شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
هناك أغانٍ أقرب إلى الله... مشاهدات مستشرق فرنسي عن الغناء في اليمن

هناك أغانٍ أقرب إلى الله... مشاهدات مستشرق فرنسي عن الغناء في اليمن

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة نحن والتنوّع

الاثنين 5 فبراير 202401:04 م

في الزمن اليمني "السعيد"، قبل أن يتمزق هذا البلد تحت وطأة الصراعات والحروب، كان الباحث والمستشرق الفرنسي جان لامبير، على موعد مثير مع الموسيقى اليمنية عبر بحثٍ أجراه عن "الغناء الصنعاني"، استغرق عامين (1985-1987). تجول خلالهما الباحث في أرجاء صنعاء، متنقلاً بين المنشدين والمدّاحين والموسيقيين الذين يُقدّسون هذا اللون الغنائي التراثي، ويعدّونه تجسيداً مبهراً لهويتهم، وحضارتهم.

غير أن العامَين اللذين كرّسهما المستشرق الفرنسي لإتمام بحثه للحصول على درجة الدكتوراه، كانا بدايةً لطريقٍ طويلة أمضاها هذا الرجل في القيام بأبحاث غنية حول الموسيقى اليمنية، محاولاً الإمساك بمعانيها الكونية والرمزية الغامضة، وهو كمستشرق لم يغفل عن الأسئلة المعتادة حول مسألة "التحريم"، والتي تُطرح عادةً حين يتعلق الأمر بمناقشة قضية فنية في بلد عربي. لكن على أية حال، لم يكن سؤال التحريم شاغلاً أساسياً لدى جان، إذ وقع أسيراً في حب "الساعة السُّليمانية"، ساعة الحكمة وما وراء الطبيعة، التي تُعزف فيها موسيقى كونية -حسب أسطورة يمنية- "تصل إلى الهضاب العالية، وتكسوها بالعشب الناعم، فيراها الله، ويكافئنا بسقوط المطر".

"الغناء الصنعاني... طب النفوس في اليمن"، هو الكتاب الأول لجان لامبير، في سلسلة أبحاثه عن الموسيقى اليمنية. المُلاحظ أن لامبير، بدأ رحلته البحثية بهذا اللون من الغناء، لأنه اللون المديني الأقدم في شبه الجزيرة العربية والأكثر إتقاناً، وهو ممتد منذ أربعة قرون أو أكثر

"الغناء الصنعاني... طب النفوس في اليمن"، هو الكتاب الأول لجان لامبير، في سلسلة أبحاثه عن الموسيقى اليمنية، وقد صدر بالفرنسية عام 1997، عن جمعية الدراسات الإثنية، وفي عام 2004 ترجمه الدكتور علي محمود زيد إلى العربية. المُلاحظ أن لامبير، بدأ رحلته البحثية بهذا اللون من الغناء، لأنه اللون المديني الأقدم في شبه الجزيرة العربية والأكثر إتقاناً، وهو ممتد منذ أربعة قرون أو أكثر، ويرتبط ارتباطاً وثيقاً بالشعر الحُميني.

وينظر أهل صنعاء واليمن عموماً إلى هذا اللون من الغناء على أنه جزء لا يتجزأ من هويتهم، إلى درجة أننا نستطيع تعريف أهل صنعاء بأنهم "مجموع الناس الذين يستمعون إلى الغناء الصنعاني".

ويتجلى هذا اللون الغنائي، ويتألق في "المقايل"، هذه الأماكن السحرية التي يتحرر فيها اليمنيون من الزمان والمكان ومن أعباء الحياة، ويتحولون هم أنفسهم -تحت تأثير القات والغناء- إلى موسيقى هائمة في الكون. والآن سيأخذنا جان لامبير إلى "المقيل"، وإلى سحر الساعة السليمانية التي يمكن عدّها زمناً خاصاً باليمنيين، لا يعرفه أحدٌ سواهم.

ما بين وقت الغداء وغروب الشمس، تفرغ الشوارع من الناس، لأنهم يتجهون إلى "المقايل"، وهي أماكن خاصة بالرجال أشبه بالصالونات الثقافية والأدبية الأوروبية في بدايات القرن العشرين. يتجهون حاملين معهم هذه العشبة المخدرة المسماة القات، يجلسون في دواوين اجتماعية تُسمّى مفارج، ويظلون يخزنون القات، وهنا لا بد أن نشير إلى أن الغناء الصنعاني هو النوع الموسيقي الذي يُقبل عليه ماضغو القات ويعدّونه أنبل أنواع الموسيقى. ثمة نظام صارم يُتّبَع في المقايل، وفي الوقت نفسه هناك تواطؤ بين المشاركين في "المقيل"؛ فمن غير المستحب، بل من الممنوع وجود شخص لم يُوجّه إليه صاحب "المقيل" الدعوة، كما أن أماكن الضيوف تخضع لعملية تراتبية طبقية، كلٌ حسب طبقته الاجتماعية.

يدخل الضيوف فيحيون بعضهم بعضاً، ويأخذون أماكنهم، ثم يتناقشون حول بعض القضايا، كتوطئة، فليس الهدف هنا في هذا المكان مناقشة أي قضايا، لأن الموسيقى تناديهم. يسود "المقيل" الصمت، فكل إنسان وكأنه غرق في ذاته، وهذا بتأثير من القات، ومعه النرجيلة والسجائر كعوامل مساعدة. بعد الغرق في الذات تأتي مرحلة الحنين والعودة إلى مسقط الرأس، أي إلى القرية أو القبيلة التي ينتمي إليها كل واحد منهم، ويكون الشخص موجهاً نظره في خط مستقيم، وكأنه يناجي الأفق، والغروب، الذي يحلّ فجأةً، ومعه "الساعة السُليمانية"، وعلى الفور ودون طلب من أحد يُمسك المغنّي بعوده ويُدوزن ويُدندن أغنيةً غير مفهومة، وبرغم انتباه الحضور فجأةً إلى المغنّي، والموسيقي، إلا أنهم يوهمونه بأنهم غير منتبهين حتى لا يقطعوا إلهامه، ومن أدبيات "المقيل" ألا يطلب أحدهم من المغنّي أن يبدأ بالغناء، وإذا حدث ذلك، يأخذ المغنّي عوده تاركاً المكان في هدوء.

حين تُعزف الموسيقى يسود المكان الصمت، ولا يقدر أحد على تحريك جسده لأن القات المخدر لا يزال تأثيره مستمراً. وبعد فترة، حين يصل المغني إلى الذروة، تقوم مجموعة من الراقصين، للرقص في المسافة القصيرة بين صفَّي الحضور، ثم يجلسون حين يحل الظلام، الذي من المحظور أن تجرحه الإضاءة الصناعية، ليظل هؤلاء الناس معلّقين بين النهار والليل، وكأنهم معلّقون في الزمن. ثم يخرجون من المقيل وكأنهم ظلال، دون أن يودّعوا أحداً. يساعد "المقيل" على تقوية الروابط الاجتماعية بين الناس، أما الموسيقى وعلى وجه التحديد الغناء الصنعاني، فيُشعر الإنسان وكأنه قد عثر على مكانه في هذا العالم، وبعثوره على مكانه، يُصبح لوجوده معنى.

ومن خلال مشاركته وحضوره في "المقايل"، رأى جان لامبير أن الاتصال الشعوري في جلسة "المقيل"، يؤدي إلى تحول في إدراك الزمن الحقيقي، وإسقاط الحواجز بين الموسيقي والمستمع، مع المحافظة على منطقة غير محددة، تُعدّ من خصوصيات التعبير الموسيقي. وأشار إلى أن قدرة الموسيقي على التعبير الغنائي، وعلى إثارة عواطف المستمعين هي التي تُعطي قيمةً للموسيقى في هذه المؤسسة الخاصة المتمثلة في الجلسة الموسيقية في المقيل، وكان الفنان المشهور قاسم الأخفش -بحسب ما حُكيَ أمام جان- قادراً على أن يُدخل مستمعيه في حالات تفكير عميقة، "فإذا كان بين الحضور شاب مهموم بحزن الحب، نكون متأكدين من أنه سيبكي".

وعلى مقربة من هذه الحكاية التي تُشير إلى التأثير العميق للموسيقى على الحالة النفسية والعاطفية لأهل صنعاء، حكى الفنان علي منصور الذي يُطلق عليه لامبير "مالك النار المقدسة": "غنّيت ذات يوم عند أناس وكان 'المقيل' ممتلئاً بالحضور. وكنتُ أغنّي من القلب وبحرقة. لم نشعل النور، وحلّ الغروب. وحين فرغت من الغناء، غرقت الغرفة في الظلام. لم نعد نسمع شيئاً. اعتقدت أنهم خرجوا. قلتُ: 'ألا يوجد أحد؟'، وبعد لحظة همس أحد الأشخاص بـ'نعم نعم نحن هنا!'، وأمسك الجميع بأنفاسهم. لم يُشعل أحد سيجارةً، ولم يسحب أحد نفساً من النارجيلة. كانوا جميعاً معلّقين بصدى الأغنية". وهناك الكثير من الحكايات العجيبة التي يوردها المستشرق عن صديقه علي منصور، فهو يُحب دائماً أن يصل مستمعوه إلى الذروة أو إلى حد الصدمة العنيفة من أثر الغناء أو كما يقول هو: "أهدف إلى هزّ المستمع مثل شجرة لتسقط الفاكهة منها أو ليّ مشاعره كما تُعصر الثياب الخفيفة عند تجفيفها".

وبالعودة إلى "المقيل"، فإن عشّاق الموسيقى من أهل صنعاء، يرون أن الوقت الذي يقضونه في "المقيل" لسماع الموسيقى، لحظات خارج الزمن، أو بمعنى أدق "ليس من العمر"، ولا يُحسب في حياة الفرد الذي يستمتع به، ويرى الباحث أن هذه العلاقة الغريبة مع الزمن، تنشأ على وجه التحديد في "الساعة السليمانية" التي تُخفف من وقع انفصال النهار عن الليل، وهذه الساعة تم تحديدها -وفقاً للشعور الجمعي لدى أهل صنعاء- بوقت الغروب، وقد ارتبطت بنبي الله سليمان، لأنه اهتمّ بالشعراء والموسيقيين، وائتمرت بأمره العصافير والجنّ، ولأنه الحكيم الذي يُفكر في جمال العالم متأملاً غروب الشمس.

ينظر أهل صنعاء واليمن عموماً إلى هذا اللون من الغناء على أنه جزء لا يتجزأ من هويتهم، إلى درجة أننا نستطيع تعريف أهل صنعاء بأنهم "مجموع الناس الذين يستمعون إلى الغناء الصنعاني".

وتم اختيارها لتُعزف خلالها الموسيقى في "المقيل"، وهي ساعة حلم يقظة، يسبح "مُخزِّن القات" خلالها في أفكاره، ويذهب الفرد إلى رحلة عبر أرجاء الكون. وفي صنعاء هي لحظة "تغليم"، وعملية يتم فيها تأمل الغروب دون إشعال الضوء، ويجد الإنسان نفسه فيها يغرق في الليل على نحو غير مُدرَك، فتبلغ المتعة عندئذ ذروتها، ذروة الغموض وعدم التحديد.

ويُفسر الصنعانيون قوة الإحساس بموسيقاهم بطابعها الفطري، والعفوي، وغير المصطنع؛ فلكي يمر الإحساس يجب أن يكون التعبير بسيطاً، مجرداً، منسلخاً، وقريباً من الحياة، وتُعدّ أغاني المزارعين الهواة النموذج الأمثل لقربها من الأرض، وتالياً فهي أقرب إلى الله، وثمة مزج هائل بين الموسيقى والطبيعة في اليمن؛ حكى عاشق للموسيقى وهو رجل مسن: "ليس العود كل شيء. فأحياناً نمضي ليلتنا ونحن نغنّي. وإذا نبح كلب في البعيد وكان له صوت جميل، يضع الموسيقي آلته، لنستمع إلى ذلك النباح بإعجاب". كما يفتخر أهل صنعاء بموسيقاهم، فهم أيضاً يفتخرون بلهجتهم، فهم لا يرونها لغةً مثل غيرها بل يعدّونها لغةً مبهجةً، فمن ناحية هي قريبة إلى اللغة العربية الفصحى، ذات الشرعية المزدوجة، من حيث هي لغة أدبية ولغة مزدوجة، ومن ناحية أخرى يرون لهجتهم بحسيتها ومرونتها تُشبه الموسيقى، ولذلك يقول الصنعانيون بثقة: "حين تبكي نساء صنعاء، فإنهن على عكس نساء المناطق الأخرى، يبدين كما لو كن يغنّين".

ويقول جان لامبير إن كل ما قرأه وسمعه من أساطير حول الموسيقى والموسيقيين، لا يزال متجسداً وحاضراً بشكل هائل في المشهد الموسيقي اليمني، مشيراً إلى أن الأسطورة الأصلية عن آلة العود العربي، لا تزال حاضرةً في اليمن؛ حيث انتقلت تأثيراتها النفسية مع الأجيال المتعاقبة حتى وصلت إلى صديقه علي منصور. وتقول تلك الرواية أو الأسطورة: "إن أول من صنع آلة العود هو لامك، وهو شخصية عاشت قبل الطوفان، وقد قُتل ابنه في ظروف غامضة. فظل لامك يبكي ابنه القتيل الذي عُلّقت جثته إلى شجرة. وعندما سمع صوت الريح تهب وتتخلل أحشاء الولد الميت خطرت له فكرة أن يشد تلك الأحشاء ويصنع منها أوتاراً، ثم يجعل من الحوض لوحة تناغم، ومن عظم الذراع مقبضاً، ومن الأصابع مفاتيح".

أما علي منصور فيتقيد علم الجمال لديه بفرضية جوهرية: إن العود وصوت الإنسان "مثل قلبين يغنّيان في ألف نغمية، مثل قلبين يعيشان معاً الإيقاع نفسه، ولا شيء يفصلهما". ويصف لامبير علي منصور، لحظة انتهائه من الغناء: "وما يكاد علي منصور ينتهي من الغناء حتى يضم آلة عوده بين ذراعيه، ضامّاً وجهه إليه. ومن الواضح أنه يحس بالألم للانفصال عن حالة الاتحاد التي بلغها مع الآلة. يتحدث إليها برقّة ويُسمّيها: ابني". ويضيف "الباحث" أن هذه الحالة ليست خاصةً بعلي منصور فحسب، ولكنها واضحة لدى العديد من الموسيقيين، وليس ذلك فحسب، بل إنه من المستحيل أن تجد بيتاً في صنعاء ليس فيه عود يُقدّسه صاحبه، ويعدّه جزءاً منه".

يُفسر الصنعانيون قوة الإحساس بموسيقاهم بطابعها الفطري، والعفوي، وغير المصطنع؛ فلكي يمر الإحساس يجب أن يكون التعبير بسيطاً، مجرداً، منسلخاً، وقريباً من الحياة، وتُعدّ أغاني المزارعين الهواة النموذج الأمثل لقربها من الأرض، وتالياً فهي أقرب إلى الله

هذا العشق للموسيقى والغناء من جانب اليمنيين الذي وصل إلى حد التقديس، جعل قضية التحريم والقيود الدينية والقبلية وكذلك الاجتماعية، قضايا هامشيةً بالنسبة للمستشرق الفرنسي الذي رأى أن الاتحاد الروحي بين أهل اليمن والموسيقى، كان أقوى من أي قيود، كما أنه خلص إلى أنه لم يكن هناك تحريم مطلق للموسيقى في اليمن، بل ربما حِرص على الابتعاد، مشيراً إلى أن الموسيقى في حد ذاتها لم تكن تُمثّل مشكلةً، بل كان الخوف دائماً من عزوف الناس عن أداء فرض الصلاة. ويضيف لامبير في بحثه أن اليمنيين هم أكثر الشعوب العربية تأثراً بالموسيقى، إلى حد أنها قد أثرت عليهم من الناحية البيولوجية فأجسادهم -خاصةً النساء- ذات ليونة، وتنضح بالموسيقى والغناء، وهناك الكثير من الحكايات تُحكى عن الأئمة الذين كانوا ينسون الصلاة حين يستغرقون في الاستماع إلى موسيقي جيّد، وتُشير هذه الحكاية إلى أن حب هذا الشعب للموسيقى خارج دائماً عن إرادته، ومنذ قرون عديدة -كما روى الأصفهاني- كان بعض اليمنيين يموتون طرباً حين يستمعون إلى غناء جميل، وقد حدث هذا عندما استمعوا إلى فنان مشهور اسمه الغريض.

"دائما هناك شيء غير ممسوك، وعصيّ على الفهم حين يتعلق الأمر بالموسيقى اليمنية، وربما سيظل الأمر هكذا إلى الأبد. هذه طبيعة الموسيقى اليمنية على وجه التحديد؛ ربما لأنها أزلية، أي صُنعت مع الحياة ومنذ بداية الخلق، وربما لفطريتها واتحادها الهائل بالكون والمخلوقات". بهذه العبارة أنهى لامبير بحثه الذي أجراه في زمن اليمن السعيد، الذي كان كل شيء فيه يُغنّي قبل أن تُمزّقه الحرب.   


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

نرفض أن نكون نسخاً مكررةً ومتشابهة. مجتمعاتنا فسيفسائية وتحتضن جماعات كثيرةً متنوّعةً إثنياً ولغوياً ودينياً، ناهيك عن التنوّعات الكثيرة داخل كل واحدة من هذه الجماعات، ولذلك لا سبيل إلى الاستقرار من دون الانطلاق من احترام كل الثقافات والخصوصيات وتقبّل الآخر كما هو! لا تكونوا مجرد زوّار عاديين، وانزلوا عن الرصيف معنا، بل قودوا مسيرتنا/ رحلتنا في إحداث الفرق. اكتبوا قصصكم، فكل تجربة جديرة بأن تُروى. أخبرونا بالذي يفوتنا. غيّروا، ولا تتأقلموا.

Website by WhiteBeard
Popup Image