الإسماعيلية هي فرقة شيعية آمنت بعد وفاة الإمام جعفر الصادق، الإمام السادس للشيعة، بإمامة نجله إسماعيل، أو حفيده محمد بن إسماعيل، وبذلك انفصلت عن التيار الرئيسي للشيعة الاثني عشرية، وقد سُمّيت على مرّ التاريخ بأسماء مختلفة كالفرقة الإسماعيلية، أو "الباطنية"، أو "التعليمية".
تمكّن الإسماعيليون من الوصول إلى السلطة في وهلات مختلفة، أهمها كانت فترة خلافة الفاطميين في مصر، التي خلالها حكموا من قلعة ألموت في إيران. ينقسم الإسماعيليون إلى طائفتين: "النزارية" و"المستعلوية". ويشكّل الإسماعيليون النزاريون اليوم أكبر أقلية بين الشيعة، ويعيشون في أكثر من 25 دولةً في مختلف القارات في العالم.
من أهم الأحداث التاريخية في إيران والإسلام كان إعلان القيامة في منطقة ألَموت، بأمر الزعيم الإسماعيلي الرابع المعروف بـ"حسن على ذكره السلام"، إذ أطلق عليه أتباعه في ألموت اسم "الله"، وبهذا عُدّ الإله الرابع لألموت. وهو حسن بُزُرْك أُميد، القائد الذي حلّ محل زعماء ألموت الثلاثة الآخرين، وهم بالترتيب: حسن الصباح، وكِيا بُزُرك أميد، ومحمد بن بُزُرك أميد. ولكن كيف حدثت القيامة؟ وماذا تعني لأهل ألموت؟
1- قلعة النزاريين وألموت
أسس حسن الصباح الحكومة النزارية عام 1090، في قلعة ألموت الواقعة في شمال إيران، وكانت هذه الحكومة عبارةً عن حكومة ثورية تهدف إلى إنقاذ إيران من حكم السلاجقة الأتراك. استولى حسن صباح، على قلعة ألموت التي تم بناؤها بالفعل على قمة جبل البرز (شمال إيران)، إذ قرر تحويلها إلى مقر لثورته العظيمة التي كانت تعمل على تأسيس دولة مبنية على أُسس اجتماعية جديدة، وذلك لإيجاد مجتمع إسلامي شيعي عادل، يعتمد مثلاً اللغةَ الفارسية بدلاً من العربية.
كان من أهم الأحداث التاريخية في إيران والإسلام، إعلان القيامة في ألموت، بأمر الزعيم الإسماعيلي الرابع المعروف بـ"حسن على ذكره السلام"، إذ أطلق عليه أتباعه في ألموت اسم "الله"، وبهذا عُدّ الإله الرابع لألَموت
حسن الصباح، الذي نشأ في أسرة شيعية اثني عشرية، ترك في شبابه مذهب أسرته، واعتنق المذهب الإسماعيلي. بعد ذلك انضم إلى الفاطميين في أثناء رحلة له إلى مصر، ومن ثم عاد إلى إيران في العشرين من عمره، ليكون إمام الفاطميين فيها، وليعزز مبادئ المذهب الإسماعيلي وأفكاره التحررية.
في عام 1090، اختار حسن الصباح منطقةَ ألموت مركزاً لنشاطه السياسي ليقود الإسماعيليين في إيران من هناك. وفي ذلك الوقت، كان المستنصر بالله الفاطمي (1029-1094)، هو الخليفة، وثامن خلفاء الفاطميين. تزايدت الصراعات على الخلافة بعد وفاته في عام 1094، في القاهرة، حيث دعم حسن الصباح "نزار"، الابن الأكبر للخليفة، لكن نزاراً قُتل على يد أخيه الأصغر.
مع هذا، روّج حسن صباح للمذهب النزاري، وأصبح هو زعيمه في آسيا الوسطى وإيران والعراق والشام، وقطع علاقاته مع الخلافة الفاطمية تماماً. والنزاريون من أتباع الطائفة الإسماعيلية، اتخذوا من نزار إماماً لهم بعد الخلاف بينه وبين المستعلي بالله على خلافة أبيهما، ولهذا السبب أصبحوا يُعرفون بالنزاريين.
وكانت القلعة التي حوّلها حسن الصباح لتصبح حصنه الثوري، ملكاً للأتراك السلاجقة، إذ جاء حسن الصباح في بادئ الأمر إلى نهر الديلم في زيّ معلم للأطفال، منتحلاً شخصية "دهخدا"، الذي كان معتمَداً لتعليم أطفال الحراس والشيوخ في القلعة. وبعد أن استقر، أرسل رفاقه لدعوة أهل ألموت إلى المذهب الإسماعيلي، وفي فترة قصيرة لم تتجاوز العام، تمكن من بسط سيطرته على الأهالي وقلعة ألموت.
في السنوات التالية، قام حسن بتوسيع بناء القلعة وتجهيزاتها، وأنشأ فيها مكتبةً كبيرةً، وعَلّم أتباعه الذين كانوا يطلقون عليه اسم "سيدنا"، تعاليمه الروحية والعسكرية، وسرعان ما انتشر اسم حسن الصباح، وحصن ألموت، والنزاريين، من الديلمان حتى القدس.
حسن صباح، الذي لم تكن لديه القوة العسكرية للزحف إلى مختلف مدن إيران لمواجهة الأتراك السلاجقة وطردهم، لم يجد طريقةً سوى اغتيال كبار السلاجقة من ناحية، وفتح الحصون الأخرى في جميع أنحاء البلاد من ناحية أخرى، حيث وزّع أتباعه في مختلف أنحاء البلاد، لاغتيال الحكّام السلاجقة ومرتزقتهم.
بعد وفاته، واصل كيا بُزُرك أميد ومحمد بن بُزُرك أميد مسيرته، وبوفاة الأخير عام 1162، أصبح ابنه الحسن الثاني زعيماً لألموت. وفي هذه الأثناء اشتهر النزاريون بقوتهم وشجاعتهم، حتى وصلت شهرتهم إلى عواصم أوروبا. الحسن الثاني، الذي كان يحظى بشعبية كبيرة بين النزاريين، عدّه كثيرون الإمام الذي وعد حسن الصباح بظهوره.
2 – حسن على ذكره السلام
منذ شبابه، درس حسن بُزرُك أميد، المعتقدات الإسماعيلية وتعاليم حسن الصباح، واشتهر كعالم عظيم بين النزاريين في ألموت. وفي عهد والده محمد بن بزرك أميد، كان أهل ألموت مستائين من ضعف الحكومة الإسماعيلية التي كانت في ذروة القوة والازدهار في عهد حسن الصباح، ورأوا في حسن بزرك أميد، القائدَ الذي سيعيدهم إلى عهدهم الذهبي.
وكان حسن ولياً لعهد والده، كما كان أحياناً يخلفه في غيابه، بما أنه امتلك قدرات علمية وشخصيته قوية وبارزة منذ شبابه. وبحسب المؤرخ والكاتب الإيراني عطاء ملك الجويني (623-681)، فإنه لم يكن صارماً جداً في تطبيق الأحكام الشرعية، بل كان يشرب الخمر سرّاً.
ولما توفي محمد بن بزرك أميد، في الثالث من ربيع الأول 557 هـ، 20 شباط/ فبراير 1162، جلس حسن على مسند الحكم في ألموت، وهو في الخامسة والثلاثين من عمره، وفي بداية حكمه قام بتحرير أسرى مدن "ري" و"قزوين" وغيرهما من المقاطعات، وتركهم أحراراً للذهاب إلى أوطانهم أو الإقامة في ألموت.
3 – السابع عشر من رمضان... عيد القيامة
في 8 آب/أغسطس 1164، الموافق للسابع عشر من شهر رمضان عام 559، نزل الحسن الثاني، المعروف بـ"الحسن على ذكره السلام"، بثبات وهدوء من الدرج الحجري لقلعة ألموت، ليخطب في الناس ويبشّر أتباعه بتاريخ جديد. حضر في هذا اليوم إلى ألموت ممثلون من "قهستان" و"أذربيجان" و"دامغان" و"أرجان" و"بَدَخشان" و"الشام" وغيرها من القلاع النزارية.
بإعلان القيامة، أعلن الحسن الاستقلال عن الإسلام بشكل أو بآخر، مما أدى مع مرور الوقت إلى عزلة النزاريين.
جلس الحسن على المنبر وخطب باللغة العربية في غاية الفصاحة واللباقة، وعرّف نفسه بأنه خليفة الله في الأرض، وأن حكمه، حكم الله، كما هو حكم الخليفة المستنصر بالله. وترجم الفقيه محمد بستي، خطبته إلى اللغة الفارسية، التي أعلن الحسن فيها أنه يتحدث نيابةً عن الإمام الغائب، واليوم أي السابع عشر من رمضان لتلك السنة، انكشفت حقيقة الدين وباطنه لجميع أهل ألموت والنزاريين من خلاله، وبدأ عهد يوم القيامة.
وبصوت عالٍ، أعلن أن اليوم هو عيد القيامة، وهو العيد نفسه الذي وعد به سيدهم حسن الصباح. كما خاطب النزاريين قائلاً: "لقد بُعث لكم إمام الزمان والسلام والرحمة، ولقّبكم بأتباعه المختارين، وأزال عبء الشريعة عن أكتافكم، وأتى بكم إلى يوم القيامة".
ثم أقام صلاة العيد وصلّى المؤمنون خلفه، ومُدّت مائدةٌ واسعةٌ في مصلّى ألموت وكان النزاريون يحضرون الطعام والشراب، حتى يتمكنوا من الاحتفال بيوم القيامة، وبعد ذلك أصبح يوم 17 رمضان من كل عام يُسمّى "عيد القيامة"، ويحتفل به النزاريون.
بالنسبة لأهل ألموت، كانت القيامة تعني الكشف عن حقيقة الدين، لذلك لم تعد هناك حاجة إلى الالتزام بأحكام الشريعة التي كانت تُعدّ أحد مظاهر الدين. وبرغم أن أهل ألموت والنزاريين عدّوا أنفسهم بعد إعلان يوم القيامة، مسلمين، إلا أن الإسلام بالنسبة لهم كان مجرد حقيقة قلبية، واعتقاد بالمساواة بين الجميع أمام الله، وليس تكاليف دينيةً صارمةً.
طوّر "الحسن على ذكره السلام"، تدريجياً تعاليم القيامة وسمّى نفسه خليفة الله وإمامه في الأرض، وليس ممثل الإمام فحسب. تم تفسير يوم القيامة على أنه ظهور الحقيقة المكشوفة للإمام النزاري، وبهذا استطاع الشعب النزاري اكتشاف الحقيقة وجوهر أحكام الشريعة من خلال إمامهم حسن الثاني. وبناءً على هذا التفسير للقيامة، تحققت لهم في الدنيا الجنّة المعنوية، التي كانت عبارةً عن فهم الدين الباطن وأسرار وحقائق الوجود وذات الإله.
بعد إعلان عيد القيامة في ألموت في شهر رمضان، وكان المسلمون ما زالوا صائمين، أفطر النزاريون على الطعام والنبيذ، وخلقت هذه الحادثة تاريخاً جديداً في التاريخ السياسي للإسلام وإيران
بعد إعلان عيد القيامة في ألموت في شهر رمضان، وكان المسلمون ما زالوا صائمين، أفطر النزاريون على الطعام والنبيذ، وخلقت هذه الحادثة تاريخاً جديداً في التاريخ السياسي للإسلام وإيران. وبإعلان القيامة، أعلن الحسن الاستقلال عن الإسلام بشكل أو بآخر، مما أدى مع مرور الوقت إلى عزلة النزاريين، ويبدو أن الحسن كان صارماً في تطبيق التعاليم الجديدة. وكما يقول الجويني، فقد عدّ أي شخص يتبع قوانين الشريعة الإسلامية يستحق الموت.
لذلك، اضطر بعض الأشخاص الذين ما زالوا يريدون الوفاء بالتزاماتهم الدينية إلى مغادرة ألموت، برغم أن ما يُستدلّ به من الروايات التاريخية يفيد بأنه لم تكن هناك مقاومة كبيرة لإعلان القيامة في ألموت، وغيرها من القلاع النزارية.
وكان الفارق الأهم بين قيادة حسن الصباح والحسن الثاني، هو أن الصباح استخدم الطريقة التقليدية نفسها للشريعة التي كانت متعارفةً في المجتمع الإسماعيلي، لكن الحسن الثاني لم يلتزم بأي مبادئ، ولم يكن متديناً وكان يدير الحصون النزارية على أساس المبادئ العلمانية العنيدة المتمثلة في المساواة والعدالة.
وفي الخفاء، تآمر بعض النخب والمسؤولون القدامى على الحسن الثاني، فقتله أحد رجالات آل بويه البارزين، وهو صهره حسن بن نمور، وعندما كان الحسن الثاني ضيفاً عند بن نمور، الذي كان يدّعي مخالفته لحكومة الثاني غير الشرعية، لكنه في الحقيقة كان مستاءً من النظام العادل الذي قام في ألموت.
وآل بويه، سلالة إيرانية من أصل إيراني من سلالة الديلم، والمذهب الشيعي في عصر ما بعد الإسلام، حكمت الأجزاء الشمالية والوسطى والغربية والجنوبية من إيران، وأجزاءً من العراق والكويت لمدة 120 عاماً تقريباً، وبعد مقتل الحسن الثاني، تولّى محمد بن الحسن الإمامة، وبعد معاقبة قاتل والده وأعوانه، فرض المزيد من التشدد على آل بويه وأصرّ على القوانين العلمانية التي وضعها والده.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع