شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!

"القاهرة أحبك"... بانوراما بصرية لذاكرة السينما المصرية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الجمعة 29 نوفمبر 201912:11 م

بانوراما بصرية لتاريخ السينما المصرية بلغات فنية مختلفة، يقدمها معرض "القاهرة أحبك" المقام حالياً في مركز الهناجر للفنون بالقاهرة، على هامش مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الواحدة والأربعين.

المعرض يحكي علاقة السينما بالقاهرة التي كانت من أوائل مدن العالم في صناعة السينما، فاستضافت أول عرض سينمائي في يناير عام 1896، سبقتها الإسكندرية وباريس اللتان قدمتا أول عرض سينمائي تجاري في العالم خلال ديسمبر 1895

منذ ذلك الوقت، نشأت علاقة راسخة بين السينما والعاصمة المصرية التي تحمل في ذاكرتها الجغرافية والتاريخية أفلاماً سينمائية أصبحت بدورها وثيقة بصرية شاهدة على ما مرت به القاهرة. كل ذلك سيطالعه زوار معرض "القاهرة أحبك" عبر أعمال فنية تنوعت بين الصورة والفيديو وتقنية الواقع الافتراضي.

فيلم بكاميرا يدوية

يُستهل المعرض بشاشة تعرض فيلم "عودة سعد زغلول من المنفى" 1923، للمخرج والمصور محمد بيومي، أحد أهم صناع السينما في بداية القرن الـ20. الفيلم يؤرخ لحظة استقبال المصريين لقائد ثورة 1919 بعد عودته من منفاه في مالطا، وقد صور في القاهرة بكاميرا يدوية الصنع.

وعبر جسر مصمم على هيئة "كوبري قصر النيل"، يدخل الزوار مجسماً لقلب القاهرة الخديوية –وسط البلد- التي كانت مستقراً لنهضة السينما المصرية. في البداية شباك تذاكر على الطراز القديم، عليه ملصقات لتذاكر قديمة، أحدها لدخول فيلم "الدكتاتور العظيم" لشارلي شابلن.

إلى جانب ثقلها الثقافي، القاهرة الخديوية غنية بكنوزها المعمارية التي تحكي حتى اللحظة النهضة العمرانية التي قامت نهاية القرن الـ19، تزامناً مع النمو السينمائي وقتها. ليكون كل منهما شاهداً على الآخر. هذه العلاقة بين المكان والسينما تجلت في معرض "القاهرة أحبك"، في مجموعة صور فوتوغرافية لأمكنة قاهرية توزعت بين زمنين، أولهما بحضور أبطال سينمائيين، مثل هند رستم وفاتن حمامة وشادية وعبد الحليم، بينما يحمل الجزء الآخر من الصورة ذات المكان لكن في الوقت الحالي.

قسم آخر في المعرض عني بالإنجاز المعماري القاهري، خُصِّص لشركة الإسماعيلية التي تعمل على إحياء تراث القاهرة الخديوية، عبر ترميم الأبنية وتجديدها بما يتلائم مع روح العصر مع الحفاظ على طرازها القديم، من ضمن تلك الأبنية سينمات وسط البلد.

سيلقى زوار المعرض تشكيلاً أشبه بميدان طلعت حرب، وسط القاهرة، على يمينه بوابة تخطف العين لمقهى "جروبي"، الحلواني السويسري الذي قدم مصر وأسس فيها أقدم وأشهر مقهى على الطراز الأوروبي عام 1891. "جروبي" كان استراحة للفنانين والنخبة الثقافية، أيضاً شهد تصوير عدد من الأفلام منها "العتبة الخضراء" و"عمارة يعقوبيان".

أمام بوابة جروبي ويتوسط المعرض تمثال طلعت حرب الذي يظهر بتقنية "virtual mannequin"، متحدثاً عن تاريخ السينما المصرية ومدى ارتباطها بكافة جوانب الحياة في البلاد. طلعت حرب، أبو الاقتصاد المصري -كما يلقب- كان واحداً ممن أرسوا دعائم السينما في بداياتها، يقيناً منه بأنها إحدى قوى التغيير والتقدم التعليمي والاقتصادي. فشيد أول شركة مصرية للتمثيل والسينما (استديو مصر) ومسرح الأزبكية، كما أرسل بعثات سينمائية إلى خارج مصر.

الفلكلور بتقنية الـVR

يعود زوار المعرض إلى حقبة ما قبل السينما، عندما يسافرون إلى معبد الكرنك والأقصر عبر تقنية الـVR، بهدف الربط بين المنجز السينمائي والحضارة المصرية القديمة. تقنية الواقع الافتراضي تجعل المشاهد في قلب الفرجة السينمائية، بحسب قول رامي جورج، المدير الفني لشركة 5d Future Reality، المشارِكة في المعرض، مؤكداً لرصيف22 أنها تعطيه القدرة على الحركة في فضاء الفيلم بمدار 360 درجة، والحرية في اختيار الزاوية التي يرى من خلالها العمل: "قدمنا تجارب تجعل المشاهد أكثر تفاعلاً مع العمل، أهمها فيلم بتقنية vr viving auc folkor عن فرقة رضا التراثية للرقص".

معرض "القاهرة أحبك" يقدم عرضاً بانوراميا لتاريخ السينما المصرية، عبر الصور والفيديو وتقنية الواقع الافتراضي
يعرّج المعرض على حكاية الأوبرا المصرية منذ إنشائها عام 1869، واستقطابها أعلام الفن في مصر والعالم، ثم الحريق الذي تعرّضت له، القصة معروضة بتنقية projection mapping
ثمة علاقة قوية ربطت السينما بالقاهرة في بداية نهضتها، فجزء كبير من جغرافية القاهرة تم تأريخه من خلال أفلام سينمائية باتت وثيقة بصرية لتلك الحقبة

اسماعيل ياسين حضر "القاهرة أحبك" في قسم الفيديو الذي حمل عنوان سينما ميامي -تذكيراً بسينما ميامي العريقة في وسط القاهرة- ويعرض هنا مقتطفات من أفلام صورت في القاهرة، منها "اسماعيل ياسين في مستشفى المجانين"، "أيام السادات"، و"صغيرة على الحب".

يعرّج المعرض على حكاية الأوبرا الخديوية منذ إنشائها عام 1869 واستقطابها أعلام الفن في مصر والعالم، ثم زوالها ضمن حريق القاهرة، ليعاد بناؤها في مكان آخر بشكل أكثر حداثة، يجعلها المركز الأهم للفعاليات الفنية المصرية بما فيها مهرجان القاهرة السينمائي. قصة الأوبرا مقدمة لزوار المعرض بتنقية projection mapping.

وعلى جانب ليس ببعيد، صور موثقة لحريق القاهرة مرفقة برواية مكتوبة للكارثة التي عصفت بتاريخ الفن المصري عام 1952. عندما قام عدد من المتظاهرين بحرق أماكن وسينمات يرتادها الأجانب والنخبة المصرية، رداً على مقتل رجال شرطة مصريين على يد القوات البريطانية. إلى جانب الرواية صور بالأبيض والأسود لحريق القاهرة، على ضفة أخرى عرض أكثر إشراقاً للسينما المصرية، خصصها المعرض للحديث عن نهضة السينما قبل ثورة 1952، مرفقة ببوسترات لأفلام، منها "أبي فوق الشجرة" لعبد الحليم حافظ، "المومياء" لنادية لطفي، والقاهرة 30" لسعاد حسني.

تلك البوسترات تحف فنية تعبر عن هوية السينما المصرية وجوهرها في ذلك الوقت، بتشكيلاتها البصرية القائمة على الجرأة والتعبير الإنساني عن مضمون الأعمال. تؤكد ذلك الناقدة الفنية ماجدة الخطيب، مضيفة لرصيف22 أن علاقة قوية ربطت السينما بالقاهرة في تلك الحقبة: "جزء كبير من جغرافية القاهرة تم توثيقه من خلال السينما، منها تمثال رمسيس الذي يظهر في فيلم باب الحديد، وفيلم يوم من عمري، متوسطاً ميدان رمسيس وقد غاب اليوم عنه. كذلك فيلم عمارة يعقوبيان الذي قدم مشاهد توثيقية لوسط القاهرة".

تشير خير الله إلى أفلام أرّخت تفاصيل لن تعرفها الأجيال القادمة مثل حديقة الحيوان وحديقة الأسماك والأتوبيس النهري والترام، لافتة أن "أفلام محمد خان كانت تركز في مضمونها على جغرافية القاهرة. كل ذلك يؤكد أن السينما هي أهم وثيقة مسموعة ومرئية للتفاصيل والأماكن".

آخر مايطالعه زوار معرض "القاهرة أحبك" صورة للناقد المصري يوسف شريف رزق الله متوسطاً عدداً من مشاهير الفن. رزق الله رحل عن عالمنا في يوليو الماضي وكان مديراً فنياً لمهرجان القاهرة السينمائي منذ عام 2000، قبل ذلك قدم برامج سينمائية عديدة، كانت نافذة ثقافية للسينما المصرية والعالمية. فاستحق أن يكرمه المهرجان وتسمى الدورة الـ41 باسمه.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image