسأل مستنكراً: "هل الحل هو خسارة دولة عربية أخرى؟ هذا بالضبط ما يريده الإسرائيليون"، مذكّراً بمجتمع من 300 ألف فلسطيني في الإمارات، " إذ علينا التفكير في مصالحهم".
وسأل: "هل هناك تطبيع حلو وتطبيع مالح؟" مسلطاً الضوء على التسامح الذي تبديه السلطة الفلسطينية الحالية تجاه تطبيع العلاقات بين دول مثل قطر وتركيا مع إسرائيل.
وختم المشهراوي: "علينا أن نتوقف عن اتهام بعضنا بعضاً بالخيانة (...) يجب أن يبدأ الحل بنا، بنقد الذات (…) عندما نكون منقسمين، كيف نتوقع موقفاً عربياً موحداً؟".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ 3 ساعات??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 23 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون