مرت علاقة إيران بالفصائل الفلسطينية المسلحة، منذ نشأتها في منتصف ستينيات القرن الماضي، بكثير من المنعطفات، بدايةً من العداء الرسمي المعلن أثناء حكم الشاه محمد رضا بهلوي، مروراً بالدعم الكامل لمنظمة التحرير الفلسطينية بعد الثورة الإيرانية عام 1979، وصولاً إلى مساندة حركتي المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)، والجهاد الإسلامي.
ولا يمكن فصل علاقة إيران بالفصائل الفلسطينية في الستينيات بجملة من المعطيات السياسية التي سبقت هذا العقد، وتحديداً بعد الإعلان عن إنشاء إسرائيل عام 1948. بحسب مأمون كيوان، في كتابه "اليهود في إيران"، اتسمت علاقة إيران بفلسطين بتعمّق الفجوة بين الموقفين، الإيراني الرسمي الذي اعترف بإسرائيل ونسج معها علاقات على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية، والموقف الشعبي الإيراني المتضامن والداعم للشعب الفلسطيني.
برز هذا التناقض في عدة مناسبات، فإثر وقوع النكبة خرجت في طهران مظاهرات شعبية ضخمة تندد بـ"اغتصاب فلسطين"، وقاد رجل الدين الإيراني الشهير آية الله الكاشاني حراكاً شعبياً طالب بالتصدي للحركة الصهيونية.
مرحلة تبادل الاتهامات
ومع انطلاق منظمة التحرير الفلسطينية، في منتصف ستينيات القرن الماضي، كقوة ضاربة ومؤثرة، حرص الشاه على التقرب إلى عدد من قادة الفصائل الفلسطينية المسلحة المنضوية تحت قيادة المنظمة، وعرض عليهم إقامة علاقات ودية معهم، مقابل الكف عن دعمهم المعارضة الإيرانية، والجلوس إلى طاولة الحوار مع القيادات الإسرائيلية، كما يذكر الدكتور قُصي محمود راضي، في دراسته: "موقف إيران من الفصائل الفلسطينية المسلحة حتى عام 1979".
لكن قادة الفصائل رفضوا ذلك، وقرروا عدم إقامة أية علاقات سياسية أو غير سياسية مع حكومات إيران، وأعلنوا دعمهم العلني لجميع الحركات المناهضة لحكم الشاه.
وشهد عقد سبعينيات القرن الماضي اتهامات متبادلة بين الطرفين، وعمليات "فدائية" وانتقامية، تارة ضد مصالح إيران، وتارة أخرى ضد الفصائل الفلسطينية المسلحة المنضوية تحت قيادة منظمة التحرير. في 8 حزيران/ يونيو 1970، وقع انفجار كبير في مكاتب شركة طيران العال الإسرائيلية في طهران، ووجّه الشاه اتهامه إلى المعارضة الإيرانية والفصائل الفلسطينية المسلحة.
في المقابل، اتهمت منظمة التحرير المخابرات الإيرانية بتفجير مكاتبها في بيروت، واستهداف منزل الدكتور وديع مراد أحد قادة جيش تحرير فلسطين، وأكدت أن إيران جندت عدداً كبيراً من عناصرها للعمل في الدول العربية لخدمة أهداف إسرائيل التجسسية، بحسب راضي.
في حين أضفت عملية "طوفان الأقصى" المزيد من الغموض على عمق علاقة إيران والفصائل الفلسطينية المسلحة، كان تاريخ علاقاتهما عامراً بالتأرجح بين العداء الكامل والتأييد والدعم الواسعين… نظرة على هذا التاريخ المثير وسياقاته في تقريرنا
رغم ذلك، استمر الشاه في استفزاز الفصائل الفلسطينية، ولم يخف تعاطفه مع إسرائيل. ففي أثناء تواجده في ألمانيا عام 1970، أجرت المجلة اليهودية "جمينا" مقابلة معه، أكد خلالها إعجابه بشجاعة الإسرائيليين وعزمهم وتصميمهم، وأنه مُلزم بوعوده لإسرائيل ولن يتخلى عنها رغم "الضغوط العربية".
بناء على هذه المعطيات، حاولت الفصائل الفلسطينية استهداف مصالح إيران وإسرائيل معاً، إذ قررت، في 11 حزيران/ يونيو 1971، مهاجمة ناقلة النفط الإسرائيلية "كورال سي" في منطقة باب المندب أثناء اتجاهها إلى ميناء إيلات في خليج العقبة، وكانت محمّلة بالنفط الإيراني.
دعم المعارضة الإيرانية رغم الاعتراف بالمنظمة
ويوضح راضي أن عام 1974 شكّل منعطفاً مهماً في تاريخ العلاقة بين إيران ومنظمة التحرير، سيّما بعد انعقاد مؤتمر القمة العربي السابع في العاصمة المغربية الرباط، إذ أكدت قرارات المؤتمر الاعتراف الرسمي بالمنظمة بوصفها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني.
فرض هذا التغيير على الشاه إعلان تأييده لما جاء في القرار، وإن أكد صعوبة تحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط طالما ترفض إسرائيل الاعتراف بالمنظمة وإصرارها على التعامل معها عسكرياً، لذا اقترح ضرورة عقد مؤتمر في جنيف بهدف تقليل حدة الصراع والخلافات بين إسرائيل والمنظمة.
ومع الاعتراف الإيراني الرسمي بالمنظمة إلا أن تغييراً جوهرياً لم يطرأ على علاقات الطرفين. وفي حزيران/ يونيو من نفس العام، سعت منظمة مجاهدي خلق الإيرانية إلى توطيد علاقاتها مع منظمة التحرير، بهدف الحصول على دعم عسكري ومالي، وتشكيل خلايا إضافية في عدد من المدن الإيرانية.
ولم تكتف المنظمة الفلسطينية بدعمها اللوجستي للثوار والمعارضة الإيرانية، بل سعت لضرب المصالح الإيرانية خارج إيران إذ تبنّت تفجير مكاتب شركة الخطوط الجوية الإيرانية في بيروت بعبوة ناسفة في أيلول/ سبتمبر 1974.
كان ذلك سبباً كافياً لتصاعد الاتهامات المتبادلة بين الشاه وقيادات الفصائل الفلسطينية، لدرجة أن مكتب منظمة التحرير في لبنان أكد مساعي إيران لتسليح بعض الأحزاب اللبنانية اليمينية، لاسيما حزب الكتائب بزعامة بيار جميل وحزب الأحرار بزعامة كميل شمعون، لتكون قوة مضادة للفصائل الفلسطينية المتواجدة في لبنان، تعمل على طردها جنباً إلى جنب مع النازحين الفلسطينيين خارج التراب اللبناني.
ومع بدء الاستعدادات لإطلاق معاهدة السلام العربية الإسرائيلية، والتي كان لإيران دور فيها، عمّت المظاهرات المناوئة لحكم الشاه أغلب المدن الإيرانية في منتصف شهر آب/ أغسطس 1978. بحسب راضي، ادّعى الشاه أن من يقف وراء هذه الأحداث هي المعارضة الإيرانية، بدعم عسكري ومالي من قبل الفصائل الفلسطينية المسلحة، التي وصفها بـ"الأجنحة المتطرفة" أو "أجنحة الإرهاب".
سفارة فلسطينية بدلاً من "الإسرائيلية"
تغيّرت الأمور جذرياً مع اندلاع الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979، والتي أدت إلى سقوط نظام الشاه وقيام نظام سياسي جديد قائم على أسس دينية، دفعت بقياداته بقوة نحو تبديل أطر التحالفات والعلاقات. يذكر وسام صالح، في دراسته: "دور الجمهورية الإسلامية الإيرانية في دعم القضية الفلسطينية"، أن الحكومة الجديدة اعتمدت خطوات أكدت عدم الاعتراف بإسرائيل، وإلغاء أشكال التعاون الإستراتيجي التي كانت نافذة وقت حكم الشاه.
وتمثّلت أبرز هذه الخطوات في استقبال الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات وقيادات منظمة التحرير الفلسطينية في طهران في الأسبوع الأول من الثورة حيث أعلنت إيران الاعتراف بالمنظمة رسمياً ودعمها المباشر، وتسليم مفاتيح السفارة الإسرائيلية للفلسطينيين، واستبدالها بسفارة فلسطين.
لكن بعض الفتور أصاب العلاقة الرسمية بين منظمة التحرير الفلسطينية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، خاصة بعد فشل وساطة ياسر عرفات في منع اندلاع الحرب بين العراق وإيران في أيلول/ سبتمبر 1980، ثم فتح العراق أبوابه أمام منظمة التحرير الفلسطينية، وهو ما فسرته إيران بأنه انحياز للجانب العراقي.
بعدما كان يصفها الشاه بـ"الأجنحة المتطرفة"، رحبت حكومة الثورة الإسلامية في إيران بقيادات الفصائل الفلسطينية المسلحة في طهران، وأظهرت دعمها الواسع لـ"مقاومة إسرائيل" غير أن هذه العلاقة أصابها الفتور مرات، والجمود التام في مناسبات منها فترة الحرب الإيرانية العراقية
انقلاب إيراني على منظمة التحرير
ولم يمض وقت طويل حتى اندلعت الانتفاضة الفلسطينية الأولى في كانون الأول/ ديسمبر 1987، واستمرت سبع سنوات، ولاقت خلاله حركات "المقاومة الفلسطينية" دعماً من إيران، إلا أن هذا الدعم لم يشمل منظمة التحرير الفلسطينية، وذلك على خلفية اتهام طهران لها بالتورط في شؤونها الداخلية، بحسب ما يذكر محمد أحمد أبو سعدة في دراسته: "السياسة الإيرانية تجاه حركات المقاومة الإسلامية في فلسطين".
يضيف أبو سعدة أن إيران اتهمت المنظمة وفصائلها بالاتصال وتقديم الدعم للقوى الليبرالية واليسارية المعارضة في إيران، مثل التيار الليبرالي بقيادة مهدي بازرجان، ومنظمة مجاهدي خلق بزعامة مسعود رجوي، والتي دخلت في صراع مسلح وعمليات اغتيال وتصفية جسدية مع القوى الثورية الدينية، ووصلت حداً أوشكت فيه البلاد على الانجرار إلى حرب أهلية.
لكن أخطر هذه الاتهامات تمثّلت في اتهام المنظمة بالتعاون مع الجبهة الشعبية لتحرير إقليم عربستان، والتي تنادي بالاستقلال عن إيران، ولديها ارتباط بقوى اليسار العربي.
يرصد أبو سعدة، في دراسته، أسباباً أخرى لعدم دعم طهران في عهد ما بعد الثورة الإسلامية لمنظمة التحرير، ومن بينها تقارب المنظمة مع العراق، وزيارة عرفات إلى بغداد، فضلاً عن تقارب قيادة المنظمة من المحور المصري الأردني العراقي، بعد التغييرات التي شهدتها المنطقة العربية في منتصف ثمانينات القرن الماضي، حيث أصبحت سوريا وليبيا أكثر قرباً من إيران، بينما حدث تقارب بين مصر والأردن والعراق.
بحسب أبو سعدة، هناك عوامل دفعت المنظمة إلى التقارب مع هذا المحور، منها توتر العلاقات الفلسطينية السورية بعد دعم سوريا للمنشقين عن حركة فتح عسكرياً عام 1983، ووقوف القيادة المصرية بجانب عرفات وقواته لتأمين عملية الانسحاب من طرابلس عام 1983، وانتقال جزء من هذه القوات إلى العراق بعد خروجها من لبنان، فضلاً عن تحسن العلاقة الأردنية الفلسطينية منذ عام 1983، ثم الإعلان عن الاتفاق الأردني الفلسطيني في شباط/ فبراير 1985.
دعم "حماس" ومنع تطويقها
وفي بحثه "حماس والعالم الإسلامي... تركيا وإيران نموذجاً" الذي تضمنه كتاب"حركة المقاومة الإسلامية حماس… دراسات في الفكر والتجربة"، يذكر الدكتور طلال عتريسي أن انتفاضة عام 1987 ساهمت في تعميق علاقة إيران مع حركة حماس، وذلك على قاعدة رفض إيران لعملية التسوية السياسية للقضية الفلسطينية، ورفضها إستراتيجية التفاوض مع إسرائيل لحل هذه القضية، وهو الهدف نفسه الذي كانت الحركة تؤيده وتعمل من أجله.
رأت أطراف فلسطينية وعربية في علاقة حماس وإيران عبئاً عليها بسبب سياسات إيران التي اعتبروا أنها تأخذ طابعاً "فارسياً" أو "طائفياً"، وأن العلاقة بـ"المقاومة" تُستخدم للتغطية على السلوك والأطماع الإيرانية في المنطقة.
لذلك، عندما عُقد مؤتمر مدريد الدولي للسلام في الشرق الأوسط، مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر 1991، برعاية أمريكية مباشرة، بعد تحرير الكويت من الغزو العراقي، وشارك فيه عدد من الدول العربية وممثلو منظمة التحرير الفلسطينية، بادرت طهران إلى استباق ذلك الموعد بأكثر من مؤتمر لدعم "ثورة الشعب الفلسطيني" في 22 تشرين/ أكتوبر من نفس العام، في إشارة واضحة إلى الموقف الإيراني الرافض لعملية التسوية ولأي تفاوض مع إسرائيل. ضمت هذه المؤتمرات شخصيات وقوى وأحزاب فلسطينية وعربية تؤيد المقاومة، وترفض مؤتمر مدريد.
بحسب عتريسي، يُعد اعتماد ممثل لحركة حماس في إيران في تشرين الأول/ أكتوبر 1990 بداية العلاقة الرسمية بين الطرفين. أعقب ذلك افتتاح مكتب رسمي للحركة في طهران في شباط/ فبراير 1992، أي بعد نحو شهرين من انعقاد مؤتمر مدريد للتسوية ومؤتمر القوى الفلسطينية المعارضة في طهران، وكان ذلك إشارة إيرانية إلى الاعتراف بدور حماس المركزي في المعارضة الفلسطينية.
نتيجة لهذا التقارب، عملت إيران على منع تطويق حماس بعد فوزها في الانتخابات التشريعية عام 2006 وسيطرتها على قطاع غزة في 2007، خصوصاً أن الطرف المقابل لحماس - السلطة الفلسطينية - كان يحظى بدعم واسع عربياً ودولياً، في حين تعرّضت حماس لحصارٍ قاسٍ مالياً وسياسياً على هذين المستويين، لذا كانت الحركة في أمس الحاجة إلى الدعم الإيراني. وفي أواخر عام 2006، أعلن مجلس الوزراء الفلسطيني أن زيارة إسماعيل هنية، رئيس وزراء السلطة الوطنية الفلسطينية آنذاك، إلى إيران جلبت 250 مليون دولار مساعدات للشعب الفلسطيني.
أثناء الحصار على قطاع غزة، دعا المرشد الأعلى للثورة الإسلامية، علي الخامنئي، البلدان الإسلامية لكسر هذا الحصار، وأعلن دعم بلاده المباشر لحركة حماس ووقوف إيران إلى جانبها في غزة.
تزامن ذلك مع اتهام إسرائيل لإيران بتهريب السلاح إلى غزة، وتزويد حماس بصواريخ قادرة على ضرب أهداف إستراتيجية. ربطت إسرائيل علاقة حماس وإيران بالبرنامج النووي الإيراني، ورأت أن طهران قد تلجأ إلى حماس لإطلاق الصواريخ لحماية برنامجها النووي.
في الأثناء، رأت أطراف فلسطينية وعربية في علاقة حماس وإيران عبئاً عليها بسبب سياسات إيران التي اعتبروا أنها تأخذ طابعاً "فارسياً" أو "طائفياً"، وأن العلاقة بـ"المقاومة" تُستخدم للتغطية على السلوك والأطماع الإيرانية في المنطقة. كما اعتبرت أطراف إيرانية أن بلادها تدفع أثماناً هائلة نتيجة سلوكها الداعم لـ"المقاومة الفلسطينية"، وتعاني لذلك من حصار اقتصادي أمريكي وغربي مرير بينما الأطراف الفلسطينية لا تقدّر ما تقدمه إيران، وفي وقت تهرول فيه بعض الدول العربية نحو التطبيع مع إسرائيل.
برغم هذه الانتقادات، حافظت إيران وحماس على علاقتهما، على اعتبار الالتقاء الإستراتيجي في العداء لإسرائيل وفي مسألة تحرير كل فلسطين، وفق عتريسي.
لكن ما حصل في سوريا، فترة ثورات الربيع العربي، أدى إلى تباعد المواقف بين حماس وطهران. يشرح عتريسي أن إيران اصطفت إلى جانب النظام في سوريا في حين مالت حماس إلى خط الثورة السورية، خاصةً وأن حركة الإخوان المسلمين كانت جزءاً من المعارضة السورية.
دعم حركات المقاومة وتحقيق مكاسب سياسية
ويذكر حمدان عبدالله أبو عمران، في دراسته: "الدور الإيراني تجاه القضية الفلسطينية... الأهداف والمحددات"، أنه في ضوء التحولات السياسية التي أفرزتها ثورات الربيع العربي، والتقارب الإيراني الغربي في إطار جهود حل أزمة الملف النووي الإيراني، اتسمت سياسة الرئيس حسن روحاني، والذي اُنتخب في آب/ أغسطس 2013، تجاه القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي بالبراغماتية والواقعية السياسية.
مع ذلك، سعت طهران في ظل هذه التطورات إلى مد نفوذها وترسيخ مكانتها وتعزيز دورها في القضية الفلسطينية، من خلال الدعم المادي والعسكري والدبلوماسي لحركات "المقاومة"، وتوظيف هذا الدور لتحقيق أهدافها الإستراتيجية، وأهمها الحفاظ على دور ريادي بما يجعلها طرفاً مباشراً في المعادلات السياسية المتعلقة بتفاعلات السياسة الإقليمية والدولية، فضلاً عن سعيها للقيام بدور إقليمي يتلاءم مع إمكاناتها وقدراتها.
ويشرح أبو عمران أنه من خلال دعم القضية الفلسطينية تستطيع إيران بناء منظومة واسعة من التحالفات الموالية بهدف خدمة القضايا الإيرانية، وهي منظومة متمثلة في عدد من الملفات الساخنة التي تجمع العراق وسوريا وحزب الله في لبنان، وأخيراً حركة حماس وفصائل من أجل تدعيم النفوذ الإيراني في المنطقة، وتحقيق مكاسب في عدد من الملفات، وفي مقدمتها الملف النووي الإيراني.
من هذا المنطلق، نجحت بعض الأطراف الإيرانية المؤثرة في القرار الخارجي في بناء علاقات مع بعض قادة حركة الجهاد الإسلامي، تحت ستار دعم وتمويل عدد من المؤسسات الخيرية التي تنشط في قطاع غزة، وأهمها "أنصار السجين"، و"الباقيات الصالحات"، ودار "الهدى"، وجمعية "إمداد الإمام الخميني".
بسبب المواقف المستقلة لحركتي حماس والجهاد الإسلامي عن السياسة الإيرانية في كثير من المسائل الخلافية، خرجت توصيات من صُناع القرار في طهران بتكوين حركة "مقاومة" تتبع إيران داخل فلسطين بحيث تلعب طهران الدور المحوري في تأسيسها ورسم هويتها واتجاهاتها، وبدأت المحاولات مع حركة الصابرين التي انشقت عن "الجهاد"
محاولة إنشاء فصيل موالي لإيران
برغم الدعم الكبير الذي كانت تتلقاه حركتي "حماس" والجهاد الإسلامي من طهران، فإنهما سجلتا مواقف مستقلة عن السياسة الإيرانية في كثير من المسائل الخلافية، لذا خرجت توصيات من صُناع القرار في طهران ببناء جماعة أو جماعات "مقاومة" تتبع إيران داخل فلسطين، تلعب طهران الدور المحوري في تأسيسها ورسم هويتها واتجاهاتها. بحسب أبو عمران كانت حركة الصابرين التي انشقت عن "الجهاد" وموّلتها طهران بمثابة محاولة إيرانية حثيثة لتكوين أول كيان فلسطيني، تابع لإيران مباشرةً، ربما يستند إلى أسس مذهبية وطائفية.
لكن سرعان ما استعادت علاقة حماس مع إيران حيويتها، وتحديداً خلال عامي 2018 و2019 حيث استقبلت طهران مسؤولي الحركة، وأعلنت دعم "المقاومة"، وتوافق الرؤى إزاء قضايا المنطقة، بحسب "التقرير الإستراتيجي الفلسطيني 2018 – 2019"، الصادر عن مركز الزيتونة للدراسات.
يلفت التقرير إلى أن عوامل عدة دفعت القيادتين في حماس وإيران إلى تسريع وتيرة اللقاءات لتنسيق التعاون وتأكيد المواقف المشتركة من "المقاومة" واستمرارها حيال التهديدات والتحديات التي تواجه القضية الفلسطينية وإيران في الوقت نفسه، بما في ذلك ما يُحاك من مشاريع لتصفية القضية الفلسطينية، ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وتسارع التطبيع العربي مع إسرائيل، والاعتراف الأمريكي بمشروعية المستوطنات على الأرض الفلسطينية، وترابط هذه التطورات مع إضعاف إيران وتطويقها اقتصادياً وسياسياً.
علاقة حالية غير واضحة الأبعاد
على الرغم من استمرار الدعم الإيراني لحماس وفصائل "المقاومة" الفلسطينية الأخرى، فإنّ عملية "طوفان الأقصى"، في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، أضفت المزيد من الغموض على عمق علاقة الطرفين حيث تباينت التصريحات على الجانبين حول معرفة طهران المسبقة بالعملية من عدمه.
يرجح أغلب المراقبين أن إيران تفاجئت بالعملية أو على الأقل بموعدها وتفاصيلها على الرغم الاعتقاد القوي بوجود مكاتب لحماس في إيران وتلقي الحركة الفلسطينية تمويلاً مالياً وأسلحة من إيران، مباشرةً أو عبر وسطاء، كما تتهمها إسرائيل عادةً.
مع ذلك حافظت طهران على الدعم العلني لجميع الفصائل الفلسطينية "المقاومة" لإسرائيل في ظل الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة لأكثر من 200 يوم. وليس واضحاً إن كان هذا من مقتضيات الحرب فقط أو أن إيران طوت تجاهل حماس التنسيق المسبق معها قبل الهجوم على تل أبيب، وهو ما قد يكشفه مسار العلاقة بين الطرفين بعد انتهاء الحرب.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع