شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
يوميات من غزّة (23)...

يوميات من غزّة (23)... "هل أتاك حديث بياعين البطاطا"؟ عن غزة التي لن يُغرقها الطوفان

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رفعت الشابةُ مرتجفةً هاتفها إلى أذنها بعد محاولاتٍ حثيثة للاتصال بعائلتها المحاصرة في منطقةٍ أعلنها جيش الاحتلال الاسرائيلي "ساحة حرب"، فأصبحت المنطقة مفصولةً عن العالم دون طعامٍ أو ماءٍ أو اتصالات.

أجاب والدها: "حبيبتي يا بابا، إحنا بخير، ولكنهم في كل مكان".

ردت الشابة بصوتٍ متهدج: "بابا، مين هم.. الجيش ولا المقاومة؟ أمانة طمني يا حبيبي كيف إمي واخوتي".

بنبرةٍ حذرة عاد الأب وقال: "هششش كلهم بيحرقوا الأخضر واليابس، وما تحكي مقاومة.. إحكي بياعين البطاطا، إحنا بخير، جيش الاحتلال بيقصف أي مكان بتدخله المقاومة، أو بينذكر فيه اسمها، سميناهم بياعين بطاطا، يا روح ما بعدك روح".

ضحكت الشابة بعد أن اطمأنت لاحتمالية أن يظل أهلها بخير، وقالت: "الله يحميكم يا بابا من البطاطا وبياعينها وقطّافينها". 

لسنا جزءاً من أحلام إيران 

لقد كانت تلك المكالمة الحقيقية تمثيلاً لما يمكن تسميته بالطفرة المعرفية-الاجتماعية في وعي الشعب الغزاوي، بعد سنواتٍ من القهر والمعاناة والعوز، أصبح الخلاص موضوع السكان الوحيد في غزة، فانهارت كل المحاذير والتابوهات المقدسة، والمفاهيم المضللة، لم يعد الشعب يخاف من الاتهام الجاهز بأنه يساوي الجلاد بالضحية، لقد أصبح يدرك تماماً أن الجميع يسعى لجلده لتحقيق غاياته، فالاحتلال ينفذ أجنداته بالبقاء والتوسع وإبادة الفلسطيني، والمقاومة لا تسعى سوى للبقاء أيضاً من أجل تحقيق "مشروع الأمة الكبرى" الذي حتماً لن يصنع للفلسطيني دولته، ولا سيعلي قراره الحر، ولكنه على النقيض تماماً سيحقق لإيران أحلامها بصناعة شرقٍ أوسط إيراني تبتز العالم من خلاله، باستخدام أدواتها التي تعرف مجتمعة بمصطلح "محور المقاومة". 

بنبرةٍ حذرة قال الأب لابنته على الهاتف: "هششش... ما تحكي مقاومة، إحكي بياعين البطاطا، إحنا بخير، جيش الاحتلال بيقصف أي مكان بدخلوه أو بينذكر فيه اسم المقاومة، سميناهم بياعين بطاطا، يا روح ما بعدك روح" 

إن شعور الفلسطيني في غزة أن ثمةَ من يغامر بروحه ومستقبله في معارك غير مرتبطة بالحلم الفلسطيني، جعله أكثر جرأةً وصرامة في معاداة الغرباء والانعتاق من رصاصهم المشبوه الذي يقدم نفسه "كرصاص فلسطيني مناضل"، وحرك ذلك الشعور بالتغفيل والتضليل غريزة الحذر لدى الغزاوي، فتجلت له حقيقة أن ليس هناك أبديات، أو موتٌ بطولي، وقوميات، وأديان تطلب روحه كقربان من أجل "بقاء الأمة"، وأدرك أنه هو الأمة بأكملها، وأن حياته ومستقبله هي الديانة الوحيدة التي تستحق الاعتناق، وعليه ألا يسمح لنفسه أن يكون غريقاً في طوفان، أو ورقة مقامرة على طاولة رجل دينٍ مخمور يستطيع أن يتخيل سبباً للاحتفال حتى وإن ذاق أمرَّ هزيمة.

لقد تمرد الغزاوي أخيراً، معلناً أن خبزه ومستقبله هما قيادته الجديدة، فقرر أنه يهدم الصورة المهيبة للدون كشيوت الجهادي الأسطوري؛ الذي يحارب دون جدوى في معارك مفتوحة؛ ويضع مكانها صورة بياع بطاطا ساذج يدور حول نفسه دون وجهة.

الوعي الجديد

كيف شكّلت التجربة الطويلة مع مفهوم "معركة مفتوحة مع الاحتلال" الوعي الجديد للغزاوي؟

لطالما حشدت حركات المقاومة الإسلامية والرجعية في غزة الرأي العام على مدار عشرات السنوات تحت راية المعركة المفتوحة التي من العار والخيانة أن تتوقف، وخائنٌ من يدعو لوقفها من أجل التقاط أنفاسه والتفكير بمستقبله، وكان ذلك الحشد يتم في بداياته عن طريق اختراق البنى الاجتماعية وبث الفكر الأصولي فيها عبر المؤسسات الدينية ورجال الدين والرجعيين، وأيضاً تم استخدام الدعوة الدينية والإعلام المحافظ، وبالطبع لم يخلُ الأمر من الإخضاع والقمع. 

أما المجتمع الفلسطيني في غزة، والذي لم يكن يوماً مجتمعاً متزمتاً أو متطرفاً، فقد تأثر بشكلٍ كبير بتلك الدعوات الأصولية، التي دفعته للانخراط في المعركة المفتوحة الضبابية مع الاحتلال، دون تفكير بعواقب تلك الضبابية التي تضيّع شرعية الكفاح حين تربطه بأجندات دينية وإقليمية، ما يدمر مستقبل الدولة الفلسطينية ويشوه تاريخها، حتى وجد الفلسطيني نفسه عالقاً في مواجهة معقدة، مع الاحتلال الذي يفتك به من جهة، والمقاومة التي تدفعه للاستمرار بالقتال بصدره العاري، وأشلاء أطفاله، وركام مستقبله، من أجل أهدافٍ واسعة وهلامية، تضيّع حقه في الوصول إلى إرادة حرة. 

ربما كان الخذلان الأعظم للفلسطينيين في غزة خلال جولة 7 أكتوبر، هو تيقنهم التام بأن المقاومة في غزة تتخذ من الأرض الفلسطينية منطقة للعمل في سبيل المشروع الإيراني. 

ولقد استمر الأمر على هذا النحو، عشرات السنين، عاصر خلالها الفلسطيني في غزة الكثير من الحروب والعدوانات، كان يُجبر فيها على الصمود والاستبسال في بذل كل ما يملك فداءً للمعركة، وصولاً إلى أحداث 7 أكتوبر، والتي كانت بمثابة إثباتٍ دامغ بأن ما لدى الغزاوي من شكوك وقلق حول جدية المقاومة ووضوح أهدافها بشأن الدولة الفلسطينية، هو حقيقة، وأن المقاومة في غزة لم تكن إلا جزءاً من تحالف إقليمي كبير تم تعريفه مؤخراً "بتحالف وحدة الساحات" والذي يعتبر الحالة الفلسطينية جزءاً مهماً من التحالف لانطوائها على الكثير من المعطيات الدرامية، كفكرة السكان الأصليين، والمسجد الأقصى وخصوصيته السريالية والمبالغ فيها عند جمهور الجهاديين.

وربما كان الخذلان الأعظم للفلسطينيين في غزة خلال جولة 7 أكتوبر، هو تيقنهم التام بأن المقاومة في غزة تتخذ من الأرض الفلسطينية منطقة للعمل في سبيل المشروع الإيراني، أي أنها ليست مقاومة من أجل فلسطين، بل مقاومة تعمل في فلسطين، وترسخ هذا اليقين أكثر فأكثر بعد تصريحات مليشيات فيلق القدس بأن "معركة طوفان الأقصى جاءت كجزء من الردود الإيرانية على مقتل سليماني".

كل هذا، إضافة إلى حالة الغليان الشعبي ضد نظام الحكم الجهادي قبل 7 أكتوبر، قد ساهم في صناعة وعيٍ غزيٍ جديد لا ريب فيه، يتلخص في أن الشعب الفلسطيني بغزة يرفض أن يكون وقوداً لامبراطورية المقاومة الأممية، و"بياعين البطاطا" فوق أرضه الفلسطينية. كما يرفض أن يكون قرباناً من أجل أمة خيالية ومشروعٍ خارجيٍ مشبوه، وبالتالي هو يعلن انسحابه من معركة يمين بياعين البطاطا ضد يمين الإسرائيليين، إذ هي معركة ليس فيها ما هو حقيقي سوى أشلاء الأطفال والجوع، وركام البيوت، واحتراق المستقبل الفلسطيني.

لا مكان للمشعوذين وبياعين البطاطا بيننا

ما يرفض متابعي العرض المباشر لـ"طوفان الأقصى" الدرامي عبر "إعلام المقاومة" تصديقه هو أن المقاومة ليست قوة نووية، وليست بالطبع جيشاً نظامياً، فذلك يقطع متعتهم بالفيلم الملحمي بين "الخير والشر"، ولكن ما يجب أن يعرفه ذلك الجمهور المتحمس هو أن متعتهم بالعرض يدفع ثمنها مئات آلاف الأطفال، والنساء والرجال الضحايا! وأن من الحري بهم بدلاً من الاحتفال بالانتصارات المؤقتة فوق دماء الأطفال وخرائب مستقبل الفلسطينيين، أن يصطفوا إلى جانب هذا الشعب المنهك، لا إلى جانب جلاديه ومستعمريه، والمتاجرين بآلامه وأحزانه الكبرى. 

حيث أن تقديم غزة على أنها قوة متكافئة لقوة الجيش الإسرائيلي هو أشبه بإيجاد مبررات لاسرائيل للمزيد من الفتك والتقتيل بالشعب الفلسطيني الذي تصر المقاومة الإسلامية بغزة على إظهاره كـ "حاضنة شعبية لمشروع دولة الفقيه" منكرةً بذلك حقيقة تنوعه.

إن هذا الإلغاء المتعجرف لتنوع الشعب بغزة الذي تمارسه حكومة الجهاديين، ويساهم فيه كل من يتحدث عن غزة على أنها الثكنة العسكرية الأسطورية للأمة العربية والإسلامية، هو تجاوز غير أخلاقي وخطير، فما يجب الإقرار به أن غزة مدينة طبيعية، وليست منصة صواريخ، ففيها العلماني، والليبرالي، والوسطي، وفيها بطبيعة الحال المتدين والإسلامي، وهذا تنوعٌ صحي في المجتمعات التي تطمح للتحرر. 

أما الذي لا يمكن القبول به بالمطلق، فهو تقديم غزة ككتلة واحدة ملتحمة مع الحركات الجهادية، "تريد أن تحارب حتى آخر جثة طفلٍ فيها" –كما جاء على لسان أحد قادة حماس-، هذا ما يحاول مشعوذو محور الممانعة ترسيخه، ويصدقه جمهور المقاومة الواهم، دون اكتراثٍ لأنهم بذلك يفصلون غزة عن الكل الفلسطيني، بجعلها عاصمة الجهاد الإيرانية.

لم يعد الشعب يخاف من الاتهام الجاهز بأنه يساوي الجلاد بالضحية، لقد أصبح يدرك تماماً أن الجميع يسعى لجلده لتحقيق غاياته، فالاحتلال ينفذ أجنداته بالبقاء والتوسع وإبادة الفلسطيني، والمقاومة لا تسعى سوى للبقاء أيضاً من أجل تحقيق "مشروع الأمة الكبرى" 

وبالعودة إلى "بياعين البطاطا" فالمعركة الجنونية التي تدور في غزة هذه الأيام، حملت العديد من المقاومين إلى التراجع أو الانسحاب المؤقت، واللجوء إلى مناطق تواجد المدنيين من أجل الحصول على بعض الراحة، كما جرت العادة في السابق حين كان الأهالي يستقبلونهم كأبطال، ولكن الوعي الجديد لسكان غزة، وعدم قبولهم بالاتجار بهم في معارك لا تربطهم بها أي علاقة–إذ هي معارك دينية إقليمية وليست فلسطينية-، دفعهم هذه المرة إلى اتخاذ مواقف مغايرة، كرفض استقبال المقاومين العائدين، والرد بعبارة "لا نستقبل بائعي بطاطا في بيوتنا".

ومن الحوادث البارزة بهذا الصدد، أن رجلاً رفض استقبال أحد المجاهدين، قائلاً: "اذهب إلى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، رأيت اسماعيل هنية يخطب هناك، إذهب واسترح عنده".

إن هذه المواقف اليومية خلال معارك 7 أكتوبر التي يعبر فيها الغزيون على أنهم ليسوا جميعاً موافقون ومنخرطون في المعركة، وليسوا جميعاً قابلين بوصفهم حاضنة شعبية للعمل العسكري الضبابي، تثبت التنوع الفلسطيني بغزة، وتثبت أيضاً مدى دناءة فعل الأبوية الجهادية، حين تحشد شعب كامل تحت راية الجهاد في سبيل الأمة والأحلام السريالية دون استشارته، والأكثر دناءة أن تلك المعارك لا تقرب أولئك الفلسطينيين من وطنهم، بقدر ما تزج بهم في الضياع والشتات الفكري الذي يفتت أي عقد اجتماعي فلسطيني محتمل.

لقد توصل الناس الآن بعد ما يزيد عن 18 سنة من حكم الجهاديين إلى حقيقة مرة، وهي أنهم كانوا تحت تأثير الغشاوة الدينية والتضليل الحماسي الشعبوي، وأن سلاح المقاومة لم يكن هدفه فلسطين، بل هدفه مشروع آخر، يمكن تعريفه بـ"مشروع الأمة المتخيّلة". والتي يتخذها قادة محور الممانعة كذريعة لاستمرارهم في مشروع تخريب الشرق الأوسط وابتزاز العالم، والتنافس مع القوى الامبريالية والاستعمارية للسيطرة على المنطقة العربية، و"أيرنتها"، أي جعلها إيرانية.

لا صوتَ يعلو فوق صوت الحياة

من كان ليصدق أن الأمر سيحدث بـ"هذه البساطة"، بعد كل تلك السنوات من محاولات الانتفاض في وجه الحكم الدوغمائي الجهادي، والمواجهة المحلية في غزة بين مثقفي ومفكري ونقاد الحيز العام والخاص، وبين النظام الأبوي الديني "المقاوماتي" المعقد، أن يستيقظ السكان في غزة وقد قرروا أن كل النظم الاجتماعية والسياسية والجهادية لم تعد تمثلهم، ولم يعودوا ينتمون إليها، إذ أثبتت أنها محل شك، علاوة على أنها لا تحقق أي تقدم في الطموح الفلسطيني بل أن ثنائية المقاوم العرب-إسلامي والمحتل تساهم بشكل أو بآخر في هدم المتبقي من فلسطين والفلسطيني، وتعدم صوته المطالب بأن يكون له إرادة وقرار حر ومستقل.

وأن تكون تلك اليقظة الغزية التي جاءت كتتويج لسنين طويلة من المواجهة مع أبوية الحاكم بغزة، قراراً شعبياً خالصاً، بما لا يدع مجالاً للتخوين أو الجوسسة كما حدث مثلاً مع ناشطي حراك بدنا نعيش 2019، فهل هذه المرة سيتم تخوين الشارع الفلسطيني بأكمله، والتحايل على إرادته باستطلاعات الرأي الموجهة والبروبوغاندا الإعلامية، أم سيخجل وكلاء الفقيه الإيراني من أنفسهم ويتركوا هذا الشعب المنهك ليعيد ترتيب بناه الاجتماعية ويرمم هويته التي تهالكت بفعل ممارسات الجهاديين وتحالفاتهم مع أي مارقٍ يلوح بالمال. 

إن الحقيقة الخالصة موجودة فقط في الشارع، أي ما يُجمع عليه الشعب، حيث خلاصة الخبرة والتجربة، أما استطلاعات الرأي انتقائية المستطلعين، والتي يسهل التلاعب بنتائجها، فهي ليست مقياساً إلا لدرجة تعصب مصممها لفكرته وجماعته، وعليه فجميع استطلاعات الرأي والمقابلات غير الحيادية التي بدأ الترويج لها هذه الأيام، والتي تظهر غزة كحاضنة للمشروع الإيراني أو كما يسميه أذنابه "مشروع المقاومة"، هي غير واقعية وغير نزيهة بالمطلق، فرأي العامة يستنتج من السلوك اليومي لأفراد الشعب، والذي ظهر بوضوح حين رفض الشعب أن يكون وقوداً لمشاريع التنكيل والتقتيل والتشريد والتجويع وتفتيت الكل الفلسطيني تحت ذريعة "المقاومة الجهادية" والانتصار "للأمة"، حين أطلق على كل من يحاول استخدامه في حروب ومعارك عشوائية مصطلح "بائعي بطاطا"، فالشعب بات يدرك تماماً أن كل تلك المعارك لا تحقق سوى المزيد من تغول الاحتلال وشرذمة الفلسطيني وإذلاله. 

من الحوادث البارزة بهذا الصدد، أن رجلاً رفض استقبال أحد المجاهدين، قائلاً: "اذهب إلى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، رأيت اسماعيل هنية يخطب هناك، إذهب واسترح عنده".

إنها ثورة معرفية تراكمية عظيمة صنعها الشعب الفلسطيني بغزة على مدار سنواتٍ طويلة من التغفيل والاستغلال الديني/الوطني، من قبل جهات غير موثوقة النوايا وغير واضحة الأهداف، كحركات المقاومة الإسلامية التي استولت على حجر الانتفاضة المقدس، واستبدلته بصواريخ مستوردة مشبوهة المصدر، وشكلت بذلك حالة طارئة في تاريخ النضال الفلسطيني.

إن هذا الشعب الذي امتلك الجرأة ليتحدى الكهنوت الأبوي-الديني-المقاوم ويرفضه، بل وينعته بحقيقته "بائع بطاطا" أي مصدّر أوهام وشعوذة، هو شعبٌ حيُ ويقظ، يستحق أن يحظى بمستقبلٍ مشرق، لا أن تتم ابادته وأخذه بجرة المتآمرين عليه خُدام دولة الفقيه، ممن يسمون أنفسهم "مقاومة فلسطينية" ويتفردون بقرار الحرب والسلم، مقررين بذلك مصير مئات الآلاف من الفلسطينيين الأبرياء دون الرجوع إلى إرادتهم ورغبتهم، بحجة أن هذه حرب ربانية عليا لا يستشار فيها الناس العاديين.

ولأن الشيء بالشيء يذكر لا بد من التساؤل في نهاية هذه المادة عن المفارقة العجيبة التي جعلت اليمين الإسرائيلي يترك قوة الأدوات الإيرانية أو كما أصبحوا يعرفوا محلياً بـ "بياعين البطاطا" في فلسطين تتعاظم إلى هذه الدرجة رغم علمها بأن حماس على سبيل المثال كانت في حالة تأهب وتسلح وإعداد منذ العام 2006 وحتى فجر 7 أكتوبر 2023، فهل كانت إسرائيل تنتظر حدث مثل 7 أكتوبر لتنفذ مخططات مبيتة لديها كالتهجير والإبادة بحق الفلسطينيين؟ إلى جانب الكثير من التساؤلات الكبيرة التي ستظل محل جدل حول أحداث السابع من أكتوبر.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

نؤمن في رصيف22، بأن بلادنا لا يمكن أن تصبح بلاداً فيها عدالة ومساواة وكرامة، إن لم نفكر في كل فئة ومجموعة فيها، وأنها تستحق الحياة. لا تكونوا زوّاراً عاديين، وساهموا معنا في مهمتنا/ رحلتنا في إحداث الفرق. اكتبوا قصصكم. أخبرونا بالذي يفوتنا. غيّروا، ولا تتأقلموا.

Website by WhiteBeard