شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
ماذا يعني إصدار مذكرات اعتقال دولية بحق قادة إسرائيل؟

ماذا يعني إصدار مذكرات اعتقال دولية بحق قادة إسرائيل؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

تُتداول أنباء كثيرة خلال الفترة الحالية، بشأن إصدار المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، أوامر اعتقال بحق قادة إسرائيليين، على رأسهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن يوآف غالانت، وسط مخاوف إسرائيلية كثيرة من هذه القرارات التي ستؤثر بالطبع على الداخل الإسرائيلي.

وأوضحت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، في تقرير لها، نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين، أنه من المحتمل اتهام المسؤولين الإسرائيليين بمنع إيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، والردّ بقسوة على الهجمات التي نفّذتها حماس ضد إسرائيل، في 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ويُعتقد أن نتنياهو من بين الأشخاص الذين قد يجري ذكر أسمائهم في مذكرات الاعتقال.

وأشارت هيئة البث الإسرائيلية، إلى أنه من المرجح أن يجري إصدار المذكرات على خلفية الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، بالإضافة إلى تصريحات دول مختلفة بشأن انتهاك إسرائيل للقانون الدولي في ما يتعلق بأوضاع السكان المدنيين في غزة، وانتهاك اتفاقية جنيف الرابعة.

وتقول "نيويورك تايمز"، إنه من المحتمل أن يُنظر إلى أوامر الاعتقال الصادرة من المحكمة الجنائية، في معظم أنحاء العالم، على أنها "توبيخ أخلاقي مهين"، خاصةً أن إسرائيل واجهت منذ أشهر ردود فعل دوليةً عنيفةً بسبب سلوكها في غزة.

ورأت صحيفة "إسرائيل اليوم"، أن تداعيات أوامر الاعتقال، التي قد تصدر في أيار/ مايو الجاري، ستكون مدمرةً، إذ سيُنظَر إلى إسرائيل كلها على أنها مجرمة حرب.

قلق في إسرائيل بسبب صدور أوامر الاعتقال

وعلى غير المتوقع بالنسبة لإسرائيل التي لا تضع اعتباراً لأي قوانين، فإن هناك حالة قلق في الداخل الإسرائيلي من احتمال إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت، ورئيس أركان الجيش هيرتسي هاليفي، وفق ما ذكرته وكالة "أنباء العالم العربي".

يتضح من تصريحات نتنياهو والخطوات التي اتخذتها حكومته بعد ذلك، أن إسرائيل متيقنة من إصدار مذكرات الاعتقال ومتخوفة من أثرها، لذا لجأت بكل طاقتها إلى التهديد لمنع إصدارها

وتعليقاً على ذلك، كتب بنيامين نتنياهو، عبر حسابه الشخصي في منصة التواصل الاجتماعي "X"، في أواخر نيسان/ أبريل المنصرم، قائلاً: "تحت قيادتي، إسرائيل لن تقبل أبداً بمحاولات محكمة الجنايات في لاهاي، التشكيك في الحق الأساسي في الدفاع عن النفس"، عادّاً أن "التهديد ضد جنود الجيش وشخصيات عامة في إسرائيل (الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط والدولة اليهودية الوحيدة في العالم)، هو تهديد فضائحي، ولن نستسلم له".

لكن على الرغم من اللهجة التي تحدث بها نتنياهو، إلا أنه عاد في الأول من أيار/ مايو الجاري، في تسجيل مصوّر نشره على حسابه على منصة "X"، وناشد من وصفهم بزعماء العالم الحر، لاستخدام نفوذهم ومنع المحكمة الجنائية الدولية من إصدار مذكرات اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين هو من بينهم.

وقال في الفيديو، إن "احتمال إصدار مذكرات اعتقال بحق قادة الجيش الإسرائيلي والدولة بتهمة ارتكاب جرائم حرب، سيكون فضيحةً على نطاق تاريخي"، مضيفاً: "أريد أن أوضح شيئاً واحداً: لن يؤثر أي قرار، لا في لاهاي أو أي مكان آخر، على عزمنا على تحقيق جميع أهداف الحرب؛ إطلاق سراح جميع الرهائن، والنصر الكامل على حماس، والتعهد بألا تشكّل غزة بعد ذلك أي تهديد لإسرائيل"، مشيراً إلى أنه "ليست لدى المحكمة الجنائية الدولية أي سلطة على إسرائيل".

خطوات انتقامية ضد السلطة الفلسطينية

ويتضح من تصريحات نتنياهو والخطوات التي اتخذتها حكومته بعد ذلك، أن إسرائيل متيقنة من إصدار مذكرات الاعتقال ومتخوفة من أثرها، لذا لجأت بكل طاقتها إلى التهديد لمنع إصدارها.

وفي هذا الشأن، ذكر موقع "أكسيوس" الأمريكي، في تقرير له، أن الحكومة الإسرائيلية حذّرت الإدارة الأمريكية، بأنّها ستتخذ خطوات انتقاميةً ضدّ السلطة الفلسطينية، على نحو يؤدي إلى انهيارها، إذا أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال ضدّ إسرائيليين.

وأشار الموقع، إلى أنّ إسرائيل أبلغت الولايات المتحدة خلال الأسابيع الماضية، بأنها "تمتلك معلومات تفيد بضغط السلطة الفلسطينية على المدّعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، من أجل إصدار أوامر اعتقال ضدّ القادة الإسرائيليين"، نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين، أكدوا أنّ "إسرائيل أبلغت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بأنها ستعدُّ السلطة الفلسطينية مسؤولةً عن إصدار مذكرات الاعتقال، مهددةً بأنها ستنتقم بإجراء قوي قد يؤدي إلى انهيارها".

وأوضح "أكسيوس" أنّه من بين الإجراءات المحتملة، تجميد تحويل عائدات الضرائب التي تجمعها إسرائيل لصالح السلطة الفلسطينية، مشيراً إلى أنه من دون هذه الأموال، تصبح السلطة الفلسطينية مفلسةً.

ونقل الموقع الأمريكي، عن مسؤول إسرائيلي كبير قوله إنّ "التهديد بإصدار مذكرات اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية حقيقي"، مرجحاً أن تتخذ الحكومة الإسرائيلية قراراً رسمياً بمعاقبة السلطة الفلسطينية، في حال حدوث مثل هذا السيناريو.

لم يتأخر الدعم الأمريكي كثيراً، إذ بدأت الإدارة الأمريكية بالضغط على مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية، ونقل موقع "أكسيوس" عن مسؤولَين أمريكيَين قولهما إنّ إدارة بايدن أبلغت مسؤولي المحكمة، على انفراد، أنّ أوامر الاعتقال ضد القادة الإسرائيليين "ستكون خطأً، وأنّ واشنطن لا تدعم هذا الإجراء"

من ناحية أخرى، ذكرت تقارير صحافية، أن نتنياهو تحدث مع بايدن عن مسألة أوامر الاعتقال المحتملة، المتوقع أن تصدرها المحكمة الجنائية الدولية، خلال مكالمة هاتفية أواخر الشهر المنصرم، نفى خلالها بايدن الشكوك التي تحوم حول إعطاء الولايات المتحدة "الضوء الأخضر" للمحكمة الجنائية الدولية لإصدار أوامر اعتقال ضدّ القادة الإسرائيليين، مؤكداً أن بلاده تعارض هذا التحقيق.

تحركات أمريكية لوقف إصدار مذكرات الاعتقال

لم يتأخر الدعم الأمريكي كثيراً، إذ بدأت الإدارة الأمريكية بالضغط على مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية، ونقل موقع "أكسيوس" عن مسؤولَين أمريكيَين قولهما إنّ إدارة بايدن أبلغت مسؤولي المحكمة، على انفراد، أنّ أوامر الاعتقال ضد القادة الإسرائيليين "ستكون خطأً، وأنّ واشنطن لا تدعم هذا الإجراء".

وذكرت تقارير إسرائيلية، أن مسؤولين إسرائيليين أجروا اتصالات مكثفةً بأعضاء في الكونغرس الأمريكي، لحثّهم على الضغط على الجنائية الدولية، ومنع صدور أوامر اعتقال بحق قادة إسرائيليين. وبحسب "القناة 12 الإسرائيلية"، فإن نتنياهو طلب من عائلات الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة، أن يضغطوا من أجل منع الجنائية الدولية من إصدار مذكرات اعتقال بحقه أو بحق قادة آخرين.

وبالفعل، بدأ أعضاء في الكونغرس الأمريكي بالضغط على المحكمة الجنائية الدولية، ووجهوا تحذيرات وتهديدات قويةً إليها، في أعقاب تقارير عن الإصدار المحتمل لمذكرات اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين بارزين، على رأسهم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وفقاً لـ"أكسيوس".

وقال رئيس مجلس النواب الأمريكي، مايك جونسون، إن مذكرات الاعتقال المزعومة مشينة، وغير قانونية، موضحاً في بيان له أنه "لو لم تتم مواجهة ذلك من جانب إدارة (الرئيس الأميركي جو) بايدن، يمكن للمحكمة الجنائية الدولية أن تخلق وتدّعي امتلاكها سلطةً غير مسبوقة متعلقة بإصدار مذكرات اعتقال بحق القادة السياسيين والدبلوماسيين والعسكريين الأمريكيين".

ودعا جونسون إدارة بايدن إلى "المطالبة بشكل فوري لا لبس فيه، بتراجع المحكمة الجنائية الدولية، واستخدام كل الأدوات المتاحة لمنع مثل هذا الفعل الشنيع، ويؤكد الموقع الأمريكي، أن البيت الأبيض رفض التعليق على تقرير مكالمة نتنياهو وبايدن، لكنه أوضح أن "المحكمة الجنائية الدولية ليست مختصةً بمثل هذا الأمر، ولا ندعم تحقيقها".

ونقل "أكسيوس" تصريحات لأعضاء آخرين في مجلس النواب، أكدوا خلالها أنهم يتوقعون إصدار مشروع قانون من جانب السيناتور الجمهوري توم كوتون، يقضي بمعاقبة مسؤولي الجنائية الدولية المشاركين في التحقيق مع الولايات المتحدة وحلفائها.

وعلى ما يبدو، فإن الولايات المتحدة الأمريكية، تتعامل مع الأمر كأنه مسألة حياة أو موت، خاصةً بعدما قال النائب الديمقراطي براد شيرمان، إن الولايات المتحدة يجب أن "تفكر في ما إذا كانت ستستمر مصادقتها على نظام روما الأساسي"، وهي المعاهدة التي تأسست بموجبها المحكمة الجنائية الدولية.

وهنا لا بد من الإشارة إلى أن "الجنائية الدولية" تحقق في مزاعم ارتكاب جرائم حرب بواسطة كل من الجيش الإسرائيلي والفصائل الفلسطينية المسلحة، منذ عام 2014.

وقالت الجنائية الدولية، إنها تحقق مع طرفَي الصراع في الهجوم الذي شنّه مقاتلو حركة حماس في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي على إسرائيل، والهجوم الإسرائيلي اللاحق على غزة.

"مذكرات الاعتقال لن تؤثر بشكل عملي"

يقول إيهاب عباس، الصحافي المتخصص في الشأن الأمريكي والعلاقات الدولية من واشنطن، إن "إصدار مذكرات الاعتقال من قبل المحكمة الجنائية الدولية، بشأن قادة إسرائيل، لن يكون له أي تأثير عملي؛ لأن دولة الاحتلال لن تسمح بتسليم جندي واحد، حتى إذا ثبتت إدانته بالفيديو وبالصورة وكل شيء"، مؤكداً في حديثه إلى رصيف22 أن "إدارة بايدن من الممكن أن تقف في وجه إصدار هذه المذكرات، ومن المؤكد أنها ستكون ضد أي قرار متعلق بالجنائية الدولية ضد حكومة نتنياهو، فمبدأ القوة هو من سيتحكم في الأمر".

ويشير إلى أن إصدار المذكرات من الممكن أن يُستخدم سياسياً في الداخل الإسرائيلي، موضحاً: "كل حزب أو جماعة سياسية في إسرائيل، سيبدأ باستخدام المذكرات ضد الطرف الآخر ويتهمه بأنه المتسبب في ما وصلت إليه الأمور، نتيجة سوء الإدارة، وسيستغل الأمر انتخابياً أيضاً، لكن لن يكون له تأثير أكثر من ذلك".

"الشارع الإسرائيلي حالياً لا يهمه غير إطلاق سراح المحتجزين، وليس وقف الحرب على غزة، وتالياً إذا صدرت مذكرات الاعتقال بشأن القادة الإسرائيليين، سنجد الكثيرين يدافعون عنهم، ويتهمون المحكمة الجنائية بأنها ضد السامية... لن تكون هناك أي متغيرات على الصعيد السياسي داخل إسرائيل إذا صدرت هذه المذكرات، ولن تجرى انتخابات مبكرة"

في السياق نفسه، يقول الدكتور أيمن الرقب، إن "ما نسمعه بشأن إصدار مذكرات اعتقال بشأن قادة إسرائيل، هو حتى الآن مجرد كلام إعلامي فحسب، نقلته الصحف العبرية، لكن على أي حال إذا حدث ذلك، فإن دولة الاحتلال ستمنع قادتها من السفر إلى خارج البلاد، خشية الاعتقال". ويشير الرقب لرصيف22 إلى "سابقة للمحكمة الجنائية الدولية، بشأن الجنود الأمريكيين الذين ارتكبوا جرائم ضد الشعب العراقي في الفلوجة و'سجن أبو غريب'، إذ جرى إسقاط التهم وإغلاق هذا الملف"، متسائلاً: "هل سيتكرر الأمر نفسه مع الإسرائيليين وتتدخل الولايات المتحدة، وتثني المحكمة الجنائية عن إصدار هذه المذكرات؟".

ويوضح أن "الشارع الإسرائيلي حالياً لا يهمه غير إطلاق سراح المحتجزين، وليس وقف الحرب على غزة، وتالياً إذا صدرت مذكرات الاعتقال بشأن القادة الإسرائيليين، سنجد الكثيرين يدافعون عنهم، ويتهمون المحكمة الجنائية بأنها ضد السامية"، ويعتقد أنه "لن تكون هناك أي متغيرات على الصعيد السياسي داخل إسرائيل إذا صدرت هذه المذكرات، ولن تجرى انتخابات مبكرة".

ماذا يعني إصدار مذكرات اعتقال بحق القادة الإسرائيليين؟

تضم المحكمة الجنائية الدولية 123 دولةً، ما يعني أنه في حال صدور مذكرات اعتقال بشأن القادة الإسرائيليين، فبمجرد وصول أي منهم إلى إحدى هذه الدولة، سيتم اعتقاله فوراً، وتسليمه للمحكمة.

وعلى الرغم من أن إسرائيل ليست من الدول الموقعة على نظام روما الأساسي، الذي أنشأ المحكمة الجنائية الدولية، لكن بموجب هذا النظام إذا ارتكب شخص جريمة حرب في مناطق دولة هي عضو في المحكمة، حتى لو كان مواطناً أجنبياً، فللمحكمة صلاحية إصدار قرارات ضده.

إسرائيل ليست عضواً في الجنائية الدولية، لكن الأراضي الفلسطينية أصبحت دولةً لها عضوية فيها عام 2015. وتقول المحكمة إن هذا يمنحها ولايةً قضائيةً على تصرفات أي شخص، بمن فيهم الجنود الإسرائيليين في الأراضي الفلسطينية، ويمنح المحكمة أيضاً ولايةً قضائيةً على الفلسطينيين في أي مكان، بما في ذلك الأراضي الإسرائيلية.

ولا تعترف إسرائيل بأي ولاية قضائية للمحكمة على مواطنيها، وأي قضية جنائية أمام هذه المحكمة ستكون منفصلةً عن القضية التي تقدمت بها جنوب إفريقيا إلى محكمة العدل الدولية، التي تتهم فيها إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة.

وتنظر العدل الدولية، في الدعاوى القضائية بين الدول، بينما تنظر الجنائية الدولية في القضايا الجنائية ضد الأفراد، وتُعدّ الأخيرة التي بدأت عملها عام 2002، أداةً قانونيةً مهمّةً قادرةً على محاسبة الأفراد الذين ارتكبوا جرائم دوليةً خطيرةً.

تقول الدكتورة سونيا بولس، أستاذة القانون الدولي، المتخصصة في مجال حقوق الإنسان والمحاضرة في كلية القانون والعلاقات الدولية في جامعة "نبريخا-مدريد"، إن "إصدار مذكرات اعتقال من اختصاص الدائرة التمهيدية للمحكمة، ويصدرها القضاة إذا كانت هناك أسباب معقولة للاعتقاد بأن الشخص المعني قد ارتكب جريمةً تدخل في نطاق اختصاص المحكمة، وعندما يكون الاعتقال ضرورياً لضمان مثول الشخص أمام المحكمة، أو لضمان عدم عرقلته للتحقيق أو لإجراءات المحكمة، أو لمنعه من الاستمرار في ارتكاب الجرائم، ويمكن استئناف أمر الاعتقال أمام غرفة الاستئناف".

"ليست لدى المحكمة قوة شرطة خاصة بها، لذلك تعتمد على تعاون الدول، وهو أمر ضروري لاعتقال المشتبه بهم وتسليمهم، ويقع على عاتق الدول الأطراف في نظام روما الأساسي التزام قانوني بالتعاون الكامل مع المحكمة الجنائية الدولية، وإذا صدرت أوامر اعتقال، فإن إسرائيل لن تتعاون بالطبع مع المحكمة".

توضح الأستاذة في القانون الدولي، في حديثها إلى رصيف22، أنه "ليست لدى المحكمة قوة شرطة خاصة بها، لذلك تعتمد على تعاون الدول، وهو أمر ضروري لاعتقال المشتبه بهم وتسليمهم، ويقع على عاتق الدول الأطراف في نظام روما الأساسي التزام قانوني بالتعاون الكامل مع المحكمة الجنائية الدولية، وإذا صدرت أوامر اعتقال، فإن إسرائيل لن تتعاون بالطبع مع المحكمة".

وتضيف: "من المؤكد أن إصدار مذكرات اعتقال سيحدّ من قدرة الأفراد الذين صدرت بحقهم الأوامر على السفر إلى الخارج، برغم أنه في حالة رؤساء دول آخرين، مثل عمر البشير، فلم تمنعهم مذكرة الاعتقال من السفر إلى الخارج لسنوات، ويوجد حالياً أكثر من 10 أشخاص مطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية وما زالوا طلقاء".

وتشير بولس إلى أنه "إذا أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال، فنحن لسنا بصدد نزع الشرعية عن العدوان الإسرائيلي على غزة فحسب، بل بصدد تجريمه أيضاً، وهذا من شأنه تأجيج الحركات الشعبية المناهضة للحرب، على أمل أن تتمكن من الضغط على المجتمع الدولي للعمل الفوري على وقف إطلاق النار".

برأي الدكتور محمود الحنفي، أستاذ القانون الدولي وحقوق الإنسان، "إذا صدرت هذه المذكرات، ستكون الخبر الأهم على الإطلاق، منذ قيام دولة إسرائيل التي توصف بأنها دولة محمية من المساءلة، وأن قادتها يتمتّعون بالمناعة ضد أي ملاحقة".

ويوضح الحنفي في مقال له نشره موقع "الجزيرة"، أن القلق الإسرائيلي يرجع إلى أنه إذا صدرت هذه المذكرات ستكون إسرائيل في قفص الاتهام مرةً ثانيةً، بعد ما حدث من محكمة العدل الدولية، واتهامها بارتكاب جريمة إبادة، وسوف تكون في حالة دفاع، كما أنها ستصبح سجناً لقادتها الذين سوف تصدر بحقهم مذكرات اعتقال، ولن يستطيعوا السفر إلى أي دولة في العالم إلا التي ترضى بأن تستقبل مجرمي حرب وبشكل غير معلن، بالإضافة إلى الآثار المباشرة التي ستؤثر على اقتصاد الدولة، لا سيما في مجال الطيران والسياحة ومجالات الاستثمار في التكنولوجيا العالية، وتجارة الأسلحة.

لكن في الوقت نفسه، تشير تقارير إلى أنه من المتوقع إصدار مذكرات اعتقال أيضاً بحق قادة فلسطينيين، من باب التوازن والحيادية.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

منبر الشجعان والشجاعات

تكثُر التابوهات التي حُيِّدت جانباً في عالمنا العربي، ومُنعنا طويلاً من تناولها. هذا الواقع هو الذي جعل أصوات كثرٍ منّا، تتهاوى على حافّة اليأس.

هنا تأتي مهمّة رصيف22، التّي نحملها في قلوبنا ونأخذها على عاتقنا، وهي التشكيك في المفاهيم المتهالكة، وإبراز التناقضات التي تكمن في صلبها، ومشاركة تجارب الشجعان والشجاعات، وتخبّطاتهم/ نّ، ورحلة سعيهم/ نّ إلى تغيير النمط السائد والفاسد أحياناً.

علّنا نجعل الملايين يرون عوالمهم/ نّ ونضالاتهم/ نّ وحيواتهم/ نّ، تنبض في صميم أعمالنا، ويشعرون بأنّنا منبرٌ لصوتهم/ نّ المسموع، برغم أنف الذين يحاولون قمعه.

Website by WhiteBeard