شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
الاستيطان أو كيف تحاول إسرائيل فرض أمر واقع يغيّر الحلّ النهائيّ للصراع

الاستيطان أو كيف تحاول إسرائيل فرض أمر واقع يغيّر الحلّ النهائيّ للصراع

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن والحقوق الأساسية

الأربعاء 21 فبراير 202402:44 م

في ظل الانشغال بمتابعة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، بدأت الحكومة الإسرائيلية في انتهاز الفرصة لمزيد من التوسع في بناء المستوطنات بالضفة الغربية المحتلة، والتضييق على الفلسطينيين هناك أكثر، بالإضافة إلى التفكير في إنشاء حي جديد لليهود في القدس الشرقية المحتلة، ما من شأنه أن يزيد تهميش مساحة الأراضي الفلسطينية، ويعقّد إمكانية إيجاد حلول للصراع.

حي جديد لليهود في القدس الشرقية 

بحسب صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، في تقرير لها يوم 11 شباط/ فبراير الجاري، فإن إسرائيل تستغل الحرب على قطاع غزة، من أجل بناء حي جديد لليهود في القدس الشرقية، يحمل اسم "نوفيه راحيل"، ويقع على مسافة أمتار قليلة من منازل الفلسطينيين في قرية "أم طوبا" المحتلة، جنوب شرقي القدس.

وتخطط وزارة العدل الإسرائيلية، المسؤولة عن هذا الملف، وشركة عقارات يسيطر عليها نشطاء من اليمين المتطرف، لبناء هذا الحي، الذي تشمل مرحلته الأولى بناء 650 وحدة سكنية.

وتقول "هآرتس" إن الحي الجديد هو الرابع الذي تعمل عليه وحدة "الوصي على أملاك الغائبين" في وزارة القضاء الإسرائيلية، خلال السنوات الأخيرة في شرق القدس، مشيرةً إلى أن الوزارة تستغل قانون إجراءات القضاء والإدارة الذي سُنّ في 1970، ونص على أنه يحق لليهود الذين كانوا أصحاب ممتلكات وأراضٍ في شرق القدس قبل عام 1948، المطالبة باستعادتها.

أما المستوطنات الثلاث الأخرى فهي: مستوطنة "كيدمات صهيون" بين حي رأس العامود المقدسي والجدار الفاصل، ومستوطنة "جفعات شاكيد" المقررة إقامتها على أراضي قرية أم صفا (شمالي رام الله)، وأخيراً مستوطنة "إميت حاييم حتينا" المخطط إنشاؤها قرب "أم طوبا" كذلك.

ويظهر من تقرير "هآرتس" أن هناك خطة للعمل وبسرعة كبيرة على البناء لليهود في شرق القدس، بجانب التوسع في الاستيطان بالضفة الغربية، منذ بدء الحرب على غزة، بما يقدر بنحو 3000 وحدة سكنية، وهو ما رصدته منظمات إسرائيلية غير حكومية من بينها منظمة "السلام الآن" الإسرائيلية غير الحكومية التي ذكرت، في تقرير لها يوم 15 شباط/ فبراير الجاري، أن المستوطنين أنشأوا عدداً قياسياً من البؤر الاستيطانية العشوائية في الضفة الغربية المحتلة العام الماضي، مبرزةً أن الكثير منها أقيم بعد بداية الحرب على غزة.

وبحسب المنظمة، فإن العام الماضي شهد إقامة 26 بؤرة استيطانية، لم تعترف بها الحكومة الإسرائيلية، بما في ذلك قرابة 10 بؤر منذ بدء الحرب. تعتبر المنظمة أن حكومة نتنياهو تدعم بناء المستوطنات بشكل غير مسبوق، خاصة أن ائتلافه يضم وزراء متطرفين، مثل وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، وبتسلئيل سموتريش، وزير المالية، وهما من أشد المؤيدين لحركة الاستيطان.

ويتضح أن خطة إسرائيل في هذا الشأن مُحكَمة، خاصة أنه بجانب التوسع في الاستيطان بالضفة الغربية، جرى تعبيد 18 طريقاً جديدة لتسهيل تنقل المستوطنين، ما يعني فرض سيطرتهم على مساحات أكبر في الضفة، وزيادة حصار الوجود الفلسطيني هناك، ويضيف صعوبات إلى حياة المدنيين فيها، بالنظر إلى تشديد السلطات الإسرائيلية حواجز الطرق، ومنع الفلسطينيين من الوصول إلى مناطق تواجد المستوطنين.

"بناء حي يهودي جديد في القدس الشرقية، يعد جزءاً من تغيير الوضع الديموغرافي بها حيث تهدف إسرائيل إلى طرد الفلسطينيين منها، لتكون مسألة أن تصبح القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية من الماضي. الحكومة الإسرائيلية ترغب من وراء ذلك في فرض أمر واقع يمكن أن يغير من مفاوضات الحل النهائي للصراع"

تقدّر "السلام الآن" أن أكثر من 490 ألف إسرائيلي يعيشون راهناً في المستوطنات غير الشرعية بالضفة الغربية المحتلة، بجانب ما لا يقل عن ثلاثة ملايين فلسطيني.

تأثير الحواجز على حياة الفلسطينيين

في دراسة لأحمد عز الدين أسعد، بعنوان "الحواجز والإغلاقات وتقييد الحركة في الضفة الغربية بعد 7 أكتوبر"، يوضح الباحث الفلسطيني المتخصص في العلوم الاجتماعية، أن أثر الحواجز على حياة المواطن الفلسطيني عميق إذ تعد شكلاً من أشكال العقاب الجماعي بالنظر إلى الاحتجاز لساعات طويلة، وتفتيش المركبات، والتنكيل بالركاب، والعبث بممتلكاتهم الشخصية، وتأخر العديد من الموظفين والعاملين على وظائفهم وأعمالهم.

تتسبب الحواجز في الحد من تنقل الفلسطينيين وحركتهم، سواء داخل المدينة الواحدة أو بين المدن، وتعطل المؤسسات التعليمية مثل الجامعات والمدارس، لفترات متفاوتة، وفقاً للدراسة التي تؤكد أن تقييد الحركة دفع إلى التحوّل نحو التعليم الإلكتروني في العديد من المؤسسات التعليمية بالضفة، وهو ليس البديل الأفضل، لكنه يساعد على تجاوز عقبة الإغلاق وتقييد الحركة.

تعطَّل الحواجز أيضاً مصادر الرزق للفلسطينيين، خاصة أن ما يقارب الـ200 ألف عامل منهم، يعملون داخل إسرائيل، تحديداً في قطاعات البناء والإنشاءات والزراعة والصناعة والبنية التحية، ما تسبب في إضعاف الحالة الاقتصادية داخل الضفة الغربية.

هذه السياسات الإسرائيلية ليست بالجديدة إلا أنها تفاقمت منذ بداية الحرب الجارية. في نيسان/ أبريل 2021، أكدت هيومن رايتس ووتش في تقرير لها أن "السياسة الإسرائيلية تسعى إلى هندسة وتوسيع عدد اليهود والأراضي المتاحة لهم في إسرائيل وأجزاء من الأراضي الفلسطينية المحتلة التي تطمع فيها الحكومة الإسرائيلية للاستيطان اليهودي. في الوقت نفسه، تسعى السياسة الإسرائيلية من خلال تقييد حقوق الإقامة للفلسطينيين إلى تقليص عدد الفلسطينيين والأراضي المتاحة لهم في تلك المناطق. مستوى القمع هو أكثر حدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مع أنه غالبا ما يمكن العثور على جوانب أقل حدة لسياسات مماثلة داخل إسرائيل".

رفض أمريكي فرنسي لتوسيع الرقعة الاستيطانية

كذلك، لم تكن نية إسرائيل في إنشاء المزيد من الأحياء اليهودية بالقدس الشرقية، بالجديدة لكن ذلك في خططها منذ عدة سنوات، وحاولت في العديد من المرات فعل ذلك، آخرها في أيلول/ سبتمبر الماضي، عندما خططت لبناء حي يهودي في بلدة أبو ديس الفلسطينية.

حينذاك، دانت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الخطة، ونقلت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، عن واشنطن قولها إن المشروع يقوّض حل الدولتين الذي تتطلع الولايات المتحدة إلى تعزيزه من خلال الاتفاق السعودي. كما ذكر المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، مات ميلر، أن توسيع المستوطنات يقوّض الواقعية الجغرافية لحل الدولتين، ويؤدي إلى تفاقم التوترات، ويضر بالثقة بين الطرفين، مشدداً على معارضة بلاده الشديدة للخطة الاستيطانية.

في الوقت نفسه، قال متحدث باسم الاتحاد الأوروبي إن موقف الاتحاد القائم منذ فترة طويلة بشأن المستوطنات، بما في ذلك البناء في القدس الشرقية، هو أنها "غير قانونية، وفقاً للقانون الدولي، وعقبة رئيسية أمام تحقيق حل الدولتين"، مؤكداً أن الاتحاد لن يعترف بأية تغييرات على حدود ما قبل عام 1967، وحثّ إسرائيل على وقف البناء خارج الخط الأخضر.

ولم يخرج موقف فرنسا عن الإجماع الأوروبي إذ أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية، في 13 فبراير/ شباط الجاري، أنها فرضت عقوبات على 28 مستوطناً إسرائيلياً متطرفاً، صدر في حقهم منع إداري من التواجد على الأراضي الفرنسية، مشددةً على أنها تعمل على إقرار عقوبات على المستوى الأوروبي على المستوطنين الذين يرتكبون أعمال عنف، في حق مدنيين فلسطينيين بالضفة الغربية.

وفق أحدث الإحصاءات قبل بداية الحرب الإسرائيلية على غزة، وصلت أعداد المستوطنين إلى 506 آلاف مستوطن في الضفة الغربية المحتلّة، و230 ألفاً بالقدس المحتلّة، بما يعادل نحو 40% من عدد السكان بالمدينة. كما ارتفع عدد الوحدات الاستيطانية في الضفة إلى 38 ألف وحدة، بينها 145 مستوطنة كبيرة، أو ما يُعرف بـ"المستوطنة الأم"

ولفتت الخارجية الفرنسية إلى أن "الاستيطان غير قانوني بموجب القانون الدولي، ويجب أن يتوقف"، معتبرةً أن استمراره لا يتوافق مع إنشاء دولة فلسطينية لها مقومات البقاء، والتي هي "الحل الوحيد الذي يمكن الإسرائيليين والفلسطينيين من العيش جنباً إلى جنب بسلام وأمن".

بدوره، اتهم المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، في 6 كانون الثاني/ يناير الماضي، إسرائيل، بممارسة "ضم صامت" بالضفة الغربية، من خلال زيادة عدد المستوطنات العشوائية، والتهجير القسري للسكان الفلسطينيين، خاصة في مناطق الأغوار.

وحذرت الرئاسة الفلسطينية، من خطورة استمرار العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، وزيادة المستوطنات العشوائية في الضفة الغربية، خاصة أن هذه السياسة التي تتبعها إسرائيل تخالف جميع قرارات الشرعية الدولية، وفي مقدمتها القرار الأممي الرقم 2334 لإدانة الاستيطان.

وأكد أبو ردينة أن عدم تدخل أمريكا، وإلزام إسرائيل بوقف عدوانها على الشعب الفلسطيني فوراً، وكذلك التوسع الاستيطاني بأشكاله كافة، يعني جر المنطقة إلى وضع لا يمكن السيطرة عليه بأي شكل.

عنف أكبر وأوسع في المنطقة

وفي حديث لرصيف 22، يقول المحلل السياسي الفلسطيني، د. أيمن الرقب، إن نية إسرائيل بناء حي يهودي في مدينة القدس الشرقية، تعد ترسيخاً لعملية تهويد المدينة المقدسة، والضغط على الفلسطينيين في المدينة لإخراجهم من الأحياء الشرقية للبلدة القديمة، مؤكداً أن بناء هذا الحي الجديد سيأتي على حساب الأراضي العربية، وهو تحدٍ كبير للمجتمع الدولي والأمتين العربية والإسلامية .

يوضح الرقب أن الإعلان عن بناء هذا الحي، يأتي في ظل الحديث عن دعم دولي لقيام الدولة الفلسطينية، على حدود 4 حزيران/ يونيو عام 1967، بما فيها القدس الشرقية، ما يعد تحدياً لحقوق الشعب الفلسطيني، وقتل لحل الدولتين، لافتاً "اليمين المتطرف الإسرائيلي أقدم على هذه الخطوة، كرد على بعض الدول التي تتحدث عن نيتها الاعتراف بالدولة الفلسطينية".

وكان الرئيس الفرنسي، قد أعلن في لقاء مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، قبل أيام: "نعلم أن الحل الوحيد القابل للتطبيق، الذي يستجيب للاحتياجات الأمنية للشعب الإسرائيلي والتطلعات المشروعة للشعب الفلسطيني، هو التنفيذ الفعال لحل إقامة الدولتين، أي إنشاء دولة فلسطينية قابلة للحياة، تعيش في سلام وأمن إلى جانب إسرائيل"، مشدداً على أن ذلك يجب أن يصبح حقيقة واقعة.

ولفت المحلل السياسي الفلسطيني إلى أن بناء الحي الجديد في القدس الشرقية، سيرافقه توسع استيطاني في القدس والضفة الغربية، معتبراً أن العالم الآن أمام تحدٍ كبير، إما أن يحل الصراع أو يستمر في إدارته، مشدداً على أن مثل هذه الخطوات تؤسس لعنف أكبر وأوسع في المنطقة.

في السياق نفسه، يقول المحلل السياسي الفلسطيني، د. عبد المغني مطاوع، إن إسرائيل اتخذت قبل عدة سنوات، قراراً بتغيير الوضع الديموغرافي في القدس، مشيراً إلى مشروع القدس الكبرى، الذي يهدف إلى توسيع مساحة القدس الكبرى، بإضافة المستوطنات إليها، بهدف أن يصبح الفلسطينيين في هذه "العاصمة الجديدة" أقلية حيث أن الفلسطينيين ما زالوا يشكّلون أغلبية في القدس الشرقية، وإسرائيل تريد أن تتخلص من هذه الغالبية.

يعتبر مطاوع، في حديث مع رصيف22، أن بناء حي يهودي جديد في القدس الشرقية، يعد جزءاً من تغيير الوضع الديموغرافي بها حيث تهدف إسرائيل إلى طرد الفلسطينيين منها، لتكون مسألة أن تصبح القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية من الماضي. وهو يلفت إلى أن الحكومة الإسرائيلية ترغب من وراء ذلك في فرض أمر واقع يمكن أن يغير من مفاوضات الحل النهائي للصراع، مشدداً على أن الحكومة اليمينة تهدف إلى الاستيلاء على كل الأراضي في الضفة الغربية.

متى ظهرت المستوطنات الإسرائيلية؟

تاريخياً، بدأت فكرة الاستيطان في فلسطين في نهاية القرن السابع عشر. لكنها تحوّلت إلى حركة سياسية أكثر تنظيماً وأسرع وتيرةً في نهاية القرن التاسع عشر حيث أسست مجموعة من يهود القدس مستوطنة "بتاح تكفا" عام 1878. وبعدها بـ4 أعوام، أنشئت ثلاث مستوطنات أخرى، هي: ريشون ليتسيون، وزخرون يعقوب، وروش يبنا، وتوالى بعدها إنشاء المستوطنات.

وعقب انعقاد المؤتمر الصهيوني العالمي الثاني عام 1898، أقر قانون المنظمة الصهيونية العالمية، التي أخذت على عاتقها الشؤون كافة المتعلقة بالاستيطان، بعد أن وصل عدد المستوطنات الإسرائيلية الزراعية إلى 22 مستوطنة، على مساحة 200 ألف دونم، ارتفعت لاحقاً إلى 418 ألف دونم.

ومع تشكيل المنظمة الصهيونية العالمية، بزعامة هرتزل عام 1897، بدأ وضع حجر الأساس للمشروع الصهيوني. وبحسب دراسة لأستاذ العلوم السياسية مايكل دمبر، بعنوان "الاستيطان اليهودي في القدس القديمة"، إلى تطور عدد المستوطنين في القدس خلال الفترة من عام 1967 إلى 1984.

المصدر: دراسة مايكل دمبر

وبالنسبة إلى وضع المستوطنات على الأراضي الفلسطينية، يشير تقرير أعده "مركز رؤية للتنمية السياسية"، عام 2016، إلى أن المساحة الإجمالية لفلسطين التاريخية تبلغ 27 ألفاً و27 كم2. في حين أن مساحة دولة فلسطين المقترحة في قرار الأمم المتحدة رقم 181 (قرار التقسيم) هي 1551948. لكن بعد قرار التقسيم عام 1967، تقلّصت المساحة إلى 6019.6 كم2، أي ما يعادل 22.27% من مساحة فلسطين التاريخية، وتتوزع على النحو التالي:

- مساحة الضفة الغربية 5654.6 كم2، بنسبة 21.9% من المساحة الإجمالية لأرض فلسطين التاريخية، ومساحة قطاع غزة 365 كم2، بنسبة 1.35% من المساحة الإجمالية.

مع ذلك، يوضح تقرير المركز أن المساحة المتبقية للفلسطينيين فعلياً من إجمالي مساحة الضفة الغربية، أقل من 54% (علماً أن بعض الدراسات تقدرها بأقل من 50%)، بعد استيلاء إسرائيل على 46% من المساحة عبر الاستيطان والجدار. في الأثناء، يستغل الفلسطينيون 13% من المساحة الكلية لهذه الأراضي، ويستغل الإسرائيليون الباقي.

وتستمر سياسات الاستيطان الإسرائيلي في سلب الأراضي من الفلسطينيين بذرائع مختلفة. خلال الآونة الأخيرة، استولت السلطات الإسرائيلية على 500 دونم في بلدة حزما بذريعة إقامة "محمية طبيعية"، علاوة على 700 دونم أخرى من أراضي شعفاط وبيت حنينا بدعوى إنشاء "حديقة قومية"، و600 دونم أخرى من أراضي العيساوية بذريعة إقامة "حديقة تلمودية".

المساحة الإجمالية لفلسطين التاريخية تبلغ 27 ألفاً و27 كم2. في حين أن مساحة دولة فلسطين المقترحة في قرار الأمم المتحدة الرقم 181 (قرار التقسيم) هي 1551948. لكن بعد قرار التقسيم عام 1967، تقلّصت المساحة إلى 6019.6 كم2، أي ما يعادل 22.27% من مساحة فلسطين التاريخية. المتبقي للفلسطينيين من هذه المساحة حالياً أقل بكثير وإسرائيل ماضية في سلب المزيد 

أعداد المستوطنين في القدس والضفة الغربية

وفي دراسة بعنوان "الاستيطان على وقع أوسلو تضخم ونمو"، صادرة عن مركز القدس للدراسات، في أيلول/ سبتمبر 2023، أشار الخبير في الشأن الإسرائيلي نجيب مفارجة إلى أعداد المستوطنين في القدس والضفة الغربية، موضحاً أنه طبقاً لآخر الإحصائيات المتعلّقة بالاستيطان، الصادرة في أيار/ مايو 2023، وصلت أعداد المستوطنين إلى 506 آلاف مستوطن في الضفة الغربية المحتلّة، و230 ألفاً بالقدس المحتلّة، بما يعادل نحو 40% من عدد السكان بالمدينة.

كما وصلت الوحدات الاستيطانية في الضفة الغربية المحتلّة، إلى 38 ألفاً، بينها 145 مستوطنة كبيرة، أو ما يُعرف بـ"المستوطنة الأم"، وتشكّل 1.6% من مساحة الضفة الغربية، وتطمع المخططات الهيكلية في أن تصل النسبة إلى 6% من مساحة الضفة.

وفي موازاة زيادة مخصصات المستوطنات، تقلّصت مخصصات فلسطينيي الداخل أكثر فأكثر، وهو ما يؤثر على الاقتصاد الداخلي لإسرائيل، خاصة أنه في منتصف كانون الثاني/ يناير المنقضي، أقرت الحكومة الإسرائيلية موازنة 2024 بتقليص 15% من مخصصات فلسطينيي الداخل، وزيادة مخصصات الاستيطان.

وفي تعليقه على ذلك، قال الدكتور أيمن الرقب إن الحكومة الإسرائيلية لا تكترث لأي شيء حالياً غير تسليح الجيش، ودعم الاستيطان، وكل الموازنات المخصصة لتطوير المناطق العربية أُلغيت بشكل كبير جداً.

إلى ذلك، يتضح بشكل جليّ أن إسرائيل ماضية في تنفيذ خطتها لتضييق الخناق على الفلسطينيين على الأنحاء كافة، بإقامة أحياء جديدة بالقدس، في خطوة لطرد أهلها منها، لمنع إقامة الدولة الفلسطينية، وعاصمتها القدس الشرقية، بجانب التوسع في الاستيطان بالضفة الغربية للسيطرة على مساحات أكبر منها، خاصة أنها تمثل التكتل الأكبر للفلسطينيين. أما تقليص مخصصات فلسطيني الداخل في موازنة إسرائيل الجديدة، فهو بمثابة تهديد صريح لحياة المواطنين العرب. ولا تقود كل هذه الخطوات إلا إلى مزيد من العراقيل في وجه إنهاء الصراع.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

ما زلنا في عين العاصفة، والمعركة في أوجها

كيف تقاس العدالة في المجتمعات؟ أبقدرة الأفراد على التعبير عن أنفسهم/ نّ، وعيش حياتهم/ نّ بحريّةٍ مطلقة، والتماس السلامة والأمن من طيف الأذى والعقاب المجحف؟

للأسف، أوضاع حقوق الإنسان اليوم لا تزال متردّيةً في منطقتنا، إذ تُكرّس على مزاج من يعتلي سدّة الحكم. إلّا أنّ الأمر متروك لنا لإحداث فارق، ومراكمة وعينا لحقوقنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image