من غير المفزع القول إنه في السنوات العشر القادمة سيحكم المراهقون هذا العالم. هذا العالم الذي هو اليوم مختلف جذرياً لو قورن بالأجيال الأربعة التي سبقته، فوفقاً لتقرير منظمة اليونسكو 2019، هناك خمسة أجيال مختلفة من بداية القرن العشرين، وكل جيل يمتلك سمات مشتركة تختلف عن الآخر.
فالجيل هو مرحلة التعاقب الطبيعية من أب إلى ابن، ويعرّف تقليدياً على أنه "متوسط الفترة الزمنية بين ولادة الآباء وولادة أبنائهم"، ومدة الجيل من 20 أو 23 إلى 30 سنة كحد أقصى. لكن القيم الاجتماعية التي وضع أسسها علماء الاجتماع لتحديد سمات وعمر كل جيل أسهمت التكنولوجية اليوم في تبدّلها وتقليص الحدود بين الأجيال إلى 15 عاماً.
أجيال القرن العشرين: صامتون، متقاعدون ومنسيون
يعد الجيل "الصامت" أو التقليدي، المولود بين 1928 و1944، أولى أجيال القرن العشرين والتي بلا شك لا تشبه أي جيل تلاها، و يسمى أيضاً بجيل الراديو. عايش هذا الجيل أحداث الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن الماضي، وكذلك الحرب العالمية الثانية، سمي بالـ "صامت" لأنه أكثر ميلاً لعدم المعارضة، ويحبذ البساطة والعمل في إطار الأنظمة الموجودة دون الرغبة في تغييرها. يتسم بأنه عنيد في دفاعه عن قيمه، ينفق أمواله بحكمة، ويحترم قواعد السلطة، كما أنه جيل محافظ، ساهم في تأسيس النزعات القومية اليمينية المحافظة في عموم العالم، والتي أفرزت صراعاً دامياً في الحرب العالمية الثانية، لكنه مني بخسائر كبرى بالعدد خلال سنوات الحرب.
الجيل العاشر والذي يرمز له بالجيل X، يأتي ترتيبه بعد جيل الطفرة، ويمتد الى بدايات الثمانينيات في موعد لا يتجاوز 1981 أو 1982، ويطلق عليه البعض باسم "الجيل المنسي"
ولتعويض النقص الحاد بالوفيات، ولد جيل جديد أطلق عليه اسم "جيل طفرة المواليد"، والذي يعني بالتحديد الأطفال الذين ولدوا أثناء الفترة الديموغرافية بين عامي 1946 و 1964 بشكل تقريبي. ويشكل انقراض هذا الجيل اليوم معضلة كبرى أمام الدول الصناعية المتقدمة، خصوصاً تلك التي تأثرت بشكل كبير في الحرب مثل بلدان أوروبا الغربية.
فلهذا الجيل تأثير كبير على السياسة والثقافة والاقتصاد طوال حياتهم، وهم من أسس لاقتصاد الدول المتضرّرة، لكنهم اليوم باتوا يشكلون جزءاً كبيراً من السكان البالغين والمتقدمين بالسن والذين أصبحوا الآن في سن التقاعد.
نشأ جيل "الطفرة" خلال فترة من التغيير الاجتماعي والسياسي الكبير، بما في ذلك حركة الحقوق المدنية والحركة النسوية وحرب فيتنام في الغرب، وكذلك ظهور معضلة الدولة المدنية في البلدان العربية، إذ لعب دوراً محورياً في تشكيل المشهد السياسي وما نتج عنه من وصول الجيش للسلطة في تلك البلدان، كما ساعدت مواقفه وقيمه في خلق ثقافة استهلاكية ودفع النمو الاقتصادي، وفي نفس الوقت تشكيل المجتمع الحديث اليوم بكل أزماته.
أما الجيل العاشر والذي يرمز له بالجيل X، يأتي ترتيبه بعد جيل الطفرة، ويمتد الى بدايات الثمانينيات في موعد لا يتجاوز 1981 أو 1982. ويطلق عليه البعض باسم "الجيل المنسي"، ويعد 55% من مؤسسي الشركات الناشئة من أبناء هذا الجيل الأكثر قابلية لدخول عالم ريادة الأعمال، ذلك وفق تقرير "حال الشركات الناشئة" الصادر عن شركة "Sage"، كما يكوّنون نصف قادة دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية "OECD".
أما في البلدان العربية، فيعد الجيل إكس جيلاً مصدوماً بقادته السياسيين، عايش نكسات قومية وفضائح وطنية لم يكن ليتوقعها بعد حملة الأمل الكبيرة، ومنه صعدت بذور التيارات الدينية المتطرفة والتي لازالت تداعياتها إلى اليوم، خصوصاً بعد الثورة الإسلامية في إيران.
هذه الصدمات النفسية أسّست لجيل آخر، ومنه شُكلت أكبر قوى عاملة في القرن العشرين، وقد عرف هذا الجيل بمواقفه وقيمه وسلوكياته الفريدة، والتي أطلق عليه اصطلاحاً جيل الألفية أو رمز بجيل Y.
وهو الجيل الذي بلغ سن الرشد مع اختراع الكمبيوتر، وفي فترة التغير التكنولوجي السريع وظهور العولمة. يمتلك هذا الجيل الممتد بين عامي 1981 و 1997 مهارات تعليمية فائقة مقارنة بالأجيال التي سبقته وبجيل Z الذي يليه.
أسس هذا الجيل لوعي اجتماعي بقضايا أكثر عمقاً، وطرحت لأول مرة مثل قضايا تغير المناخ والعدالة الاجتماعية والمساواة والديمقراطية. ويرجح كثيرون أنه من أكثر الأجيال حباً للعمل، وهذه الميزة خلقت طفرة اقتصادية في كثير من البلدان.
أما عربياً، فيعتبر جيل الألفية أكبر جيل من حيث العدد منذ جيل الخمسينيات، ويمثل نصف سكان البلدان العربية اليوم، لكنه يعاني من انعدام الأمن الوظيفي، رغم امتلاكه شهادات تعليمية عليا. ومع تصاعد التيارات الفكرية الدينية، انقسمت المجتمعات، وخصوصاً العربية، في هذا الجيل إلى قسمين، تقدمية وأخرى محافظة على التقاليد، وخلق هذا الصراع حالة نفسية معقدة، فارتفعت معدلات جرائم القتل بين نساء جيل الألفية مقارنة بالجيل X، كما أن معدلات الانتحار تضاعفت تقريباً من جيل X إلى جيل الألفية، كما ارتفعت النزعات المطالبة بقلب النظام الاجتماعي والسياسي، وهو الذي أسس للجيل التالي Z رغبته في التغيير فيما أطلق عليه لاحقاً اصطلاح "الربيع العربي"، والذي يعتبر اليوم من أكثر الأجيال تعقيداً.
Z: جيل بديل
الجيل Z هو مجموعة ديموغرافية تتبع جيل الألفية، وهو أصغر جيل حالياً في القوى العاملة. ويشمل هذا الجيل جميع مواليد منتصف التسعينيات، من 1997 على وجه التحديد وحتى العام 2010 و 2012. وغالباً ما يوصف بأنه أول جيل رقمي أصلي حقيقي، نشأ مع الإنترنت والهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي كنمط حياة يومي، وتشير التقديرات إلى أنه يشكل حوالي 27% من سكان العالم، أو ما يقرب من 2 مليار شخص.
وعلى عكس جيل الألفية الذي يهتم ببناء سمعته ويؤسس لحياته على المدى الطويل، فهو تمكن من صنع ثروات سريعة جلها من العالم الرقمي، كما أنه لا يهتم بالدرجات العلمية العالية ولا لنوع الشهادات العلمية، فجزء كبير من هذا الجيل لا يكمل دراسته، ويفضل الحصول على تدريب مهني على أن يصرف عمره في الدراسة.
تمتاز العلاقات الاجتماعية لدى هذا الجيل بأنها مختلفة عن باقي الأجيال، فأغلب الذين سألهم رصيف22 عن أصدقائهم، قالوا إنهم يمتلكون الكثير منهم عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي فقط، وأن أغلبهم لم يلتقوا أبداً، وهم من جنسيات مختلفة وثقافات مختلفة، لهذا يصح تسميته بأنه جيل عالمي.
لديه كم هائل من الثقافة لم يتمكن أي جيل حتى الآن من الوصول إليها، فكم المعرفة التي كانت الأجيال السابقة تحتاج لاكتسابها في عقود، استطاع هذا الجيل اكتنازها بسنوات قليلة، إذ وجد نفسه أمام كم هائل من المعلومات المختصرة والجاهزة، وهذه الإمكانيات جعلته أكثر وعياً اجتماعياً وانخراطاً سياسياً عن غيره، فكان من أكثر الأجيال تأثيراً في سياسات بلدانهم وبرامجها وخططها السياسية والاقتصادية، الأمر الذي دفع الأنظمة السياسية لمحاولة استقطابهم وكذلك كبريات الشركات الاقتصادية.
على عكس جيل الألفية الذي يهتم ببناء سمعته ويؤسس لحياته على المدى الطويل، تمكن جيل Z من صنع ثروات سريعة جلها من العالم الرقمي، كما أنه لا يهتم بالدرجات العلمية العالية ولا لنوع الشهادات العلمية
صانع للتغيير
يمكن القول إن الجيل Z من أكثر الأجيال صانعة للتغيير حتى الآن، فهو اليوم أكثر انخراطاً في الحياة السياسية وتأثيراً في الرأي العام، كما يركز بشكل قوي على قضايا مثل تغير المناخ والعدالة الاجتماعية والمساواة، وكشف شبكات الفساد على المستوى المحلي والعالمي، حيث لعبت المعرفات الشخصية للأفراد دوراً رقابياً وإعلامياً في تسليط الضوء على حالات الخلل والقصور في النظام السياسي والهيكل الإداري لبلدانهم أكثر من وسائل الإعلام التقليدية، وبلغوا في ذلك دوراً كبيراً في التأثير بالرأي العام، مستغلين قدرتهم الهائلة على استعمال التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي التي لم يعد هناك قدرة على منعها.
في الشرق الأوسط، وفي البلدان العربية على وجه التحديد، وخلال النصف الثاني من العشرية الأولى، ساءت العلاقة بين السلطة السياسية وهذا الجيل الجديد، فحيث الإنترنت متاح والخبز من العسير الحصول عليه، أصبحت العلاقة التي تجمع الجيل Z مع حكوماتها معقدة جداً ومرعبة جداً، على هذا انقسم هذا الجيل إلى قسمين: "حسنو السلوك" وهم قلة أو "حاقدون" ومنفلتون من أي ضوابط، وهم نسبة مرتفعة جداً أغلبها من أبناء الأرياف. بالتالي أن تمنح السلاح كتسلية لشخص قمت بتجويعه لسنوات، فهو في نهاية المطاف سيصوبه إما على رأسه أو على رأسك. وهذا ما فعله في البلدان العربية، حين قرّر أفراد هذا الجيل أن يصوبوا أسلحتهم على صدورهم وعلى الآخر في ذات الوقت، فحصل ما سمي "الربيع العربي".
أمام هذه المحنة، تستقطب اليوم وسائل الإعلام التقليدية المرئية الكبرى المؤثرين من هذا الجيل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصاً تلك التي تتناول المحتوى الكوميدي والساخر في إيصال رسائلها السياسية. فشكّل هؤلاء المؤثرون منصات افتراضية لهم باتت تمثل شريحة كبيرة منهم، تمكنت من إيصال صوتهم للسلطة وليس عبر المجالس التمثيلية التشريعية التقليدية، فأي خلل يعتري النظام العام لا يحتاج أكثر من تحويله إلى "ترند" حتى تضطر الحكومات مرغمة لمتابعته.
ومع ضعف التواصل الحكومي ضمن الوسائل السياسية المعتادة، تستدعي الحكومات ممثلي هذا الجيل، رغم سطحيتهم وعدم خبرتهم بالمسائل السياسية والقضايا الاجتماعية، لما يمثله هؤلاء من جيش من المتابعين الذين ينقادون بأمرهم بشكل غريب. فأن يقوم شخص مثل الملك الأردني عبدالله الثاني، قبل أيام بمرافقة اليوتيوبر الأردني الشاب محمد نبيل، لإلقاء المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني في غزة، يأتي ضمن هذا السياق العام، والذي يجده متابعون لرغبة المملكة تخفيف الضغط عليها من حالة الاستياء العام ضد الملك في تقاعسه لإيقاف القتال في حماس، وذلك لما لليوتيوبر من منصة تضم أكبر عدد من المتابعين من الجيل Z في المملكة.
رشح أردوغان عارضة الأزياء وملكة جمال تركيا سابقاً سيدا ساريباش، لمقعد ولاية ايدن، وكذا رشح نيسا ألبتكين، والتي يطلق عليها الأتراك "المراهقة الفاتنة"، عن مقعد ولاية أزمير
كذلك فعلت عام 2022، وزيرة السياحة المغربية فاطمة عمور، بدعوتها لعشرات من مؤثري هذا الجيل في حفل تقديم أحد البرامج، حين شعرت أن التواصل الحكومي مع هذا الجيل بات في الحضيض.
إذن، لم يعد الأمر يحتاج إلى كل ذاك التنظيم والتنسيق والجهد المطول لتشكيل لوبيات تخرج في الشوارع لتعبر عن رأيها وتنتزع حقوقها، إذ بات الأمر أبسط من ذلك، فهاشتاغ واحد قد يجمع الملايين في ساعات وله تأثير أقوى.
على هذا تتنافس الدول اليوم لكسب ود هذا الجيل لتحسين سمعتها ولتخفيف الضغط عليها. ففي الانتخابات الرئاسية الأخيرة في الولايات المتحدة الأمريكية عام 2022، قلب الجيل Z التوقعات للمرة الثانية على التوالي، ونجح في إنقاذ الديمقراطيين من هزيمة ساحقة. كذلك سارت الانتخابات الرئاسية التركية عام 2023، إذ كان رهان حزب العدالة والتنمية على الجيل Z كبيراً، فرشح أردوغان عارضة الأزياء وملكة جمال تركيا سابقاً سيدا ساريباش، لمقعد ولاية ايدن، وكذا رشح نيسا ألبتكين، والتي يطلق عليها الأتراك "المراهقة الفاتنة" عن مقعد ولاية أزمير.
ديموغرافية الشركات
81% من الجيل Z قالوا بأن يوتيوب وانستغرام هي منصاتهم المفضلة، ما يعني أن التسويق التجاري باستخدام الفيديوهات القصيرة يجذب العملاء بشكل كبير للعلامة التجارية. بالتالي جذب الشركات للجيل Z يساهم في زيادة القوة الشرائية لمنتجاتها وخدماتها، ويفتح العديد من الأعمال الجديدة أمامها، فيعتبر هذا الجيل ديموغرافية مهمة للشركات لفهمها وتلبية احتياجاتها.
لذلك تسعى الشركات التجارية والحكومات اليوم لاستخدام المؤثرين رقمياً كمنصات لإنفاذ سياستها داخلياً وخارجياً، واعتبارهم جنوداً رقميين يعملون لصالحها، وتحركهم كيفما تشاء وفي الوقت الذي تريده، حيث يتميز الجيل Z بالذكاء التسويقي عبر الإنترنت لمعاصرتهم التطور التكنولوجي.
من بين الدول التي نشطت في هذا المجال، حكومة الإمارات العربية اليوم، إذ سهلت إجراءات الإقامة الذهبية لهؤلاء المؤثرين من هذا الجيل دون الحاجة لكفيل يحمل الجنسية الإماراتية، فضلاً عن التمتع بملكية كاملة لأعمالهم و إقامة ذهبية طويلة، وتحاول قدر الإمكان استغلال الفرص لجذبهم، ففي يناير الفائت نظمت أكاديمية الإعلام الجديد في إمارة دبي "قمة المليار متابع" في نسختها الثانية، وشارك في الملتقى 3 آلاف صانع محتوى ومؤثر من مختلف دول العالم، الذي تروّج له الحكومة بأنه الأكبر لصنّاع المحتوى الرقمي على وسائل التواصل الاجتماعي.
يأتي هذا الاستقطاب اليوم في ظل النمو الاقتصادي الملحوظ و بالتالي أصبح البحث عن أساليب التسويق الجديدة، و على رأسها التسويق الإلكتروني، أمراً لا مفر منه للشركات. ومع انتشار استعمال مواقع التواصل الاجتماعي، أصبح التجديد واتباع التوجهات السائدة نقطة التميز التي تقرب الشركات أكثر من العملاء، و ليس هناك ما هو أكثر نجاحاً من استعمال الشركات التسويق عبر مؤثري الجيل Z لتحقيق ذلك.
فن بديل، متمرد، حر ومنفلت
منذ العام 2008، انعطف مسار الفن العربي ليأخذ منحى بديلاً، لم يعد هناك قيود على الحركة الفنية تلزم صاحبها، ففي الموسيقى، باتت تتسم الحركة الموسيقية بالخفة والحركة والانفلات من الرتابة التي كانت معهودة في الموسيقى التقليدية، وذلك بالإضافة إلى اعتماد اللحن الغربي بالمزج بين مفردات عربية وأخرى غربية. هذا التخفيف والمزج في هيكل الجملة المغناة كان جاذباً للجيل Z من الفئة العمرية ما دون 23 عاماً، حيث تعلو شعبيته بشكل كبير في الصالونات والنوادي ووسائل التواصل الاجتماعي اليوم.
تعتمد هذه الموسيقى البديلة اختيار كلمات قصيرة وسريعة وقفلات في أغلبها بمفردات أجنبية، تأخذ في عمومها أسلوب الراب، لكن لا يمكن وضعها ضمن موسيقى الراب، لأنها أكثر وضوحاً من الراب وأقل التزاماً من أغاني الجيل السابق "لأغاني التقليدية الكاملة"، كما أنها تعتمد على حركات المؤدي، كنقر الأرجل مثلاً أو صفق الأيدي أو الصفير طوال مدة الأغنية.
حامل لواء هذه الأغنية أشخاص أكثر تنظيماً وانضباطاً رغم غنائهم بشكل فردي، كما يطلقون على أنفسهم أسماء أكثر حركة ورمزية لتتلاءم مع مرحلتهم وخططهم، من مثل "الشامي، بيغ سام، الأخرس، سكوترم، بيكو، سيلاوي".
تسعى الشركات التجارية والحكومات اليوم لاستخدام المؤثرين رقمياً كمنصات لإنفاذ سياستها داخلياً وخارجياً، واعتبارهم جنوداً رقميين يعملون لصالحها، وتحركهم كيفما تشاء وفي الوقت الذي تريده
لا يقتصر الفن البديل على الموسيقى لدى هذا الجيل، ففي الأدب تسيطر المنتجات الأدبية على أكثر الكتب مبيعاً، كأدب المراهقين وكتب التنمية البشرية، والنصوص القصيرة وأدب الخيال العلمي والجريمة، لتحل مكان الأدب التقليدي المعتاد.
في سؤال لستة ناشرين عرب في مصر والجزائر وألمانيا عن سبب اعتماد طباعة ونشر هذا النوع من الكتب بالدرجة الأولى، اتفق الجميع بأن التوجه العام اليوم "لأدب الترند" أو "الأدب البديل"، فالناشرون "يميلون إلى ما يرغب به هذا الجيل، والذي يستهويه ما يجده ترند على وسائل التواصل الاجتماعي لا لجودته الأدبية، وكذلك القصص التي تتناول السرد بأسلوب الحكاية الشعبية إذ لا ميل للكتب التقليدية ذات الأسلوب العميق". في حين يقول آخر: "اهتممنا مؤخراً بالكتب التي حصدت على جوائز أدبية كبيرة، مثل الروايات الفائزة بجائزة كتارة والبوكر ونوبل، للأسف منينا بفشل كبير أمام ذائقة جديدة تستهوي أعمالاً أخرى فقط لأنها ترند لا يصح ذكرها هنا، لهذا بتنا عبيد هذه الذائقة".
ينطبق الأمر على كل أشكال الحياة الأخرى، كالسينما والحركة التشكيلية الفنية، وحتى المقاومة الوطنية هي من منظور مختلف لدى هذا الجيل، فهو يفضل المقاطعة للمنتجات الاقتصادية والمشاركة في الهاشتاغات التي تدين العدو على غيرها من أساليب.
أكبر سناً، أثرياء ومتشابهون
أخيراً يصح القول إن الجيل Z هم السكان الأصليون للأنترنت، ومن خلاله اكتسبوا ثروة هائلة في سن صغيرة وبطرق غير تقليدية، لكن بدون الإنترنت فهم لا يمتلكون أي مهارات أخرى، عدا عن كونهم مغامرين ومتهورين جداً، كما أن الضغوط النفسية وغياب الحياة الاجتماعية والجلوس المستمر لفترات زمنية طويلة خلف الهاتف، فضلاً عن التوتر المستمر، جعلهم يشيخون مبكراً مقارنة بسن العشرينيات لجيل آخر، وأهم المعضلات اليوم التي يعانيها هذا الجيل في البلدان العربية، أن مسنين من الجيل X لازالوا ينظمون بأساليب تقليدية شؤون شبان من جيل Z المختلف جذرياً عن أي جيل آخر.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 10 ساعاتمقال مدغدغ للانسانية التي فينا. جميل.
Tester WhiteBeard -
منذ يومtester.whitebeard@gmail.com
Ahmed Adel -
منذ 3 أياممقال رائع كالعادة
بسمه الشامي -
منذ أسبوععزيزتي
لم تكن عائلة ونيس مثاليه وكانوا يرتكبون الأخطاء ولكن يقدمون لنا طريقه لحلها في كل حلقه...
نسرين الحميدي -
منذ أسبوعلا اعتقد ان القانون وحقوق المرأة هو الحل لحماية المرأة من التعنيف بقدر الدعم النفسي للنساء للدفاع...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعاخيرا مقال مهم يمس هموم حقيقيه للإنسان العربي ، شكرا جزيلا للكاتبه.