للصيام فوائد صحية مثبتة علمياً، لكنه يعتبر تحدياً للأشخاص الذين يعانون أمراضاً مزمنة مثل مرض السكري وأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم، وأيضاً لمن يعانون من الصداع النصفي، والحوامل. مما يفتح الباب للكثير من التساؤلات عن تأثير الصيام على صحتهم وأهمية النصائح التي يجب مراعاتها لضمان صيام صحي وآمن.
صيام مرضى السكري
يوصي الدكتور خالد شيحة، رئيس قسم الأمراض الباطنية في مستشفى دمشق في حديثه لرصيف22 مرضى السكري عموماً باستشارة طبيبهم لضبط جرعات الأدوية ومواعيد تناولها بشكل مناسب، ويقول إنه من الجيد مراقبة مستوى السكر في الدم، وخصوصاً في الصباح وقبل الإفطار وبعده بساعتين، خاصةً في الأيام الأولى من رمضان للتأكد من استقرار مستوى سكر الدم (أي ألا يكون عُرضةً لتقلبّات شديدة، صعوداً أو هبوطاً)، وينصح الأشخاص الذين يعانون من السكري إتباع بعض التدابير الخاصة والنصائح التالية أثناء الصيام لتجنب المشاكل الصحية:
يُنصح مرضى السكري بتناول وجبات صغيرة على الإفطار والسحور مع وجبتين خفيفتين بينهما، بدلاً من وجبة كبيرة واحدة، لتجنب الارتفاع أو الانخفاض الكبير في مستوى السكر في الدم.
1. الاعتدال في كمية الطعام وعدم الإفراط في تناوله والحد من تناول أطعمة تحتوي على نسبة عالية من الكربوهيدرات، خاصة في وجبة الإفطار لتجنب الارتفاع الكبير في مستويات سكر الدم.
2. تناول وجبات صغيرة على الإفطار والسحور مع وجبتين خفيفتين بينهما، فالوجبات الصغيرة والمتكررة تعتبر أفضل من تناول وجبة كبيرة واحدة وذلك لتجنب الارتفاع الكبير أو الانخفاض الكبير في مستوى السكر في الدم.
3. تجنب أو الحد من المشروبات المحلاة والحلويات التي تكثر في رمضان، واستبدالها بتناول الفاكهة الكاملة لغناها بالألياف التي تبطئ عملية الهضم وامتصاص الكربوهيدرات البسيطة مما يساعد في الحفاظ على مستويات السكر في الدم.
4. تناول التمر باعتدال، فهناك فكرة خاطئة لدى الكثير من الأشخاص تقول بأن التمر مفيد لمرضى السكري ولا يرفع مستوى السكر في الدم، لأنّه يحتوي على سكر طبيعي، لكنّ هذه المعلومة صحيحة فقط عند عدم الإفراط في تناوله.
5. تأخير وجبة السحور قدر الإمكان، والحرص على أن يتضمن السحور على وجبة كاملة من العناصر الغذائية الأساسية وهي البروتينات والكربوهيدرات المعقدة، مثل خبز القمح الكامل والفواكه والخضراوات، لأنها تستغرق وقتًا أطول للهضم مما يساعد في الحفاظ على مستويات الطاقة وعلى استقرار مستويات السكر في الدم أثناء الصيام ويمنع الهبوط المفاجئ لسكر الدم.
صيام مرضى ضغط الدم المرتفع
يوصي الدكتور شيحة مرضى ارتفاع ضغط الدم باستشارة الطبيب المعالج بشكل دوري لمتابعة حالتهم وضرورة تعديل الجرعات أو الدواء حسب الحاجة خلال فترة الصيام، وينصح الأشخاص الذين يعانون ارتفاع ضغط الدم بأخذ بعض الاحتياطات لتجنب المضاعفات الصحية ومن أهمها:
1. عدم الإفراط في تناول الطعام عموماً واختيار أصناف الطعام الصحي مثل الحبوب الكاملة التي تمد الجسم بالطاقة والألياف (الشوفان والأرز البني)، وتناول اللحوم القليلة الدهون (الدجاج منزوع الجلد، اللحم الأحمر خال الدهن والأسماك) للحصول على البروتين الصحي. كما ينبغي تجنب الأطعمة المقلية والمعالجة التي تحتوي على نسبة عالية من الدهون لأن هضم كميات كبيرة من الطعام الدسم يجهد القلب ويؤثر على ضغط الدم.
2. تجنب تناول العصائر الجاهزة الملونة والعصائر المحلاة بكميات كبيرة من السكر (بما فيها التمر هندي وقمر الدين) ومشروب عرق السوس وعصائر الفاكهة عالية الكافيين (مشروبات الطاقة)، لأنها تساهم في زيادة ضغط الدم، واستبدالها بعصير الشمندر (البنجر) أو الجزر أو الرمان لأنها تعزز صحة القلب.
3. تناول كميات كافية من الماء خلال اليوم (ما يقارب 8 أكواب) لأن الماء يساعد في تخفيف ضغط الدم والحفاظ على التوازن الهيدروليكي وتعويض السوائل التي يفقدها الجسم خلال فترة الصيام، وينصح بعدم شرب كمية كبيرة من الماء دفعة واحدة بعد الإفطار، بل توزيع كمية الماء المتناولة ما بين الإفطار والسحور.
4. تجنب تناول الأطعمة التي تحتوي على كميات كبيرة من الملح وخصوصاً في وجبة السحور مثل اللحوم المصنعة والمعلبات ومنتجات الأسماك المملحة والزيتون والمخللات، والأجبان المالحة، والصلصات مثل المايونيز والخردل والكاتشب لأنها تزيد من الشعور بالعطش أثناء الصيام.
يُنصح مرضى الضغط بتجنب العصائر الجاهزة أو المحلاة بكميات كبيرة من السكر، بما فيها التمر هندي، وقمر الدين، وعرق السوس، وعصائر الفاكهة عالية الكافيين، ومشروبات الطاقة لأنها تساهم في زيادة ضغط الدم، واستبدالها بعصير الشمندر (البنجر)، أو الجزر، أو الرمان، لأنها تعزز صحة القلب
5. التقليل من تناول الحلويات قدر الإمكان في وجبة الفطور أو على السحور لأنها تثقل المعدة وتؤدي لسحب السوائل من الجسم وتسبب العطش، واستبدالها بالفاكهة الطبيعية أو المجففة أو الحلويات الخفيفة قليلة السكر مثل المهلبية أو الأرز بالحليب، لأنها تعطي شعوراً بالامتلاء وتزود الجسم بالطاقة والسكر اللازمين أثناء الصيام، مما يقلل من الشعور بالتعب خلال النهار.
6. ممارسة التمارين الرياضية معتدلة الشدة كالمشي بعد الإفطار للحفاظ على لياقة الجسم وضغط الدم.
صيام مرضى فقر الدم
هناك أكثر من 400 نوع من فقر الدم، إلا أن فقر الدم المرتبط بنقص الحديد يعدّ أكثرها شيوعاً. ويقول الدكتور خالد شيحة: يجب على مرضى فقر الدم مراجعة طبيبهم المعالج بانتظام لفحص مستوى الهيموغلوبين وضبط الجرعات اللازمة من الأدوية الموصوفة، وبعد ذلك يمكنهم أن يصوموا خلال شهر رمضان بشكل آمن بشرط اتخاذ الاحتياطات اللازمة واتباع النظام الغذائي المناسب:
1. الحرص على تناول وجبات غذائية متوازنة في وجبتي الإفطار والسحور غنية بالحديد، وخصوصاً البروتينات الحيوانية (اللحوم الحمراء والبيضاء، الكبدة، البيض) لأن الجسم يستطيع امتصاص الحديد من المصادر الحيوانية (الحديد الهيم) بسهولة أكبر مقارنة بالحديد من المصادر النباتية (الحديد غير الهيم) مثل الخضروات البقوليات والخضروات الورقية.
يجب على مرضى فقر الدم مراجعة طبيبهم لفحص مستوى الهيموغلوبين وضبط جرعات الأدوية ، وبعد ذلك يمكنهم أن يصوموا رمضان بشكل آمن، بشرط اتخاذ الاحتياطات اللازمة
2. تناول الأطعمة الغنية بالحديد مع الأطعمة الغنية بفيتامين سي (Ascorbic acid) مثل إضافة عصير الليمون الى السلطة أو الأطباق الأخرى وغيرها من الفواكه الحامضية، إضافة لتناول الأطعمة الغنية بفيتامين (أ) مثل الجزر والبطاطا الحلوة والقرع والفلفل الأحمر والشمام والمشمش والبرتقال لأن هذين الفيتامينين يلعبان دوراً مهماً في تعزيز امتصاص الحديد.
3. تناول الأطعمة الغنية بالكالسيوم مثل الألبان والأجبان بعيداً عن الوجبات التي تحتوي على الحديد لأنها تعرقل عملية امتصاص الجسم للحديد من الأغذية.
4. الحفاظ على رطوبة الجسم عن طريق تناول كميات كبيرة من المياه والسوائل أثناء فترة الإفطار.
5. الحفاظ على مستوى النشاط البدني المعتدل خلال شهر رمضان، مع الحرص على الراحة والنوم لساعات كافية.
صيام الحامل
الدكتورة فاتن عدي، وهي اخصائية في التوليد، تنصح قارئات رصيف22 باستشارة الطبيب المختص إذا كنّ حوامل قبل اتخاذ قرار الصيام لتقييم حالتهن الصحية، فالمرأة الحامل التي تتمتع بصحة جيدة ولا تعاني أي أمراض يمكن أن تصوم رمضان دون حدوث أي خطر على صحتها وصحة الجنين، وتنصح باتباع بعض الإرشادات الخاصة لضمان سلامتهن وسلامة الجنين:
1. تناول وجبات صحية ومتوازنة خلال وجبتي الإفطار والسحور تحتوي على جميع العناصر الضرورية مثل البروتين، والكربوهيدرات الصحية، والدهون الجيدة، والفواكه والخضروات لأنها غنية بالمعادن والفيتامينات فضلاً عن غناها بالألياف التي تساعد على حركة الجهاز الهضمي وتقي الحامل من الإمساك. كما يُفضل تناول وجبات صغيرة بين الفطور والسحور بدلاً من تناول وجبة واحدة كبيرة.
2. الحفاظ على الترطيب عن طريق شرب كميات كافية من السوائل من الإفطار إلى السحور، فضلاً عن تناول عصائر الخضراوات أو الفواكه بدون إضافة السكر، أو استخدام العسل لتحليتها.
3. تجنب تناول المشروبات المحتوية على نسبة كبيرة من السكر والمشروبات الغازية لارتفاع محتواها من السكريات، واحتوائها على الصودا، التي تؤدي الى رفع حموضة الدم وتضر بصحة الأم والجنين، وتجنب المنبهات مثل القهوة والشاي لأنها تسبب إدرار البول وقد تؤدي إلى الجفاف.
4. تجنب تناول المأكولات الدسمة والحارة لتجنب الإصابة بحرقة المعدة وزيادة الوزن، واختيار الأطعمة القليلة الدسم التي تمد الجسم بالعناصر الغذائية الضرورية.
5. النوم الكافي وتجنب المجهود الزائد والنشاطات البدنية الشاقة، وعدم التعرض للشمس لفترات طويلة أثناء الصيام، حتى لا تفقد السوائل الموجودة في جسمها وتصاب بالجفاف.
6. ممارسة رياضة خفيفة بعد الإفطار.
صيام مرضى الصداع النصفي "الشقيقة"
يعتبر الصداع النصفي أحد أنواع الصداع الشائعة عند النساء أكثر من الرجال، تنصح الدكتورة فاتن مرضى الشقيقة بالتالي:
1. شرب كمية كافية من الماء بين الإفطار والسحور والحفاظ على الترطيب المناسب للجسم لأن الجفاف أحد أكثر مسببات الصداع النصفي شيوعاً.
2. تجنب تناول الأطعمة والمشروبات على الإفطار أو السحور وخصوصاً الأطعمة المالحة واللحوم المصنعة والأجبان والمشروبات المحتوية على الكافيين (القهوة، الشاي، المشروبات الغازية، مشروبات الطاقة).
الحصول على قسط كاف من النوم، وشرب كميات كبيرة من الماء، وتجنب التعب، أو الجلوس في الشمس لفترات طويلة، هي من النصائح المشتركة لكل من مرضى الشقيقة والحوامل لتفادي المشاكل الصحية في رمضان، لكن كل هذا بعد موافقة الطبيب على الصيام
3. تناول وجبات صحية متوازنة خلال وجبتي الإفطار والسحور قليلة الدهون والسكريات (اتباع نظام منخفض الكربوهيدرات) وغنية بالألياف مثل الحبوب الكاملة والخضار والفواكه الطازجة والمجففة.
4. تجنب التعب الزائد والحصول على قسط كاف من النوم لمدة كافية، كل ليلة (6-8 ساعات)، وتجنب التوتر والإجهاد قدر الإمكان، فهذه عوامل يمكنها أن تزيد من تفاقم الصداع النصفي.
5. تجنب ممارسة التمارين الشاقة بل ممارسة التمارين الرياضية الخفيفة المنتظمة مثل المشي الهادئ بعد الإفطار، والتي يمكن أن تساعد في تقليل حدة الصداع النصفي وتحسين الصحة العامة.
6. تجنب التعرض للروائح القوية التي قد تثير الصداع النصفي مثل رائحة البخور والعطور القوية و الدهانات والأصباغ الصناعية.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...