شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
كيف تُعيد الحرب على غزة تشكيل العلاقة بين مصر وإيران؟

كيف تُعيد الحرب على غزة تشكيل العلاقة بين مصر وإيران؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

في زيارة هي الأولى لمسؤول إيراني بهذا المستوى منذ العام 2013، أجرى وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي زيارة إلى القاهرة اجتمع خلالها بالرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، ونظيره المصري بدر عبد العاطي. ودعا الجانبان خلال الزيارة إلى مضاعفة جهود وقف الحرب في غزة ولبنان.

تأتي زيارة عراقجي مساء الأربعاء الفائت في خضم التصعيد الدائر في الشرق الأوسط، وفي إطار جولة إقليمية شملت إلى جانب مصر كلاً من الأردن ولبنان وسوريا والعراق والسعودية وقطر وسلطنة عمان، بهدف تطويق الرد الإسرائيلي المحتمل على الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل مطلع الشهر الجاري.

كانت علاقة الدولتين قد شهدت على مدى العقود حالة من المد والجزر، واقتصر التمثيل الدبلوماسي بينهما على مستوى مكاتب رعاية المصالح، بعد قطع العلاقات بينهما لمدة 11 عاماً عشية الثورة الإيرانية وتوقيع مصر لاتفاقية كامب ديفيد عام 1979. ولعوامل عدة وأعوام عديدة، استمرت العلاقات متأرجحة بين الجانبين.

لاحقاً، ومع نجاح الثورة المصرية عام 2011، وتولي الرئيس المصري المحسوب على الإخوان المسلمين، محمد مرسي، اتخذ الجانبان خطوات جدية لرفع مستوى العلاقات بينهما. وقد أكَّد وزير الخارجية المصري آنذاك، نبيل العربي، بأن "إيران ليست عدواً لمصر، وأن هناك علاقات دبلوماسية بينهما منذ عام 1994 على مستوى مكتب رعاية المصالح المصريَّة الإيرانيَّة". التصريحات التي قابلها إعلان وزير الخارجية الإيراني في ذلك الوقت، علي أكبر صالحي، عن عزم بلاده تغيير اسم شارع "الإسلامبولي" إلى شارع "شهداء مصر"، مما بشّر بتطبيع العلاقات كاملة بين البلدين. وهو ما لم يحدث حينها.

مع ذلك، ضاعفت طهران من جهودها لتطوير علاقاتها مع القاهرة خلال حكم الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، لا سيما بعد اتفاق المصالحة السعودي الإيراني في بكين ربيع العام الماضي.

ومع شن إسرائيل لحربها الانتقامية والوحشية على غزة في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، تلاقت الدولتان في عدد من المواقف الرافضة لهذه الحرب وتداعياتها، بجانب نظرة كلّ منهما إلى مردود تطوير علاقة مع الآخر في تعزيز مصالحه، ومراكمة أوراق القوة والنفوذ لديه خلال فترة قد ترسم معالم الشرق الأوسط لعقود مقبلة.

فرصة إقليمية مبنية على صراع إقليمي 

فتح الهجوم الإسرائيلي على غزة ومخاوف خروج الحرب عن نطاق السيطرة، فتحا باباً واسعاً لاتصالات مكثفة بين القاهرة وطهران، حيث أجرى وزيرا خارجية البلدين محادثات يوم 23 تشرين الأول/أكتوبر2023 هي الثانية في أقل من أسبوعين. ووفقاً لمجلة المجلة، المستقبل وحده هو الذي سيحدد ما إذا كانت المصالح المصرية والإيرانية سوف تتقارب أم تتباعد نتيجة هذا الحدث.

وقد نوه المقال لاستعداد مصر "للتحدث مع أي شخص لإنهاء الأزمة الإنسانية في غزة. وهو ما ينطبق على إيران أيضاً، خاصة إذا كان لها تأثير على حماس أو في غزة". 

كانت علاقة الدولتين قد شهدت على مدى عقود حالة من المد والجزر، واقتصر التمثيل الدبلوماسي بينهما على مستوى مكاتب رعاية المصالح، بعد قطع العلاقات بينهما لمدة 11 عاماً عشية الثورة الإيرانية وتوقيع مصر لاتفاقية كامب ديفيد عام 1979

بناءً على ذلك، وعلى هامش القمة العربية الإسلامية الطارئة بشأن غزة في الرياض في تشرين الثاني/نوفمبر 2023، التقى الرئيس الإيراني السابق، إبراهيم رئيسي نظيره المصري. وخلال اللقاء أكد رئيسي عدم وجود أي عوائق إيرانية أمام توسيع العلاقات مع "الصديقة مصر". فيما أشار السيسي لتكليف القاهرة مصر وزراء معنيين بمتابعة توطيد العلاقات مع إيران.

ووفقاً لمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، باتت مصر باعتبارها الدولة العربية الأكثر دعماً للقضية الفلسطينية تاريخياً ودبلوماسياً، وفي المواجهات بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل في قطاع غزة خصوصاً، حيث مارست القاهرة لسنوات طويلة دور الوساطة الرئيسي في المواجهات المسلحة بين الجانبين، باتت تمثل "فرصة إقليمية" لمزيد من التقارب بين طهران والقاهرة، لا سيما في ظل التطورات الناتجة عن الحرب الإسرائيلية على غزة منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023.

وعلى أقل تقدير تمثل فرصة لعمل مشترك لتهدئة مسار الحرب ومحاولة البحث عن حلول لها، بالأخص الدور الذي تقدمه القاهرة كوسيط في مفاوضات وقف إطلاق النار المأمول.

وخلال حديثها لرصيف22، عدّدت الباحثة المصرية في الدراسات الإيرانية، مرفت زكريا، عقبات تعترض علاقات مصرية إيرانية طبيعية ومستقرة؛ أبرزها، التدخل الإيراني في شؤون دول المنطقة عن طريق رعاية الجماعات المسلحة، والتي تشكل الكثير من التهديدات بالنسبة لحلفاء مصر في الخليج. إلى جانب ذلك، يعد تطبيع العلاقات بين مصر وإسرائيل أحد النقاط التي دفعت إيران سابقاً للاحتفاظ بالعلاقات مع مصر على مستوى القائم بالأعمال دون رغبة تطويرها. 

عودة العلاقات الإيرانية مع السعودية، وبالتبعية مع دول الخليج الأخرى، يشكل محفزاً لعودة العلاقات بين مصر وإيران. ويتوازى ذلك مع مجيء حكومة إصلاحية بقيادة الرئيس مسعود بزشكيان.

في المقابل، فإن عودة العلاقات الإيرانية مع المملكة العربية السعودية، وبالتبعية مع دول الخليج الأخرى، يشكل محفزاً لعودة العلاقات بين مصر وإيران. ويتوازى ذلك مع مجيء حكومة إصلاحية في إيران بقيادة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، ترغب في تطوير العلاقات مع جيرانها، لا سيما العلاقات الاقتصادية، بهدف تخطى التداعيات السلبية المرتبطة بالعقوبات الغربية المفروضة عليها.

تضيف زكريا، بعد اندلاع عملية "طوفان الأقصى" وعدوان إسرائيل على حركة حماس المدعومة من إيران، وكذلك على لبنان التي يتواجد بها الوكيل الإيراني الأساسي بالمنطقة "حزب الله"، وبالتوازي مع ذلك، تواجد القوات الإسرائيلية في منطقة محور فلادليفيا على الحدود مع مصر، مما يمثل تحدّياً للأمن القومي المصري، يمكن القول إن مواقف البلدين تقاربت.

وكان الجانبان قد انخرطا في تنسيق وثيق رفيع المستوى في ما يتعلق بالتطورات الإقليمية منذ اندلاع الحرب على غزة. ومن قبلها، تداولا العوامل والمبادئ التي توجه علاقاتهما الثنائية، بهدف تعزيز نموها على أساس الاحترام المتبادل وحسن الجوار والتعاون وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، حسب "Egypt today". واتفق البلدان خلال زيارة عراقجي على أهمية مواصلة المسار الحالي لاستشراف آفاق تطوير العلاقات المصرية الإيرانية.

تحييد مصر

رغم إيمان الطرفين بأهمية كلّ منهما للآخر، واجهت علاقات البلدين تقلبات حادة، حسب مركز المسار للدراسات الإنسانية. أبرزها وأشدها بعد عام 1979، حين قطعت إيران علاقاتها بمصر بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل، واستمرت القطيعة الرسميَّة بينهما لأسباب عديدة، منها ما هو داخلي، كاختلاف طبيعة النظام الحاكم في البلدين، وعدم وجود توافق في ما بين النخب الحاكمة حول تحسين العلاقات الثنائية، والموقف من الأصولية الإسلامية.

ومنها ما هو إقليمي، كالحرب بين العراق وإيران، والخلاف بين الإمارات وإيران حول الجزر الثلاث، والاعتراف بإسرائيل، والموقف من "فصائل المقاومة"، ونشر التشيع في الأوساط السنيّة.

ومنها ما هو دولي، كالعلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية.

مع ذلك، يشير المركز في مكان آخر بأنه "في سياق التوتر الحاصل بين إيران وإسرائيل، تجهد الأولى بالعمل على تحييد مصر. فمع اقترابها من امتلاك السلاح النووي، وزيادة حدة التهديدات الكلامية بينها وبين إسرائيل، وتهديد الطرفين بشن ضربة عسكرية ضد الآخر. مما قد يؤدي في المستقبل القريب إلى درجة ما من الصدام العسكري بينهما. عليه، ترى طهران أن من مصلحتها تحييد النظام المصري".

إلا أن عقبات كثيرة تعترض تطوير العلاقات المصرية الإيرانية، حسب الباحث المصري في العلاقات الدولية، رمضان الشافعي غيث. كالتي تتعلق بالتخوفات من فكرة نشر الثورة أو نشر المذهب، وهما معلمان أساسيان لدى النظام الإيراني.

بجوار ذلك هناك عقبات تتعلق بالتوازنات الإقليمية والعلاقات الخليجية المصرية، والعلاقات الخليجية الإيرانية. وهي عقبات أبقت علاقة الجانبين دبلوماسياً في إطار مكاتب رعاية المصالح، رغم مساعيهما لتطويرها خلال السنوات الماضية.

يضيف غيث خلال حديثه لرصيف22: "هناك خطوات تمت ولقاءات أو زيارات حدثت في إطار مساعي الدولتين لتطوير العلاقة في ما بينهما. لكن الحرب على غزة رفعت من منسوب ومستوى اللقاءات بين مسؤولي البلدين. حيث كانت جزءاً من لقاءات والتشاور والتنسيق المشترك بين الجانبين. مع ذلك، فإن القرار النهائي لإعادة العلاقات الطبيعية بين البلدين لم يُتخذ بعد، وقد لا يُتخذ قريباً، رغم سيرهما باتجاهه". 

في سياق التوتر الحاصل بين إيران وإسرائيل، ومع اقتراب الأولى من امتلاك السلاح النووي، وزيادة حدة التهديدات بينها وبين إسرائيل، بما في ذلك شن ضربة عسكرية ضد الآخر، ترى طهران أن من مصلحتها تحييد النظام المصري 

ويفند ذلك بالقول: "رغم عدم مشاركة مصر مباشرة في هذا الصراع، إلا أنها طرف رئيسي في حله أو الوساطة فيه. وكذلك حال إيران، نتيجة ارتباطها بالجماعات المنخرطة بالصراع في غزة ولبنان. أو من خلال الضربات المتبادلة في إطار الرد والرد المضاد بينها وبين إسرائيل. وعليه، مصر وإيران ليستا من الأطراف الرئيسية، لكنهما طرفان مهمان. وهو ما يدفعهما للتواصل والتقارب أكثر، في محاولة لتنسيق مواقفهما إلى حد ما لرؤية المنطقة بشكل أكثر هدوءاً. وهنا تتباين أساليب الدولتين، فمصر تسعى لاستقرار المنطقة عبر التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار. فيما تراه إيران عبر 'دعم المقاومة'؛ مما يمنح الانطباع بتكتيكية مساعيها للتهدئة، بغية تجنيبها الانخراط في حرب أوسع لا ترغبها حالياً".

وكان المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، علي خامنئي، وهو أكبر صانع وموجه للسياستين الداخلية والخارجية لإيران، قد أكد في وقت سابق من عام 2023 أن بلاده ليس لديها أي مشكلة في عودة العلاقات بشكل كامل مع القاهرة في إطار التوسع في سياسات حُسن الجوار، واستغلال طاقات وإمكانات الدول الإسلامية لتعود بالفائدة على جميع شعوب ودول المنطقة.

قبل ذلك، أجرى وزيرا خارجية مصر وإيران السابقين، سامح شكري وحسين أمير عبد اللهيان، محادثات على هامش الدورة السنوية الـ78 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك لمناقشة المبادئ التوجيهية لتطوير العلاقات الثنائية.

لاحقاً، التقى الوزيران مطلع أيار/مايو الماضي على هامش مشاركتهما في أعمال الدورة الخامسة عشرة لمؤتمر "القمة الإسلامي" في بانغول في غامبيا.

ووفقاً للمتحدث الرسمي ومدير إدارة الدبلوماسية العامة بوزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، تطرق اللقاء "إلى مسار العلاقات الثنائية بين مصر وإيران، على ضوء الاتصالات واللقاءات السابقة بين الوزيرين وتوجيهات قيادتي البلدين خلال الفترة الماضية، حيث اتفق الجانبان على مواصلة التشاور بهدف معالجة كافة الموضوعات والمسائل العالقة سعياً نحو الوصول إلى تطبيع العلاقات".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

بالوصول إلى الذين لا يتفقون/ ن معنا، تكمن قوّتنا الفعليّة

مبدأ التحرر من الأفكار التقليدية، يرتكز على إشراك الجميع في عملية صنع التغيير. وما من طريقةٍ أفضل لنشر هذه القيم غير أن نُظهر للناس كيف بإمكان الاحترام والتسامح والحرية والانفتاح، تحسين حياتهم/ نّ.

من هنا ينبثق رصيف22، من منبع المهمّات الصعبة وعدم المساومة على قيمنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image