شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
كيف تحرمنا النصائح الصحية من لذة الطعام؟... وكيف نستعيدها؟

كيف تحرمنا النصائح الصحية من لذة الطعام؟... وكيف نستعيدها؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والتنوّع

السبت 24 فبراير 202412:35 م

مع تقدم التكنولوجيا، والانتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي أصبح من السهل الحصول على النصائح حول النظام الغذائي والتغذية الصحية. وعلى الرغم من أهمية معرفة الأطعمة التي يمكن أن تساهم في تدهور الصحة وزيادة الوزن، إلا أن الهوس المستمر بالقواعد الصارمة والتحذيرات المستمرة وتسليط الضوء على المشاكل المحتملة من تناول بعض أنواع الأطعمة أمر غير صحي بدوره.

قد يصبح بعضنا مهووساً بحساب السعرات الحرارية وتفحص قائمة المكونات مما يؤدي لنتائج عكسية بسبب شعورنا الدائم بالقلق، فالحرمان من التمتع بالأطعمة والاستمتاع بتجارب جديدة قد يؤدي إلى فقدان السيطرة لفترات طويلة تؤدي لاكتساب زيادة الوزن.

أخصائية التغذية في جامعة روما الدكتورة جيورجيا دي بالو، والدارسة لعلوم الأغذية والتغذية البشرية من جامعة روما، تقول إنها "تتبنى شعار تناول جميع أنواع الطعام واخسر الوزن".

شيطنة الكاربوهيدرات

وتضيف في حديثها لرصيف22: "تأثير السوشال ميديا والترندات السائدة في مجال الأنظمة الغذائية مثل نظام الكيتو والباليو يمكن أن يكون كبيراً على اختياراتنا الغذائية، مما يجعلنا نرغب في الالتزام بتلك الاتجاهات السائدة دون الاستناد إلى معرفة علمية واعتبارات صحية شخصية، فمثلاً تمت شيطنة جميع أشكال الكربوهيدرات (سكر، طحين، أرز) وانتشرت العديد من النصائح بتقليل استهلاك الكربوهيدرات إلى الحد الأدنى بهدف إنقاص الوزن بسرعة والسيطرة على بعض الأمراض مثل السكري من النوع (2 )، وأمراض القلب. 

على الرغم من أهمية معرفة الأطعمة التي يمكن أن تساهم في تدهور الصحة وزيادة الوزن، إلا أن الهوس المستمر بالقواعد الصارمة والتحذيرات المستمرة وتسليط الضوء على المشاكل المحتملة من تناول بعض أنواع الأطعمة أمر غير صحي، وقد يفسد علاقتنا بطعامنا

لكن دي بالو تؤكد أن العديد من الدراسات تثبت أن الكربوهيدرات تعد مصدراً رئيسياً للطاقة، وأن النظام الغذائي الغني بالألياف والكربوهيدرات المعقّدة يساعد في إدارة الوزن والوقاية من أمراض القلب والسرطان والسكري والاضطرابات المعوية. كما أن اتباع مثل هذه الأنظمة الغذائية الصارمة قد يعرضنا لنقص المغذيات الأساسية والإصابة ببعض المخاطر الصحية مثل أمراض القلب وإجهاد الكلى ومشاكل في الجهاز الهضمي.

العدالة للدهون

هناك توصيات قديمة واعتقاد شائع بربط الصحة الجيدة بتناول الأطعمة خالية الدسم، وتحذيرات مستمرة بتجنب تناول الدهون المشبعة، التي يُنظر إليها على أنها ضارة بالصحة، والسبب الأساسي لأمراض القلب والكوليسترول، لكن الدراسات الحديثة لم تظهر وجود علاقة بين استهلاك الدهون المشبعة وارتفاع الكوليسترول الضار (LDL) وأمراض القلب.

وعلى الرغم من اتفاق جميع الدراسات و الهيئات الأوروبية حول الأضرار الناجمة عن تناول الوجبات السريعة والأطعمة الجاهزة المصنعة إلا أن الباحث في التغذية في كلية هارفارد للصحة العامة الدكتور والتر ويليت بين في كتابه "كل، اشرب، وتمتع بصحة جيدة" (Eat, Drink, and Be Healthy) أن تناول الأطعمة المفضلة لدينا باعتدال يمكن أن يساعدنا على الالتزام بالنظام الغذائي الصحي خاصة على المدى الطويل، والاستمتاع بالعطلات والمناسبات الخاصة الأخرى. 

علامات لنراقبها 

ومن أبرز علامات العلاقة السيئة مع الطعام التي وردت في كتاب "الأكل الواعي: دليل لإعادة اكتشاف علاقة صحية ومبهجة مع الطعام" لجان تشوزين بايز(Mindful Eating: A Guide to Rediscovering a Healthy and Joyful Relationship):

• الشعور العميق بالذنب واللوم عند تناول طعام غير صحي مثل البسكويت أو الحلويات أو طعام ليس من المفترض أن نتناوله، فنحن نفرض قواعد على أنفسنا لتجنب بعض الأطعمة التي نعتبرها سيئة، حتى لو كان طعمها لذيذاً للغاية.

• تجاهل إشارات الجوع الطبيعية لأجسامنا، فنحن لسنا مرنين على الإطلاق فيما يتعلق بتناول أنواع الطعام المختلفة، ونفضل أن نتضور جوعاً على أن نأكل شيئاً لا نأكله عادة. فمثلاً إذا كنا في أحد المطاعم ولم نجد وجبة اللحم الخالية من الدهون التي اعتدنا على تناولها، فقد نفضل البقاء في حالة الجوع أو المغادرة بدلاً من اختيار وجبة من اللحم قليل الدسم. 

الشعور بالذنب مع الأكل "غير الصحي"، وتجاهل إشارات الجوع الطبيعية، والتفكير في الطعام طوال الوقت من أبرز علامات العلاقة السيئة مع الطعام. 

• التفكير في الطعام طوال الوقت هو أيضاً أحد الدلائل على سوء علاقتنا مع الطعام، فقد نفكر بشكل مستمر بالطعام حتى بعد تناوله مباشرة دون وجود أي مشكلة فعلية تتعلق بوفرة الطعام أو عدم توافر ما يكفي من الطعام، والذي قد يؤثر على عملنا وإنتاجيتنا.

• يمكن أن تؤدي العلاقة غير الصحية مع الطعام إلى العزلة الاجتماعية وتفضيل تناول الطعام على انفراد وتجنب المناسبات الاجتماعية التي يتوفر فيها الطعام، أو رفض الدعوات للمشاركة في الأنشطة التي لا تتضمن ممارسة الرياضة مما قد يؤدي إلى الشعور بالوحدة والإصابة بالمشاكل النفسية.

مبدأ كل شيء أو لا شيء أي الحد من استهلاك الطعام بشكل كبير، أو الإفراط في تناوله بدلاً من تناول الأطعمة باعتدال. وقد تؤدي طريقة التفكير هذه إلى الإصابة باضطرابات الأكل مثل الشره المرضي العصبي، واضطراب الشراهة، عند تناول الطعام وفقدان الشهية العصبي.

• التوقف عن تناول مجموعات غذائية كاملة، مثل الكربوهيدرات أو الدهون، وتقييد السعرات الحرارية المتناولة يومياً والالتزام بعدد قليل من الوجبات والأطعمة المسماة صحية.

تمت شيطنة الكربوهيدرات، ومع هذا تثبت الدراسات أن  الكربوهيدرات مصدر رئيسي للطاقة، وأن النظام الغني بالألياف والكربوهيدرات المعقّدة يساعد في إدارة الوزن والوقاية من أمراض القلب والسرطان والسكري والاضطرابات المعوية 

كيف نبني علاقة صحية مع طعامنا؟

أوردت مستشارة التغذية الأمريكية كيرستن أكرمان، في كتابها "خطة الأكل البديهية: نهج إيجابي للجسم لإعادة بناء علاقتنا مع الطعام" (The Intuitive Eating Plan: A Body-Positive Approach to Rebuilding Your Relationship with Food) مجموعة من الحلول لتصحيح علاقتنا مع الطعام أهمها:

السماح لأنفسنا بتناول جميع أنواع الطعام

إحدى علامات العلاقة الجيدة والصحية مع الطعام هي السماح لأنفسناعند الشعور بالجوع بتناول الطعام دون قيد أو شرط، فعند محاولة إنقاص الوزن قد نلجأ إلى عدم تناول أنواع معينة من الأطعمة. وبمجرد أن نخبر أنفسنا أننا لا نستطيع الحصول على طعام ما، كلما زادت رغبتنا في الحصول عليه، مما يؤدي أحياناً إلى الدخول في دورة من اتباع نظام غذائي صارم والإفراط في تناول الطعام ونهم يصعب كسرها.

عدم تخطي الوجبات

الشعور بالجوع الشديد يمكن أن يجعلنا أكثر عرضة للإفراط في تناول الطعام، كما أنه يزيد من احتمالات اختيار الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من الدهون والنشويات والتي يمكن أن تؤدي إلى الشراهة. فمن المهم عند الشعور بالجوع تناول وجبات الطعام التي تمدنا بالعناصر الغذائية الضرورية، وهذا يقلل رغبتنا في الإفراط في تناول الطعام وخصوصاً الأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية المرتفعة.

عدم إطلاق الأحكام على الطعام

من المهم الانتباه إلى المفردات التي نستخدمها حول الطعام، مثل الطعام الجيد والطعام السيء، الطعام الممنوع والطعام الصحي أو السوبر فود، فلهذه الكلمات تأثير كبير على علاقتنا بالطعام. لذلك علينا أن نبتعد عن إطلاق الأحكام الغذائية التي تتبادر إلى أذهاننا طوال اليوم وهذا يساعدنا على بناء علاقة صحية مع جميع أنواع الطعام وتصالحنا معه. 

لاستعادة العلاقة الطبيعية مع الطعام ينصح الخبراء بعدم إطلاق الأحكام على طعامنا من خلال استخدام مصطلحات "طعام جيد" و"طعام سيء". 

عدم الاستسلام للشعور بالذنب

يجب ألا نلوم أنفسنا إذا ما أفرطنا في تناول الطعام من حين لآخر، وأفضل ما يمكننا فعله عند حصول ذلك هو الاستمرار في تغذية أنفسنا بشكل مناسب والعودة إلى الروتين الطبيعي المعتاد في الوجبة التالية أو في اليوم التالي.

الأكل الواعي

يعتبر "الأكل الواعي" حجر الزاوية في إصلاح العلاقة السيئة مع الطعام. والأكل الواعي ينطوي على تناول الطعام والاستمتاع بطعمه وملمسه ورائحته بدون عوامل التشتيت الأخرى مثل الهاتف، والتلفزيون، والكتاب، وما إلى ذلك. وهذا قد يساعدنا على تنظيم الجوع والامتلاء الطبيعي لأجسامنا، كما يساعدنا في تحديد أسباب اختياراتنا الغذائية، هل نأكل لأننا جائعين أم لأننا نعتقد أن تناول هذا النوع من الطعام سيجعلنا نشعر بتحسن على المستوى العاطفي أو الجسدي؟. 

طلب المساعدة من الخبراء

هناك العديد من أخصائي التغذية والمعالجين وغيرهم من مقدمي الرعاية الصحية الذين يمكنهم المساعدة على تفكيك الأساطير السامة التي تعلمناها عن الطعام وتغيير الصورة النمطية لتفضيل الأجسام النحيلة واستبدالها بمعلومات أكثر دقة وذات معنى ومليئة بالأمل، مما قد يساعدنا على استعادة ثقتنا بأجسادنا واستعادة علاقة سليمة مع الطعام. تماماً كما نعمل على تحسين علاقتنا مع الشريك أو الصديق.

أخيراً إن بناء علاقة جيدة مع الطعام قد لا يكون سهلاً للبعض وقد يستغرق وقتاً وجهداً لا تنعكس نتائجه بين عشية وضحاها. فمن الضروري النظر إلى الطعام بما يتجاوز محتواه من السعرات الحرارية، وتجنب إطلاق الأحكام عليه بأنه جيد أو سيئ. فمن الضروري رؤيته بشكل إيجابي كمصدر لإمداد جسامنا بالطاقة والمغذيات إضافة لكونه متعة أساسية في حياتنا بدلاً من ان يكون مصدر لقلق يتحكم بنا باستمرار.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها…

لكن رصيف22، هو صوت الشعوب المضطهدة، وصوت الشجعان والمغامرين. لا نخاف من كشف الحقيقة، مهما كانت قبيحةً، أو قاسيةً، أو غير مريحة. ليست لدينا أي أجندات سياسية أو اقتصادية. نحن هنا لنكون صوتكم الحرّ.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها، ولكنك بضمّك صوتك إلينا، ستكون جزءاً من التغيير الذي ترغب في رؤيته في العالم.

في "ناس رصيف"، لن تستمتع بموقعنا من دون إعلانات فحسب، بل سيكون لصوتك ورأيك الأولوية في فعالياتنا، وفي ورش العمل التي ننظمها، وفي النقاشات مع فريق التحرير، وستتمكن من المساهمة في تشكيل رؤيتنا للتغيير ومهمتنا لتحدّي الوضع الحالي.

شاركنا رحلتنا من خلال انضمامك إلى "ناسنا"، لنواجه الرقابة والترهيب السياسي والديني والمجتمعي، ونخوض في القضايا التي لا يجرؤ أحد على الخوض فيها.

Website by WhiteBeard
Popup Image