شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
الموريتانيون إلى صناديق الاقتراع لاختيار الرئيس... والمرشحون يغازلونهم بـ

الموريتانيون إلى صناديق الاقتراع لاختيار الرئيس... والمرشحون يغازلونهم بـ"الحاجات الأساسية"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

يتوجه الموريتانيون اليوم السبت، 29 حزيران/ يونيو 2024، إلى صناديق الاقتراع، للمشاركة في انتخابات رئاسية يتنافس فيها سبعة مرشحين طامحين إلى سكن القصر الرمادي في العاصمة الموريتانية نواكشوط، لعل أبرزهم الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني.

المرشحون الآخرون هم: رئيس حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل) حمادي ولد سيدي المختار، والمرشح المستقل محمد الأمين المرتجى الوافي، ورئيس حزب "التحالف من أجل العدالة والديمقراطية" بامامادو بوكاري، والنائب البرلماني والمحامي العيد ولد محمدن ولد امبارك، والطبيب والأستاذ الجامعي أوتاما سوماري، والنائب البرلماني ورئيس "مبادرة انبعاث الحركة الانعتاقية"  الناشط الحقوقي بيرام الداه اعبيدي.

يتنافس  هؤلاء على أصوات أكثر من 1.9 مليون موريتاني يحق لهم الانتخاب، بحسب تصريح الناطق الرسمي باسم اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات محمد تقي الله الأدهم، علماً أن الحملة الدعائية لهذه الانتخابات انطلقت قبل أسبوعين، وسبقتها حالة من الجدل حول قانونية حالات الترشح ومنح التزكيات للترشح والقانون المنظم للانتخابات علاوة على القلق المتكرر من تزوير النتائج.

"لا أضع أملاً على هذه الانتخابات، فهي مجرد تشريع للفساد، ولعبة صورية يقوم بها العسكر".

آبه ولد الداده، شاب موريتاني تحدث لرصيف22، عن نظرته للانتخابات وموقفه من المشاركة فيها: "لا أعوّل عليها أبداً لأنها محسومة مسبقاً لمرشح العسكر (يقصد الرئيس المنتهية ولايته)، ولا تتوفر فيها أدنى مواصفات الشفافية، ولكن سأشارك طبعاً مع الكثير من الإحباط وفقدان الأمل"، معللاً ذلك بأنه "لو أتيحت فرصة انتخاب رئيس جديد، ولا أراها متاحة، أريد منه محاربة الفساد بكل أنواعه أولاً وقبل كل شيء، وإقامة دولة المواطنة والقانون بعيداً عن القبليّة والجهوية والفئوية".

 أما محمد الأمين ولد باب أحمد، وهو شاب موريتاني مهاجر مقيم في أمريكا، فيقول لرصيف22: "لا أضع أملاً على هذه الانتخابات، فهي مجرد تشريع للفساد، ولعبة صورية يقوم بها العسكر"، مشدداً على أنه لن يشارك فيها بأي شكل من الأشكال رغم تسجيله في اللائحة الانتخابية ومشاركته في الانتخابات النيابية الأخيرة.

يُعقِّب: "أما الرئيس المقبل، فلا أريد منه غير العافية، والمكسب الوحيد لنا هو الأمن، فما دام أهلنا بأمان فذلك يكفيني ولا نعلق عليه أي آمال، وقناعتي أن كل ما يجري هناك في موريتانيا غير جدي، ولكن نعمة الأمن تكفيني بالنظر إلى الجوار المضطرب".

واقع معيشي وحقوقي مقلق

تأتي الانتخابات الرئاسية هذه المرة في ظل حالة من تصاعد النقاش حول الواقع المعيشي في البلد وصعوبته وسط ارتفاع الأسعار باضطراد. وحسب الوكالة الوطنية للإحصاء والتحليل الديمغرافي، وهي وكالة حكومية، ارتفعت أسعار المواد الغذائية في موريتانيا  بنسبة 0.4% في نيسان/ أبريل الفائت مقارنة بآذار/ مارس، موضحةً في تقرير أن هذا الارتفاع يعود بشكل رئيسي إلى الزيادة في الأسعار المسجلة على مستوى "الزيوت والمواد الدهنية بنسبة (%3.2+)، الخبز والحبوب بنسبة (%0.5+)، والأسماك وغلال البحر بنسبة (%1.3+)".

وقالت الوكالة إن نسبة التضخم وصلت خلال نيسان/ أبريل إلى مستوى 3.0%، حسب التغير على مستوى الـ12 شهراً الأخيرة، وإلى 3.1% حسب الانزلاق السنوي، وهناك مطالبات على شبكات التواصل الاجتماعي بخفض الأسعار وحملة خاصة بخفض أسعار الإسمنت.

رغم أن الانتخابات الرئاسية في موريتانيا تحظى هذه المرة بمشاركة جل الطيف السياسي في البلاد إلا أن فريقاً يرى أنها لا تحظى بالزخم أو الاهتمام الشعبي. فالمواطنون لا يعوّلون عليها من أجل تغيير واقعهم، لا سيّما أن السلطة الحاكمة لا تترك فرصة حقيقية للتنافس السليم، والإدارة ليست حيادية ومرشح "العسكر" ينجح دائماً إما بالتزوير أو باستخدام موارد الدولة

وتجري الانتخابات كذلك في ظل سطوة الحديث عن تفشي البطالة وغياب الفرص أمام المواطنين من أجل العيش الكريم. وفق أرقام الحكومة الموريتانية في عام 2021، تصل نسبة البطالة إلى 37%. وكذلك تأتي الانتخابات الرئاسية في ظل الحضور القوي لملف هجرة الشباب الموريتاني إلى أمريكا عبر الجدار الفاصل بين المكسيك والولايات المتحدة الأمريكية، فوفقاً لمعطيات مصدرها الجمارك وحرس الحدود الأمريكيين، فإن عدد المواطنين الموريتانيين الذي تمكنوا من دخول الأراضي الأمريكية عبر الجدار المكسيسي من تشرين الأول/ أكتوبر 2021 إلى تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وصل إلى 15.594 موريتانياً.

 كل ما سبق يلقي بظلاله على المشهد العام للانتخابات في البلد الأفريقي. لذا يرى البعض أن مرشح السلطة قد لا يكون ضامناً للنجاح بفارق شاسع في حال سارت الانتخابات بشكل نزيه، وهناك من يشكك أصلاً في جدوى الانتخابات في ظل حكم يراه عسكرياً، وهناك من يرى أن من يترشحون ضد رأس السلطة لا حظوة حقيقية لهم في التنافس الجاد، خاصة أن الأرضية الانتخابية ليست شفّافة بما يكفي وأيضاً القوى السياسية ليست منظمة بما يكفي.

ويقول الصحافي الموريتاني سيد أحمد ولد اطفيل، لرصيف22: "الحالة الاقتصادية كانت وما زالت سيئة، الجديد أن الدولة اخترعت ما يسمى ببرنامج تآزر لمساعدة الأسر الفقيرة، وهو ما سيجعل من المستفيدين من هذا البرنامج موالين امتناناً للدولة، أو موالين خوفاً من انقطاع الخدمة الاجتماعية…". وتجدر الإشارة إلى أن مبادرة "تآزر" قائمة منذ عام 2019.

الموريتانيون يختارون رئيسهم

يردف ولد اطفيل بأن "فئة الشباب هي الأكثر حرية واستقلالية لكنها لا تسجل في قوائم الانتخابات وتمارس السياسة الموسمية أي في زمن الانتخابات غالباً… ومنذ أعوام فتحت لهم فرصة الهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية وكندا عن طريق المكسيك.. ويسافر الآلاف منهم سنوياً"، مضيفاً "ثورة الخبز بشكل انتخابي تحتاج لمجهود كبير من التنسيق والتوعية لم يبادر به أحد حتى الآن... وهو ما يحتاج لسنين متواصلة للوصول إلى كم كاف من الجمهور"، وهنا يشير المتحدث إلى أن تحول الامتعاض من الواقع المعيشي  إلى حالة انتخابية لا بد له من التنسيق.

أي معنى للانتخابات؟ 

رغم أن هذه الانتخابات تحظى بمشاركة جل الطيف السياسي الموريتاني، هناك من يرى أن الانتخابات في موريتانيا لم تعد تحظى بذلك الزخم أو الاهتمام الشعبي. فاللامبالاة لها حضورها في المشهد الشعبي، والمواطنون لا يعولون عليها من أجل تغيير واقعهم، لا سيّما أن السلطة الحاكمة لا تترك فرصة حقيقية للتنافس السليم، والإدارة ليست حيادية ومرشح "العسكر" ينجح دائماً إما بالتزوير أو باستخدام موارد الدولة. 

إلى ذلك، ما يزال فريق من الموريتانيين يصر على الاستفادة من أي هامش متاح للديمقراطية، ويواصلون تكرار المحاولات وعدم التخلي عن خيوط الأمل ولو كان أملاً ضعيفاً.

وبحسب ولد اطفيل: "ما يحاول جلّ الموريتانيون الوصول إليه في الوقت الحالي هو الحفاظ على المكتسبات الديمقراطية التي تحصّلت عليها موريتانيا بعد الانقلاب على نظام العقيد ولد الطايع، الذي حكم موريتانيا بين عامي 1984 و2005. تلك المكتسبات التي تعرض بعضها للضياع بعد الانقلاب العسكري على سيدي ولد الشيخ عبد الله، أول رئيس مدني منتخب في تاريخ موريتانيا، في السادس من آب/ أغسطس 2008".

وهو يشير إلى أن المجموعة العسكرية التي قامت بالانقلاب حينذاك "وأدت حلم الشعب في التخلّص من دكتاتورية حكم أصحاب النياشين العسكرية، وهي المجموعة التي ما تزال تتحكم في المشهد السياسي بشكل كامل، ويتبادل أفرادها الأدوار في مختلف مفاصل الدولة، منذ عام 2008، مع الاستئثار بالمناصب السيادية داخل الدولة كرئيس الدولة ورئيس مجلس النواب ووزير الداخلية".  

"يعني هذا أن التغيير لن يحدث بواسطة الاقتراع على الأقل في هذه المرحلة من تاريخ البلاد السياسي"، وفق ولد اطفيل الذي يتابع بأنه "ليس هناك سلوك سياسي يمكن أن يُفصَّل على مقاس المواطن الموريتاني. فالغالبية العظمى تعيش تحت مظلة الأمية بمفهومها التقليدي، أي لا يكتبون ولا يقرؤون. كما أن القادة السياسيين التقليديين آثروا الدخول في حضن النظام الحاكم، وبذلك تكون الساحة السياسية قد فقدت خبرات كبيرة تراكمت منذ بداية التعددية الحزبية، والقادة الجدد يصعب الإجماع على أكثرهم حظاً بسبب خطابه اليميني المتشدد والذي كان سبب انتقاله من مرحلة العمل الحقوقي إلى العمل السياسي بينما يبقى مرشح المؤسسة العسكرية هو المتحكم الوحيد في مجريات الأحداث والنتائج النهائية كما حصل في الانتخابات السابقة".

يشدد الصحافي الموريتاني على أن "المؤسسة العسكرية هي التي تحكم البلاد ولن تسلمها للمدنيين الذين تعتبرهم فاقدي الأهلية بسبب عدم تكوينهم العسكري"، مستطرداً "لن يعيدوا (أي العسكريون) الخطأ مرة ثانية إذ عبث الرئيس المدني آنذاك - سيدي ولد الشيخ عبد الله الذي حكم موريتانيا بين 2007 و2008  وأطيح به في انقلاب عسكري في 6 أب/أغسطس من 2006- بالمؤسسة العسكرية، وكاد أن يُدخل البلاد في صراع عسكري بعد عزل بعد القادة الكبار في الجيش"، ويختم بأن "الدولة تستخدم الترغيب والترهيب في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وذلك بابتزاز جميع موظفي الدولة والتجار ورجال الأعمال ووضعهم بين خيارين رئيسين هما النظام أو العقاب، كلٌّ حسب ما يليق به".

يقول ولد اطفيل لرصيف22 إن  المجموعة العسكرية التي قامت بالانقلاب على أول رئيس مدني منتخب في تاريخ موريتانيا عام 2008 ما تزال تتحكم في المشهد السياسي بشكل كامل، ويتبادل أفرادها الأدوار في مختلف مفاصل الدولة والاستئثار بالمناصب السيادية داخل الدولة كرئيس الدولة، ما يعني برأيه أن التغيير لن يحدث بواسطة الاقتراع على الأقل في هذه المرحلة

خطابات المرشحين تغازل حاجات المواطنين الملحة

يبدو أن المرشحين الرئاسيين، بمن فيهم الرئيس الحالي، لا يغفلون معاناة الناس، لذا جاءت حملاتهم الانتخابية على تنوعها تخاطب أبرز حاجات المواطنين. فالرئيس المنتهية ولايته، ولد الغزواني، وعد، في كلمة ألقاها خلال افتتاح حملته الانتخابية، الموريتانيين بإطلاق لتحقيق الاكتفاء مشاريع زراعية الذاتي وتنظيم حوار سياسي يشارك فيه الجميع، مؤكداً أنه سيُفعّل "كل أجهزة التفتيش والرقابة على المال العام".

الموريتانيون يختارون رئيسهم

وبينما قال إنه "نجح في المحافظة على الأمن والاستقرار وتوفير جو من التهدئة والانسجام الوطني خلال ولايته الرئاسية الأولى" تابع الرئيس بأن "موريتانيا تقع ضمن محيط إقليمي وعالمي تطبعه أزمات متعددة الأبعاد ووضعية الأمن هذه لم تأت من فراغ بل من خلال التهدئة السياسية وحرية التعبير". علاوة على ولد الغزواني، لوحظ تركيز الطيف المناصر له على وضع البلدان المجاورة، مروجين إلى أن أحد أهم أسباب دعمهم له هو الواقع الملتهب في المنطقة.

أما المرشح بيرام الداه أعبيد، الناشط الحقوقي الشهير المناهض للعبودية والنائب في البرلمان الذي سبق أن احتل المركز الثاني خلال رئاسيات 2014 و2019، فقد تركّزت خطاباته على ضرورة حماية الأصوات، مبرزاً في هذا السياق النقص في الوسائل اللوجستية، وكذلك انتقد النظام القائم وما قبله، واعداً ببناء "موريتانيا حديثة على أسس العدالة والمساواة والإنصاف".

بدوره، توعّد مرشح حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل)، زعيم مؤسسة المعارضة الديمقراطية، حمادي ولد سيد المختار، "المفسدين"، معتبراً أنهم لا مكان لهم في مشروع تواصل التغييري، ولا مساومة أو شفاعة في من نهب ثروات الوطن، موجهاً رسالة خاصة للأسرة التربوية التعليمية، ومؤكداً بأنه يشعر بـ"تدني رواتب وضعف الإمكانات المرصودة للقطاع، ووعد بإنزال المُعلِّم منزلته التي تليق به".

المرشح أوتوما سوماري، وهو طبيب وجراح أعصاب وناشط سياسي معروف، أكد أن مشروعه الانتخابي "يحمل الأمل بدل التخويف من المستقبل"، متعهداً، في مهرجان انتخابي له بمدينة لعيون عاصمة ولاية الحوض الغربي، في حالة فوزه، "إعادة الأمل للشعب" عبر الشروع في الإصلاح، مشدداً على أن "تعهداته لن تكون كذباً لأنه طبيب والطبيب لا يكذب على مرضاه"، وذلك في معرض انتقاده لعدم وفاء  الرئيس الحالي بتعهداته.

في مهرجان انتخابي آخر له في مدينة النعمة عاصمة ولاية الحوض الشرقي، وعد سوماري بأنه سيعمل في حال انتخابه رئيساً على إطلاق مشاريع اقتصادية نابعة من احتياجات ومطالب المواطنين في الداخل وبالتشاور معهم.

أما المرشح العيد ولد محمدن، وهو محام ونائب برلماني، فقد أكد في خطاب افتتاح حملته، أن موريتانيا عاشت "5 سنوات ضائعة"، مضيفاً أن "البلد في خطر شديد والتغيير بات ضرورة"، ونوّه بأن "على الشعب أن يفهم أنه إذا لم يأخذ قرار التغيير فإن الدولة في خطر شديد، لقد عشنا 5 سنوات ضائعة، لم يتم حل أي من مشاكل البلد، العدالة تستخدم ضد الخصوم السياسيين والمناضلين"، متعهداً أن يعيش "الموريتانيون حريتهم في نطاق القانون"، مضيفاً أنه دافع "عن ضحايا العبودية وضحايا الظلم العقاري وعن الشباب والأحزاب السياسية المحظورة والمدونين".

وأكد المرشح مامادو بوكار با، في إحدى إطلالاته الانتخابية، أنه سينتهج رؤية موحدة لموريتانيا عادلة وقائمة على المساواة، مشيراً إلى أن "الأنظمة المتعاقبة كانت مسؤولة عن الاختلالات التي تقوّض الدولة الموريتانية مثل التمييز والكراهية والطائفية وسوء التسيير والفساد"، على حد تعبيره.

ووعد المرشح الرئاسي بوضع حد لمعاناة المواطنين الموريتانيين من خلال "معالجة مشكلة الاستيلاء على الأراضي الزراعية دون توافق مع السكان، ومشكلة الحصول على وثائق الحالة المدنية التي يجب أن يكون تسييرها من اختصاص البلديات، وإضفاء الطابع الرسمي على اللغات الوطنية من أجل تعزيز الوحدة الوطنية، وبالتالي تكافؤ الفرص بين مختلف مكونات المجتمع".

أما المرشح المرجى الوافي، وهو خبير مالي، فقد دعا الشباب الموريتاني، في افتتاح حملته الانتخابية في مدينة النعمة شرقي موريتانيا، إلى امتهان السياسة والعمل على إرجاع الممارسة السياسية إلى "مسارها الصحيح لإنقاذ المجتمع وتقديم يد العون لليتيم والمحتاج والفئات الهشة بشكل عام، بدل سد الحاجات الشخصية للبعض، مبدياً أسفه على كون ممارسة السياسة أصبحت وصمة عار بسبب ما يشوبها من التملق والكذب".

تأهب أمني ومخاوف

وخلال الحملة الانتخابية، حدثت بعض المناوشات أثناء مهرجان تابع لحملة الرئيس المنتهية ولايته في مدينة نواذيبو، العاصمة الاقتصادية وثانية أهم المدن الموريتانية، الأمر الذي أدى بوزارة الداخلية إلى إصدار بيان دانت فيه ما قالت إنها "أعمال شغب قام بها بعض أنصار أحد المرشحين للرئاسيات، باعتدائهم على تجمّع انتخابي نظمتْه حملة شباب مرشح آخر"، مؤكدة أنها "من منطلق مسؤولياتها الأمنية، وإذْ تُدين بشدة هذه التصرفات، تذكّر بأنه لا مساومة ولا تساهل ولا تهاوُن مع كل من لنفسه فرداً كان أو جماعة، التجاسرَ على المسّ من أمن وسكينة المواطنين وممتلكاتهم".

أعاد البيان والأحداث إلى الأذهان أحداث ما بعد انتخابات 2019، إذ قطعت السلطات الموريتانية الإنترنت وعزل المواطنين عن العالم الخارجي، بسبب احتجاجات وأعمال شغب أعقبت الانتخابات التي أُتهم النظام بتزويرها.

ويُذكر أن السلطات منعت المرشح أوتوما سوماري من إقامة مهرجان ختامي لحملته في العاصمة نواكشوط، حيث طوّقت قوات مكافحة الشغب مساء الخميس 27 حزيران/ يونيو، المهرجان ولم تسمح بإقامته بالطريقة التي يريد أصحابه، إذ فرضت علي سوماري ورفاقه  النزول من منصة المهرجان وأخبرتهم بمنع المهرجان، فدخل المترشح إلى مقر حملته وصعد على  سطح مقر حملته وخاطب الجماهير الحاضرة من هناك، وكانت قد حدثت احتكاكات بين قوات مكافحة الشغب وبعض الجماهير، وهذا المنع عدّه المرشح عرقلة للمنافسة الشفافة. قال سوماري في مؤتمر صحافي عقده عقب منع مهرجانه: "إنهم تعرضوا لضغوط كبيرة في هذه الحملة، مردفاً بأن النظام منزعج ويخاف من ظله".

"تقديم يد العون لليتيم والمحتاج والفئات الهشة" و"معالجة مشكلة الاستيلاء على الأراضي الزراعية، ومشكلة الحصول على وثائق الحالة المدنية" و"إنزال المُعلِّم منزلته التي تليق به" من بين أبرز الوعود الانتخابية للمرشحين السبعة الذين يتنافسون على رئاسة موريتانيا في عام 2024

توقعات وآمال 

وبينما يروّج مراقبون ومواطنون أن هذه الانتخابات محسومة في شوطها الأول، لأن النظام لم يسمح بواقع تنافسي أصلاً، وأن من ينافسون مرشح السلطة ليسوا بتلك القوة الشعبية، ولكن هناك من يرى صعوبة في الحسم في المرحلة الأولى، كما تتعدد الرؤى حول نسبة المشاركة والإقبال على الانتخابات.

حول ذلك، يقول الباحث المساعد في "مجموعة الأبحاث حول الساحل" في جامعة فلوريدا، باب آدو، لرصيف22: "أتوقع أن يفوز الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني في الشوط الأول نظراً لضعف المرشحين المتنافسين معه ولغياب الضمانات والشروط الضرورية  لشفافية ونزاهة الانتخابات. فاللجنة المستقلة للانتخابات رفضت مؤخراً مطالب للمعارضة بتدقيق السجلات الانتخابية. كما رفضت التعاون مع خبير دولي استقدمته المعارضة لهذا الغرض".

ويضيف باب آدو: "أتوقع أن تنخفض نسبة المشاركة هذه السنة نظراً لغياب الاهتمام بشكل ملحوظ  لدى الكثير من المواطنين خلال هذه الحملة. في آخر ثلاثة انتخابات رئاسية في البلد تراوحت نسبة المشاركة بين 64% عام 2009 و56% في 2014 و62% في 2019". ويختم المتحدث بأنه "من المستبعد أن يكون هناك شوط ثانٍ في هذه الانتخابات، وقد يحسمها الغزواني بنسبة تقارب الـ60%، متبوعاً بالمرشح الحقوقي والنائب البرلماني بيرام الداه أعبيد ثم مرشح حزب تواصل الإسلامي حمادي ولد سيدي المختار".

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

لا ليل يطول، ولا خريف

بعد ربيعٍ عربي كان يزهو بفورات الأمل ونشوة الاحتجاج، ها هي نوستالجيا الحريّة تملأ قلوب كلّ واحد/ ةٍ منّا حدّ الاختناق.

نوستالجيا أفرغها الشلّل القسريّ الذي أقعدنا صامتين أمام الفساد العميم والجهل المتفشي. إذ أضحت الساحات أشبه بكرنفالاتٍ شعبية، والحقيقة رفاهيةً نسيناها في رحلتنا المضنية بحثاً عن النجاة.

هنا في رصيف22، نؤمن بالكفاح من أجل حياةٍ أفضل لشعوب منطقتنا العربية. ما زلنا نؤمن بالربيع العربي، وربيع العالم أجمع.

Website by WhiteBeard