شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
تحبّ النساء البيوت، ويحبّها الرجال… لكنهم تركوها

تحبّ النساء البيوت، ويحبّها الرجال… لكنهم تركوها

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

لقد جرّبت أن أحلم بالبيت طويلاً. لم يكن حلماً واضحاً. كانت تنعكس من الحلم، كسطح من الزجاج، أفعال لطيفة، تمثلت أولاً في التحرك بسريّة صيفاً حول البيت ومحاولة فعل أي شيء. كان بيتنا في القرية مكوّناً من ثلاث غرف، على شكل مثلث، و"برندة" مفتوحة من جهتين، ومرحاض خارجي. ظل هذا البيت يبدو لسنوات مثل شخص يحاول أن يرتدي ملابسه على عجل، ثم يخرج إلى الشارع وهو غير مستعد، مثيراً الشفقة، ومريباً، وقليل الثقة بنفسه، ليهرب.

ثم وفي محاولة أخيرة لتجميل ذلك الاستعجال غير اللائق، كنت أحاول أن أزرع الورود في الأرض الجافة التي تحيط به، مع الشحّ الشديد في الماء، ما جعل أمي بقسوة ونفور تفضّل توفير الماء للشرب والغسيل على هدره لصالح أعشاب تركناها يابسةً خلفنا في الغور لترعاها الأغنام. كانت تلك الورود، أو الأعشاب كما تحب أن تسميها أمي، تنبت في الغور من تلقاء نفسها، ثم يتكفل المطر بسقايتها، وكنا حتى نحافظ على نمو الخضروات التي نزرعها لنبيعها، نلجأ إلى اقتلاع تلك الأعشاب قبل أن يضطر أبي إلى قتلها بالمبيد السام!

اعتادت القرية بأكملها في نهاية الثمانينيات، على أن يأتي أهلها بالمياه عبر صهاريج من مياه نبعة الفارعة التي تتفتح مياهها مثل وردة أمام المخيم الذي يحمل اسمها، فيجري ماؤها في سواقي بسيطة البناء، ويستحم فيها الناس والحيوانات ويمرحون، ثم تنتقل تلك الصهاريج من النبعة إلى بيوت القرية كلها ويملؤون بها الآبار. كانت آبار المياه تلك جزءاً أصيلاً من كل بيت في القرية، وكانت تشهد على سطحها جلسات ما بعد صلاة العصر، التي تضم أفراد العائلة المصابين بالضجر من الحر الشديد، والجيران، وبعض الأقارب، المستعجلين في معظمهم للرحيل باكراً للّحاق بأمر ما. كانوا يشربون الشاي ساخناً جداً، وحلواً جداً، في الجو الحار جداً، ويكررون أحاديث القرية المبنية غالباً على الحزن والاختلاف، ما يجعل الحركة فوق البئر الذي يُستخدم للشرب معكّرةً بكل ما يريد الإنسان التخلص منه!

الآن، في الحرب، ومنذ الثامن من تشرين الأول/أكتوبر 2023، تموت البيوت التي حلمت بها النساء كما حلمت في غزة مع أهل غزة، بيتاً بيتاً، عمارات، بيوتاً متراصةً، والقليل المنفرد منها في مساحته الصغيرة

كانت تلك الورود إذاً، وحتى الآبار، وكذلك المياه التي شربناها في طفولتنا، لا تنجو من الفوضى التي تدل عليها، من حين إلى حين، بصمات الاحتجاج لحركة البصق على أطراف جدران البئر من الخارج، بعد أن صعدت من داخله آثار لهروب كائنات هشة ثم محاولتها الاختباء، وبرشة ملح صغيرة كانت تلك الكائنات تموت دون أن تترك ذكرى على السطح، سوى تلك القذارة الخفيفة التي خلّفتها جثثها وشبشب أمي ينطبع فوقها!

وكما اعتادت أمي أن تقول: كنا في رحلتنا الشتوية إلى الغور، والصيفية منه، والتنقل في الغور نفسه: مثل كلبة تنقل جراءها من ركن إلى ركن، دون بيت ثابت، وكان هذا كفيلاً بأن يجعل حلمي بالبيت الذي ظل مبنياً على أفعال أخرى مشتتة كإعادة ترتيب الأثاث البسيط، وكنس المصطبة مراراً، ومسح المصطبة بالقليل من الماء تكراراً، أكثر غموضاً. عندما أفكر في بيت العائلة الآن، أرى أنه كان من الطبيعي أن يظل البيت الذي حلمت به حلماً إلى الأبد، بسبب الغموض الذي شاب صورته، فلم أكن قد حددت شكل البيت الذي أريده، ولا مع من سأعيش فيه، ولا في أي مكان سيكون. كان التنقل الانطوائي للعائلة في الغور من بيت خائر إلى آخر، كالرعاة، فوق أرض لا تكف عن الحركة حتى تصل إلى البحر الميت المكتنز بالملح، مصدراً لصورة السراب. ظل البيت صورةً تتسرب من بين يدي، ولا تثبت على وجه، ولا أحد يمنعها معي من التوقف عن الذوبان.

الغريب في الأمر هو أنني أتذكر جيداً كيف أني دافعت عن البيت كفكرة فبدت أكثر وضوحاً، حتى أصبح البيت، وهو فكرة، أكثر مخيلةً من الواقع. في النهاية بدا كل ما أنكره من تفاصيل التشوّه في البيوت موجوداً في بيتنا. لم أُحدث هذا التشوه بيدي، ولم أرضَ عنه، ولم أخطط له، لكنه حدث. أتذكر جيداً مثلاً كيف أصرّ رجل البلاط على أن يضع ما يسميها سجادةً، وهي قطع صغيرة مزينة من البلاط، في المكان الخطأ، أقصى الساحة، بشكل مرتجل، وعندما سألته عن الذي يفعله: قال إنه يعرف عمله! وفي الحادثه نفسها كيف قرر الرجل نفسه ألا يدفن تحت البلاط الأنبوب الذي يمرر ماء الجلي، إلى شجرة الليمون، فظل أداة عقاب لكل من يتحرك هناك. وبرغم أني أخبرته بأنني كلما رأيت الأنبوب الأسود، ممدداً بهذه الطريقة، سوف أشتمه في سرّي، ضحك، وفي اليوم التالي وجدته مكانه: ما زال أنبوباً أسود يتمدد فوق بلاط جديد وسط ساحة البيت! وقبل هذا وذاك كيف تحول أصلاً المطبخ من صورته "النملية" إلى تلك الرفوف غير المنطقية فوق الحوض غير المبرر! أتذكر ذلك اليوم وكيف وقف شقيقاي عند فوهة الباب، وأشار كل منهما إلى ناحية تختلف عن الناحية الأخرى التي أشار إليها الآخر، ثم غادر كل واحد منهما إلى بيته، ثم نشأ ذلك النقاش الحاد من الغاية وراء محاولاتي إحداث تغيير في البيت!

لماذا لم يحمل الناس بيوتهم في حقائبهم، أو فوق ظهورهم؟ لماذا لم يحضنها الأطفال كالقطط، ويجرّوها خلفهم كالعربات والدواب؟

لا تكفّ الأحداث الكارثية عن أن تتكرر في بيوت العائلات! تغيب خطة بناء البيت عن بيت العائلة، تمتلئ القرى والمخيمات بهذا النوع من البيوت المليئة بالأخطاء التي لا يوجد متسبب واحد وحيد وراءها، ثم يعرف الجميع أن هذا كان عليه ألا يحدث، لكنه حدث بكل إتقان، كي تصبح هذه الأخطاء، المكان الذي يعيش فيه أي شخص، بيته هو، بيت طفولته، بيت ذكرياته، بيت ماضيه، وعندما سيحنّ، فسوف يحنّ إلى كل ذلك، بالطريقة نفسها من الأخطاء!

لكن هل يبدو ذلك سبباً وجيهاً كي تتسرّب صورة البيت من رأسي قبل أن تثبت على حال؟ كي لا أحدد ما أتخيله عن البيت، ثم أتخيل أكثر مما أستطيع أن أحرز من صورته، ثم أضطرب لو تحرك أحدهم في مساحتي البالغة مئةً وعشرة أمتار التي حصلت عليها من كوكب الأرض، فصارت بيتي الخاص، فوق السجادة، ثم تحركت حافة السجادة، بسبب رِجْل غير منتبهة، فلم تقف فوق خط البلاط، فيصيبني ذلك الاضطراب، وأنسحب من بين الضيوف، وأنحني نحو الأرض، وأطوي خط السجادة على خط البلاط!

لقد احتاج الأمر إلى أربعين عاماً كي أعيش في بيت وحدي، فلا يحدث هذا الخطأ من خروج خط عن آخر، كالأخطاء الكثيرة في البيت الصغير للعائلة الكبيرة، الذي عبثت فيه عشرات الأيدي وعشرات الأرجل! لا يبدو أمر امتلاك امراة عزباء بيتاً أمراً سهلاً، فالصورة التقليدية لامتلاك المرأة بيتاً هو خروجها من بيت أهلها إلى بيت زوجها، حتى أني عرفت ذلك النوع من النساء اللواتي تزوجن لأن الزواج كان الطريقة الوحيدة التي سيخرجن فيها من بيت العائلة إلى بيت آخر، فيفعلن فيه ما حلمن به في بيت العائلة ولم يستطعن تنفيذه. لقد أرادت بعض النساء في الحقيقة بيتاً، فتزوجن، وأردن حيطاناً من إسمنت موزعةً بشكل ما، ونوافذ، وبلاطاً، وحديقةً، ودرجاً، وباباً. مثلما أعرف نساءً تزوجن لأنهن أردن أطفالاً، حلمت بعض النساء بأن يكنّ أمهات، وحلمت بعضهن بأن يكنّ سيدات بيوت، ولبعض النساء كان الزواج الطريق إلى ذلك!

الآن، في الحرب، ومنذ الثامن من تشرين الأول/أكتوبر 2023، تموت البيوت التي حلمت بها النساء كما حلمت في غزة مع أهل غزة، بيتاً بيتاً، عمارات، بيوتاً متراصةً، والقليل المنفرد منها في مساحته الصغيرة، بيوتاً مسقوفةً بالإسمنت، بيوتاً بسطوح من القرميد، بيوتاً بممرات خاصة، وبيوتاً بممرات ضيقة للجميع، تتابع أختي التي تزوجت منذ خمس وعشرين عاماً، تفاصيل بناء بيتها الذي حلمت به منذ طفولتها، وهي تتألم على البيوت التي تموت في غزة، تقول:

-"مش فرحانة ولا نتفة بالبيت، وأنا بشوف البيوت في غزة بتنهدّ"!

كان الدرج الذي يطلّ مباشرةً على مسجد القرية، المكان المخصص لأختي من بيتنا. كانت حركتها في بيتنا مدروسةً. كانت تمتلك طريقتها الهادئة والدقيقة في العناية بالبيت، إلى الحد الذي سيقول قائل لو رآها تقوم بأعمال البيت: يجب أن يكون لهذه المرأة بيت في الحال. يجب أن تكون هذه المرأة سيدة البيت. ملكة البيت. أتذكر جيداً كيف انتقلت أختي هذه التي تكبرني بعامين من بيتنا في القرية، في الانتفاضة الأولى، لتعيش في غرفتين مصفوفتين إلى جانب بعضهما البعض، ومعلقتين، هكذا كانتا تبدوان، بالجبل، ومطلتين، كبيوت التجمع القليلة المسماة بـ"بئر السبيل"، والمصفوفة بالطريقة نفسها، على الطريق العابر من مدينة جنين إلى بلدة يعبد.

درج عالٍ جداً، في اتجاه واحد حاد للصعود إلى الغرفتين. وجدتْ أختي، في يوم عرسها، في خزانة الملابس صحناً كبيراً من الفواكه، كعادة أهل زوجها، وما زالت رائحة الخوخ تفوح من تلك الخزانة كما حدثتني عنها في تلك الأيام، وما زالت صورة الدرج الحاد الذي أعاق، لاحقاً، زيارةَ أبي العجوز لأختي في الأعياد، تؤدي إلى رائحة حلم امرأة بالبيت منكّهٍ بنكهة الخوخ!

تحب النساء البيوت، ويحب الرجال البيوت، ويحب الأطفال البيوت، لكن الجميع، في الحرب على غزة، خرجوا من بيوتهم، وتركوها خلفهم.

في رحلتي الأخيرة إلى غزة، في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر 2022، زرت بيت عائلة صديقتي ريما التي تعيش في الضفة الغربية. كانت ريما قد حدثتني عن بيت العائلة كلما تحدثنا عن غزة: كان بيتاً كبيراً يشبه الفيلا. وعندما زرت البيت في ذلك الليل التشريني انتظرتني والدة ريما عند مدخل البيت الكبير، ومررت من بين الورود والشجيرات الصغيرة المصفوفة على الجانبين، ثم جلست في غرفة الضيوف المرتبة بإتقان تواظب عليه معلمة متقاعدة، تعيش مع ابنها الطبيب وعائلته الصغيرة، ثم التقطت صورةً من غرفة الضيوف في البيت الكبير، وأرسلتها إلى ريما حتى أؤكد لها أنني مع أمها في البيت الكبير.

هُدم البيت الكبير في الأيام الأولى للحرب، بعد يوم من خروج والدة ريما وشقيقها وعائلته في اتجاه جباليا، حيث يعيش الأخوال. في جباليا يوجد شارع كبير باسم العائلة، وعندما بدأت الحرب تأكل الناس منذ يومها الأول، أكلت الكثير من أفرادها، وأكلت معهم بيوتهم، وأصبح سؤال البيت لأهل غزة كلهم، نساءً ورجالاً، سؤالاً مصيرياً: هل نبقى في البيت؟ هل نغادر البيت؟ هل نظل لنموت في البيت؟

قالت ريما بعجز: "مين أنا لأقلّهم ظلّوا في البيت أو اطلعوا من البيت"!

تحب النساء البيوت، ويحب الرجال البيوت، ويحب الأطفال البيوت، لكن الجميع، في الحرب على غزة، خرجوا من بيوتهم، وتركوها خلفهم، وعبر تلك النظرة التي يعتقد البعض أنها رومانسية:

لماذا لا يشعر البيت بأنه قد تم التخلّي عنه؟

سوف أعتقد أن الاحتلال أراد قتل البيوت في غزة كما أراد قتل الناس. أراد ذلك كأنه أراد قتل كائن من لحم ودم، ولأن البيوت مثبتة في مكانها، ولا تستطيع التحرك، فقد كان متأكداً من أنه سوف يقتلها: فهل كان يقصد أيضاً أن يقتل ما تحبه النساء؟ أحلامهنّ بالبيوت؟

لماذا لم يحمل الناس بيوتهم في حقائبهم، أو فوق ظهورهم؟ لماذا لم يحضنها الأطفال كالقطط، ويجرّوها خلفهم كالعربات والدواب؟

تحدث أبو إلياس عن سبب دورانه في بيته مرات عدة وهو يتأمل جدرانه، قبل أن يخرج منه، دون أن يزيد ذلك التأمل من ثقل حقيبة الأغراض الخفيفة التي حزمها هو وزوجته له ولأطفاله. قال: "بعرفش ليش عملت هيك"؟

تساءل أبو إلياس عن سرّ تأمله ذاك كأنه لا يريد جواباً، أو كأنه يريد جواباً آخر غير الذي يعرفه الجميع! ربما كان يحاول أن يخزن صورةً أخيرةً للبيت قبل أن يموت البيت في رأسه، وعندما همّ بالخروج هو وزوجته من البيت طلبت منه زوجته أن يقفل باب البيت خلفه. فكّر أبو إلياس مرةً أخرى في جدوى أن يقفل باب بيت سوف يموت قريباً. كان المفتاح في يده، يستطيع الجميع تخيّل صورة المفتاح في يد أبي إلياس، وها هو الآن أمام هذا السؤال:

لماذا أقفل باب البيت الذي سوف تهدمه الصواريخ بعد أن أخرج منه؟

لأجل تلك الفكرة سوف أعتقد أن الاحتلال أراد قتل البيوت في غزة كما أراد قتل الناس. أراد ذلك كأنه أراد قتل كائن من لحم ودم، ولأن البيوت مثبتة في مكانها، ولا تستطيع التحرك، فقد كان متأكداً من أنه سوف يقتلها: فهل كان يقصد أيضاً أن يقتل ما تحبه النساء؟ أحلامهنّ بالبيوت؟

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها…

لكن رصيف22، هو صوت الشعوب المضطهدة، وصوت الشجعان والمغامرين. لا نخاف من كشف الحقيقة، مهما كانت قبيحةً، أو قاسيةً، أو غير مريحة. ليست لدينا أي أجندات سياسية أو اقتصادية. نحن هنا لنكون صوتكم الحرّ.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها، ولكنك بضمّك صوتك إلينا، ستكون جزءاً من التغيير الذي ترغب في رؤيته في العالم.

في "ناس رصيف"، لن تستمتع بموقعنا من دون إعلانات فحسب، بل سيكون لصوتك ورأيك الأولوية في فعالياتنا، وفي ورش العمل التي ننظمها، وفي النقاشات مع فريق التحرير، وستتمكن من المساهمة في تشكيل رؤيتنا للتغيير ومهمتنا لتحدّي الوضع الحالي.

شاركنا رحلتنا من خلال انضمامك إلى "ناسنا"، لنواجه الرقابة والترهيب السياسي والديني والمجتمعي، ونخوض في القضايا التي لا يجرؤ أحد على الخوض فيها.

Website by WhiteBeard
Popup Image