أسفل كوبرى أبو العلا بمنطقة وكالة البلح وسط القاهرة، تزاحمت عشرات السيدات على أحد الباعة الجوالين يتنافسن على شراء عبوات الجبن المتراصة على الأرض وسط عوادم السيارات.
تختلف لهجاتهن وملابسهن ويجتمعن على شراء السلع الغذائية المجهولة المصدر من على أرصفة الشوارع، قليلات منهن يلتفتن إلى تاريخ الصلاحية المدون بخط غير واضح على العبوات، فالأولوية لديهن شراء احتياجاتهن وملء بطون أطفالهن بثمن يقل عن ثمن المعروض بالمحال التجارية وسط قلة منتجات الألبان المتاحة في الأسواق.
صباح يوم الأحد - يوم إجازة الوكالة- يتغير نشاط الشارع، ويأتى أحمد رضا لعرض بضاعته من عبوات الجبن بأنواعها المختلفة، وعلب الحليب التي توشك على فقد صلاحيتها، والتي يتهافت على شرائها الجميع لانخفاض الثمن بعدما وصل سعر عبوة اللبن زنة كيلو غرام إلى 38 جنيهاً (نحو دولار بأسعار السوق الموازية).
يقول رضا لرصيف22: "جئت إلى سوق وكالة البلح منذ 3 أعوام، وأبيع المرتجع من السلع الغذائية لاقتراب نهاية الصلاحية أو بسبب سوء التخزين (يهدد سوء التخزين بفساد الأغذية)، والزبون هنا عارف أن البضاعة بتتباع بنص تمنها ومش ملاحقين بيع من الزحمة، خصوصاً بعد الارتفاع الكبير في الأسعار".
بدأت الدراسة رسمياً في مصر لطلاب المدارس العامة والخاصة العربية واللغات - غير الدولية- والتجريبية، وسط أزمة اقتصادية طاحنة ناجمة عن شح الدولار الذي تعتمد عليه مصر لتوفير الأعلاف اللازمة للدواجن والماشية المدرة للألبان والبيض، في عماد الوجبات المدرسية في مصر
لا بيض ولا لبن
"احنا مش عارفين نشتري كرتونة بيض"، بهذه الكلمات لخصت دعاء سامى ربة منزل، وواحدة من الأمهات المتحلقات حول البضائع الموشكة على الفساد، تشرح لرصيف22: "كنا بتشترى كرتونة البيض ب 65 جنيه النهاردة وصل ثمنها 152 جنيه يعني أكتر من ضعف التمن، والمدارس بتبدأ ومش قادرين نوفر ثمن الساندويتشات لأولادنا، والمدرسة لا تصرف أي وجبات غذائية لأطفالنا حتى باكو البسكوت وقفوه مع أنه كان بيسد جوعهم". في إشارة للوجبة المكونة من البسكويت المصنع في "سايلو" التابعة للقوات المسلحة المورد الرئيسي لوجبات المدارس.تسخر حنان رامي، ربة منزل، من الإعلان الذي تستمع إليه على مدار الساعة في محطات الراديو المصرية، منادياً المواطنين للإبلاغ عن التلاعب بالأسعار من جانب التجار، تقول :"احنا بنام على سعر ونصحى نلاقيه تضاعف بدون أي سبب، في غياب واضح لدور مباحث التموين، ومفيش حجة للحكومة غير تحرير سعر الصرف وزمان كان مفيش حد بيبات من غير عشا، إنما دلوقتى ناس كتير مش قادرة توفر تمن الغدا والمدارس على الأبواب ومش عارفين نوفر لهم تمن السندويتش".
وبدأت الدراسة رسمياً في مصر لطلاب المدارس العامة والخاصة العربية واللغات - غير الدولية- والتجريبية، وهي المدارس التي ينتظم فيها النسبة الغالبة من طلاب المدارس المدرجين في التعليم النظامي في مصر، وسط أزمة اقتصادية طاحنة ناجمة عن شح الدولار الذي تعتمد عليه مصر لتوفير الأعلاف اللازمة للدواجن والماشية المدرة للألبان والبيض، في عماد الوجبات المدرسية في مصر.
وأظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، ارتفاع التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية إلى 37.4% في أغسطس/آب الماضي من 36.5% في يوليو/ تموز السابق عليه.
ووفقا لإحصاءات الجهاز، ارتفعت أسعار الطعام والمشروبات 71.4% على أساس سنوي في أغسطس/آب.
فيما أظهرت بيانات للبنك المركزي المصري أن التضخم الأساسي بلغ 40.4% في شهر أغسطس/آب على أساس سنوى انخفاضاً من 40.7% في يوليو/تموز، وفقاً لوكالة رويترز.
الأهالي: قاطعنا اللحوم والأسماك حتى البيض مش عارفين نشتريه
خلال جولة في عدد من محال السلع الغذائية في القاهرة، رصد رصيف22 أسعار السلع الغذائية التي ارتفعت بنسبة 25% خلال شهر واحد، إذ وصل سعر علبة الجبن زنة 450 غم إلى 66 جنيهاً بما يعادل دولارين، وارتفع سعر لتر اللبن إلى 42 جنيهاً، وسجل سعر كرتونة البيض (30 بيضة) إلى 152، ليتخطى سعر البيضة الواحدة 5 جنيهات، أما رغيف الخبز الواحد فيراوح سعره ما بين 2 و3 جنيهات.يقول وحيد: "كنت أحرص على توفير 3 ساندويتشات لكل طفل من أبنائي الثلاثة لكن اليوم بعد ارتفاع الأسعار سوف أتحمل تكلفة 18 جنيهاً للسندويش الواحد، وهو الأمر الذي لا أستطيعه ولا يوجد بديل لدي سوى تخفيض عدد الساندويتشات التي يحصل عليها كل طفل من 3 إلى واحد فقط"
اللجوء إلى الأسواق الشعبية كان السبيل الوحيد أمام علاء وحيد، الموظف بإحدى الإدارات الحكومية، لشراء احتياجاته مع اقتراب موسم العام الدراسي الجديد، فهو لا يستطيع شراء علب جبن مغلفة وإنما يلجأ إلى شراء سلع غذائية غير معلبة ومجهولة المصدر، لانخفاض سعرها مقارنة بالمحلات التجارية.
يقول وحيد: "كنت أحرص على توفير 3 ساندويتشات لكل طفل من أبنائي الثلاثة لأن اليوم الدراسي يبدأ في السابعة صباحاً وينتهي الثالثة عصراً. كان الساندويتش الواحد بـ5 جنيهات لكن اليوم بعد ارتفاع الأسعار سوف أتحمل تكلفة 18 جنيهاً للسندويش الواحد، وهو الأمر الذي لا أستطيعه ولا يوجد بديل لدي سوى تخفيض عدد الساندويتشات التي يحصل عليها كل طفل من 3 إلى واحد فقط".
أين "سايلو"؟
في شهر أغسطس/ آب عام 2021، افتتح الرئيس عبدالفتاح السيسي مدينة "سايلو فودز" التابعة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية للقوات المسلحة، والتي تضم 10 مصانع بطاقة إنتاجية 470 ألف طن، بتكلفة 8 مليارات جنيه، للمساهمة في تصنيع وجبات التغذية المدرسية.وحسب بيان حديث صادر عن وزارة التربية والتعليم المصرية، أشارت إلى زيادة أعداد الطلاب المستفيدين من الوجبات المدرسية خلال العام الدراسي 2022/2023، بإجمالي أكثر من مليون طالب عن العام الماضي وما سبقه، إذ كان عدد الطلاب المستفيدين من التغذية المدرسية خلال عامي 2020/2021، و2021/2022 13 مليوناً و329 ألف طالب، بينما بلغ هذا العام الدراسي الجاري 2022/2023، اجمالي 14 مليوناً و662 ألفاً و495 طالباً وطالبة على مستوى الجمهورية، ويتم تغذية جميع تلاميذ مرحلة رياض الأطفال، وتلاميذ مرحلة التعليم الابتدائي ومدارس التعليم المجتمعي بنسبة 100%، كذلك يتم استهداف جميع تلاميذ المحافظات الحدودية والمناطق النائية والصحراوية في بعض المحافظات.
في عام 2021 سببت واقعة تسمم 25 طالباً من طلاب المرحلة الابتدائية بمحافظة أسيوط إحدى محافظات جنوب الصعيد بمصر وتكرار نفس الواقعة في محافظة كفر الشيخ شمال البلاد، ارتباكاً داخل وزارة التربية والتعليم، قرر إثرها اللواء عصام سعد محافظ أسيوط وقف صرف وجبات التغذية المدرسية على التلاميذ لحين التأكد من سلامتهاوقال وزير التعليم -وقتها- طارق شوقي في تصريحات صحافية، إن برنامج التغذية المدرسية يستهدف تقديم تغذية مدرسية صحية مؤمنة وبخامات محلية ومطابقة للمواصفات العالمية، ويصل متوسط تكلفة التغذية المدرسية للطالب الواحد حوالي 644 جنيهاً في العام، بتكلفة إجمالية تعادل 8 مليارات جنيه سنويا.
ووفقاً لمؤشر الجوع العالمي لعام 2022، تعاني مصر من مستوى معتدل من الجوع، حيث تحتل المرتبة 57 من أصل 121 دولة. وتظل القدرة على تحمل تكاليف الغذاء ونوعيته وسلامته من أكثر التحديات إلحاحاً حيث تواصل مصر الاعتماد على الأسواق العالمية لتوفير أكثر من نصف سلعها الأساسية. يُعد سوء التغذية أحد المخاوف الأخرى المتزايدة على الصحة العامة، حيث سجلت معدلات التقزم 13 في المائة، فيما يعاني 4% من الأطفال دون سن الخامسة من نقص الوزن.
في عام 2021 سببت واقعة تسمم 25 طالباً من طلاب المرحلة الابتدائية بمحافظة أسيوط إحدى محافظات جنوب الصعيد بمصر وتكرار نفس الواقعة في محافظة كفر الشيخ شمال البلاد، ارتباكاً داخل وزارة التربية والتعليم، قرر إثرها اللواء عصام سعد محافظ أسيوط وقف صرف وجبات التغذية المدرسية على التلاميذ لحين التأكد من سلامتها.
الطفل تحت سن 18 عاماً يحتاج إلى توفير 3 عناصر غذائية ( دهون – بروتين – نشويات)، الدهون متمثلة في المكسرات غير المملحة، أما البروتين فيشمل الزبادي واللبن، أما النشويات متمثلة في البطاطا أو البطاطس وإذا لم تستطيع الدولة توفير هذه المواد الغذائية فقد نكتفي برغيف من الخبز وبيضةوخلال نفس العام تقدم الدكتور حسام المندوه الحسيني عضو لجنة التعليم بالبرلمان المصرى، بمشروع قانون يقضي بالإعدام لكل من يساهم في إعداد وجبات مدرسية مغشوشة تتسبب في وفاة تلميذ واحد، والسجن المشدد 15 عاماً في حالة ثبوت الغش في الوجبة المدرسية دون أن تتسبب في حالة الوفاة.
وقال المندوه في تصريحات خاصة لرصيف22 إن فكرة مشروع القانون جاءت تزامناً مع وقوع حالات تسمم بين تلاميذ المدارس في عدد من المحافظات.
وشدد المندوه أن التلاعب وغياب الرقابة على صناعة وجبات التغذية المدرسية يستوجب إصدار قانون "يعاقب كل من تسول له نفسه الإضرار بصحة أطفالنا، فالغرض من مشروع وجبات التغذية المدرسية توفير وجبة غذائية متكاملة من العناصر الغذائية لأطفالنا وليس تسميمهم".
أثر غياب التغذية في المدارس
يوضح الدكتور أحمد حسين إخصائي التغذية أن تغير شكل التغذية في المدارس المصرية كان له أثر كبير على غذاء الأطفال بشكل عام في مختلف مراحل النمو، "في الماضي كانت التغذية المدرسية عبارة عن وجبة ساخنة، إلا أنه حالياً اختفى مفهوم التغذية من معظم المدارس ولا يقدم سوى في قليل منها وتكون عبارة عن قطعة من المخبوزات المحسنة".الموعد الأمثل لتغذية التلاميذ، يكون 7 صباحاً وذلك قبل بداية الحصة الأولى، و"بعد مرور 4 ساعات من تناول وجبة الإفطار نقدم له وجبة سناك، تضم ثمرة فاكهة وبعض من حبوب الفول السوداني واللوز لتحفيز الذاكرة والخلايا العصبية مما يجعل الأطفال أكثر إدراكاً وفهماً وتحصيلاً"
يواصل إخصائي التغذية لرصيف22: "الطفل تحت سن 18 عاماً يحتاج إلى توفير 3 عناصر غذائية ( دهون – بروتين – نشويات)، الدهون متمثلة في المكسرات غير المملحة مثل اللوز أو الفول السوداني، أما البروتين فيشمل الزبادي واللبن بشرط ألا يكون داخل عبوات محفوظة لارتفاع نسبة المواد الحافظة، أما النشويات متمثلة في البطاطا أو البطاطس وإذا لم تستطيع الدولة توفير هذه المواد الغذائية فقد نكتفي برغيف من الخبز وبيضة".
ويؤكد حسين أن غياب اللبن والبيض عن التغذية اليومية للأطفال يؤثر ليس فقط على التحصيل الدراسي؛ وإنما يؤثر كذلك على الصحة العامة للطفل والمعدلات السليمة لنموه البدني والذهني. وهو ما يتسبب فيه أيضاً غياب الفاكهة والخضروات الغنية بالمعادن والفيتامينات عن وجبات الأطفال في ظل الغلاء في كافة عناصر السلة الغذائية.
يشرح أستاذ التغذية كذلك أن الموعد الأمثل لتغذية التلاميذ، يكون 7 صباحاً على أن تضم العناصر الغذائية التي سبقت الإشارة إليها، وذلك قبل بداية الحصة الأولى، و"بعد مرور 4 ساعات من تناول وجبة الإفطار نقدم له وجبة سناك، تضم ثمرة فاكهة وبعض من حبوب الفول السوداني واللوز لتحفيز الذاكرة والخلايا العصبية مما يجعل الأطفال أكثر إدراكاً وفهماً وتحصيلاً".
وحذر حسين من حرمان الطفل من التغذية المدرسية إذ لها تأثير سلبي على المستويين البدني والذهني، "إذا لم يحصل الطفل على وجبة واحدة على الأقل خلال اليوم الدراسي تقل نسبة السكر التي تصل إلى المخ، ويقل تركيزه ونشاطه، ويلجأ إلى شراء المخبوزات والوجبات السريعة التي تحتوي على نسبة دهون مرتفعة تصيبه بالسمنة المفرطة، إحدى علامات سوء التغذية. وعلى المدى البعيد يصاب الطفل بأمراض سوء التغذية كالأنيميا وفقر الدم بسبب نقص الحديد من الطعام، والتقزم عند الأطفال، وهي من الأمراض الشائعة في الطبقات المتوسطة والفقيرة في مصر".
وأكدت الدكتورة بشاير محمد استشاري التغذية على ما ذهب إليه زميلها لافتة إلى أن ما يشهده المجتمع من تراجع كافة أشكال البروتين البسيط والمركب عن موائد المصريين وحقائب مدارس أولادهم سيكون له أثر في المستقبل.
وحذرت بشاير من ذهاب التلاميذ إلى مدارسهم "على معدة فارغة، لأنه قد يعرضهم للإصابة بالإغماء بسبب المجهود البدني والفكري".
تصب في صالح المستثمر
طه أبو الفضل رئيس لجنة التعليم بحزب المحافظين (حزب مصري معارض)، يؤكد لرصيف22 أن وزارة التربية والتعليم "أثبتت فشلها في مشروع التغذية المدرسية"، لافتا إلى أن الوزارة تتعاقد مع مجموعة مصانع وشركات تابعة للقوات المسلحة، ويتم اختيار المصانع بناء على مصلحة المستثمر وليس لمصلحة الطالب.قدم رئيس لجنة التعليم بحزب المحافظين حلولاً بديلة عن وجبات التغذية المدرسية مثل مشروع المطعم المدرسي التي تشمل أرزاً أو مكرونة وقطعة من الدجاج أو اللحوم الحمراء، وهذه الوجبة تراوح تكلفتها ما بين 115 و 135 جنيهاً للطالب الواحد، و"لو تم حسابها سنجد أنها أقل بكثير من الميزانية التي وضعتها وزارة التربية والتعليم وتصل إلى 8 مليار جنيه"وأشار أبو الفضل إلى غياب مواصفات الجودة وعمليات الرقابة في تصنيع وجبات التغذية المدرسية، وسوء عمليات التخزين، وعدم خضوعها لمواصفات مقاييس الجودة وهو ما تم إثباته رسمياً في محاضر الوزارة من أن "معلبات الحليب غير صالحة ولها رائحة كريهة".
ويواصل: "شهدت واقعة حدث خلالها مشكلة مع مسؤولي الوزارة للتغذية المدرسية ودافعوا عن المستثمر ولم يدافعوا عن مصلحة الطالب، وحملوا المدرسة المسؤولية ونظراً لقوة شخصية مدير المدرسة استطاع أن يمنع دخول هذه المعلبات المدرسة حفاظا على صحة الطلاب".
وقدم أبو الفضل حلولاً بديلة عن وجبات التغذية المدرسية "التي لا تصل إلى الطالب"، مثل مشروع المطعم المدرسي أو الوجبة الساخنة التي تشمل أرزاً أو مكرونة وقطعة من الدجاج أو اللحوم الحمراء، وهذه الوجبة تراوح تكلفتها ما بين 115 و 135 جنيهاً للطالب الواحد، و"لو تم حسابها سنجد أنها أقل بكثير من الميزانية التي وضعتها وزارة التربية والتعليم وتصل إلى 8 مليار جنيه".
وأكد طه على أهمية مشاركة المجتمع المدني في توفير وجبات التغذية المدرسية لطلاب المدارس، "لأنها ستوفر 9 مليارات جنيه لميزانية الحكومة المصرية، وتغلق الباب أمام باب الاستثمار لجهة معينة، خاصة وأن وزارة التربية والتعليم من ضمن الوزارات التي لا يجب الاستثمار فيها وإنما يجب ضخ الأموال فيها لحل مشاكلها".
ووضعت مصر ميزانية التعليم في الموازنة الجارية عند 229 مليار جنيه، ما يمثل 2.3% من الناتج القومي المحلي، فيما يفرض الدستور أن يخصص للتعليم 4% من إجمالي الناتج القومي.
فيما أكد الدكتور كريم العمدة الخبير الاقتصادي، أن الدولة ملزمة بتوفير وجبات التغذية المدرسية، كما في نص المادة رقم 79 في الدستور المصري، التي تنص على أن لكل مواطن الحق في غذاء صحى وكاف، وماء نظيف، وتلتزم الدولة بتأمين الموارد الغذائية للمواطنين كافة للحفاظ على حقوق الأجيال، كذلك المادة رقم 80 من الدستور، تنص أن الأطفال أقل من 18 سنة الدولة ملزمة أن توفر لهم تغذية سليمة.
ولفت العمدة إلى أن التغذية المدرسية بدأت بإصدار قانون 25 لسنة 1942 وهو يلزم الدولة بتوفير النفقات اللازمة للتغذية لمراحل التعليم الأولى، وعليه توفر وزارة التربية والتعليم الوجبات الغذائية للمدارس في جميع المحافظات، وأمر الملك فاروق، حاكم مصر خلال هذه الفترة، بصرف وجبة مدرسية للتلاميذ لتحفيزهم على الذهاب للمدرسة ودعم أسرهم وتوفير غذاء آمن وصحى للتلاميذ، ثم اختفت الوجبة المدرسية لسنوات ثم عادت ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادى.
ويضيف العمدة: "اليوم الجميع يعاني من الأزمة الاقتصادية، وهناك آلاف الأسر المصرية لا تستطيع تدبير ثمن وجبة الإفطار لأطفالها بسبب الارتفاع الكبير في أسعار السلع الغذائية، لذلك فإن توفير وجبات التغذية المدرسية ضرورة ملحة في ظل التضخم الذي نعاني منه خلال السنوات الأخيرة ولم نشهده من قبل، ولم تستطيع الدولة التعامل معه بالشكل المطلوب".
صعوبات في توفير المواد الغذائية
ومن جانبه قال الدكتور خالد ناجي المدير السابق لمشروع التغذية المدرسية، إن المشروع بدأ من الفيوم في تسعينيات القرن الماضي، لتغذية 4 آلاف تلميذ في المحافظة يعانون من الفقر الغذائي، بدعم من برنامج الغذاء العالمي، بهدف رفع القيمة الغذائية والاهتمام بصحة الطفل.وتابع ناجي في حديثه لرصيف22، أن مشروع التغذية المدرسية استطاع توفير 4 آلاف وجبة غذائية لأطفال الفيوم ممن يعانون من الأنيميا ونقص الفيتامينات، ثم وصل إلى 3 مليون وجبة على مستوى الجمهورية، حرص فيها على توصيل وجبة التغذية المدرسية إلى المناطق الأكثر فقراً، "بدأنا فيها بالفرن اليدوى حتى استطعنا توفير الأفران الآلية، وقمنا باختيار فطيرة بالعجوة لتكون أساس الوجبة الغذائية التي تقدم للطفل، وذلك تعويضاً عن المواد البروتينية والصحية التي يحتاجها جسم الطفل في هذه الفترة من عمره، وأضفنا إلى الوجبة عنصر اللبن أحد المصادر الهامة للبروتين الحيواني، مما يساعد على القضاء على مشاكل سوء التغذية وظاهرة التقزم لدى الأطفال".
واستطرد ناجي: "توسعنا في إقامة المصانع المسؤولة عن توفير الوجبات الغذائية لتصل إلى 16 مصنع داخل 13 محافظة مصرية، إلا أن هناك بعض المشاكل التي تواجهنا أهمها توفير رواتب العاملين لأن مشروعنا لم يكن تجارياً وكنا نحصل على هامش ربح بسيط لا يغطي التكلفة، بجانب مشكلة ارتفاع أسعار الخامات لأن الحليب والدقيق نستوردهما من الخارج".
وذكر ناجي أن شركة سايلو فود التابعة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية للقوات المسلحة، بدأت العمل بشكل تنافسي لتحقيق هامش ربحي، وأصبحت المسؤولة عن توفير المواد الخام حتى تولت مهمة التنسيق على مستوى محافظات الجمهورية بتعليمات رئاسية، رغم أننا كنا نشتري المواد الخام أرخص من التي توفرها شركة القوات المسلحة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...