شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
لماذا يعيد النظام المصري تدوير رجال مبارك؟

لماذا يعيد النظام المصري تدوير رجال مبارك؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

اقتصاد نحن والحقوق الأساسية

الأربعاء 5 فبراير 202505:18 م

أمسى الحضور المتزايد لرجال أعمال وشخصيات سياسية وإعلامية محسوبة على نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، في مناصب تنفيذية واستشارية، مثيراً للتساؤلات في دوائر السياسة المصرية، وبالأساس عن الأسباب التي تدفع النظام لإعادة دمج الوجوه القديمة بعد مرور 14 عاماً على ثورة يناير التي أطاحت بهم من المشهد، فهل عجزت الدولة المصرية الحالية عن صنع كوادرها الخاصة؟

هشام طلعت مصطفى وأحمد عز وغيرهم 

مؤخراً، أصدر رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، المستمرّ في منصبه من 2018، قراراً بتشكيل 6 لجان استشارية متخصّصة لتعزيز التواصل مع القطاع الخاص، وهي: الاقتصاد الكلي، تنمية الصادرات، الاقتصاد الرقمي وريادة الأعمال، تطوير السياحة، الشؤون السياسية، التنمية العمرانية وتصدير العقار، وقد غلب على تشكيلها رموز الحزب الوطني الذي حكم البلاد قرابة الثلاثين عاماً، في عهد الرئيس الراحل حسني مبارك. 

ضمّت هذه اللجان رجل الأعمال البارز أحمد عز، أمين التنظيم السابق في الحزب الوطني، والذي جرى تعيينه في لجنة تنمية الصادرات، إلى جانب رجل الأعمال المقرب من السلطة والعضو السابق في لجنة سياسات الحزب الوطني، هشام طلعت مصطفى، والذي تمّ ضمّه إلى لجنة تطوير السياحة.

وشملت اللجان كذلك عدداً من السياسيين والأكاديميين، ممن ارتبطت أسماؤهم بنظام مبارك، كأستاذ العلوم السياسية والوزير السابق علي الدين هلال، السياسي الدكتور عبد المنعم سعيد وأستاذ العلوم السياسية الدكتور محمد كمال.

أمسى الحضور المتزايد لرجال أعمال وشخصيات محسوبة على نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك مثاراً للتساؤلات في دوائر السياسة المصرية، فما الذي يدفع النظام لإعادة دمج الوجوه القديمة بعد مرور 14 عاماً على ثورة يناير؟ وهل عجزت الدولة المصرية الحالية عن صنع كوادرها الخاصة؟ 


تأتي هذه الاختيارات بعد فترة قصيرة من اجتماع رئيس الوزراء المصري مع رجال الصناعة، والذي حضره عدد من رجال الأعمال البارزين في عهد مبارك، مثل أحمد عز وهشام طلعت مصطفى. 

فالأول تصالحت الحكومة المصرية معه بعد دفعه مليار و700 مليون جنيه مصري (34 مليون دولار) جراء اتهامه في عدة قضايا، بالتربّح والاستيلاء على المال العام والإضرار العمد الجسيم بما قيمته خمسة مليارات جنيه مصري، في صفقة استحواذه على شركة حديد الدخيلة، واللافت أن عز نفسه مُنع من الترشّح للانتخابات البرلمانية في وقت سابق، لعدم استيفائه أوراق الترشح في ظل التحفظ على أمواله.

أما الثاني فهو هشام ابن رجل الأعمال طلعت مصطفى، والذي حصل على عفو رئاسي بعد قضائه 6 سنوات، من عقوبة بالسجن 15 عاماً، على خلفية قضية مقتل الفنانة اللبنانية سوزان تميم. 

صفقات "الكسب غير المشروع"

خلال السنوات الماضية، أبرم النظام المصري، عن طريق جهاز الكسب غير المشروع، عدداً من الصفقات مع رجال أعمال حسبوا على نظام مبارك، واتُهموا بالفساد، بعدما سدّدوا قرابة 11 مليار جنيه (219 مليون دولار) قيمة ما حصلوا عليه بطرق غير مشروعة، مقابل التصالح مع الدولة وانقضاء الدعاوى الجنائية المقامة ضدهم، ومنذ إبرام هذه الصفقات انزوى الكثير منهم عن الأضواء حتى لو مارسوا أنشطتهم الاقتصادية بعد تسوية أوضاعهم، لكن الحضور الأكبر كان من نصيب عز ومصطفى، والأخير تحديداً تضاعفت ثروته بشكل لافت نظير حضوره اللافت في القطاع العقاري، وإسناد الدولة للعديد من المشروعات الإنشائية لمجموعته، خصوصاً في المدن الجديدة.

اسم "مباركي" آخر عاد إلى الأضواء من جديد خلال الفترة الماضية، هو يوسف بطرس غالي، وزير المالية الأسبق في عهد الرئيس الراحل، والذي عُيّن العام الماضي عضواً في المجلس التخصّصي للتنمية الاقتصادية التابع لرئاسة الجمهورية، في ظل المحاولات المستمرة للخروج من الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي عاشتها مصر في السنوات الماضية، على وقع زيادة الدين الخارجي وتراجع قيمة العملة المصرية أمام الدولار الأميركي.

بلغت قيمة الصفقات التي أبرمها جهاز الكسب غير المشروع، مع رجال النظام السابق مقابل انقضاء الدعاوى الجنائية المقامة ضدهم 219 مليون دولار حتى اليوم.

وكان غالي قد غادر مصر عقب اندلاع الثورة مباشرة في 2011، وتم اتهامه لاحقاً بعدة قضايا فساد، من بينها القضية المعروفة إعلامياً بـ"فساد الجمارك"، وقضية "اللوحات المعدنية"، وواجه أحكاماً غيابية للتربّح واستغلاله منصبه، لكنه عاد إلى البلاد بعد حصوله على أحكام بالبراءة. 

رجال مبارك يتجددون

لكن استعانة الحكومة الحالية بشخصيات بارزة من النظام السابق ليس بالأمر الجديد، فعلى مدار 11 عاماً، كان الوزراء السابقون من عهد مبارك جزءاً من حكومات الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي، فقد ضمّت الحكومة الأولى في عهده رئيس الوزراء الأسبق، إبراهيم محلب، والذي كان عضواً بارزاً في لجنة السياسات في الحزب الوطني، وكذلك وزير السياحة هشام زعزوع، رجل الأعمال والعضو السابق في لجنة السياسات، ومن الأسماء البارزة التي عادت للأضواء مرة أخرى على مصيلحي، الذي شغل منصب وزير التموين في السنوات الخمس الأخيرة في عهد مبارك، وأسندت إليه الحقيبة مرة أخرى في عام 2017، وغادرها في العام 2024 ضمن تعديل وزاري واسع بالحكومة الثانية لمصطفى مدبولي.

يؤكد الباحث الاقتصادي إلهامي الميرغني هذا التوجه، ويقول لرصيف22 إن النظام الحالي لم يستعن فجأة برجال الأعمال ورموز النظام القديم، بل دأب على ذلك منذ تأسيس حكمه في 2014، بداية مع رجلي الأعمال محمد أبوالعينين ومحمد السويدي، وآخرين غيرهم، وهو الذي أصدر العفو عن هشام طلعت مصطفي. 

ويعتبر أن تشكيل مجلس استشاري من رجال الأعمال ورموز النظام القديم هو دليل جديد على فشل السياسات الاقتصادية وما سمي ببرامج الإصلاح الاقتصادي في معالجة الاختلالات الهيكلية، ما اضطرهم للعودة لرجال مبارك أحمد عز وهشام طلعت وآخرين.

"تكشف العودة إلى الحرس القديم لمبارك عن حجم الأزمة الاقتصادية الحالية"، وفق الميرغني، حيث ارتفع  حجم الدين العام في مصر خلال الربع الثالث من 2024 بنحو 6.5% ليصل إلى 13.3 تريليون جنيه مصري (حوالي 274.5 مليار دولار أمريكي)، كما ارتفع الدين الخارجي الحكومي إلى 3.815 تريليون جنيه مصري (حوالي 78.7 مليار دولار أمريكي) بنهاية سبتمبر. ولا تزال مصر تواجه صعوبة في سداد فوائد الديون والمستحقات الخارجية.

وعزا الرئيس المصري أسباب الأزمة الاقتصادية التي تمر بها مصر إلى قلّة التصنيع، واستنزاف الاعتماد على المواد الخام غير المتوفّرة محلياً للاحتياطي النقدي المصري من العملة الصعبة، مبيناً أن مصر تحتاج إلى 20 مليار دولار سنوياً لاستيراد المواد البترولية، ومشيراً أن البلاد في معركة استراتيجية مع نقص الدولار، والقاهرة تستهدف تقليل الاعتماد على الدولار من خلال دعم الإنتاج المحلي وزيادة الصادرات وتقليل الواردات.

وتواجه الحكومة المصرية انتقادات سياسية وبرلمانية لاعتمادها بشكل رئيسي على الاقتراض الخارجي للإنفاق على مشروعات البنية التحتية، حيث تظهر مؤشرات الموازنة المصرية أن عبء فوائد الدين تلتهم وحدها 90% من إجمالي إيرادات موازنة مصر، إلا أن الحكومة تقول إنها تسعى لترشيد اعتمادها على القروض الخارجية لتقليل هذه الفجوة.

يرى خبراء بأن النظام الحالي لم يستعن فجأة برجال الأعمال ورموز النظام القديم، بل دأب على ذلك منذ تأسيس حكمه في 2014، بداية مع رجلي الأعمال محمد أبو العينين ومحمد السويدي وآخرين غيرهم، كما أنه هو الذي أصدر العفو عن هشام طلعت مصطفى في قضية قتل الفنانة سوزان تميم

أمام هذه التحديات تحاول الحكومة المصرية تغيير الوجوه الاقتصادية من حين لآخر، وبعثرة الدفاتر بحثاً عن حلول اقتصادية ربما تأتيها من الماضي الغابر، لكن الميرغني يعتبرها محاولات لا جدوى منها، يقول: "إذا كانوا عرفوا كيفية تخليص مبارك من أزمته لكان هناك أمل، ولكن مبارك سقط في حضورهم وبالتالي أنت تستعين بأشخاص فشلوا لكن رغم فشلهم هم أفضل وأكثر خبرة من المجموعة الحالية".

لا يتوقع الميرغني كذلك إحداث تغييرات عميقة في الأداء الاقتصادي أو السياسات، فالقاهرة أسيرة للاقتراض من المؤسسات الدولية منذ فترة ولا يوجد أي مؤشرات على توقف الاعتماد على الاقتراض، وتسير وفق روشتات الإصلاح الاقتصادي التي يرسمها صندوق النقد الدولي، وهو ما أجبر الدولة على الانسحاب التدريجي من الاقتصاد والخدمات وبيع الأصول وتخفيض قيمة العملة غير مرة. مشيراً إلى أن رجال الأعمال سيظلوا جزءاً من الحلف الطبقي الحاكم، ولهم مصالح وتعارض مصالح مع بعض الأجنحة، لذا يدافعوا عن مصالحهم ويستهدفون من وراء دخولهم الحكومة، أو إسداء النصائح لها من مواقع استشارية لزيادة الامتيازات وتعظيم أرباحهم.

رأسمالية المحاسيب

من ناحية أخرى، قد يكشف حرص الحكومة على الاستعانة برجال أعمال لتقديم روشتات الإصلاح الاقتصادي إلى عدم تخلصها من نهج "رأسمالية المحاسيب"، والمقصود بها تزواج رأس المال والسلطة، وهو الإرث الساداتي والمباركي الذي لم تتخلص منه الحكومات المتعاقبة عقب ثورة 25 يناير، سواء في عهد الإخوان المسلمين أو السلطة الحالية، فالسلطة دائماً ما تراعي في حساباتها إرضاء رجال الأعمال، حسبما يوضح مدحت الزاهد، رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتركي.

لا يعارض الزاهد الاستعانة بكفاءات محسوبة على أنظمة سابقة، بقدر ما يلفت انتباهه غياب الالتزامات الاجتماعية عن البرامج الاقتصادية، وهو ما يتجلى في تلاشي منظومة الدعم وخصخصة العديد من المستشفيات الحكومية وتسليع جميع الخدمات العامة، فليس متوقعاً من رجل أعمال أن يقدم مصالح الشعب على مصالحه، وأن ينصح الحكومة بحماية الشرائح الاجتماعية التي تئنّ، كما تشي تحركاتها بغياب الرؤية فيما يخصّ تطوير الإنتاج وتقليل الميزان التجاري لصالح التصدير على حساب الاستيراد، فضلاً عن الاقتراض المستمر.  

ويشير رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتركي لرصيف22، إلى أن الحكومة توقفت منذ فترة عن الاستعانة بالمستقلين وأصحاب الرؤى، وكذلك لم تلجأ الدولة إلى الخبرات الوطنية لتقديم روشتة، كما لا تصغي آذانها إلى الأصوات الداعية لترشيد الإنفاق وترتيب الأولويات، مطالباً الحكومة بفتح الباب للنخب الاقتصادية المستقلة لطرح رأيها وتقديم الكفاءات ولو مرة واحدة، بعدما أثبتت عدم صواب مسارها الاقتصادي في السنوات العشر الماضية، بحسبه. 

هذا مع العلم بأن جلسات الحوار الوطني التي عقدت على مدار أكثر من عام، قبيل الانتخابات الرئاسية الماضية، وحضرها عدد من الاقتصاديين، أوصت بإعادة التفاوض بشأن الديون والعمل على مبادلتها باستثمارات كبيرة، كما تضمّنت التوصيات إنشاء وزارة اقتصاد وعودة وزارة الاستثمار، وطالب المشاركون بضرورة حماية الأجور والمعاشات من تغوّل التضخم عليهما، بربط الاثنين تفاوضياً في إطار المجلس القومي للأجور، أو في إطار منظومة جديدة لتنظيم العمل النقابي، وعلاقته بأصحاب الأعمال، لكن لا تزال التوصيات التي خرجت بها اللجان لم تبرح الأدراج حتى الآن.

تجميل لوجه قبيح

بموازاة ذلك، تشي تعدد أشكال الاستعانة بالرموز الاقتصادية والسياسية الوازنة في عهد مبارك بتهميش الكوادر الحالية، سواء من داخل النظام أو المعارضة، وهو ما يعرج عليه المحلل السياسي مجدي حمدان، في حديثه لرصيف22، إذ يقول إن تكرار استدعاء الوجوه القديمة في المناصب التنفيذية والاستشارية، بمثابة شهادة وفاة لمحاولات صنع الكوادر وتشابه السياسات بين النظامين إلى الحد الذي يجعل المحصلة صفر.

يرى اقتصاديون بأن الدولة الحالية لم تتمكن من التخلص من نهج "رأسمالية المحاسيب"، والمقصود بها تزواج رأس المال والسلطة.

"إعادة شخصيات محسوبة على نظام مبارك، سواء رجال أعمال أو أعضاء لجنة سياسات، ما هو إلا تجميل لوجه قبيح، فبعضهم رصيده السياسي لا يشفع له، مثل علي الدين هلال الوزير السابق وعضو المجالس التخصصية الذي عين حالياً مستشاراً للحكومة، رغم فشله في ملف تنظيم مونديال كرة القدم عام 2010 والمعروف بصفر المونديال، فكيف ينقذ النظام أو يضع له سياسات مختلفة"، يضيف حمدان.

ويعود إلى الوراء مستدعياً تجربة مركز إعداد القادة الذي أسّسه الرئيس الأسبق حسني مبارك، وكان مسؤولاً عن إعداد كوادر حكومية كبيرة تدير الحكومة حتى الآن، وهو مركز تجمد نشاطه أمام هيئات وكيانات أخرى أسّسها النظام الحالي، لم تنجح في إفراز كوادر سياسية واقتصادية تنتشل النظام من كبوته، لافتاً إلى أن الدولة تنظر الآن للكفاءات القديمة كطوق نجاة لها، حيث ظل حكم مبارك صامداً لثلاثين عاماً كاملة بفضل وجود مديرين جيدين، رغم فسادهم.

يذهب حمدان إلى أبعد من ذلك، بقوله إن الشارع لم يعد يعارض الآن إسناد الحكومة بأكملها إلى كفاءات قديمة حتى لو محسوبة على نظام مبارك، طالما هم قادرون على تقديم الحلول، وهو ما يفسّر عدم وجود انزعاج كبير بعودة الأسماء المثيرة للجدل، مثل يوسف بطرس غالي وأحمد عز وهشام طلعت مصطفى، بسبب اليأس من الوجوه التي تحكم المشهد في مصر عقب ثورة 25 يناير.

اللافت أن الأعضاء السابقين في الحزب الوطني لم يغيبوا عن الساحة السياسية المصرية، حيث انخرط بعضهم في الأحزاب التي تأسّست عقب ثورة يناير، وكذلك الأحزاب التي ظهرت عقب الإطاحة بالإخوان المسلمين من السلطة في 2013، كما كان حضورهم لافتاً في برلمان 2015، حيث حصل الأعضاء السابقون بالحزب المنحل على نحو 30% من عدد المقاعدة المُخصصة للفردي والقوائم، والبالغ عددها 286 مقعداً.

ومنذ حل الحزب الوطني الديمقراطي إبان ثورة 25 يناير، لم يشكل الحزب، صاحب الأغلبية البرلمانية، الحكومة، باستثناء حكومة 2012-2013، التي شكلتها جماعة الإخوان بعد فوز الرئيس الراحل محمد مرسي، بالانتخابات الرئاسية، وسيطرة جماعة الإخوان على مجلس الشعب آنذاك، فيما عزف حزب "مستقبل وطن"، صاحب الأغلبية في البرلمان الحالي الذي تنتهي مدته في العام الجاري، وكذلك صاحب الأكثرية في البرلمان السابق، عن تشكيل الحكومات، مكتفياً بالتصديق على الحكومات التي يختارها رئيس الجمهورية.  

الملف الإعلامي في قبضة من؟

الملف الإعلامي ليس بمعزل عن العودة الاقتصادية لرجال مبارك، حيث شهدت الأسابيع الماضية تغييرات لافتة في خارطة إدارة المشهد الإعلامي، بإعادة هيكلة الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية التي تدير المشهد الإعلامي في مصر منذ عام 2016، وتسيطر على عدد كبير من القنوات والصحف والمنصات الإخبارية، حيث استعانت الشركة برجل الإعلانات الشهير طارق نور، أحد الرموز البارزة في المشهد الإعلامي قبل ثورة 25 يناير، لإدارة الشركة وإعادة هيكلتها بهدف تقليل الخسائر المتراكمة، كما عاد رئيس التلفزيون المصري قبل الثورة، الإعلامي عبداللطيف المناوي، للإشراف على المحتوى الإخباري في المجموعة. 

يقول الصحافي خالد داوود، المتحدث السابق باسم الحركة المدنية، لرصيف22 المشهد الإعلامي ليس منفصلاً عن السياسي. هناك حالة تعايش بين النظام الحالي ورجال فترة مبارك، بل إن الخصومة والمواجهة بين النظام والمحسوبين على ثورة يناير، فهم الذين تعرضوا للإقصاء وذاقوا مرارة السجن، أما رموز مبارك فحاضرون على جميع المستويات، وإدماجهم في الوزارات والاستعانة بهم تحدث منذ اليوم الأول، وليس مستغرباً الاستعانة بهم في هيئات استشارية أو تنفيذية في الوقت الحالي.

ولا يكترث داوود بالتغيير الذي طرأ على قيادات المشهد الإعلامي طالما لم يتم انعكاس ذلك على ثقافة إعلام الصوت الواحد وفتح المجال أمام جميع التيارات السياسية، بدلاً من استخدام وسائل الإعلام كأداة للبروباغندا فقط، موضحاً أن مقياس الانفتاح ليس في تغيير الوجوه بقدر تغيير السياسات، حيث لا تزال هناك مواقع صحفية محجوبة في مصر، وصحافيون كثر خلف القضبان بسبب آرائهم ونشاطهم المهني.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

ثورتنا على الموروث القديم

الإعلام التقليديّ محكومٌ بالعادات الرثّة والأعراف الاجتماعيّة القامعة للحريّات، لكنّ اطمئنّ/ ي، فنحن في رصيف22 نقف مع كلّ إنسانٍ حتى يتمتع بحقوقه كاملةً.

Website by WhiteBeard
Popup Image