بين ليلة وضحاها، انقلبت خرائط السيطرة العسكرية مع تبدّل أوزان النفوذ في الساحة السورية بما قد يفضي إلى إعادة تسخين هذه الساحة، أو إلى إقرار تفاهمات إقليمية ودولية جديدة تدفع باتجاه حلّ سياسي شامل، أو إلى إعادة تجميد الصراع بعد اعتراف ضمني بدويلات الدولة السورية. وما يرجح أحد هذه السيناريوهات، هي مواقف أو تفاهمات الفاعلين الإقليميين والدوليين.
المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، قال في تعقيبه الصحافي: "نحن بالطبع نواصل دعم بشار الأسد، ونواصل اتصالاتنا على المستوى المناسب ‘ونحلل الوضع’، وسيتم ‘تشكيل موقف’ بشأن ما هو مطلوب لتحقيق الاستقرار في الوضع".
في المقابل، يتحمل الأسد مسؤولية إعادة التصعيد، حسب وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، نتيجة رفضه الحوار مع المعارضة، فتطورات الشمال السوري "تُظهر ضرورة التوصل إلى تسوية بين الحكومة والمعارضة"، مبدياً "استعداد بلاده للمساهمة في أي حوار إذا تطلب الأمر"!
أضاف فيدان في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الإيراني عباس عراقجي: "من الخطأ في هذه المرحلة محاولة تفسير الأحداث في سوريا على أنها تدخل خارجي"، مؤكداً أن أنقرة "لا تريد للحرب الداخلية في سوريا أن تتصاعد أكثر"، وأنها "ستبذل جهوداً جديدةً قريباً في إطار عملية أستانا، وسيتم إحياء العملية".
مع تباين وجهتي نظر العاصمتين، شدّد الوزير الإيراني، الذي وصل إلى أنقرة بعد زيارته دمشق، على ضرورة الاحتكام إلى منصة أستانا التي تجمعهما بالإضافة إلى روسيا، وتُعنى بخفض التصعيد الذي لم تحترمه طهران منذ انطلاق نسختها الأولى عام 2016، حيث كانت دائمة الإصرار على ضرورة الحسم الميداني، وهو ما لم يرُق لموسكو، التي أرادت ترجمة الانتصارات العسكرية إلى مكاسب سياسية مستقرة.
هذا التباين يبدو أنه بلغ حدوداً تصعب مقاربتها، وفي اتجاه تصادم غير مباشر بينهما، عبر وكلائهما على الأرض السورية. فغداة لقاء الوزيرين، هاجم مستشار المرشد الأعلى للشؤون الدولية، علي أكبر ولايتي، أنقرة، قائلاً إنها سقطت في حفرة أعدّتها الولايات المتحدة وإسرائيل.
ومؤخراً، بدأ الموقف الروسي يتضح إلى حدٍّ ما، حيث أبدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال محادثة هاتفية مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، رغبةً في توقف سريع لهجمات الفصائل المسلحة المعارضة لحكومة دمشق، فيما أكّد هو ونظيره الإيراني، مسعود بزشكيان، خلال مكالمة هاتفية، دعمهما "غير المشروط" للأسد في مواجهة هجوم فصائل المعارضة المسلحة الذي بدأ يوم الأربعاء الفائت، وأدى إلى استعادة سيطرة المعارضة على كامل محافظة إدلب وحلب، بالإضافة إلى أجزاء واسعة من حماة التي تشهد حالياً اشتباكات عنيفةً بين الجانبين.
المفارقة اللافتة في الأحداث الأخيرة، إلى جانب سرعة سيطرة قوات المعارضة على الأراضي وغياب القصف الجوّي الروسي-الأسدي على مناطق وقوى المعارضة، غياب أي رد فعل عنيف من قبل روسيا تجاه استعادة حيَّي الأشرفية والشيخ مقصود في مدينة حلب، مع مدينة تل رفعت شمالي حلب، والتي سيطرت عليها وحدات حماية الشعب الكردية عام 2016. وجاءت السيطرة عليها بمساعدة موسكو، كرد على إسقاط أنقرة طائرةً حربيةً روسية آنذاك.
إلى ذلك، كانت المدينة وسواها من مناطق سيطرة الوحدات التابعة لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، غرب الفرات، تحت وصاية روسيا، فيما تقع باقي مناطق سيطرتها في شرق الفرات تحت وصاية أمريكية، فهي تُعدّ الحليف المحلي لواشنطن.
وتوفر السيطرة على حلب فرصةً لأنقرة لإضعاف خصومها الكرد في سوريا، حسب مجلة الشرق الأوسط. كما أن السيطرة على منطقة إستراتيجية في شمال غرب سوريا، بما فيها حلب، ستعزز موقف وكلاء تركيا المحليين لشنّ المزيد من الهجمات على مناطق سيطرة الكرد غرب الفرات، وهو ما يهدد إدارتها الذاتية المدعومة أمريكياً في شمال شرق سوريا.
صعوبة التنبؤ في وضع متقلّب
لأنقرة مصالح ذات شقّين في شمال سوريا؛ الشقّ الأول يتعلق بإنشاء منطقة آمنة على طول حدودها لإدارة أزمة اللاجئين المستمرة لديها، عبر تأمين مناطق كحلب لتهيئة ظروف إعادة اللاجئين، بجانب هدفها إضعاف قبضة الأسد على شمال سوريا، وتوسيع نطاق نفوذها مع تقويض الحكم الذاتي الكردي في شمال شرق سوريا، وذلك من خلال فصائل محلية موالية لتركيا تجنّبها المواجهة المباشرة مع القوى الإقليمية والدولية الفاعلة في الشأن السوري، مع تقليل التكاليف على أنقرة أيضاً.
بين ليلة وضحاها، انقلبت خرائط السيطرة العسكرية مع تبدّل أوزان النفوذ في الساحة السورية بما قد يفضي إلى إعادة تسخين هذه الساحة، أو إلى إقرار تفاهمات إقليمية ودولية جديدة تدفع باتجاه حلّ سياسي شامل، أو إلى إعادة تجميد الصراع بعد اعتراف ضمني بدويلات الدولة السورية
ويؤكد الانهيار السريع لقوات الأسد، وعجزها عن الدفاع عن حلب، مدى اعتماد الأخير على الدعم الجوّي والبرّي لكل من موسكو وطهران. كما تعطّل خسارة المدينة إستراتيجية الأسد في إبراز الاستقرار الهادف إلى جذب الاعتراف الدولي والإغاثة الاقتصادية. ومع احتمالية انكماشه وفقدانه المزيد من الأراضي، تترسخ احتمالية تجزئة سوريا.
لذا، يشير سقوط المدينة إلى مرحلة جديدة في الحرب السورية، التي يبدو أنها تستعصي على التجميد المأمول دولياً، وستنثر عواقبها الوخيمة على المنطقة، إن لم يتم اجتراح حلول مرضية لأغلب/ جميع الفرقاء المحليين وداعميهم.
في المقابل، تلعب سوريا دوراً مهماً في إستراتيجية الردع الإيرانية تجاه إسرائيل والولايات المتحدة، حيث تشكل عقدة وصل وانطلاق لنقل الأسلحة الإيرانية إلى الوكلاء الإقليميين. لذا، يرجّح موقع أمواج ميديا، عدم سماح طهران بسقوط الأسد، خاصةً من دون قتال.
مع ذلك، ستستغل طهران الحدث لتعزيز نفوذها في دمشق، ولاحتمالية زيادة "حرسها الثوري" في سوريا مستقبلاً، إلى جانب مواصلة الانخراط مع شركائها في منصة أستانا، على الأقل، لإحباط المزيد من التحركات التركية الضاغطة على الأسد.
كان الاجتماع "مفيداً وصريحاً (تعبير دبلوماسي يشير إلى وجود تباينات/ خلافات) وودّياً"، قال عراقجي بعد لقائه الأسد، مشيراً إلى أنهما ناقشا "تفاصيل الدعم الذي يجب تقديمه لسوريا"، ومن دون الحديث عن تفاصيل، نوّه الوزير بـ"تفاهمات جيدة" تم التوصل إليها بين الجانبين.
وفي هذا السياق، أعلنت طهران إمداد دمشق بالرجال والعتاد، إن طلبت الأخيرة ذلك. كما دخلت العشرات من الميليشيات العراقية والأفغانية الموالية لها إلى سوريا لمساعدة قوات دمشق. ووفقاً لمصادر مقربة من "حزب الله"، ليست لدى الجماعة اللبنانية المسلحة الموالية لإيران خططاً لإرسال عناصرها للقتال في سوريا، كما أنها غير مستعدة لذلك، بعد قتالها العنيف مع إسرائيل، و"حكومة دمشق لم تطلب المساعدة من حزب الله"، تضيف تلك المصادر.
لطالما كان العراق متأثراً بالأوضاع في سوريا، حسب محلل الشؤون الشرق أوسطية المقيم في واشنطن، عبد الله الحايك، الذي يقول: "تنظر بغداد إلى الوضع في سوريا من منظور أمني وسياسي. مع ذلك، دعم العراق للنظام السوري لا يعني تبنّي سياساته بشكل كامل، بل هو جزء من إستراتيجية مكافحة الإرهاب وضمان عدم عودة داعش مجدداً إلى المناطق الحدودية. لكن اختطاف قوات الحشد الشعبي لمؤسسات الدولة العراقية، وعملها كأداة إيرانية داخل العراق، شلّا قدرة بغداد على فرض سيادتها أو استقلالية قراراتها في مجال السياسة الخارجية".
وعبر أكثر من 300 عنصر من قوات الحشد الشعبي، من منظمة "بدر" وحركة "النجباء"، إلى سوريا مؤخراً، ضمن مناورة إيرانية واضحة لتحقيق أهدافها الإقليمية، وفق إفادة الحايك لرصيف22. ويضيف الحايك: "هذا ما يعكس هيمنة طهران على هذه القوات، في وقت يرغب فيه رئيس الوزراء العراقي، محمد شيّاع السوداني، في تعزيز الاستقرار الداخلي وتقليل التدخلات الخارجية، وتجنّب الانخراط في صراعات تخدم مصالح إيران على حساب السيادة العراقية".
بدورها، ستدافع موسكو بلا شك عن مصالحها المكرّسة في سوريا، وستعمل على تعزيزها وتوسيع نفوذها أيضاً، لكن من غير الواضح لغاية الآن، إن كان ذلك سيشمل الدفاع الواضح عن الأسد، كحال بداية انخراطها العسكري في سوريا صيف 2015، لا سيما في ظلّ تملّص الأسد المستمر من متطلبات الحل السياسي وفق المنطق الروسي. ونتيجة معاناتها لأزمة تعقيدات المشهد الأوكراني، قد تفرض موسكو على نفسها تجنّب تأزيم علاقاتها مع أنقرة، لا سيما بعد مراكمة الأخيرة لأوراق الضغط على خلفيات الحرب الأوكرانية.
بحسب خبراء فزيادة مناطق نفوذ المعارضة السورية تخدم تركيا، وترشّحها لملأ الفراغ الذي قد يتركه تراجع النفوذ الإيراني والمجموعات الموالية لها في سوريا.
إلى جانب ذلك، قد تدّخر موسكو أنقرة لإعادة تجديد وساطتها بين روسيا وأوكرانيا انطلاقاً من وثائق إسطنبول التي توصل إليها الجانبان بعد أسابيع قليلة من اندلاع الصراع بينهما، لا سيما في ظل رغبة الإدارة الأمريكية القادمة في إنهاء هذا الصراع. كما قد تتوجس موسكو من احتمالية وجود فخ أوكراني/ غربي في سوريا، وهو ما تأمل موسكو عدم الوقوع في شباكه، نظراً إلى ارتباطه المحتمل بصراعها الأهم في أوكرانيا، الذي ترغب في إنهائه ضمن شروطها.
الوضع متقلب والتنبؤات صعبة، حسب مجلة "الشرق الأوسط"، والشيء الوحيد المؤكد، هو دخول الصراع السوري مرحلةً جديدةً. فالاستيلاء على حلب، ولو لم يؤدِ إلى انهيار نظام الأسد، سيظلّ يقوّض سيطرة الأخير على المناطق الأخرى. كما أن استعادة حلب مستحيلة دون دعم جوّي روسي ومساعدة برّية من الميليشيات المدعومة من إيران. وإذا لم يكن هذان العنصران موجودين أو كانا متدهورين للغاية، يرجح أن يطول أمد سيطرة قوات المعارضة على شمال غرب سوريا.
ومما لا شك فيه، أن الهجوم الأخير يحقق لأنقرة أهدافاً عدة، حسب الباحث في الشأن التركي، سعيد الحاج، الذي يقول: "هو يزيد مناطق نفوذ المعارضة السورية، وهذا يخدم تركيا، الداعم الأساسي والوحيد تقريباً للسوريين المعارضين. ويرشّح تركيا لملأ الفراغ الذي قد يتركه تراجع النفوذ الإيراني والمجموعات الموالية لها في سوريا. بالإضافة إلى تعديل كفة التوازن المكسورة لصالح روسيا في سوريا".
"لكن أهم المصالح التركية المحققة، بدء معالجة مشكلة الشمال السوري المستعصية، من خلال منع إنشاء كيان سياسي لقوات ‘قسد’ المرتبطة بحزب ‘العمال الكردستاني’، على أقل تقدير في مناطق غرب الفرات حالياً، عبر إنشاء منطقة آمنة أو حزام أمني بعمق ثلاثين كيلومتراً، وهو ما رفضته موسكو سابقاً. لكن في إطار العملية العسكرية الأخيرة، تمكنت أنقرة عبر أدوات سورية من إخراج ‘قسد’ من تل رفعت، ويبدو أنها ستعمل على إخراجها من مدينة منبج أيضاً، وهي المناطق التي تعدّها تركيا ثغرات في حزامها الأمني، يتم منها إطلاق عمليات وصواريخ تطال الأراضي التركية"، حسب إفادة الحاج، لرصيف22، وتالياً، يقوض إمكانات وقدرات "قسد" في الشمال السوري نسبياً.
موقف استباقي
تعمل أنقرة على تقوية أوراقها التفاوضية مع الإدارة الأمريكية المقبلة، مع عدم انتظارها تشكيل هذه الإدارة لسياستها تجاه سوريا، والتي قد تنعكس سلباً على أنقرة، يقول الحاج، ويضيف: "لذا تمنحها تطورات الشمال السوري إمكانية فرض أمر واقع يجعلها اللاعب الأهم أو الأساسي، مع تعديل الكفة لصالحها على حساب إيران، وعلى حساب روسيا جزئياً، ويجعلها أقوى في الحديث مع إدارة الرئيس دونالد ترامب، دون أن يعني ذلك رغبتها في حالة صراع شامل أو إسقاط الأسد، والعمليات العسكرية الأخيرة أداة لتحريك المسار السياسي فقط، لكن وفقاً لواقع وخرائط سيطرة جديدة. والأمر إجراء وقائي لمواجهة سيناريو فوضى كاملة محتملة، مع تجنّب الصراع مع روسيا وإيران".
وفي هذا السياق، يشير المعهد الدولي للدراسات الإيرانية "رصانة"، إلى دفع أنقرة بهذه العملية قدماً كرد فعلٍ استباقي على تسلم ترامب الرئاسة، بما يعزز موقع أردوغان التفاوضي، عبر إضعاف الدور الكردي المدعوم أمريكياً في شمال سوريا، لا سيما مع احتمالية تراجع ترامب عن خيار سحب القوات الأمريكية من سوريا، وهو ما يتطلَّب من أنقرة وموسكو، كلّاً لهدفها، التحضير لمرحلته.
وهذا التوافق الضمني قد يفسر الغياب الفاعل لسلاح الجوّ الروسي في مواجهة العمليات الأخيرة. كما قد تكون لدى موسكو رغبة في الضغط على الأسد، وإضعافه وإجباره على مزيد من الانصياع لها، استعداداً لمرحلة جديدة مع إدارة ترامب القادمة، أو لقبول التقارب مع تركيا.
يؤكد الانهيار السريع لقوات الأسد، وعجزها عن الدفاع عن حلب، مدى اعتماد الأخير على الدعم الجوّي والبرّي لكل من موسكو وطهران. كما تعطّل خسارة المدينة إستراتيجية الأسد في إبراز الاستقرار الهادف إلى جذب الاعتراف الدولي والإغاثة الاقتصادية
غير أن تصريح مبعوث الرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف، عن تصرف تركيا "كدولة احتلال" في سوريا، قد يشير إلى تراجع موسكو عن دورها الداعم لتقارب أنقرة-دمشق، عبر دعم موقف الأخيرة المتمسكة بالانسحاب العسكري التركي قبل أي مفاوضات. وقد جاء التصعيد الأخير بعد أيام قليلة من هذا التصريح، وكانت الغارات الجوية الروسية والهجمات السورية على إدلب في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، سببه المباشر، وفقاً للمتحدث باسم الخارجية التركية أونجو كيتشالي.
وفي وقت قريب سابق، أشار موقع سوريا في مرحلة انتقالية، إلى تطلع أنقرة إلى التعاون مع واشنطن لإنشاء "منطقة آمنة" واسعة على طول حدودها مع سوريا والعراق، وتمتد من بلدة البصيرة في محافظة دير الزور، حتى نهر الخابور في الحسكة، ثم غرباً على طول الطريق السريع M4 إلى منبج ومسكنة وإلى معرة مصرين في محافظة إدلب، بالإضافة إلى مدينة حلب، وهو ما قد يمهد الطريق لصفقات مع روسيا والأسد بشأن إدارة حلب المستقبلية.
هذه المنطقة تحقق أهداف أنقرة الرئيسية؛ تسهيل عودة آمنة للّاجئين، مع الفوز بعقود إعادة إعمار مربحة للشركات التركية، وبجانبهما معالجة مخاوفها حيال مبيعات "قسد" للنفط السوري، والمقدّرة بنحو 500 مليون دولار سنوياً لتمويل حزب العمال الكردستاني. وتالياً، سيؤدي وضع عائدات النفط السوري تحت إدارة أمريكية-تركية-سورية، لتمويل المساعدات الإنسانية وتحقيق الاستقرار.
وحتى لا يرى قوات بلاده عالقةً بين تركيا و"قسد"، يرجح دعم ترامب لمحادثات سلام تستكشفها أنقرة مع زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان. وقد يؤدي تفاهم الجانبين على منطقة آمنة، إلى استمرار "قسد" كقوة عسكرية تحت وصاية واشنطن، ولكن ليس كجناح مسلح للإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا. ووفقاً لمصادر مطلعة نقل عنها الموقع، المحادثات التي ترعاها واشنطن بين أنقرة و "قسد" "وصلت إلى مرحلة متقدمة". وهو ما يشير إليه المجلس الأطلسي أيضاً، عبر حديثه عن محاولات تسوية أمريكية تركية تقوم على انفتاح أنقرة عن السوريين الكرد جنباً إلى جنب مع طرد الأكراد الأجانب المرتبطين بحزب العمال الكردستاني.
ولتمكين هذه المنطقة، ستضطر موسكو إلى سحب قواتها من شمال وشمال شرق سوريا. وهو موقف غير مثالي لروسيا، إلا أنها قد تفعل ذلك إذا كان يعني تأمين صفقة مواتية بشأن أوكرانيا.
مع ذلك، تبقى كل التكهنات أسيرة اسمها، فالمشهد السوري الجديد، وبرغم مرور أسبوع على ولادته، لا يزال ضبابياً بشكل غير مسبوق، يومض أحياناً بتفاهمات بين بعض الفاعلين الإقليميين والدوليين، ويومض أحياناً أخرى بتصادم مصالحهم. لكن يبقى العامل الحاسم في ترجيح تأجيج الصراع أو عودة الاستقرار بموجب خرائط النفوذ الجديدة، موقف موسكو التي يبدو أنها لم تحسم قرارها بعد، بجانب تفاهماتها المحتملة مع أنقرة، ومع أنقرة فقط، بعد تلاقي مصالح الفاعلين في المشهدين السوري والإقليمي على الحد من الوجود والنفوذ الإيرانيين في سوريا.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Mohammed Liswi -
منذ ساعةأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ يوملا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 4 أياممقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...
Nahidh Al-Rawi -
منذ 6 أيامتقول الزهراء كان الامام علي متنمرا في ذات الله ابحث عن المعلومه
بلال -
منذ أسبوعحلو
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعالمؤرخ والكاتب يوڤال هراري يجيب عن نفس السؤال في خاتمة مقالك ويحذر من الذكاء الاصطناعي بوصفه الها...