شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
الهروب الكبير ... من الطب إلى الرئاسة فالحرب الأهلية، من

الهروب الكبير ... من الطب إلى الرئاسة فالحرب الأهلية، من "كان" بشار حافظ الأسد؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن والحقوق الأساسية

الأحد 8 ديسمبر 202409:55 ص

وُلد بشار حافظ الأسد في 11 أيلول/ سبتمبر 1965 في دمشق لأسرة علوية. أبوه هو الرئيس السوري السابق حافظ الأسد، الذي حكم سوريا لمدة ثلاثة عقود. ووالدته هي أنيسة مخلوف. وهو الابن الأوسط لهما، يكبره باسل ويصغره ماهر.

تلقى تعليمه في مدارس دمشق، والتحق بكلية الطب في جامعتها، حيث تخرج عام 1988. بعد تخرجه عمل طبيباً في "مشفى تشرين العسكري"، ثم سافر إلى بريطانيا عام 1992 للتخصص في طب العيون في مستشفى "ويسترن" للعيون في لندن. 

من الطب إلى رئاسة الجمهورية 

التحق بعالم السياسة متأخراً على عكس شقيقيه اللذان انضما إلى المؤسسات الأمنية والسياسية منذ عمر مبكر، وذلك في عام 1994 بعد أن توفي شقيقه الأكبر باسل الأسد في حادث سير، والذي كان يُعد لخلافة والده حافظ الأسد من خلال تمكينه من المناصب العسكرية وإعطائه صلاحيات واسعة، وعرف عنه أنه كان أشد قسوة منه، وعليه عاد بشار أو تم استدعاؤه من لندن إلى سوريا ليتم تحضيره ليصبح الوريث السياسي لوالده، وعلى الفور بدأ تلقى تدريباً عسكرياً في الأكاديمية العسكرية، حيث ترقى في الرتب سريعاً حتى وصل إلى رتبة عقيد ركن.

في عام 1998، أوكل إليه والده مسؤولية تولي الوجود السوري في لبنان، مما منحه بعض الخبرة في السياسة الإقليمية. 

التحق بشار عالم السياسة متأخراً على عكس شقيقيه اللذان انضما إلى المؤسسات الأمنية والسياسية منذ عمر مبكر، وذلك في عام 1994 بعد أن توفي شقيقه الأكبر باسل الأسد في حادث سير، والذي كان يُعد لخلافة والده حافظ الأسد. 

بعد وفاة حافظ الأسد في حزيران/يونيو 2000، تم تعديل الدستور لخفض العمر الأدنى للرئيس من 40 إلى 34 عاماً، مما أتاح له الترشح. وفاز بالانتخابات الرئاسية بنسبة تأييد 97.29%، والتي وصفتها المعارضة بالمزورة وغير الدستورية. وأدى اليمين الدستورية في تموز/ يوليو 2000. وفي 18 كانون الأول/ ديسمبر 2000 تزوّج من أسماء الأخرس التي كان قد تعرف عليها في لندن، التي ستعرف لاحقاً بأسماء الأسد لاحقاً- وهي من مواليد لندن 1975، وابنة الطبيب السوري فواز الأخرس والدبلوماسية سحر العطري. 

تفاؤل في غير محله 

كان هناك نوع من التفاؤل بأن يحمل عهده بعض الإصلاح، بل وأقرب إلى التشجيع عليه من قبل بعض تصريحات قادة الدول والمؤسسات الدولية، وبالفعل شهد بداية حكمه منح بعض الحريات حيث سمح بالندوات الثقافية والسياسية، فيما وصفت بأنها مرحلة أثارت امتعاض رجال والده من الحرس القديم، لكنه في نفس الوقت تمسك بقدسية حزب البعث -العمود الفقري للنظام السياسي في سوريا- كوسيلة لضمان استمرار إرث والده.

استمرت الشعارات القومية الاشتراكية التي تنادي بتحرير الأرض وتوحيد الأمة العربية، لكن ممارسات الحزب القمعية على الأرض، كمصادرة الحريات، وزج المعارضين في السجون، والتعذيب، والفساد، أثارت انتقادات كثيرة وحولت سوريا إلى "سجن كبير" بحسب وصف معظم المؤرخين.

لعب الحزب دورًا مركزيًا في تعزيز سيطرة بشار من خلال تكريس هيمنته على المؤسسات الحكومية والتعليمية والاقتصادية، وبالأساس الأمنية. لكن الدور الشعبي للحزب تراجع بشكل ملحوظ منذ تولي بشار الحكم، ورغم الوعود بالإصلاح، لم يخرج بشار عن نهج والده في استخدام الحزب كأداة لضمان سيطرة العائلة والنخبة الحاكمة، مما أبقى الحزب في واجهة الانتقادات لافتقاره للديمقراطية، ولثقافة الفساد والمحسوبية، وفشله في تحقيق شعاراته الكبرى. 

وقد اعتمد بشار على شبكة من رجال الأمن والسياسيين الذين كانوا مقربين من والده، وعلى رأسهم وزير الخارجية الراحل وليد المعلم، وعائلة مخلوف، خاصة رامي مخلوف الذي سيطر على الاقتصاد السوري، وشقيقه الأصغر ماهر الأسد قائد الفرقة الرابعة، وعلي مملوك ومحمد ديب زيتون من رجال الاستخبارات.

حلفاؤه... سبب النصر أم الهزيمة؟ 

استند بشار الأسد إلى دعم حلفاء استراتيجيين عززوا بقاء نظامه، وسيظل السؤال التاريخي قائماً عما إذا كان حلفاء النظام قد تسببوا ببقائه بعد الحرب الأهلية أن أنهم السبب في النتيجة النهائية التي أدت إلى سقوط النظام الأسدي وهروبه. 

وصفه من قابلوه بأنه يشبه والده في احتفاظه ببرودة أعصابة في أحلك الظروف، يقول للإندبندنت صحافي ممن التقوا بشار الأسد أكثر من مرة قبل الحرب وخلالها لوكالة الصحافة الفرنسية "بشار الأسد شخصية فريدة ومركبة. في كل مرة التقيته كان هادئاً وغير متوتر حتى في أشد لحظات الحرب الحرجة والقاسية، وهذه تماماً صفات والده" حافظ الأسد الذي حكم سوريا لمدة 30 عاماً. استطاع أن يكون الرجل الذي لا يستطيع أن يستغني عنه أحد"، مضيفاً "قد يكون من السهل ترتيب الأوراق، لكن في السياسة بشار الأسد أتقن لعبة خلط الأوراق".

كان هناك نوع من التفاؤل بأن يحمل عهده بعض الإصلاح، بل وأقرب إلى التشجيع عليه من قبل بعض تصريحات قادة الدول والمؤسسات الدولية، وبالفعل شهدت بداية حكمه منح بعض الحريات حيث سمح بالندوات الثقافية والسياسية، فيما وصفت بأنها المرحلة التي أثارت امتعاض رجال والده من الحرس القديم 

1. إيران: قدمت دعماً عسكرياً واقتصادياً عبر الحرس الثوري وميليشيات مثل حزب الله.

2. روسيا: التي تدخلت عسكرياً عام 2015 لدعم النظام، مما ساهم في استعادة مناطق واسعة.

3. الصين: قدمت دعماً دبلوماسياً عبر استخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن.

بدأت الاحتجاجات الشعبية في آذار/مارس 2011 ضمن موجة الربيع العربي، لكنها قوبلت بالقمع الشديد من قبل نظامه، ما أدى إلى اندلاع حرب أهلية شرسة، وقد تضمنت المعارضة السياسية كياناتٍ مثل "الائتلاف الوطني لقوى الثورة" و"المجلس الوطني السوري".

أما المعارضة العسكرية، فقد ظهرت في تشكيلات مثل "الجيش السوري الحر"، ثم الجماعات المتطرفة مثل "جبهة النصرة" و"داعش". هذا بالإضافة إلى الأكراد الذين أسسوا حكماً ذاتياً في شمال وشرق سوريا بقيادة "قوات سوريا الديمقراطية".

وجه نظامه تهماً لكل أشكال الاحتجاجات بأنها مدعومة من الخارج، بينما واجه النظام اتهامات واسعة بارتكاب جرائم حرب، مثل استخدام الأسلحة الكيميائية وفق تقارير دولية، وكذلك الانتهاكات داخل السجون، التي وثقتها منظمات مثل هيومن رايتس ووتش، واتهم بأنه السبب في تشريد حوالي 6.8 مليون سوري كلاجئين في أنحاء العالم، وبأنه ترك سوريا مشاعاً للفصائل الإيرانية، وحزب الله، وبأنه السبب في تدهور الأوضاع المعيشية للسوريين.

أُعيد انتخاب بشار الأسد رئيساً في 2007 و2014 و2021 بنسب تفوق 95%، في انتخابات اقتصرت على مناطق حكم النظام، وهي التي وصفتها المعارضة والدول الغربية بأنها انتخابات غير نزيهة وشكلية. 

واجه بشار اتهامات واسعة بارتكاب جرائم حرب، مثل استخدام الأسلحة الكيميائية، والانتهاكات داخل السجون، واتُهم بأنه السبب في تشريد حوالي 6.8 مليون سوري كلاجئين في أنحاء العالم، وبأنه ترك سوريا مشاعاً للفصائل الإيرانية، وحزب الله، وبأنه السبب في تدهور الأوضاع المعيشية للسوريين 

إنما، منذ عام 2016، شهد نظامه تدهوراً ملحوظاً في وضعه السياسي والعسكري؛ فعلى الرغم من استعادة قواته السيطرةَ على مدينة حلب في كانون الأول/ ديسمبر 2016 -عُدّ آنذاك انتصاراً- إلا أن التحديات استمرت في التصاعد، واعتماده على دعم حلفائه، خاصة روسيا وإيران، أدى إلى تقليص سيادته الوطنية وزيادة نفوذ هذه الدول في الشؤون السورية؛ الأمر الذي وصل بدمشق لأن تصبح عاصمة الكبتاغون وصناعة المخدرات في العالم كما تصفها التقارير الدولية، ومشاعاً للميليشيات الإيرانية، كما واجه النظام صعوبات اقتصادية خانقة نتيجة العقوبات الدولية وتدمير البنية التحتية، مما أدى إلى تدهور الأوضاع المعيشية للسوريين.

الهروب الغامض

في الأيام القليلة الأخيرة من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، تفاقمت التحديات التي يواجهها الأسد مع الهجمات القوية المفاجئة التي قادتها هيئة تحرير الشام والفصائل الأخرى بقيادة الجولاني، والتي وصفتها صحيفة فايننشال تايمز بأنها "تحولت على مدى السنوات الماضية إلى جيش أولي مصقول بشكل أساسي". 

في فجر الثامن من كانون الأول/ ديسمبر 2024 هرب بشار الأسد إلى جهة مجهولة، بينما صدر البيان رقم 1 من المعارضة السورية على التلفزيون السوري ليعلن سقوط دمشق. 

بدأ النظام السوري الذي يترأسه بشار بخسارة محافظات كاملة بدءاً من حلب بعد تحرك "هيئة تحرير الشام" والفصائل المسلحة بقيادة الجولاني، الذي أعلن أن النية متجهة لتحرير دمشق. بالإضافة إلى ذلك، تراجع دعم الحلفاء والجيران، حيث ركزت روسيا على حربها في أوكرانيا منذ عام 2022، بينما قلصت إيران وحزب الله دعمهما بعد الإرهاق الذي أصابهما نتيجة الحرب الإسرائيلية على لبنان، وأعلن العراق عدم تدخله في ما أسماه "الشؤون الداخلية" لسوريا، وأغلق الأردن حدوده، أما تركيا فقدمت دعمها للجولاني بشكل صريح.

في فجر الثامن من كانون الأول/ ديسمبر 2024 هرب بشار الأسد إلى جهة مجهولة، وأشارت بعض التسريبات ومنها موقع أكسيوس بأنه متواجد في سوريا أو في قاعدة عسكرية في سوريا، بينما صدر البيان رقم 1 من المعارضة السورية على التلفزيون الرسمي السوري ليعلن سقوط دمشق، وأعلن الجولاني عن منع إطلاق النار في الهواء خلال الاحتفالات بسقوط النظام، مع بقاء رئيس الوزراء السوري في منزله لتسليم مهامه. ولينهي الثامن من كانون الأول/ ديسمبر أكثر من خمسة عقود من حزب البعث والنظام الأسدي في سوريا ويقلب صفحة التاريخ.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

ما زلنا في عين العاصفة، والمعركة في أوجها

كيف تقاس العدالة في المجتمعات؟ أبقدرة الأفراد على التعبير عن أنفسهم/ نّ، وعيش حياتهم/ نّ بحريّةٍ مطلقة، والتماس السلامة والأمن من طيف الأذى والعقاب المجحف؟

للأسف، أوضاع حقوق الإنسان اليوم لا تزال متردّيةً في منطقتنا، إذ تُكرّس على مزاج من يعتلي سدّة الحكم. إلّا أنّ الأمر متروك لنا لإحداث فارق، ومراكمة وعينا لحقوقنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image