في إحدى القرى المتاخمة لمدينة الصويرة، حيث دأبت أسرتي على قضاء جزء من العطلة الصيفية بين أحضان "البلاد" أي الريف والطبيعة، لاستراق لحظات الفرح وخلق فرص للالتقاء بالأهل والصحب في "الدار الكبيرة"... جُبِل الناس على إقامة محافل سنوية، في تلك القرية الأشبه بمكان مقفر ذي أكواخ ترابية رازحة تحت ثقل البؤس، وثقل الصمت الفلكي لأولئك الذين ليس لديهم شيء مهم في الحياة يقولونه.
تعود بي دوماً إلى الماضي الأجواء الحلمية التي عشتها بين دروب هذه القرية ذات الليل الساحر، المفعم بدفق مشاعر فلكلورية تراجيدية غامضة مستعصية عن الوضوح.
قبل مغيب شمس ذاك اليوم، كانت الحمية والانفعال الشعوري قد بلغ أوجه لدى أهالي القرية، واستبدت بهم سعادة نادرة، تتراءى أمامي أخيلة القدور الضخمة واللغط المتواصل المرتفع، والهياكل المسرعة الهلعة لشيء قادم مفاجئ، وأطباق الكسكس الضخمة المزينة بأشكال مختلفة من الحلوى الملونة والبيض واللوز والتمر، والمصفوفة بانتظام أمام مسجد القرية، ذي البناء الأبيض الضارب في البساطة، والموغل في الصمت والنساكة.
من فعاليات زيارة الرجراجيين عام 2022. المصدر: صفحة "طائفة رجراجة عبر فيسبوك.
علا صوتا الغناء والدعاء، وأصبحا أكثر تعبيراً وتجسيداً لما لا يمكن تدجينه في كلمات… أجساد آلية مشحونة بحمية وانفعال باديين تَحُتّ الخطى نحو المجهول... التكبيرات والتهليلات والابتهالات تتم في نسق واحد منظم، مستنجدة بمن في السماء، متطلعة بعيون شاخصة ونظرات مبهمة إلى ضوء يغسل الأدران والغبار، معلنة عن وصول "الرجراجيين الأشراف".
بعد أربع ساعات من الصراخ والضوضاء، يحل فصل السكات، حيث تنضج الأحلام وتتوثق الخطى، ويبزغ الإصرار على معانقة الأمل وانتظار بشائر الدعوات، وانتهاء طقوس "الزيارة الروحية المباركة" لأحفاد "الرجراجيين"، والأفئدة معلقة أمانيها على دعائهم وسموهم وبركتهم للخلاص مما يؤرق النفوس وإحياء الأمل للانبعاث في الحياة من جديد.
بعد أربع ساعات من الصراخ والضوضاء، يحل فصل السكات، حيث تنضج الأحلام وتتوثق الخطى، ويبزغ الإصرار على معانقة الأمل وانتظار بشائر الدعوات، وانتهاء طقوس "الزيارة الروحية المباركة" لأحفاد "الرجراجيين". هل سمعتم عن طقس الرجراجة في المغرب من قبل؟
"الرجراجيون الأشراف" بين القداسة والغموض
بعد خروج "الليالي" وهي الفترة من السنة التي يتساوى فيها الليل والنهار، يقام طقس "الرجراجة" بصفة سنوية، انطلاقاً من ضريح سيدي علي بن بوعلي نواحي الصويرة (وسط البلاد). وهو، أي "دور الرجراجة" أو "موسم رجراجة"، من أقدم المواسم الروحية والثقافية بالمغرب، حيث دأب فيه الناس منذ قرون على إحياء سُنّة التواصل الروحي والاقتصادي والاجتماعي بين أهالي القرى والطائفة الرگراگية التي تحج إلى جميع المناطق الممتدة على تراب عبدة والشياضمة وحاحا (وتقع في جهة مراكش آسفي في الوسط الشمالي للمملكة المغربية)، ولمدة 44 يوماً.
تتضارب الروايات حول أصل "الرجراجة" بما في ذلك حول صحة قدراتهم وبركتهم إذ تشير بعض الروايات التاريخية إلى أن أصلهم يعود إلى قبيلة مصمودة ثالثة كبريات القبائل الأمازيغية، التي اعتنقت قبل الإسلام الدين المسيحي.
وتشير الروايات أيضاً إلى أن طقوسهم هذه ضاربة في عمق التاريخ، فتعتبر استناداً إلى زمنها طقوساً شمسية، بينما يتبع الإسلام السنة القمرية، مما ينم على أن هذا الطقس سابق للإسلام. لكنه بعد تحول الرجراجيين والقبائل الأمازيغية إلى دين الإسلام، استمر بصيغته الروحية مع نكهة إسلامية تتجلى في التصلية والاستجداء ببركة السماء وبالأشراف والأولياء الصالحين وبترتيل الأزجال الموروثة الأشبه بابتهالات دينية.
وأصل هذا الطقس، في تاريخ المغرب، قصة يتداولها مؤرخون بعدة أساليب وصيغ، عن سبعة رجال قيل إنهم خرجوا من قبيلة "رجراجة" المجاورة لآسفي، بعد أن تناهى لهم نبأ الدين الجديد، الإسلام، وسافروا إلى مكة للقاء النبي محمد، فأقبل عليهم وكلّمهم بلسانهم، ليدخلوا الإسلام بعدها ويحجوا ومن ثمّ يعودوا إلى بلادهم وينشروا الدعوة إلى الإسلام.
أما عن أصل تسميتهم بـ"الرجراجة"، فهناك من يقول إنه خلال حديثهم مع الرسول بلهجتهم الأمازيغية المحلية، قال النبي محمد لابنته فاطمة الزهراء: انظري ما هذا؟
فقالت: صوت جيش قوم يترجرجون، فقال: سميتهم يا فاطمة… وهذا ما ورد في كتاب "الرجراجة وتاريخ المغرب"، لمحمد الرجراجي السعيدي.
إلا أن هناك من يستبعد أن يكون سبب تسميتهم كذلك، أولاً لغرابة هذا الحديث، وثانياً لأن التسليم بهذه الرواية يفضي إلى الجزم بواقعة مقابلة هؤلاء الرجال السبعة للنبي محمد، وهذه المسألة محل خلاف بين المؤرخين بين من يثبتها أو ينفيها. إلا أن هناك اتفاقاً أكبر على فعالية الدور الذي قام به هؤلاء الأشخاص في بدايات انتشار الإسلام في المغرب. ذهب أبو القاسم الزياني في مؤلّفه: "الترجمانة الكبرى" (ص 80 و81) إلى اعتبارهم أول من أدخل الإسلام إلى المغرب وأول من نشره في أوساط البربر، حيث كانوا داعمين لهذا الدين، وناشرين لشرائعه، ومدافعين عن حوزته، وبالأخص بعد ظهور البرغواطيين المتنبئين بمنطقة تامسنا، فقامت بينهم حروب استمات فيها الرجراجيون دفاعاً عن الإسلام، بل روى جماعة من العلماء أنهم في عداد "صحابة الرسول"، لأنهم شدّوا الرحال إليه وزاروه كما تمت الإشارة سلفاً في أول البعثة النبوية.
إلى ذلك، هناك اختلاف على عددهم - هل كانوا سبعة أم عشرة. كما يُرجّح أن القصة ككل "خرافة"، وفق ما خلص إليه الباحث في الفلسفة والفكر الإسلامي المغربي محمد وراضي. وتعزى أسباب ترويج مثل هذه الخرافة إلى النزعة إلى إيجاد ما يُفتخر بيه بأن النبي محمد اختص هذا الشعب وتلك المنطقة وسكانها بالإشادة والمباركة دون غيرها/م، علاوة على رغبة أهالي بعض المناطق بالتباهي بأن الدعوة للإسلام لديهم بدأت من بعض رجالهم لا إكراهاً عبر غزو إسلامي. علاوة على بعض الأفكار المرتبطة بالفكر الصوفي.
برغم ذلك، توجد لهؤلاء الرجال السبعة أضرحة معروفة إلى الآن على الضفة الجنوبية لنهر تانسيفت ولكل واحد منهم اسم خاص وذرية معروفة بانتسابها إليه وهم: سيدي واسمين، وسيدي بوبكر الشماس، وسيدي صالح بن بوبكر الشماس، وسيدي عبد الله أدناس، وسيدي عيسى بوخابية، وسيدي سعيد بن يبقى، وسيدي يعلى.
"دور الرجراجة"... طقس روحاني أم احتفالي؟
لا تخلو زيارة الرجراجة لكل القرى التي تدخل في طقس الرجراجة من مظاهر البهجة والكرم الفائض حيث يُستقبل ممثلو الطائفة في أولى أيام قدومهم بالذبائح، التي تفدى على شرفهم، وتهدى كدليل على المحبة والخير.
يتسابق أغنياء القرية التي يزورونها وقادتها على ذبح ما تجود به حظائرهم في أجواء احتفالية، مضمخة بروائح العنبر وروح خشب الصندل ومكسوّة بمشاعر الزهو والانشراح.
تمدد العجول أو الأكباش على الأرض، ولا يطول الزمن لتتحول في ثوان إلى ذبائح هامدة معفرة بالتراب والدم. قبل تحولها إلى وجبات لذيذة للضيوف والزائرين وأهل القرية.
التحديات التي يفرضها التحديث والسياحة، قد تسهم في تحول الناس عن زيارة مواسم الرجراجة إلى مناطق أو تظاهرات أخرى. لكن رحلة الركراكة لا تزال تمثل حدثاً ثقافياً وروحياً حيوياً في المغرب وما زال الناس يشيرون إليها باسم "حج الفقراء" الباحثين عن البركة والشفاء والتضامن المجتمعي
بعد أذان العشاء، يتوضأ الجميع ويحج الأهالي مصحوبين بالرجراجة إلى باحة المسجد الفسيحة، حيث تقام الصلاة، ويتوسط بعدها زعيم الرجراجية حلقة المتجمهرين ويعلن بصوته الأجش المبحوح عن بدء طقوس الدعاء المبارك.
أتذكره رجلاً مربوع القامة، يعتمر عمامة صفراء، مبحوح الصوت كأن عاصفة من الرمل هبت على حنجرته، ملفوفاً في جلباب عتيق لا يخلو من مظاهر أبهة، مرفوع البصر إلى مدى عال وبعيد، كان يتحدث إلى الأفق، إلى شخص ما محجوب، لكن يبدو أنه متربع على عرش مرفوع فوق السحب بينما الكل يتابع نظراته وحركاته، والكل أعينهم مرفوعة إلى السماء، وكأنما مسكونة بالسحر أو الإيمان، وثغور الجميع تغمغم ببضع آيات قرآنية وأدعية.
لا تفصح الوجوه عن شيء محدد، فقط ذلك الإيمان الذي يتخذ شكل إذعان واضح كلما علت من رئيس الطائفة دعوة، يلحقها الجميع بصوت مُلّحٍ "آمين".
تراوح الدعوات عادةً بين طلب الغيث، وإنزال الخير على البيوت، ومباركة مساعي السكان، وطلب عفو الله ورضاه ومحبته، وإعلان الخوف من غضبه والولاء الأبدي لتعاليمهِ.
يشارك في طقوس الاحتفالات كل الأهالي باختلاف مهنهم وطبقاتهم الاجتماعية، فتكون هذه الزيارة فرصة لتشديد أواصر التكافل الاجتماعي بين أهل القرية وضيوفها، يبدع المضيفون في تقديم "الضيفة" أي الضيافة من طعام مثل الكسكسي وأطباق اللحم والدجاج بالزيتون، وأطباق الحلوى (تقدم بعد صلاة العشاء)، المصنوعة من السكر والقمح أو الشعير أو الدرة. علماً أن البعض قد يسهم في هذه الضيافة بتقديم المال، فلا شيء ثابت كل بحسب قدرته وسعة جيبه.
من فعاليات زيارة الرجراجيين عام 2022. المصدر: صفحة "طائفة رجراجة عبر فيسبوك.
يتنقّل ممثلو الطائفة الرجراجية من قرية لأخرى حيث يزورون أكثر من قرية لإحياء سنة التواصل الروحي والاجتماعي وكذا الاقتصادي، وعادةً ما يمثلهم قرابة 15 شخصاً أو أكثر. وتتكرر مراسم الاحتفاء والاحتفال بهم كلما حطوا رحالهم في إحدى القرى. ومن خارج القرية التي تستقبلهم أيضاً، يأتي الأجانب وأبناء المدن لحضور دور الرجراجة.
في هذا الصدد، تقول الباحثة في علم الاجتماع سلمى بالمقدم، لرصيف22، إن أواصر التكافل ثقافة متجذرة في القيم المتعارف عليها في المغرب، خاصةً ما يتعلّق بإكرام الضيف وإحسان استقباله وإبداء الجود في التعامل معه سواء كان "ابن البلد" أو شخصاً أجنبياً، وتضيف أن كرم الضيافة يعد رمزاً من رموز الهوية العربية الأصيلة التي أحسن المغاربة التشبث بها على مر الأزمان، وتستحضر هذه القيمة الأخلاقية في المناسبات الدينية مثل الأعياد أو في الدعوات بين الأهل أو في المناسبات الاحتفالية.
وتعتبر بالمقدم أن "دور الرجراجة" فرصة سانحة لإظهار مثل هذه القيم المسبوغة بالطابع الديني، بناء على ما يقدمه الأهالي للوافدين المتصوفين من هدايا وحسن استقبال، لتعزيز مشاعر الفرح والظفر بالدعاء و"مرضاة الله".
وتذهب الباحثة إلى اعتبار أن مثل هذه المبادرات لا يمكن إلا أن تجسد مرونة المغرب الثقافية وتراثه الروحي وتشجع على حضور هذا الدور وترسيخ قيمه وعادات الناس تجاهه، كما تشدد هذه المبادرات - بحسبها - أواصر التكافل الاقتصادي والاجتماعي، وتعزز القيم التي توارثها المغاربة جيلاً بعد جيل.
حديثاً، بات الأهالي يقيمون مواسم للتبوريدة (أي الخيّالة وهو فن عريق من فنون الفروسية) ومهرجانات تزامناً مع زيارة الرجراجة، وهو ما يرى البعض أنه يُخرج الطقس عن طابعه الروحي ويحوّله إلي طابع احتفالي ثقافي واجتماعي تحضر فيه الموسيقى وممارسات أخرى.
هذا الوضع خلق انشطاراً بين صفوف المريدين والزوار، بين من يشدد على أهمية الاستحضار الدائم للبعد الروحي الأصلي لهذا الدور، وبين من يرى أن مسألة الاحتفالات لا تضير في شيء ما دامت تفسح المجال لاستقطاب زوار أكثر من شتى ربوع المملكة.
وتفسر الباحثة في علم الاجتماع، بالمقدم، هذ الأمر بأن الاحتفالات يمكن أن تسهم بطريقة غير مباشرة في استمرار الاحتفاء بهذا الدور لدى فئات الشباب الذين يميلون عادةً إلى الأجواء الاحتفالية في هكذا فعاليات.
وتلفت الباحثة إلى أن التحديات التي يفرضها التحديث والسياحة، يمكن أن تسهم في تحول الناس عن زيارة مواسم الرجراجة إلى مناطق أو تظاهرات أخرى. لكنها مع ذلك ترى أن رحلة الركراكة لا تزال تمثل حدثاً ثقافياً وروحياً حيوياً في المغرب وما زال الناس يشيرون إليها باسم "حج الفقراء" على غرار الحج الإسلامي إلى مكة، فهي تستمر في جذب المصلين الباحثين عن البركة والشفاء والتضامن المجتمعي.
بين الصراع والاعتراف… علاقة الطائفة الرجراجية بملوك المغرب
راكمت الطائفة الرجراجية تاريخاً زاخراً على امتداد تعاقب الدول الحاكمة للمغرب، ولم تستقر علاقة الرجراجيين بحكام هذه الدول على حال واحدة.
راكمت الطائفة الرجراجية تاريخاً زاخراً على امتداد تعاقب الدول الحاكمة للمغرب، ولم تستقر علاقة الرجراجيين بحكام هذه الدول على حال واحدة. فبالرغم من نزوع الطائفة الدائم إلى صون الدين حفاظاً على أمنهم واستقلالهم داخل مدهم الجغرافي، وعدم تشوفهم الكبير للسلطة، طبعت علاقاتهم بهذه الدول سمات التوتر والعداء أحياناً، والاستقرار والسكون أحياناً أخرى
فبالرغم من نزوع الطائفة الدائم إلى صون الدين حفاظاً على أمنهم واستقلالهم داخل مدهم الجغرافي، وعدم تشوفهم الكبير للسلطة، طبعت علاقاتهم بهذه الدول سمات التوتر والعداء أحياناً، والاستقرار والسكون أحياناً أخرى، بالنظر لسياقات وظروف حكم كل دولة، وفق كتاب "الرجراجة وتاريخ المغرب" لمحمد الرجراجي السعيدي.
تراوحت علاقة الرجراجيين بالمرابطين بين مد وجزر، بسبب حرص الرجراجيين الذين لم يستحسنوا أساليب حكم الدولة المرابطية على أخذ مسافة واضحة بين أساليب ونظام حكم الدولة المرابطية وبين العقائد والمذاهب فيها. أما في عهد الدولة الموحدية فقد اغتيل عدد كبير من قياديي الطائفة الرجراجية لإجهاض محاولاتهم للقيام بثورات مضادة للحكم الموحدي.
وتبدّلت الأحوال إلى أحسن خلال فترة حكم الدولتين المرينية والسعدية، حيث أن أقدم ظهير عند الرجراجة يرجع إلى أبي الحسن المريني، ويوجد مع وثائق زاوية سيدي سعيد السابق.
وكان الرجراجيون مسؤولين عن الدولة السعدية منذ قيامها، فاتحدت الدولة مع القبائل المصمودية الرجراجية للحد من التوسع البرتغالي في أقاليم الصويرة، واستمات الرجراجيون في الدفاع عن الأراضي المغربية حتى لحظة إجلاء البرتغال وإعلان انسحابهم التام من المنطقة.
أما في ما يتعلق بالدولة العلوية الحاكمة إلى الآن، فقد اتخذت علاقتها بالطائفة الرجراجية منعطفاً فريداً، اتسمت بالعداء الصريح في بداية الحكم العلوي. وشكك المولى مولاي إسماعيل في صحة صحبتهم للنبي محمد والتقائهم به استناداً لدعوى الفقيه عبد القادر السوسي، فعمد المولى إسماعيل إلى تقزيم مكانتهم والحط من صورتهم وكسف بريقهم بعدما كان لطائفة الرجراجة سمعة جيدة وبريق عند الناس. وقد أمر المولى إسماعيل بإحداث سبع رجال في مراكش مضاهاة للسبعة رجال الرجراجيين، فاختار شخصيات فذة ضليعة في العلوم الفقهية والشرعية، وأقام على رفاتها القباب ووشّحها بولائه.
تبدل حال العلاقة التي سادت بين المولى إسماعيل والطائفة الرگراگية إلى أحسن، بعدما شد الصوفي الرجراجي محمد بن احميدة الرحال إلى مدينة مكناس لملاقاة السلطان، فأحيت هذه الزيارة المدد الرجراجي وأصبغت العلاقة بالمودة والولاء، وانفتح السلطان على الرجراجة انفتاحاً فيه من التقدير والاحترام الشيء الكبير، وقد قدم محمد بن احميدة على الرجراجيين بظهير جدد في عهد ولده عبد المالك، وجاء فيه : "قد جدّدنا على زاوية السادات رجراجة أينما كانوا وأبقيناهم وأبقاهم عليه والدنا رحمة الله عليه من التوقير والاحترام، وقد حملناهم على كامل المبرة، ولاحظناهم بعين الرضا والمودة، فلا سبيل لأحد عليهم بشيء من الأشياء ولا بأمر من الأمور جل أو قل، ورفعنا عنهم يد كل جائر أو غادر أو ظالم، وأخرجناهم من زمرة الأعوام فلا يلزمهم ما يلزمهم ، ولا ينوبهم ما ينوبهم لأنهم منا وإلينا، ومن أهل محبتنا ومودتنا وشيعتنا لدينهم وصلاحهم، فمن قربهم أو طاف بساحتهم وخرق عليهم عادة، فالله حسيبه وسائله… عشرين من ذي القعدة عام تسعة وثلاثين ومائة وألف".
ومنذ ذلك الحين، إلى يومنا هذا، بدأ فصل جديد في علاقة الرجراجيين والحكام المتعاقبين من الدولة العلوية، وأصدرت الكثير من الظهائر تجدد الدعم والاحترام لطائفتهم، وأينعت العلاقة بالولاء اللامشروط والود الهدايا. ومن الطقوس التي دأب عليها الرجراجيون في عهد الدولة العلوية كعربون للمحبة والإكرام، إرسالهم للسلطان وفداً منهم ومعه كتاب وهدية عبارة عن ناقة بيضاء وكمية من التمر.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 8 ساعاتعن أي نظام تتكلم عن السيدة الكاتبة ، النظام الجديد موجود منذ سنوات ،وهذه الحروب هدفها تمكين هذا...
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 6 أيامجميل جدا وتوقيت رائع لمقالك والتشبث بمقاومة الست
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعمقال مدغدغ للانسانية التي فينا. جميل.
Ahmed Adel -
منذ أسبوعمقال رائع كالعادة
بسمه الشامي -
منذ اسبوعينعزيزتي
لم تكن عائلة ونيس مثاليه وكانوا يرتكبون الأخطاء ولكن يقدمون لنا طريقه لحلها في كل حلقه...