بمجرد الإعلان عن المؤتمر الوطني الفلسطيني في الدوحة، اشتعل الجدل السياسي، وانقسمت الآراء بين من يراه فرصةً لـ"إنقاذ" منظمة التحرير الفلسطينية، من حالة الجمود، ومن يراه محاولةً جديدةً لـ"استبدالها"، وفرض أجندات خارجية على القرار الفلسطيني الداخلي، الأمر الذي دفع القائمين على المؤتمر إلى إصدار بيان توضيحي للدفاع عنه، حتى قبل انعقاده.
وفي الوقت الذي رفع فيه المؤتمرون شعار "إعادة بناء منظّمة التحرير على أسس ديمقراطية"، قال معارضوه، إنّه محاولة لتفكيك المنظمة وإحلال كيان جديد محلها، أو "الاستيلاء" عليها في أحسن الأحوال، بحجّة أنّ أيّ محاولة للإصلاح يجب أن تتمّ من داخل المنظمة، وليس عبر مؤتمر ترعاه قطر.
كما اتّهم المعارضون، القائمين على المؤتمر، بأنّهم يسيرون على خطى أنظمة عربية سابقة، كنظامَي البعثين السوري والعراقي، حاولت السيطرة على القرار السياسي الفلسطيني.
انعقاد المؤتمر في قطر، الدولة ذات العلاقات الوثيقة مع حركة "حماس"، زاد الشكوك حول أهدافه. وبينما أعلن القائمون عليه، أنّه مموّل ذاتياً، أصرّ معارضوه على أنّ الدوحة هي الداعم الأساسي له، ما يجعله امتداداً لمشاريع سابقة هدفت إلى إعادة تشكيل التمثيل الفلسطيني، وفق "أجندات إقليمية وإخوانية"، بحسب من تحدّث إليهم رصيف22، في هذا التقرير.
ومع هذا، لا يمكن إنكار الحالة الضعيفة التي وصلت إليها المنظمة. لذا حين جاء المؤتمر في وقت تشهد فيه السلطة تحديداً تراجعاً في نفوذها، أثار الإعلان عنه حساسيات كبيرةً، مع تخوفات من خلق مرجعية جديدة قد تكون بديلاً من السلطة، ما قد يزيد من حالة التشرذم الداخلي بدلاً من تحقيق الوحدة الوطنية، وهو ما يلغي المكسب الأكبر للثورة الفلسطينية، أي وجود ممثل للشعب الفلسطيني.
مع تصاعد الجدل، يبقى السؤال: هل سيكون هذا المؤتمر خطوةً نحو إصلاح حقيقي أو أنه مجرد محاولة جديدة لإعادة تشكيل الخريطة السياسية الفلسطينية بغطاء جديد؟ وبينما يرفض أنصاره اتهامات التخوين، يتعامل معارضوه معه كجزء من صراع أوسع على مستقبل منظمة التحرير وشرعية تمثيل الفلسطينيين.
ما هو المؤتمر الوطني الفلسطيني؟
يقول عضو لجنة المتابعة في المؤتمر الوطني الفلسطيني، أحمد غنيم، في لقاء أجري معه مؤخراً، إنّ المؤتمر هو "حراك شعبي من أجل الحوار والضغط والتغيير، ويستهدف إعادة بناء منظمة التحرير على أسس ديمقراطية وتحقيق الوحدة الوطنية بقيادة وطنية موحدة".
بمجرد الإعلان عن المؤتمر الوطني الفلسطيني في الدوحة، اشتعل الجدل السياسي، وانقسمت الآراء بين من يراه فرصةً لـ"إنقاذ" منظمة التحرير الفلسطينية، من حالة الجمود، ومن يراه محاولةً جديدةً لـ"استبدالها"، وفرض أجندات خارجية على القرار الفلسطيني الداخلي
ويضيف أنّ الفكرة بدأت بعد إلغاء الرئيس محمود عباس، الانتخابات الفلسطينية، في أيار/ مايو 2021، حيث بات الحديث عن أزمة النظام السياسي الفلسطيني يطفو فوق السطح ويشغل الجميع، وتلت ذلك مبادرات كثيرة لم تحقق أيّ نجاح في تحقيق الوحدة الفلسطينية.
وفق غنيم، "خرجت الفكرة إلى الوجود في شباط/ فبراير الماضي، بعد ‘طوفان الأقصى’، حين تبيّن أنّ الأداء السياسي الفلسطيني لا يرتقي إلى مستوى الحدث. حينها، كان يجب أن يتدخل العنصر الشعبي في هذا الأمر، وأطلقنا النداء الأول الذي وقّعت عليه 1200 شخصية فلسطينية في أكثر من 66 دولةً".
من يموّل المؤتمر؟ ولصالح ماذا؟
أقيمت اللقاءات التحضيرية في العديد من البلدان، منها فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية والكويت وبريطانيا ولبنان وتركيا، وقطر بالطبع، ما يعكس وجوداً واضحاً لفلسطينيّي الشتات. لكن في الوقت ذاته، تثار التساؤلات حول آليات التمويل الضخم لهذه اللقاءات وهذا المؤتمر. وفي ظلّ العلاقات التي تربط قطر، بحركة حماس، تبقى فكرة الأجندة القطرية/ الإخوانية "شبحاً يحوم فوق المؤتمر وأهدافه"، كما يشير بعض من قابلهم رصيف22، وهو ما رفضه المشاركون الذين أكدوا على "مبدأ التمويل الذاتي وتلقّي التبرعات من المناطق المختلفة".
"البعثان" حاولا من قبل... وفشلا
يقول الكاتب والمفكّر الفلسطيني حسن خضر: "لا معنى لمؤتمر الدوحة في معزل عن محاولة الاستيلاء على منظمة التحرير. لقد قامت قطر بمحاولة أولى في العام 2009، حين دعت إلى مؤتمر طارئ في الدوحة".
حسن خضر: "قطر ليست الأولى، كانت هناك محاولات سابقة للاستيلاء على منظمة التحرير الفلسطينية، من قبل حافظ الأسد، وصدام حسين، والقذافي، وكلها باءت بالفشل".
ويشير خضر، إلى أنّ هذا "الهدف" لم يكن يوماً حكراً على الدوحة، فقد سبقتها أنظمة عربية أخرى إليه، ولم تحققه. ويضيف في حديثه إلى رصيف22: "الاستيلاء على منظمة التحرير كان طموح آل الأسد، وتجلّى في ربيع العام 1983، مع الانشقاق في البقاع، وتجلّى أيضاً في إنشاء حافظ الأسد، منظمة ‘الصاعقة’ كحصن طروادة للنظام السوري، بينما كانت جبهة التحرير العربية حصان طروادة النظام الصدامي في العراق، بالإضافة إلى احتضان جماعة ‘أبو نضال’، وشنّ حرب اغتيالات استهدفت قيادات في المنظمة، والهدف كان دائماً تطويع منظمة التحرير".
ويذكّر خضر، بأنّ القذافي، حاول اللعب بالورقة الفلسطينية، فأنشأ اللجان الشعبية الفلسطينية على غرار لجانه الشعبية الليبية. يقول: "كان لكل الدول العربية وكلاء ووسطاء في الساحة الفلسطينية، ولعب بهم ياسر عرفات بقدر ما حاولوا اللعب به وعليه. تنافس الإبراهيميات وسباقها على اللعب بالورقة الفلسطينية، يتجلّيان كإهانة في نظري كشخص عايش الحركة الوطنية الفلسطينية في زمن صعودها. لذا وعلى الرغم من صحة المطالبات بإصلاح منظمة التحرير، إلا أنّ المشكلة في قطر".
قد يكون السعي إلى إصلاح المنظمة، تعبيراً عن اليأس من المشاركة في السلطة الفلسطينية. يقول الكاتب والأكاديمي الدكتور خالد الحروب، في إجابة عن سؤال عن التهم الموجهة إلى المؤتمر، إنّ هدفه تهميش منظمة التحرير أو تنحيتها وإلغاء التمثيل الفلسطيني السياسي في العالم. يقول: "برأيي، يمكن استخلاص هدفه من نصّ السؤال نفسه. هذه التهم لا أساس لها من الصحة. لكن القناعة عند المؤتمرين والمؤتمر، الذي ترجع فكرة عقده إلى ما قبل حرب الإبادة على غزة، ودافعه الأساسي هو الدفاع عن المنظمة ورفض تهميشها وتنحيتها ورفض إلغاء تمثيل المنظمة للفلسطينيين واشتغالها بالمهمات الأساسة الخاصة بها".
ويضيف في معرض حديثه إلى رصيف22: "المؤتمرون هم الذين يدافعون عن المنظمة. هدف المؤتمر إعادة بناء المنظمة، وإعادة الاعتبار لها، وإعادة دورها الحقيقي إليها. فمنذ سنوات، على الأقلّ منذ أوسلو، تم تهميش المنظمة، وتواصل هذا التهميش من قبل السلطة الفلسطينية، إلى أن أصبحت المنظمة مجرد دائرة بيروقراطية لا نسمع لها حسّاً ولا خبراً، وهي فعلاً ملحقة بالسلطة".
ويلفت الحروب، النظر إلى أنّ المنظمة من الناحية التنظيمية البحتة أعلى من السلطة الفلسطينية، لأنّ المنظمة تمثّل كل الفلسطينيين في العالم؛ في الضفة الغربية، وفي قطاع غزّة، وفي القدس، وفي الداخل، وفي الشتات، فهي تنطق باسمهم جميعاً.
ويضيف: "هذا الدور للمنظمة تم إلغاؤه وتهميشه، والمؤتمر يطالب بإعادة هذا الدور تحديداً، وإعادة بنائها بحيث تعبّر عن كل الفلسطينيين، تمثيلياً وديمقراطياً. فمثلاً، أعضاء اللجنة التنفيذية في المنظمة يتم تعيينهم وليس انتخابهم، وليست هناك قواعد شعبية تُصعّد الممثلين لشرائح وقطاعات الشعب الفلسطيني إلى المنظمة، التي أصبحت مجرد إقطاعية لفئة غير مسؤولة وغير مهتمة أبداً".
مع الإصلاح... لكن ليس من قطر
لم يقتصر الجدل حول المؤتمر الوطني الفلسطيني على الانقسام التقليدي بين السلطة ومعارضيها، بل امتدّ ليشمل شخصيات فلسطينيةً تؤمن بضرورة إصلاح منظمة التحرير، لكنها ترفض أن يتمّ ذلك تحت رعاية خارجية أو في إطار مشبوه سياسياً.
يؤكد خالد الحروب أن هدف المؤتمر إصلاح المنظمة وليس الاستيلاء عليها، لأنها من الناحية التنظيمية أعلى من السلطة الفلسطينية، فالمنظمة تمثّل كل الفلسطينيين في العالم؛ في الضفة الغربية، وفي قطاع غزّة، وفي القدس، وفي الداخل، وفي الشتات، وتنطق باسمهم جميعاً
فبينما يرى البعض أنّ المؤتمر يمثّل محاولةً لاستعادة القرار الفلسطيني المستقلّ، يرى آخرون أنّه لن يسهم سوى في تعميق الانقسام والتجييش الداخليَين، خاصةً مع انعقاده في قطر، الدولة التي لم يُعرف عنها يوماً دعمها لوحدة الصفّ الفلسطيني، بل كانت لاعباً رئيسياً في تعزيز الانقسام بحسب الصحافي الفلسطيني المختص بالشأن الإسرائيلي، عصمت منصور.
يقول منصور لرصيف22: "أنا لم أشارك في المؤتمر، مع أنني وقّعت على العريضة الأساسية التي تمّت بناءً عليها الدعوة إلى المؤتمر، وانسحبت لاحقاً وأعلنت بشكل علني أنني أسحبُ ترشيحي وتوقيعي، لأنني بصراحة، وبرغم الأهداف النبيلة العريضة والعناوين التي يحملها المؤتمر، لا أثق شخصياً بتوجهات جزء كبير من القائمين عليه، وأيضاًً المكان بالنسبة لي حسّاس جداً، فقطر لم تكن في أي يوم من الأيام من دعاة الوحدة في القضية الفلسطينية، ودائماً ما لعبت دوراً في تعزيز الانقسام، لذا، شخصياً لم أعدّ المكان مناسباً".
منصور، يمثّل وجهة نظر موجودة في المشهد السياسي الفلسطيني، لأولئك الراغبين في إصلاح الوضع الداخلي الفلسطيني وطنياً دون "رعاية" خارجية، ويضيف: "لا أشيطن ولا أشارك، ولا أرى أنّ من المنصف شيطنة القائمين عليه، فهذا جزء من الاجتهاد والمحاولات التي تُبذل من أجل إيجاد حلول للحالة الفلسطينية المتردّية، خاصةً على المستوى الداخلي. أعتقد أنّ السلطة وصلت إلى مرحلة كبيرة من التهالك، وكذلك المنظمة، فالوضع سيئ جداً، وهذا الأمر خلق فراغاً، بالإضافة إلى غياب الفصائل والحراكات الداخلية، وغياب الأطر التي يمكن أن تحظى بمصداقية، ما أعطى الحق لأي جهة بأن تجتهد وتقدّم مساهمتها".
ويذهب إلى تصوّر الحالة المثالية للمؤتمر، والتي كان يجب أن تتم الأمور وفقها: "لو كان هذا المؤتمر في الوطن، ولو تمّ الاشتغال عليه بشفافية أكبر، ولم يتحول إلى استعراض لتجمّع كبير ومواقف يحاول البعض استثمارها، لكنت شاركت، أو حتى عددت أنّه يقدّم مساهمةً، لكنه في تقديري لن تخرج عنه أي مساهمة حقيقية في تقريب وجهات النظر، أو جَسر الفجوة، بل بالعكس سيزيد من حالة الاستقطاب والنفور والتجييش الداخلي ضد أيّ محاولة إصلاح لدى السلطة، فالسلطة -وهذا ليس من حقّها- لا تنظر بارتياح إلى المؤتمر، وترى أنّ كثيراً من علامات الاستفهام تحوم حوله".
يختم: "الحلّ الأمثل في اعتقادي، هو في حراك شارع فلسطيني، يحدث بين الناس وليس النخب، وبالتأكيد ليس في حضن دولة كان دورها في الانقسام الفلسطيني واضحاً، بدعم طرف واحد هو حركة حماس، كذلك لم نرَ مساهمات جديةً للقائمين عليه في رأب الصدع الداخلي".
السلطة والمنظمة في حالة متردّية
على الجانب الآخر، حاول القائمون على المؤتمر دحض الاتهامات الموجهة إليه خلال حفل الافتتاح، مؤكدين أنّ هدفه ليس إلغاء منظمة التحرير بل إعادة تفعيل دورها الديمقراطي والتمثيلي، وأنّ الانتخابات الشاملة هي الحل الأمثل لاستعادة القرار الفلسطيني من حالة الجمود. وبينما يشدد المؤتمر على أنه يمثّل حراكاً وطنياً جامعاً، يرى معارضوه أنّ انعقاده خارج فلسطين، وغياب التوافق الوطني الحقيقي حوله، يجعلانه جزءاً من صراع سياسي أوسع على مستقبل القيادة الفلسطينية.
عصمت منصور: "لا أشيطن ولا أشارك، ولا أرى أنّ من المنصف شيطنة القائمين على المؤتمر، فهذا جزء من الاجتهاد والمحاولات التي تُبذل من أجل إيجاد حلول للحالة الفلسطينية المتردّية".
ففي كلمة الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية، وأحد القائمين على المؤتمر، الدكتور مصطفى البرغوثي، قال: "لا بدّ من إيضاح القواعد التي تحكم عمل المؤتمر وحراكه. إنّ هذا الحراك ليس حزباً ولا مؤسسة، ولا يسعى لأن يكون بديلاً لمؤسسة التحرير، وهو يتقبل الآراء والتوجيهات ويكرّس بنيانه لتشكيل قيادة وطنية موحدة، وهو بذلك الأكثر حرصاً على منظمة التحرير للقيام بدورها كممثل للشعب الفلسطيني، وصدّ أي تدخّل في القرار الفلسطيني المستقلّ، وأي إملاءات خارجية".
وأشار البرغوثي، في كلمته، إلى أنّ الانتخابات الديمقراطية لكل الفلسطينيين في الخارج والداخل، هي الحل الأمثل، وإلى أنّ المؤتمر يتبنّى حقّ الشعب الفلسطيني في المقاومة بأشكالها كافة، بما يضمن إنهاء الاحتلال، والفصل العنصري، وحق الشعب الفلسطيني في التحرر وتقرير المصير، وعودة اللاجئين، وعمل وكالة الغوث، والحق في الدولة الفلسطينية المستقلّة وعاصمتها القدس، وإلى أنّ المؤتمر يعدّ أن اتفاق أوسلو وعقيدة التنسيق الأمني فشلا بالكامل، ويدعو للإسراع في تنفيذ وثيقة الوفاق الوطني وإعلان بكين بما في ذلك حكومة الوفاق الوطني.
"لا بديل عن المنظمة... وفتح’ هي الضامن"
يقول الناشط الفلسطيني، ابن مدينة غزّة، أمين عابد، لرصيف22: "لم تتوقف المحاولات لإيجاد بديل لمنظمة التحرير وإضعاف دورها على مرّ التاريخ. مؤتمر الدوحة ليس البداية في هذا الإطار، ولن يكون النهاية، فعندما انطلقت حماس عام 1987، كتبت على جدران مدينة غزّة عبارةً خطيرةً جداً: ‘نحن البديل ولسنا التكميل’، وكل محاولات الوصاية والاحتواء كانت تأتي في الإطار نفسه، والمؤتمرات الكثيرة التي عُقدت في تركيا وسوريا وأوروبا، كانت تسعى إلى إيجاد بديل عن منظمة التحرير الفلسطينية، ولا يخفى على أحد الدور القطري لإضعاف المنظمة، والمنسجم تماماً مع الموقف الإسرائيلي".
ففي خضمّ الجدل الدائر حول "مؤتمر الدوحة"، كما تمّت تسميته على مواقع التواصل، لم تكن حركة فتح بعيدةً عن المواجهة، بل جاءت ردودها حاسمةً تجاه ما تعدّه محاولةً جديدةً للنيل من منظمة التحرير الفلسطينية. فبالنسبة لفتح، ليس هذا المؤتمر سوى حلقة جديدة في سلسلة طويلة من المحاولات لإضعاف المنظمة أو استبدالها، وهي محاولات تشهدها الساحة الفلسطينية منذ عقود، بدءاً من مشاريع رعتها أنظمة عربية كما تمّت الإشارة سابقاً، وصولاً إلى تحركات فصائلية حاولت فرض نفسها كبديل عن القيادة الشرعية كما يشير المعترضون من الحركة.
وترى الحركة، أنّ الرهان على استبدال منظمة التحرير كان دائماً خاسراً، وأنّ الحفاظ على الوحدة الوطنية لا يكون عبر مؤتمرات خارجية تفتقد التوافق الداخلي، بل من خلال مؤسسات فلسطينية تعمل من الداخل، وتحظى بشرعية نابعة من الشعب الفلسطيني نفسه. وتؤكد فتح، أنّ دورها الأساسي منذ التأسيس كان حماية القرار الوطني المستقلّ، ومنع أيّ اختراق خارجي يسعى إلى فرض أجندات تتجاوز الإرادة الفلسطينية. لذلك، فإنّ أيّ محاولة للخروج عن هذا الإطار ستواجَه بإجراءات داخلية صارمة، باعتبار أنّ منظمة التحرير ليست كياناً قابلاً للاستبدال، بل هي المظلّة الوطنية الجامعة التي يجب إصلاحها من الداخل، لا تفكيكها من الخارج.
يقول أمين عابد إن دور فتح منذ التأسيس كان حماية القرار الوطني المستقلّ، ومنع أيّ اختراق خارجي يسعى إلى فرض أجندات تتجاوز الإرادة الفلسطينية. لذلك، فإنّ أيّ محاولة للخروج عن هذا الإطار ستواجَه بإجراءات داخلية صارمة، باعتبار أنّ منظمة التحرير ليست كياناً قابلاً للاستبدال، بل هي المظلّة الوطنية الجامعة التي يجب إصلاحها من الداخل، لا تفكيكها من الخارج
ويضيف عابد، المنتمي إلى حركة فتح، في حديثه: "شكّلت حركة فتح صمام أمان لمنظمة التحرير كونها بعيدةً كل البعد منذ التأسيس عن التحالفات الإقليمية والامتداد الأيديولوجي لبعض الفصائل. وكما هو معلوم، هناك تيارات فكرية مختلفة داخل حركة فتح نفسها، لكنها لا تخرج عن الإطار العام للحركة التي ترفض كل محاولات تغييب منظمة التحرير واستبدالها. وبناءً على هذا، أعتقد أنّ أيّ مشاركة من أي شخصية في الحركة ستواجَه بإجراءات عقابية حسب نظم ولوائح الحركة الداخلية، وسيُعدّ ذلك خروجاً عن الإجماع الوطني والفتحاوي الضامن لبقاء منظمة التحرير".
إلى أين؟
إجمالاً، المؤتمر الوطني الفلسطيني في الدوحة ليس مجرد محاولة إصلاحية، بل هو جزء من الصراع الأوسع على مستقبل القيادة الفلسطينية. فبينما تبدو مطالب الإصلاح مشروعةً، إلا أنّ توقيت المؤتمر، ومكان انعقاده، وهوية داعميه، كلها تشير إلى أبعاد سياسية تتجاوز فكرة الإصلاح الداخلي. وعليه، فإن السؤال الأكثر دقّةً قد لا يكون: "هل تسعى قطر إلى الاستيلاء على منظمة التحرير؟"، بل: "هل تسعى قطر إلى فرض نفوذها على القرار الفلسطيني، عبر خلق توازن جديد داخل منظمة التحرير أو عبر بديل لها؟"
الجواب سيتضح ليس في مخرجات المؤتمر فحسب، بل في كيفية تفاعل السلطة الفلسطينية والفصائل الأخرى معه، وما إذا كان سينجح في تشكيل واقع سياسي جديد، أو سينتهي إلى مجرد حلقة أخرى في مسلسل الصراع على التمثيل الفلسطيني.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Batoul Zalzale -
منذ 5 ساعاتأسلوب الكتابة جميل جدا ❤️ تابعي!
أحمد ناظر -
منذ 9 ساعاتتماما هذا ما نريده من متحف لفيروز .. نريد متحفا يخبرنا عن لبنان من منظور ٱخر .. مقال جميل ❤️?
الواثق طه -
منذ 12 ساعةغالبية ما ذكرت لا يستحق تسميته اصطلاحا بالحوار. هي محردة من هذه الصفة، وأقرب إلى التلقين الحزبي،...
ماجد حسن -
منذ 4 أياميقول إيريك فروم: الحبُّ فعلٌ من أفعال الإيمان، فمن كان قليلَ الإيمان، كان أيضًا قليل الحب..
Toge Mahran -
منذ أسبوعاكتر مقال حبيته وأثر فيا جدا♥️
Tayma Shrit -
منذ أسبوعكوميديا سوداء تليق بمكانة ذاك المجرم، شكرا على هذا الخيال!