شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
حين اعتُبر

حين اعتُبر "خلي بالك من زوزو" فيلماً مبتذلاً… تقلبات سبعينيات مصر عبر السينما

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة نحن والتاريخ نحن والحقيقة

الأحد 22 ديسمبر 202412:57 م

ارتبطت سنوات سبعينيات القرن الماضي في مصر غالباً، في الذاكرة، ببعض الموضوعات المتوقعة مثل حرب تشرين الأول/أكتوبر والانفتاح الاقتصادي ومعاهدة السلام وسفر المصريين للخليج وصعود التيار الإسلامي. ولكن يمكننا أن نشاهدها بعيون مختلفة لطالب ثوري متمرد في كلية الطب، محب للسينما، ويبدأ خطواته في مشوار النقد السينمائي، من خلال كتاب الناقد السينمائي أمير العمري، "عصر نادي السينما" الصادر عن الهيئة العامة للكتاب.

غلاف كتاب "عصر نادي السينما"

يركز الكتاب على تجربة مؤلفه في عضوية نادي القاهرة للسينما الذي جمع العديد من الأسماء البارزة في النقد السينمائي والكثير ممن سيصبحون أبرز مخرجي السينما المصرية في السبعينيات والثمانينيات، ولكنه أيضاً يعبر بشكل كبير عن قاهرة السبعينيات ثقافياً واجتماعياً وسياسياً من منظور جيل الطلبة الغاضب والرافض للأوضاع السياسية والاجتماعية بعد هزيمة 67، والمتأثر بحركات ومظاهرات الطلبة في العالم، وأبرزها احتجاجات 68 في فرنسا.

تم إنشاء نادي القاهرة للسينما عام 1968، في عهد وزير الثقافة ثروت عكاشة، أسوةً بنوادي السينما الموجودة في العالم، وأيضاً كما يرى العمري، كشكل من أشكال احتواء تمرد الجيل الجديد في مجالَي الثقافة والسينما. وكان الناقد السينمائي مصطفى درويش هو من يدير عروض النادي عند بدايته، وهو أيضاً من تولى رئاسة جهاز الرقابة الفنية عام 1968 ليواجه واحدة من أغرب جلسات مجلس الشعب، والتي يعرضها الكتاب نقلاً عن الكاتب سعد الدين وهبة، في مجلة "المسرح والسينما"، والتي تظهر من خلالها لعبة أنظمة الحكم المصري الدائمة بالدين والجنس والأخلاق من أجل أغراض سياسية واستخدامها للمثقفين والفنانين ككبش فداء سهل وميسور.

ارتبطت سنوات سبعينيات القرن الماضي في مصر غالباً، في الذاكرة، ببعض الموضوعات المتوقعة مثل حرب تشرين الأول/أكتوبر والانفتاح الاقتصادي ومعاهدة السلام وسفر المصريين للخليج وصعود التيار الإسلامي

بينما رأى الكثيرون أن تساهل الرقابة مع المشاهد الجنسية في الأفلام بعد هزيمة 67 كان مقصوداً كنوع من إلهاء الشباب الغاضب من الهزيمة، ولكن في نفس الوقت كانت هناك أجنحة محافظة في النظام والمجتمع ترى أن سبب الهزيمة هو البعد عن الدين والأخلاق، وقامت بالاعتراض في جلسة صاخبة بتاريخ 21 تشرين الثاني/فبراير 1968 تناقش مشكلة "الجنس في الأفلام" لمدة ثماني ساعات في نفس اليوم الذي يشهد أحداثاً على الجبهتين المصرية والأردنية، ويشهد مظاهرات حلوان التي انضمت لها مظاهرات الطلبة.

الجلسة التي حضرها عدد من كبار الشخصيات مثل خالد محيي الدين ونجيب محفوظ بوصفه رئيساً لمؤسسة السينما، وثروت عكاشة وزيراً للثقافة، وسهير القلماوي رئيسة مؤسسة النشر، وسعد الدين وهبة رئيساً للشركة القومية للتوزيع، شهدت هجوماً على فيلم "قصر الشوق"، واتهامه بالابتذال ووصف عضو البرلمان المخرج حسن الإمام بأنه "ليس حسناً ولا إماماً". ولم يعترض ثروت عكاشة على تلك الاتهامات، ولكنه برر عرض الفيلم بأنه قد كان جاهزاً للعرض مع العيد ولم يكن هناك وقت لإيقافه، وهو ما كان سيؤدي لخسائر قدرها 27 ألف جنيه، وأنه قد شاهد الفيلم، وأمر بعرضه بعد حذف 13 لقطة أدت إلى أن يكون الفيلم "مقبولاً".

وبعد "قصر الشوق"، نال نادي السينما نصيبه من هجوم عضو آخر اعتبره "مفسدةً" ومكاناً لعرض "الأفلام الداعرة"، وذلك لما عُرف عن عروض النادي، وقبل عرض الأفلام على الرقابة، ليدافع عكاشة عن النادي بأنه مكان "لعرض الأفلام الطليعية"، وأنه مماثل لنوادي السينما في العالم.

وتهاجمت إحدى أعضاء المجلس من الصعيد المصري فكرةَ رقص الرجال، وأنها تصلح للرجال في أوروبا، حيث الطقس البارد، ولا تصلح لنا، فالرجال عندنا لا تنقصهم "الحرارة"، وتهاجمت على "أفلام الجنس" المعروضة في القاهرة، والتي سمعت عنها من البيوت المصرية حسب قولها. ثم يروي العمري نقلاً عن سعد الدين وهبة بأنها همست في أذن نجيب محفوظ بأن لديها قصة تصلح للسينما، فأحألها إلى عبد الرزاق حسن، رئيس شركة القاهرة للإنتاج السينمائي الذي سمعه سعد الدين وهبة يهمس لها "فوق التابعي بتاع الفول"، وهو مكان مكتبه في شركة القاهرة. وبعد ثماني ساعات انتهت الجلسة باحتواء الأزمة بمنع عرض فيلم "أقدم مهنة في التاريخ" وحذف مشهد من فيلم "انفجار" لترضية الأعضاء، لتنتهي الجلسة وتتم إقالة مصطفى درويش بعدها في إطار لعبة التوازنات المفضلة لأجهزة الدولة دائماً.

"الشيوعيون" في مواجهة "خللي بالك من زوزو"

كانت تلك الجلسة مقدمة لما سوف يحدث لاحقاً في السبعينيات، فرحل ثروت عكاشة، ثم أتى يوسف السباعي وزيراً للثقافة ليقوم بمهمة تطهير المؤسسات الثقافية والفنية من "الشيوعيين" الذين يصنعون أفلاماً سماها "أفلام التلبك المعوي"، لتبدأ المضايقات لنادي السينما الذي كان قد أبرم اتفاقاً مع هيئة المسرح والسينما لاستئجار قاعة سينما "أوبرا" لحفلة واحدة مساء كل أربعاء، وتبدأ الهيئة بمطالبة النادي بزيادة قيمة الإيجار أو الرحيل عن القاعة، وذلك مع تحريض من تاكفور أنطونيان، منتج فيلم "خللي بالك من زوزو"، والذي كان غير راض عن خسارة إيرادات حفلة مسائية، ولكن النادي انتصر في تلك المعركة عام 1972 ليخسرها لاحقاً مع نهايات السبعينيات.

لم يخل النادي من الصراعات والتجاذبات الداخلية والتي كان أبرزها الصراع بين جيل النقاد الكبار نسبياً والقدامى في النادي مثل سمير فريد وسامي السلاموني وهاشم النحاس، وجيل العشرينيات من العمر مثل فايز غالي وعلي أبو شادي على النشر في نشرة نادي السينما، ليصل الصراع ذروته في اجتماع عام في تموز/يوليو 1974 شهد مواجهة ساخنة بين الطرفين اتهم فيها الشباب سامي السلاموني ويوسف شريف رزق الله باحتكار أغلب صفحات النشرة، وتمتد المواجهة على صفحات النشرة نفسها، فيصف السلاموني هؤلاء الغاضبين بأنهم يقومون بـ"حملة تشهير فاشية وغير أخلاقية واتهام بالشللية"، ويرد عليه الناقد محمود علي بأنها "ديموقراطية جديدة على الطريقة السلامونية يشنق بها الآراء المعارضة للمجلس"، وينتقده العمري نفسه لاستخدامه "نغمة علوية سلطوية".

تم إنشاء نادي القاهرة للسينما عام 1968، في عهد وزير الثقافة ثروت عكاشة، أسوةً بنوادي السينما الموجودة في العالم.

كذلك يوضح الكتاب مدى تأثير الأيديولوجيا على الفن، فالانقسام الشديد بين اليمين واليسار في السبعينيات في مصر لم يقتصر على السياسة والاقتصاد ، بل تأثر به النقد السينمائي بشكل بالغ، فنجد سمير فريد وسامي السلاموني يهاجمان فيلماً من علامات السينما المصرية أي "شيء من الخوف" ليس لأسباب فنية، بل لأنه فيلم يهاجم عبد الناصر لصالح الرجعية، ويصف الكاتب معركة نقدية شرسة دارت على صفحات نشرة نادي السينما حول فيلم "كلاب من قش" للمخرج الأمريكي الذي اشتهر بأفلام العنف، سام باكنباه، ومن بطولة داستن هوفمان، والذي تدور أحداثه حول عالم فيزياء أمريكي مسالم يعيش في الريف البريطاني يتحول لشخص شديد العنف ينتقم ممن اغتصبوا زوجته.

قدم الفيلم الشاب سمير سيف (المخرج لاحقاً)، وأثنى عليه باعتباره فيلماً مكتمل العناصر الفنية يقدم العنف من منظور متعمق في فهم النفس الإنسانية ، ليرد عليه سامي السلاموني بمهاجمة الفيلم الذي يتجاهل مشكلة الأنظمة السياسية ويحولها لمشكلة فردية، وأن هذا النوع من الأفلام يستغل غرائز العنف البدائية " وهو من أردأ وأرخص ما يمكن أن تقدمه السينما في أحقر مستوياتها".

ملصق فيلم "كلاب من قش"

وينضم له سمير فريد في مقال بعنوان "فلسفة راعي البقر في كلاب من قش" يقول فيه: "يدعم باكنباه فلسفة راعي البقر الإمبريالية الوثنية عندما يختار لأحداث فيلمه أن تدور في بريطانيا، أي في أوروبا، ويجعل الإنجليز يغتصبون زوجة البطل المسالمة، ويدورون حول منزله في النهاية مثل الهنود الحمر، يحطمون النوافذ ويشعلون النيران، ويصيحون صيحات الحرب".

لم يكن ذلك الصراع قاصراً على النقاد بل امتد للسينمائيين أنفسهم، فكانت جماعة "السينما الجديدة" المكونة من شباب مثقفين من خريجي معهد السينما تطالب الدولة بدعم إنتاج السينما الجديدة والجادة، وهو ما قوبل بهجوم من مخرجي الأفلام التجارية القدامى مثل حسن الإمام الذي كان يسخر من الفيلم الأول لجماعة السينما الجديدة "أغنية على الممر"، ويسميه "أغنية علي المُر".

وكما يذكر الكاتب في ندوة مركز الصورة المعاصرة آب/أغسطس 2021 ،في لقاء عن السينما في الجامعة عندما يعلن الشباب عن عدم رضاهم عن أفلام مثل "خلي بالك من زوزو" فيكون رد السلاموني عليهم: "اعترضوا... اعملوا حاجة... احرقوا السينما"، وهو ما تسبب في منع السلاموني من دخول الحرم الجامعي. وبعد مرور السنوات يرى العمري أن أفلام جماعة السينما الجديدة "أغنية على الممر" لعلي عبد الخالق، و"ظلال على الجانب الآخر" لغالب شعث، كانت أفلاماً نضالية ولم تقدم سينما جديدة، بينما جاء التجديد الحقيقي في تلك الفترة من أفلام المخرجين سعيد مرزوق ويوسف شاهين التي قدمت لغة سينمائية جديدة بالفعل.

حسام الدين مصطفى ومعركة "الرصاصة" في مهرجان "قرطاج"

تخطى صراع اليمين واليسار في مصر الحدود ليصل تونس في معركة سياسية تسبب فيها فيلم حسام الدين مصطفى "الرصاصة لا تزال في جيبي" الذي دعمته الدولة وتم عرضه في 6 تشرين الأول/أكتوبر 1974 احتفالا بذكرى الحرب، واشترك الفيلم في مهرجان قرطاج ويثير نقاشاً حاداً بين ممثلي اليسار من مخرجي تونس ولبنان والسنغال والممثلة محسنة توفيق من مصر، وممثلي اليمين مخرج الفيلم وبطليه محمود ياسين الذي ساند الفيلم وحسين فهمي الذي اكتفى بالصمت، ليسجل يوسف شريف رزق الله وقائع الندوة كاملة على صفحات نشرة نادي السينما.

بينما يطرح الفيلم أن سبب النصر هو التخلص من المستبدين أصحاب الكلمات الجوفاء ممثلين في شخصية "عباس"، مدير الجمعية التعاونية كرمز للنظام الناصري. يقول حسام مصطفى رداً على ناقد لبناني انتقد عدم إظهار السنوات من 1967إلى 1972 في الفيلم أن الفيلم ليس محاضرة تاريخية، ويضيف: "الشعب هو الذي هُزم وليس الجيش، وقد هُزم الشعب لعدم وجود حرية كلام ونقاش". ثم يضيف أن وجود قصة حب في الفيلم جاءت لأنه لا يميل للأفلام السياسية، ويفضل أن يكون الفيلم جماهيرياً مع جرعة دواء صغيرة من السياسة. ويدافع محمود ياسين عن الفيلم، ويذكر أن به شكلاً رمزياً لعرض قضايا المجتمع. ثم يقول: "كان الجيش الذي حارب في 67 جيشاً محيداً عن الشعب<.. كان جيشاً نازياً، وكان الشعب يعلم سلفاً أن هذا الجيش سينكسر ويُضرب، ولم تكن النتيجة غريبة وإنما كان الغريب في المسألة أن الهزيمة كانت فادحة".

ملصق فيلم "الرصاصة لا تزال في جيبي"

وكان الغريب أن يقف سامي السلاموني في صفوف المدافعين عن الفيلم على الرغم من خلافه السياسي مع إحسان عبد القدوس وحسام الدين مصطفى وبعض أفكار الفيلم، ولكنه أظهر تأييده لفكرة تسبب غياب حرية التعبير للهزيمة وأنه لا يعفي الشعب المصري من مسؤولية الهزيمة، لأنه كان يدرك أن هناك نظاماً ديكتاتورياً يحكم من عام 1952 إلى 1967 دون أن يقاومه، وأن ثورة تموز/يوليو 52 كانت سلطة عسكرية بورجوازية منفصلة عن الجماهير، ولم تكن ثورة شعبية. ثم تدخل الممثلة محسنة توفيق في الحوار السياسي على الرغم من أنها لم تشاهد الفيلم، معارضةً ما قيل عن الشعب والجيش المصري، فتاريخ الشعب المصري لا يقول إنه السبب في الهزيمة، والشعب لم يكن بليداً و"رمة" والجيش المصري لم يكن نازياً، لأن الجندي المصري الذي انسحب في 67 هو نفسه من عبر في 73، وتطالب أن تكون أفلام الحرب مرتبطة بالحرب والسياسة فعلاً، وإلا فلتتناول قصص الحب بعيداً عن الحرب.

بدأ بريق نادي السينما في الخفوت عام 1977 بعد مرور عشر سنوات على تأسيسه لأسباب متعددة، مع ابتعاد الدولة عن السينما كصناعة وتوزيع وامتلاك لدور العرض، لتعود دار سينما "أوبرا" لأصحابها الأصليين 

وبعد استمرار الهجوم على الفيلم واعتباره مشابهاً للأفلام الأمريكية الدعائية المعادية للفيتناميين والهنود الحمر، ووصفه بـ"الفيلم المخدر" الذي لا يتناول مشاكل الشعب المصري، يلقي حسام مصطفى الكلمة الختامية التي يأسف فيها لتحول أيام قرطاج السينمائية لأيام سياسية، وأنه لم يأت للنقاش في السياسة بل لنقاش النواحي الفنية، ولكنه يضيف رداً على اتهام الفيلم بأنه يمثل السلطة بأنه لا توجد سلطة في مصر، "هناك ناس تحكم وناس تُحكَم"، وهناك الآن التحام بين الطرفين، ما يقوله "اللي فوق" ليس مختلفاً عما يقوله "اللي تحت"، وأن الفيلم قد حقق نجاحاً ساحقاً في القاهرة، وأنه فخور بتعلم السينما في "هوليوود" واستخدام التكنيك الأمريكي لتوصيل مفهوم عربي، لتنتهي تلك المعركة التي استغرقت ثلاث ساعات في قرطاج. ولكن أمير العمري يضيف أن ما علمه أن حسام الدين مصطفى تقدم بشكوى لوزارة الخارجية بعد عودته للقاهرة ضد المصريين الذين هاجموا فيلمه في الندوة باعتبارهم قد هاجموا نظام الحكم من الناحية السياسية.

نهايات السبعينيات والسادات والرحيل

بدأ بريق نادي السينما في الخفوت عام 1977 بعد مرور عشر سنوات على تأسيسه لأسباب متعددة، مع ابتعاد الدولة عن السينما كصناعة وتوزيع وامتلاك لدور العرض، لتعود دار سينما "أوبرا" لأصحابها الأصليين الذين يرفضون استمرار العرض الأسبوعي لنادي السينما لينتقل النادي لقاعة النيل الصغيرة، على الرغم من زيادة أعضائه بأضعاف ما كان يدفعه لسينما اوبرا، وتراكمت آثار الانفتاح الاقتصادي والتضخم الهائل لترتفع تكاليف الأجور وطباعة النشرة التي سوف تتقلص صفحاتها، بالإضافة لعدم وجود نسخ لدى النادي يستطيع تبادلها مع أندية السينما العالمية، وظهور خلافات بين الأعضاء حول إدارة النادي التي كانت مرتبطة ببعض الأعضاء وتدهورت مع رحيلهم، ليغادر أمير العمري بعد ذلك مصر مع اختفاء مناخ الحرية الذي أتاحه السادات في الجزء الأول من حكمه، ثم تراجع عنه لاحقاً بقوانين وتعديلات مقيدة للحريات وصلت ذروتها في اعتقالات 1981.


يعطينا كتاب "عصر نادي السينما" بلغة السينما "كادراً "مختلفاً نشاهد فيه السبعينيات بعين طلبة ومثقفين يحلمون بتغيير السينما، ثم تغيير العالم، من خلال السينما، فتبدو مختلفة كثيراً عمّا نعتقده عن تلك الفترة؛ فبينما ترى قطاعات عديدة مسرحية "مدرسة المشاغبين" التي تحولت إلى أيقونة السبعينيات كعمل فني أفسد الطلبة والتعليم، وعبر عن تدهور الأخلاق في عصر الانفتاح، ويفسر الكاتب إبراهيم عبد المجيد في رواية "هنا القاهرة" عرضها أثناء مظاهرات كانون الثاني/يناير 1977 بالرغبة في إعادة الناس للبيوت وشغلهم عن المظاهرات نظراً لشعبية المسرحية الكبيرة.

ملصق فيلم "قصر الشوق"

يرى أمير العمري أن ظهور المسرحية عام 1973 مرتبط بمظاهرات الطلبة في عامي 1971 و 1972، وأن المقصود منها هو تشويه احتجاجات الطلبة واعتبارهم مجموعة من الحمقى والأغبياء، ولذلك يتزامن عرض المسرحية في التليفزيون مع المظاهرات، وهو ما ينطبق على رؤيتنا لأفلام "الماضي الجميل"، فبينما نحتفي الآن بفيلم "قصر الشوق" ونعتبره من كلاسيكيات السينما المصرية كان هناك، من يراه في وقت عرضه "فيلما مبتذلاً" واهداراً للمال العام وإفساداً لرواية نجيب محفوظ بتركيز حسن الإمام على العوالم، وهو ما ينطبق على "خلي بالك من زوزو" الذي نستمتع بأغانيه واستعراضاته التي خلدتها سعاد حسني ونعتبره فيلماً رائداً يحارب التطرف والرجعية، بينما كان الطلبة الثائرون غاضبين من نجاحه ويرفضون هذا الشكل من السينما اليمينية التقليدية التي تخدر الشعب في وقت الهزيمة.

"عصر نادي السينما" كتاب يدفعنا للتفكير في تقلبات الزمن والسياسة وانفجار بركان الأحلام وخموده، والإعجاب بسحر السينما التي تجمع كل ذلك وتخلده في شاشتها وكتبها وحكاياتها.


إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

بالوصول إلى الذين لا يتفقون/ ن معنا، تكمن قوّتنا الفعليّة

مبدأ التحرر من الأفكار التقليدية، يرتكز على إشراك الجميع في عملية صنع التغيير. وما من طريقةٍ أفضل لنشر هذه القيم غير أن نُظهر للناس كيف بإمكان الاحترام والتسامح والحرية والانفتاح، تحسين حياتهم/ نّ.

من هنا ينبثق رصيف22، من منبع المهمّات الصعبة وعدم المساومة على قيمنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image