شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
كما فعل سينجر مع الأرجنتين وبيرو والكونغو... هل تتعرّض مصر لإذلال

كما فعل سينجر مع الأرجنتين وبيرو والكونغو... هل تتعرّض مصر لإذلال "الدائن الوغد"؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي نحن والتنوّع

الأربعاء 31 يوليو 202402:08 م

كمصري، أصدّق أن ميل مصر إلى الاستدانة بهذا الشكل المفرط تحت ظل نظام سياسي، قد يدفع مصر إلى هاوية اقتصادية، يجعل من تلك الديون غير ملزمة لشعبنا إذا ما تغير هذا النظام ذات يوم، إذ استدان من أجل مشاريع بدون دراسات جدوى حقيقية، وبدون موافقة الشعب، ولم يعد أمامه سوى بيع الأصول المصرية، كالأراضي والشركات، من أجل سداد الديون ومن أجل المزيد من الاستدانة. الأمر إذن لا يتعلق ببيع الحاضر بل ببيع المستقبل.

تعتمد مصر بشكل كبير على ما يسمّى "الأموال الساخنة"، والأموال الساخنة هي أبرز صور الاستثمارات غير المباشرة، حيث تأتي لتشتري أذوناً وسندات تخصّ الديون الحكومية، سعياً وراء سعر فائدة أعلى في سوق ما، دون غيره من الأسواق، لتستفيد من فرق سعر الفائدة.

وعادة ما تتسم بسرعة الدخول والخروج من الأسواق، وهو ما يحدث حالة من الإرباك، وخاصة عند خروجها، لما تحدثه من ضغط على الطلب على النقد الأجنبي.

وتوجد كذلك في سوق الأسهم والسندات التي لا تشترط مُدَداً زمنية لعمليات البيع والشراء، وقد تتسع الدائرة لتشمل وجود الأموال الساخنة في مجال المضاربات التي تتسم بالسرعة، مثل الذهب أو النقد الأجنبي، أو بورصات السلع، وحسب وكالة بلومبيرغ، فإن مصر تعد ثالث أعلى عائد من أذون الخزانة والسندات بالعملة المحلية، من بين 23 دولة نامية يتم متابعتها من قبل الوكالة.

ووفق نفس الوكالة، فمصر باعت في السابع من آذار/مارس الماضي، أذون خزانة بنحو 87.8 مليار جنيه (1.78 مليار دولار) بسعر فائدة 32.2%، وإن كبار مؤسسات الاستثمار العاملة في الديون المحلية ساهمت في شراء أذون السابع من آذار/مارس، ومن بين هذه المؤسسات غولد مان ساكس، سيتي بنك ومورغان ستانلي.

تعتمد مصر بشكل كبير على ما يسمّى "الأموال الساخنة"، وهي أبرز صور الاستثمارات غير المباشرة، حيث تأتي لتشتري أذوناً وسندات تخصّ الديون الحكومية، سعياً وراء سعر فائدة أعلى في سوق ما، دون غيره من الأسواق، لتستفيد من فرق سعر الفائدة

على عكس الدول، قد لا ترحم المؤسسات والأفراد الدائنين، كما أن الحكومة لم تعد تنظر إلى هذه الأموال على أنها أداة استثنائية، بسبب أعبائها على الدين العام و اتسامها بعدم الاستقرار أو الاستدامة.

ماذا لو قرّرت حكومة أخرى، في نظام سياسي آخر، أن ترفض دفع تلك الديون، بحجّة أنها ديون فاسدة سياسياً؟ وماذا لو تعرّضت مصر للوقوع تحت رحمة الدائن الوغد، وهو الاسم الذي يطلق على تجار الديون من المستثمرين الذين يشترون الديون بأسعار بخسة، ثم يطالبون الدول ذات السيادة بردّها أضعاف أضعاف قيمتها الحقيقية.

وجدت شيئاً من الإجابة بحسب فهمي البسيط للاقتصاد على قناة المخبر الاقتصادي.

*****

واحدة من قنوات اليوتيوب المهمة، والتي أتابعها بانتظام، هي قناة المخبر الاقتصادي لأشرف إبراهيم، لقدرتها على تبسيط الاقتصاد وتشبيكه بقضايا العالم الملحّة وحياتنا اليومية، وكذلك أولوياته الواضحة بفضح الاستغلال الاقتصادي للدول الكبرى ضد الدول الأضعف، وكذلك ومنذ السابع من أكتوبر، ربما يعد هو اليوتيوبر الوحيد الذي لم يتوقف عن الكلام عن فلسطين، وتخصيص حلقات عنها وضد الكيان الصهيوني من بوابة الاقتصاد.

لكن من بين الحلقات الكثيرة التي عرضها المخبر الاقتصادي على مدار بضع سنوات، ومن بين عشرات القصص الاقتصادية المثيرة للاهتمام التي عرضها، هناك قصة عرضها في أكثر من حلقة، بأكثر من زاوية، عن تعرّض الدول للإفلاس، وماذا سيحدث لها من عقاب لو تجرّأت على إعلان عدم تسديد ديونها، وحجّتها في ذلك أن تلك الديون قد تعرّضت لها الدولة في ظل تعرّضها للاستغلال من قبل أنظمتها الفاسدة السابقة، والتي وقعت طواعية أو عبر الغواية من الدول الكبرى التي سهّلت لها أن تقترض مبالغ هائلة كي يسهل الضغط عليها، أو إصرار الدول الكبرى على أن تتبع الدول المقترضة وصفات البنك الدولي، وإجابة أشرف إبراهيم وفريقه: أنه لا توجد دولة واحدة في العالم تجرؤ على هذا الإعلان، ومن خلال سوابق، تخبرنا ببساطة أن النظام المصرفي العالمي، سواء كمؤسسات أو أفراد، يقف كتلة واحدة ضدّ هذا التصرّف، قد يؤدي بالبلد إلى مجاعة، من خلال التوقف عن إقراض القطاع العام والخاص، لتمويل احتياجاتها من الغذاء أو الدواء.

لكن الأخطر من بين تلك القصص والأكثر إثارة هي قصة الدائن الوغد، وهو فرد يشتري ديون دولة ذات سيادة، وهو يعلم مسبقاً أنها غير قادرة على الدفع، إذ لا يكتفي بتحصيل الديون، فخطته ببساطة هي استغلال الوضع الضعيف للدولة، وإجبارها على سداد تلك الديون مضاعفة، ثلاث أو أربع مرات.

ولعل اهتمامي بتلك القصة نابع من تورّط مصر في تلك الفترة من تاريخها في الاستدانة بشكل غير مسبوق، لا يقارن إلا بما حدث مع الخديوي إسماعيل، الذي ورّط مصر باستدانته فوق طاقة خزانته، وجعلها تحت رحمة القوى المستعمرة والأجنبية، فهل تتعرّض مصر ذات يوم للدائن الوغد الذي لا يتورّع عن ملاحقة الدولة وسرقتها، فما هي قصة واحد من أبرز الدائنين الأوغاد؟

*****

باول سينجر، الذي استحوذ قبل عدة سنوات على نادي إيه سي ميلان، وهو مدير صندوق تحوط أمريكي، يعد واحداً من أذكى المستثمرين ولكن من أكثرهم إثارة للكراهية في العالم، كشخص مرعب ذي سمعة سيئة، إذ يعد الأشرس من بين تجار ديون الدول المتعثرة، حيث يشتريها بثمن بخس، ثم يضغط على الحكومات المدينة لاستعادة أمواله مع فوائد باهظة، ويختار استثماراته بعناية في الدول التي يعلم أنها لن تستطيع سداد ديونها.

أرهق سينجر دولاً كبيرة، مثل الأرجنتين، حكومةً وشعباً، لأكثر من 15 عاماً، منذ أن اشترى ديونها. لهذا السبب، فإن الأرجنتينيين لا يطيقون ذكر اسمه. عندما فازت الأرجنتين على هولندا في نصف نهائي كأس العالم 2014، في ذلك اليوم، خرج الأرجنتينيون للاحتفال بالتأهل إلى النهائي، وفي خضم هذه الاحتفالات، بدأ بعضهم يهتفون بشتائم ضد سنجر، حتى أن الرئيسة الأرجنتينية السابقة نفسها كانت تصفه بالإرهابي ومصاص الدماء. إذ تمكّن من جني أرباح ضخمة تصل إلى مليار دولار بطرق غير عادلة، ليس من الأرجنتين فقط بل من بيرو والكونغو، فكيف حدث ذلك؟

"الدائن الوغد" فرد يشتري ديون دولة ذات سيادة، وهو يعلم مسبقاً أنها غير قادرة على الدفع، فخطته ببساطة هي استغلال الوضع الضعيف للدولة، وإجبارها على سداد تلك الديون مضاعفة، ثلاث أو أربع مرات

في يناير 2013، كانت رئيسة الأرجنتين كريستينا كيرشنر، في ذلك الوقت، تعتزم القيام بجولة خارجية تشمل الإمارات وإندونيسيا وفيتنام وكوبا. في الظروف العادية، كانت ستسافر بالطائرة الرئاسية "تانجو 01"، لكن هذا لم يحدث. قرّرت كيرشنر استئجار طائرة أخرى من شركة بريطانية مقابل 180,000 دولار أسبوعياً. لماذا لم ترغب في استخدام الطائرة الرئاسية؟ ببساطة، حذرها المحامون من أن الدائنين الذين يمتلكون ديون الأرجنتين، مثل بول سنجر وغيره، قد يحجزون على الطائرة الرئاسية كجزء من ديونهم، وهذا ما حدث بالفعل قبل عام، عندما تم احتجاز سفينة تابعة للبحرية الأرجنتينية في غانا.

كانت الحكومة الأرجنتينية في ذلك الوقت ترفض دفع الأموال التي يطالب بها بول سنجر والدائنون الآخرون، معتبرة أنهم يطلبون أكثر من حقهم.

تستدين الدول عادة من الخارج بطريقتين: الأولى هي الحصول على قرض مباشر من دولة أخرى أو من جهة دولية مثل صندوق النقد الدولي، وهذه طريقة واضحة ومباشرة. الطريقة الثانية هي بيع السندات في الأسواق المالية الدولية للمستثمرين وجمع الأموال مقابلها، وهي الطريقة التي استطاع بها سينجر التمكّن من الأرجنتين.

غالباً ما تُباع السندات للمستثمرين بخصم على قيمتها الاسمية. على سبيل المثال، إذا كانت القيمة الاسمية للسند 1000 دولار، فقد يُباع للمستثمر بـ 990 دولاراً، ما يعني أنه تمّ شراؤه بخصم نسبته 1%، ولكن رغم أن المستثمر دفع 990 دولاراً فقط، إلا أن الحكومة ستدفع له عند استحقاق السند قيمته الاسمية الكاملة، أي 1000 دولار، إلى جانب الفائدة المستحقة على مدار عمر السند. الدول التي تمتلك اقتصادات قوية مثل الولايات المتحدة، تبيع سنداتها بخصم صغير جداً، قد لا يتجاوز 0.25%، أما الدول المتعثرة، فتضطر إلى بيع سنداتها بخصومات كبيرة لجذب المستثمرين.

 على سبيل المثال، في يونيو 2017، كانت فنزويلا تبيع سنداتها بخصم 80% على قيمتها الاسمية، أي أن السند الذي تبلغ قيمته 1000 دولار كان يُباع بـ 200 دولار فقط، وعند الاستحقاق، يجب على الحكومة الفنزويلية دفع المبلغ الكامل 1000 دولار للمستثمر.

هذه هي الطريقة التي يعمل بها بول سنجر. يركّز على الدول المتعثرة ذات الأوضاع المالية الضعيفة، ويشتري سنداتها من المستثمرين في السوق بخصم كبير جداً على قيمتها الاسمية، ثم يطالب الحكومة التي أصدرت السندات بالدفع الكامل عند استحقاقها. وإذا لم تتمكن الحكومة من الدفع، يبدأ باتخاذ إجراءات قانونية، وقد يحجز على أصول تلك الدولة في الخارج. هذه هي استراتيجيته، وهي جزء من السوق المالية الدولية.

سينجر وأشباهه لا يتفاوضون؛ يشترون السندات وهم يعرفون أن الحكومة لن تستطيع الدفع. وبعدها يرفعون القضايا على الحكومات في المحاكم. هذا النوع من الدائنين يُعرف في السوق باسم "الدائن الجشع". لكن سينجر يصر على أن يأخذ أمواله كاملة، ويقول إن الشتائم لا تؤثر عليه.

*****

بدأت مسيرة سينجر في الاستثمار في الديون السيادية المتعثرة في عام 1996، عندما اشترى من خلال صندوق التحوط الذي يملكه سندات حكومية كانت تُصدرها دولة بيرو. بيرو كانت قد تخلّفت عن سداد ديونها منذ عام 1984، وكان الدائنون يحاولون استعادة أموالهم. ولكن بعد 12 عاماً، وتحديداً في عام 1996، توصلت الحكومة البيروفية إلى اتفاق مع الدائنين لتحويل السندات القديمة إلى سندات جديدة بخصم 50% على قيمتها الاسمية. هنا دخل بول سينجر واشترى سندات بيروفية قيمتها الاسمية 20.7 مليون دولار، ودفع فيها 11.4 مليون دولار فقط.

رفع سينجر دعوى على البنك الحكومي "بنك ديلا ناسيون"، الذي يمثل الحكومة البيروفية في تعاملاتها الخارجية، مطالباً بالقيمة الكاملة للسندات، بالإضافة إلى الفوائد. رفع القضية في الولايات المتحدة، ولكن في عام 1998 خسر القضية، لأن المحكمة اعتبرت أن هناك قانوناً  يحظر شراء الديون بنية رفع دعوى قضائية على الجهة المصدرة. لكن سينجر لم يستسلم، استأنف الحكم وفاز بالاستئناف، وفي الوقت نفسه رفع دعوى أخرى على بيرو في بروكسل لمنعها من دفع الفوائد للدائنين الآخرين إلا بعد أن تسدّد له أولاً. في النهاية، اضطرت حكومة بيرو إلى دفع 58 مليون دولار لسينجر، بينما كان قد اشترى الديون بأقل من ربع هذا المبلغ.

هذه هي الطريقة التي يعمل بها بول سينجر.

وفي الواقع، الشعب البيروفي هو من دفع الثمن، حيث كان أكثر من نصف سكانه يعيشون تحت خط الفقر في ذلك الوقت. النجاح الكبير الذي حقّقه بول سينجر في بيرو شجّعه على تكرار نفس الاستراتيجية، ولكن هذه المرة على نطاق أكبر وفي واحدة من أهم دول أمريكا اللاتينية، وهي الأرجنتين. ففي عام 2001، تخلفت الأرجنتين عن سداد ديون بلغت قيمتها 80 مليار دولار، ما وضعها في أزمة اقتصادية خانقة، وكان معظم شعبها يعيش تحت خط الفقر. وفي ديسمبر من نفس العام، جمّدت الحكومة حسابات المواطنين في البنوك، فلم يكن هناك أموال كافية لسداد الديون أو لأي جهة أخرى.

ما الذي يعفي مصر أصلاً من مصير كمصير الأرجنتين أو فنزويلا، في ظل إرادة سياسية غير مدروسة لكنها تتمتع بالإصرار الرهيب على رهن مستقبلنا وحاضرنا تحت رحمة الدائنين، والذين هلّت بشائرهم، على شكل شراء الأصول من الأراضي والشركات

في عام 2003، تولى نيستور كيرشنر الرئاسة في الأرجنتين، وهو زوج كريستينا كيرشنر التي أصبحت رئيسة البلاد فيما بعد. قام كيرشنر بدعوة حاملي السندات وقال لهم بوضوح إن السندات التي اشتروها بسعر زهيد لا يمكن أن يتم دفع قيمتها الاسمية كاملة، وأن الأرجنتين لن تدفع لهم سوى 30% من القيمة الاسمية. يعني ذلك أن من كان يحمل سنداً بقيمة مليون دولار سيحصل على 300 ألف دولار فقط. وافق 93% من الدائنين على هذا العرض، لأن بعضهم كان قد اشترى السندات بأقل من 30% من قيمتها الاسمية، ولكن 7% من الدائنين رفضوا العرض، وأصرّوا على الحصول على القيمة الاسمية الكاملة للسندات.

كان يقود هذه المجموعة المتمرّدة بول سينجر، الذي كان يمتلك سندات أرجنتينية بقيمة اسمية تبلغ 617 مليون دولار، وكان قد اشتراها بخصم كبير مقابل 117 مليون دولار فقط. سينجر أراد الحصول على القيمة الاسمية الكاملة للسندات بالإضافة إلى الفوائد. انطلقت معركة قانونية بين الطرفين استمرت 15 سنة، حيث حاول سينجر الاستيلاء على أصول الحكومة الأرجنتينية الموجودة في الخارج، رغم أن معظمها كانت محمية بموجب قوانين الحصانة السيادية.

من أبرز اللحظات في هذا النزاع كانت في عام 2012 عندما كانت سفينة حربية أرجنتينية تستعد لمغادرة ميناء تيما في غانا. قام سينجر بإصدار أمر قضائي للاستيلاء على السفينة كضمان لديونه. بعد مفاوضات طويلة، أمرت المحكمة الدولية لقانون البحار غانا بإطلاق سراح السفينة في كانون الأول/ديسمبر 2012، وعادت السفينة إلى الأرجنتين في كانون الثاني/يناير 2013، حيث كانت في استقبالها الرئيسة كريستينا كيرشنر والحكومة والشعب.

ومع ذلك، لم يستسلم سينجر، وواصل رفع الدعاوى القضائية على الأرجنتين، ما استنزف موارد الحكومة وأموالها. لم يتغير الوضع حتى نهاية عام 2015 عندما تولى ماوريسيو ماكري رئاسة الأرجنتين. توصل ماكري إلى اتفاق مع سينجر في فبراير 2016، وافقت بموجبه الحكومة الأرجنتينية على دفع 2.4 مليار دولار لسينجر مقابل ديونه التي اشتراها بـ 117 مليون دولار.

الجدير بالذكر أن الحكومة الأرجنتينية لم تبع سنداتها بشكل مباشر لسينجر، بل اشتراها من خلال شركة تابعة له، حيث كان يعلم أن الحكومة لن ترغب في التعامل معه مباشرة نظراً لسمعته السيئة بعد ما فعله في بيرو، فهل تتعرّض مصر يوماً، بنيّة الحكومة الجامحة للاستدانة وجذب الدائنين الأجانب، لمثل هذا الإذلال على يد سينجر وأمثاله؟

وما الذي يعفي مصر أصلاً من هذا المصير، في ظل إرادة سياسية غير مدروسة لكنها تتمتع بالإصرار الرهيب على رهن مستقبلنا وحاضرنا تحت رحمة الدائنين، والذين هلّت بشائرهم، على شكل شراء الأصول من الأراضي والشركات، حتى أن بعض المشاريع السياحية، كرأس الحكمة أو ساوث ميد، تعلن بشكل واضح أنها لا ترغب في مشترين مصريين لوحداتها، بل أجانب فقط أو من يحملون جنسية ثانية. (لدينا أكثر من مثال على أكثر من مشروع "سينجر" يتمدد بيننا.)

مع ذلك ما زلت أؤمن أن الأجيال القادمة غير ملزمة بدفع تلك الديون الفاسدة، لكن هكذا أيضاً آمن رؤساء بيرو والأرجنتين وفنزويلا، وكان مصيرهم هو دفع أضعاف ما اقترضوه.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel


* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard
Popup Image