
"يعني ممنوع البوس هون؟ غريب. لا؟!".
سألت صديقي ونحن نرقص على أنغام موسيقى التكنو وسط صخب حشد مختلط من الراقصين والراقصات. ألوان كثيرة وأضواء. الجميع يتمايل. زاد الصراخ والحماس عندما تغيّرت الموسيقى إلى أغنية لنجوى كرم: "عم يرجف قلبي يا أمي ومنّي بردانة".
شعرت أن جميع الشفاه تتحرّك بنفس الوتيرة. الصوت عال جداً. الجميع فرح وأنا أرقص وحدي في الوسط بينهم. الجميع يصفّق لي. أو هكذا خيل لي بعد كأسين من الفودكا. يبتسمون في وجهي. أتمايل بينهم وأضحك.
لم أعد أرى الملابس الضيقة ولا الشعر المستعار. اختفى الفضول الذي جلبني إلى هذا المكان. حلّ محله الرغبة في تمضية وقت ساحر في جو مغاير.
مغاير... هل أنا المغايرة جنسياً الوحيدة هنا في هذا النادي الليلي، على سطح عال قريب من القمر؟ أكرّر بعد كأس وأكثر. تقترب السماء مني وأشعر برغبة في ضمّ كل من يقترب.
ابتعدت من وسط الحلبة إلى زاوية بعيدة. أسندت رأسي إلى الحائط. موسيقى عالية صدحت مجدداً، كرة الديسكو تنثر نقاطاً ملونة على الوجوه. الفضول يتملّكني مجدداً ورغبتي في التحليل. حفظت درسي جيداً قبل أن آتي هنا. ماذا أنتظر من ملهى ليلي للمثليين في بيروت. سألت صديقي كل أنواع الأسئلة البلهاء التي تسبق عدم المعرفة.
مغاير... هل أنا المغايرة جنسياً الوحيدة هنا في هذا النادي الليلي، على سطح عال قريب من القمر؟ أكرّر بعد كأس وأكثر. تقترب السماء مني وأشعر برغبة في ضمّ كل من يقترب... مجاز
"-هل سيكون هناك straight غيري هناك؟"
-"نعم قد يكون من باب الفضول أيضاً وتمضية الوقت، ولكن الأغلبية هم مثليون ومثليات أو البيسكشويل، كذلك عابرون وعابرات جندرياً."
"قد يكون هناك تحرّش تجاهك ولو عرفوا أنك straight فهذا يعطي البعض نوعاً من التحدي أو التفكير بأنه يجوز له الاقتراب أكثر حتى دون أن تسمحي له. ولكني سأكون إلى جانبك لا تقلقي".
لا أدري إن ساعدتني هذه المعلومات المبدئية عندما وصلت إلى posh.
أعترف بأنه في أول نصف ساعة انتابتني ملامح الاكتشاف. لدي بعض الأصدقاء المثليين والصديقات المثليات في حياتي، لكن أن أدخل مكاناً يكتظّ بعالم صغير، شئنا أم أبينا، مغاير لي، فهنا تكمن التجربة.
"ولكني لست زبونة، أنا كاتبة فضولية أخجل من مراقبة الناس والكتابة عنهم كأنهم فئران مختبرات، ولكني أفعل هذا عندما أكون سكرانة... تعال قبّلني، فقاعدة ممنوع التقبيل ليست لنا، صح؟... مجاز
ابتسمت في وجه الجميع كنوع من الاعتذار غير المصرّح به بأني أراقبهم، بأني وضعت نفسي في خانة خارجهم، إنسانياً على الأقل. كنت محرجة من نفسي، على عكسهم. الكثيرون منهم كانوا يبتسمون لي امتناناً لأني هنا، أو هكذا توهّمت. كلما أبتعد يأتي أحدهم أو إحداهن للرقص معي مجدداً. هناك روح جماعية لا تستطيع ألا تلاحظها، على عكس النوادي الليلية الأخرى للمغايرين، وقد سبق وأن ذهبت وحيدة إلى هناك، دون أن يرافقني شاب وبقيت وحيدة طيلة السهرة. الشاب الـ straight يحسب ألف حساب قبل أن يدعو فتاة إلى الرقص، كأنه طلب زواج.
هنا الأمر مختلف. الجميع أتى كي يرقص ويفرح مع الجميع. شعرت هنا أني غير مقيدة بتقييدات ومظاهر الخارج. أقسّم مجدداً دون انتباه مني، الخارج والداخل.
أنظر إلى البادي جاردز المنتشرين في كل الأنحاء، اختاروهم بعضلات وشوارب لإعطاء الجميع انطباع الوهرة والذكورية الواضحة، كي لا نتجاوز قواعد المكان، هنا المفتوح على كل شيء خارجه. مسموح هنا تبادل أرقام التلفونات إن أردت تكملة علاقة ما بعد السهرة.
اقتربت من بادي جارد ،اخترته وسيماً. قلت له بدلع واضح:"ارقص معي بليز".
ضحك وقال: "لا أستطيع سأخسر عملي، ممنوع الرقص مع الزبائن".
- "ولكني لست زبونة، أنا كاتبة فضولية أخجل من مراقبة الناس والكتابة عنهم كأنهم فئران مختبرات، ولكني أفعل هذا عندما أكون سكرانة... تعال قبّلني، فقاعدة ممنوع التقبيل ليست لنا، صح؟ نحن المغايرين المغترّين... أنت مثلي صح؟!".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يوميناوجدتي أدلة كثيرة للدفاع عن الشر وتبيانه على انه الوجه الاخر للخير لكن أين الأدلة انه فطري؟ في المثل الاخير الذي أوردته مثلا تم اختزال الشخصيات ببضع معايير اجتماعية تربط عادة بالخير أو بالشر من دون الولوج في الأسباب الاجتماعية والاقتصادية والمستوى التعليمي والثقافي والخبرات الحياتية والأحداث المهمة المؤسسة للشخصيات المذكورة لذلك الحكم من خلال تلك المعايير سطحي ولا يبرهن النقطة الأساسية في المقال.
وبالنسبة ليهوذا هناك تناقض في الطرح. اذا كان شخصية في قصة خيالية فلماذا نأخذ تفصيل انتحاره كحقيقة. ربما كان ضحية وربما كان شريرا حتى العظم ولم ينتحر إنما جاء انتحاره لحثنا على نبذ الخيانة. لا ندري...
الفكرة المفضلة عندي من هذا المقال هي تعريف الخير كرفض للشر حتى لو تسنى للشخص فعل الشر من دون عقاب وسأزيد على ذلك، حتى لو كان فعل الشر هذا يصب في مصلحته.
Mazen Marraj -
منذ يومينمبدعة رهام ❤️بالتوفيق دائماً ?
Emad Abu Esamen -
منذ 3 أياملقد أبدعت يا رؤى فقد قرأت للتو نصاً يمثل حالة ابداع وصفي وتحليل موضوعي عميق , يلامس القلب برفق ممزوج بسلاسة في الطرح , و ربما يراه اخرون كل من زاويته و ربما كان احساسي بالنص مرتبط بكوني عشت تجربة زواج فاشل , برغم وجود حب يصعب وصفه كماً ونوعاً, بإختصار ...... ابدعت يا رؤى حد إذهالي
تامر شاهين -
منذ 4 أيامهذا الابحار الحذر في الذاكرة عميق وأكثر من نستالجيا خفيفة؟
هذه المشاهد غزيرة لكن لا تروي ولا تغلق الباب . ممتع وممتنع هذا النص لكن احتاج كقارئ ان اعرف من أنت واين أنت وهل هذه المشاهد مجاز فعلا؟ ام حصلت؟ او مختلطة؟
مستخدم مجهول -
منذ 4 أياممن المعيب نشر هذه الماده التي استطاعت فيها زيزي تزوير عدد كبير من اقتباسات الكتاب والسخرية من الشرف ،
كان عيسى يذهب إلى أي عمل "شريف"،
"أن عيسى الذي حصل على ليسانس الحقوق بمساعدة أخيه"
وبذلك قلبت معلومات وردت واضحة بالكتاب ان الشقيق الاصغر هو الذي تكفل بمساعدة اهله ومساعدة اخيه الذي اسكنه معه في غرفه مستأجره في دمشق وتكفل بمساعد ته .
.يدل ذلك ان زيزي لم تقرأ الكتاب وجاءتها المقاله جاهزه لترسلها لكم
غباءا منها أو جهات دفعتها لذلك
واذا افترضنا انها قرأت الكتاب فعدم فهمها ال لا محدود جعلها تنساق وراء تأويلات اغرقتها في مستنقع الثقافة التي تربت عليها ثقافة التهم والتوقيع على الاعترافات المنزوعه بالقوة والتعذيب
وهذه بالتأكيد مسؤولية الناشر موقع (رصيف 22) الذي عودنا على مهنية مشهودة
Kinan Ali -
منذ 4 أيامجميل جدا... كمية التفاصيل مرعبة...