أجرى رصيف22، مقابلةً مع المدير التنفيذي لمنظمة "براود ليبانون" (proud Lebanon)، التي تأسست في العام 2014، برتو مقصو، بغية تقديم الدعم لأفراد مجتمع الميم-عين.
في بداياتها، كانت هذه المنظمة تركز على اللاجئين/ ات من مجتمع الميم-عين، ثم توسعت في أعمالها لتشمل مجتمع الميم-عين بأكمله في لبنان.
بالإضافة إلى النشاطات التي ذكرها برتو، تعمل "براود ليبانون" على دعم الأفراد المهمشين/ ات، بما في ذلك السجناء، كما هي على تواصل مع أكثر من 13 حزباً سياسياً للضغط على المشرّعين/ ات لتغيير القوانين التي تلاحق أفراد مجتمع الميم-عين في لبنان.
من هنا شدد مقصو على أن المنظمة تسعى جاهدةً إلى تحقيق التغيير الفعلي في المجتمع.
طرح رصيف22، على برتو مقصو، مجموعةً من الأسئلة المتعلقة بنضاله كناشط في مجتمع الميم-عين في خضم مجتمعات عربية محافظة.
متى تأسست "براود ليبانون"؟ وما هي نشاطاتها والخدمات التي تقدّمها على صعيد مجتمع الميم-عين في لبنان؟
تأسست "براود ليبانون" في أواخر العام 2013، على يد مجموعة من المتطوعين/ ات.
كان الهدف في البداية تقديم الدعم للّاجئين/ ات غير اللبنانيين/ ات من مجتمع الميم-عين، ولكننا مع الوقت اكتشفنا أن اللبنانيين/ ات من المجتمع نفسه بحاجة أيضاً إلى دعمنا.
وسّعنا نشاطاتنا لتشمل كلاً من اللاجئين/ ات واللبنانيين/ ات ليستفيدوا/ ن من خدماتنا الطبية، الجسدية والنفسية، ولدينا اليوم مجموعة من الأطباء، كأخصائية الغدد التي تواكب الأشخاص في رحلة العبور الجنسي، أو من هم/ نّ في طور العبور وبحاجة إلى متابعة من خلال الأدوية التي تؤثر على الهرمونات.
"في بداياتها، كانت "براود ليبانون" تركز على اللاجئين/ ات من مجتمع الميم-عين، ثم توسعت في أعمالها لتشمل مجتمع الميم-عين بأكمله في لبنان"
نقدّم أيضاً مساعدات لمرضى السكّري خاصةً للأشخاص الأكبر سنّاً، ولدينا بالطبع طبيب جلد مختص بالأمراض المنقولة جنسياً، فقد تعاوننا في هذا المجال مع national aids program لتقديم فحوصات مجانية وسرّية للـHIV، كما نقدّم مساعدات للمتعايشين/ ات مع هذا الفيروس من فحوصات وأدوية ودعم معنوي.
وبما أن هدفنا هو نشر التوعية والدفاع عن حقوق مجتمع الميم-عين، تشارك المنظمة في إجراء حوارات هدفها بناء القدرات في العديد من المناطق اللبنانية.
من ضمن نشاطاتنا أيضاً، التواصل مع صنّاع القرار في لبنان والمجتمع بشكل عام، بهدف بناء القدرات وتقبّل الآخر، بمساعدة من صنّاع المحتوى والمؤثرين/ ات على وسائل التواصل الاجتماعي.
ما هي التحديات والصعوبات التي تواجهونها في لبنان؟
الصعوبات بالنسبة لنا متشعبة وبالأخص في ظل وجود الدولة التي ترفض التعاون معنا بحجة المادة 534 من قانون العقوبات اللبناني التي تجرّم المثلية الجنسية، كما أن المشكلة تتفاقم مع بعض المنظمات الأخرى المعنية بشؤون مجتمع الميم-عين والتي قد تتنازع على السلطة والتمويل المالي، وهذا يعني أن الموارد المحدودة المتاحة للمنظمات تنقسم وتتشتت، مما يؤثر على قدرتها على تقديم الدعم الشامل والفعال، ناهيك عن المجتمع الذي لا يتقبل وجودنا متذرعاً بالدين والعادات والتقاليد.
إن هذه التحديات تعكس الحاجة الملحة للتوعية والتغيير في المجتمع، وتعزز أهمية عمل المنظمات مثل Proud Lebanon في تعزيز الوعي وتقديم الدعم لمجتمع الميم-عين.
من هنا، يجب أن نعمل جميعاً على تغيير النظرة السلبية والتمييز والتحريض ضد أفراد مجتمع الميم-عين، وتعزيز قبول واحترام حقوق الأفراد المتنوعة جنسياً في المجتمع.
من أين تستمد قوتك وإصرارك على الاستمرار في النضال؟
من الصعب جداً الإجابة عن هذا السؤال، خاصةً بعد الأحداث التي مرّت على لبنان، بدءاً من انفجار مرفأ بيروت مروراً بوباء كورونا وثورة تشرين، ولكن عندما أرى بعض الأفراد من مجتمع الميم-عين يتلقون المساعدات والدعم، ثم أرى الارتياح والطمأنينة على وجوههم/ نّ، فهذا يدفعني إلى الاستمرار والمثابرة، فأنا أستمدّ قوتي منهم/ نّ.
ما هي تطلعات منظمة "براود ليبانون" وآمالها؟ ماذا تأمل شخصياً أن يتحقق في لبنان؟
إن تطلعاتنا وآمالنا بسيطة، وهي أن يتم التعامل باحترام مع كل أفراد المجتمع اللبناني، مهما كانت ميول الأفراد الجنسية فيه أو انتماءاتهم، وأن يتم صون كرامة الأشخاص المنتمين إلى مجتمع الميم-عين، خاصةً أنهم جزء لا يتجزأ من المجتمع ككل.
أول خطوة في هذا النحو هي إلغاء المادة 534 التي تجرّم المثلية، فهذه المادة من قانون العقوبات اللبناني تُعدّ تمييزاً ينتهك حقوق الأشخاص ويعرقل تقدّم المجتمع نحو المساواة والتعايش السلمي. يجب أن يتم العمل على إصلاح القوانين والتشريعات لضمان حقوق جميع أفراد المجتمع بغض النظر عن هويتهم الجنسية.
كما يجب السعي أيضاً إلى نشر ثقافة تقبّل الآخر في المجتمع، من خلال تعزيز التوعية والتثقيف حول قضايا مجتمع الميم-عين، وتحطيم الصور النمطية والتحيّزات القائمة. يجب أن نتعلم كيف نتعايش بسلام واحترام مع بعضنا البعض ونقدر التنوع والاختلاف في المجتمع.
ليس من الضروري مثلاً أن أكون امرأةً لأدافع عن حقوق النساء، كما أنه ليس من الضروري أن أكون مثلياً للدفاع عن حقوق مجتمع الميم-عين. يكفي أن أكون إنساناً متحضراً ومتعاطفاً لدعم حقوق الجميع والعمل على تحقيق المساواة والعدالة في المجتمع.
"يجب السعي إلى نشر ثقافة تقبّل الآخر في المجتمع، من خلال تعزيز التوعية والتثقيف حول قضايا مجتمع الميم-عين، وتحطيم الصور النمطية والتحيّزات القائمة. يجب أن نتعلم كيف نتعايش بسلام واحترام مع بعضنا البعض ونقدر التنوع والاختلاف في المجتمع"
نحن نؤمن بأن التغيير يبدأ من الداخل، وأنه يتطلب جهوداً مشتركةً من جميع أفراد المجتمع لتحقيق المساواة والتقبل، كما أننا ملتزمون بالعمل الجاد والمستمر لتحقيق هذه الأهداف لبناء مجتمع أكثر تسامحاً وتعايشاً.
كلمة أخيرة تحب أن توجهها إلى أفراد مجتمع الميم-عين في لبنان؟
أعلم أنكم كأفراد تمرّون بظروف صعبة، خاصةً إن كنتم تعيشون في إحدى الدول العربية والشرق الأوسط بشكل عام، وأعرف مدى الصعوبات التي تواجهونها، ولكن عليكم أولاً أن تتقبلوا أنفسكم، فالتغيير يبدأ من داخل الإنسان. اعكسوا صورةً جميلةً عنكم في المجتمع، وكونوا نموذجاً إيجابياً، وشاركوا بفعالية في شؤون مجتمعاتكم كي يحصل التغيير التدريجي نحو التقبل والاحترام.
أخيراً، أريد أن تعلموا أنكم لستم وحدكم في رحلتكم. هناك العديد من الأشخاص الذين يدعمونكم ويقفون إلى جانبكم. ابحثوا عن المجتمعات والمنظمات والأصدقاء الذين يشاركونكم الرؤية والقيم نفسها وتعاونوا معهم لتحقيق التغيير الذي تطمحون إليه.
أنتم قوة وإلهام للتغيير، وأنا أؤمن بقدرتكم على تحقيقه. استمروا في النضال والعمل الجاد، والتغيير سيأتي بالتأكيد. أنتم تستحقون الحياة بكل جوانبها، وأتمنى لكم السعادة والنجاح في رحلتكم.
"لستم وحدكم في رحلتكم. هناك العديد من الأشخاص الذين يدعمونكم ويقفون إلى جانبكم. ابحثوا عن المجتمعات والمنظمات والأصدقاء الذين يشاركونكم الرؤية والقيم نفسها وتعاونوا معهم لتحقيق التغيير الذي تطمحون إليه"
باختصار، استطاع برتو مقصو بفضل عمله الرائع أن يكون بقعة ضوء في ظل "العتمة الحالكة" في لبنان. من خلال منظمة "براود ليبانون"، نجح في تقديم الدعم والمساعدة للعديد من أفراد مجتمع الميم-عين، كما استطاع أن يساهم في تمكين الأشخاص وتقديم الدعم النفسي والطبي لهم للتغلب على التحديات والصعوبات التي يواجهونها في المجتمع.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
نُور السيبانِيّ -
منذ 27 دقيقةالله!
عبد الغني المتوكل -
منذ 21 ساعةوالله لم أعد أفهم شيء في هذه الحياة
مستخدم مجهول -
منذ 22 ساعةرائع
مستخدم مجهول -
منذ 5 أيامكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ أسبوعتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت