شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
تفاقم ظاهرة التحرش في جامعات العراق... والقانون متساهل

تفاقم ظاهرة التحرش في جامعات العراق... والقانون متساهل

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والنساء

السبت 12 أغسطس 202302:11 م

تخرجت شذى (30 سنةً، اسم مستعار)، ضمن الأوائل على دفعتها قبل سنوات، وتوظفت معيدةً في الكلية نفسها في واحدة من جامعات بغداد، قبل أن يتم قبولها لدراسة الماجستير. اعتقدت أن طريقها سالك نحو تحقيق حلمها الأكبر بالحصول على شهادة الدكتوراه، لكن أستاذها الذي اعترض طريقها مطالباً إياها بـ"علاقة سرّية"، حوّل حلمها إلى كابوس!

تشهد الجامعات العراقية المئات من حالات التحرش الجنسي التي تدفع الفتيات إلى التخلي عن حلم إكمال دراستهن، حيث يخضعن للضغوط ويقعن في شباك علاقات تحوّل حياتهن إلى جحيم، بحسب ناشطين/ات مدنيين/ات يقومون/ يقمن بتوثيق بعض قصص التحرش وسط قيود مجتمعية تمنع مواجهة ما بات يشبه الظاهرة.

تقول شذى، وهي تقاوم نوبة بكاء، إن الأستاذ الذي كان يشغل منصب رئيس القسم، والمشرف على رسالتها في الوقت عينه، كان لطيفاً وودوداً ومتعاوناً معها ومع زميلاتها وزملائها، ولم ترصد شيئاً غير طبيعي في سلوكه خلال سنتها الدراسية الأولى، خاصةً أنه يكبرها بثلاثين عاماً.

لكن الأستاذ ظهر بوجه آخر في السنة التالية، عندما تعرفت إلى موظف شاب في الكلية، ونشأت بينهما علاقة حب، واتفقا على الزواج. كان بين حبيبها وبين أستاذها خلاف شخصي قديم، وبدا أن الأخير يحاول الانتقام منه عبرها: "كان يتصل بي ليلاً ويرسل إليّ عبارات مليئةً بالغزل". وعندما واجهته طالبةً منه الكفّ عن ذلك، أبدى غضبه من تفضيلها حبيبها عليه، وقال إنه لن يسمح بزواجهما مطلقاً، وذكّرها بأنه يستطيع تدمير مسيرتها العلمية.

ونفّذ وعيده، إذ أهمل قراءة ما يتم تصحيحه في الرسالة متعمداً ليهدر وقتها، وكان يطلب منها مصادر استحال العثور عليها وفقاً لروايتها، وعندما كانت تناقشه في ذلك كان يجيبها بهدوء كأنه يصف لها دواءً لعلاج حالتها المرضية المستعصية: "علاقة سرّية أو زواج سرّي وستنتهي معاناتك".

حين عبّرت له عن رفضها التام، هددها بعبارة كررها بصوت عالٍ في وجهها: "سوف تندمين"، ونفّذ تهديده بعدها بأسبوع من خلال إيصال معلومات إلى ذويها بوصفه رئيس قسم في كليتها ويخشى على مصلحتها، أفادت بأنها على علاقة بموظفٍ سيئ السمعة وزير نساء، فما كان من والدها ذي النزعة القبلية إلا أن أجبرها على التخلي عن دراستها، وملازمة المنزل مع تعرضها لتعنيف جسدي.

حاولت شذى، الخروج من سجن المنزل، من خلال تواصلها مع ناشطات يعملن في منظمات معنية بحقوق المرأة للتدخل وإقناع والدها بمواصلة دراستها، دون جدوى، كما تشير إلى أن والدا حبيبها تقدّما لخطبتها، لكن والدها رفض وبشدة مستنداً إلى المعلومات التي أوصلها إليه رئيس القسم.

"لم يتوقف الأستاذ الدكتور رمز الأخلاق والنزاهة عند ذلك"، تقول شذى، وتضيف: "بل وصلت به الدناءة إلى أن يطلب من صديقة لي أن تخبرني بأن في وسعه إقناع والدي بإعادتي إلى الدراسة ومساعدتي في الدكتوراه بعدها، بمجرد موافقتي على ما يريد". تستدرك: "سلطته الإدارية وضعف القانون والوصمة الاجتماعية، تجبرنا على الصمت حتى الموت بحسرتنا".

القانون لا يردع

معظم قصص التحرش في الجامعات العراقية الحكومية أو الأهلية على حد سواء، تظل تفاصيلها حبيسة صدور الضحايا، وهن إما مدرّسات أو موظفات أو طالبات، خشية الفضيحة الاجتماعية وتحولهن من معتدى عليهن وعلى حقوقهن إلى مذنبات فتُفرَض عليهن عقوبات من ذويهن، بمنعهن من الاستمرار في الوظيفة أو الدراسة، بحسب ناشطين/ ات وهيئات تدريسية.

وربما يصل الأمر إلى أبعد من ذلك بقتلهن بداعي غسل العار، كما أن العجز عن الإثبات بأدلة تطلبها الإجراءات التحقيقية والمحاكم، يقف حائلاً أمام مضيّهن في شكاواهن.

لا توجد إحصائيات متعلقة بالتحرش، ويعتقد مصدر في وزارة الداخلية أن السبب في ذلك يكمن في السرّية التي تعامَل بها مثل هكذا قضايا، وأنها في معظمها تنتهي بالصلح أو عدم متابعة الشكوى بسبب غياب الأدلة

لذلك لا توجد إحصائيات متعلقة بالتحرش، ويعتقد مصدر في وزارة الداخلية أن السبب في ذلك يكمن في السرّية التي تعامَل بها مثل هكذا قضايا، وأنها في معظمها تنتهي بالصلح أو عدم متابعة الشكوى بسبب غياب الأدلة، وأيضاً لأن رئاسات الجامعات لديها وسائلها في معالجة أي شكوى تردها دون الحاجة إلى تدخل وزارة الداخلية، ففي وسعها فرض العقوبات الإدارية، وأيضاً يتم التعامل مع تلك الشكاوى بسرّية للحفاظ على سمعة المشتكية أو الكلية والجامعة ككل، وفقاً لما قال.

وطلب المصدر توخي الدقة في التعامل مع ملف التحرش في الجامعات، بقوله: "قضايا التحرش يصعب إثباتها دون أدلة، فليست كل كلمة يقولها أستاذٌ في الجامعة تعني تحرشاً جنسياً، كما أن طلب الجنس مقابل درجة امتحانية مثلاً، أمر معقد وهو ليس تحرشاً فقط، بل يشكل ابتزازاً واستغلالاً وظيفياً". ويستدرك: "في النهاية لتكون هنالك قضية لا بد من توافر أدلة".

راجعت معدّة التقرير، مواقع وصفحات كبريات الجامعات العراقية، فلم تجد بين أخبارها ما يشير إلى وجود حالات تحرش يجري التحقيق فيها، أو إلى اتخاذ إجراءات في حق متحرشين، برغم تداول عشرات قصص التحرش التي تخرج أحياناً من محيط الجامعة إلى خارجها. كما لم تجد أي ملفات محاكمة في هذا المجال، ما يكشف حجم التعقيدات التي تواجه مثل هذه القضايا والعجز الكامن في مواجهتها، وهو ما يفسر تحولها إلى ظاهرة.

لا تبقى جميع قصص التحرش طي الكتمان، ففي حادثة نادرة، قامت طالبة في كلية الطب البيطري في جامعة بغداد، باستغلال مناسبة في الكلية حضرها عدد كبير من الطلاب وأساتذة الكلية في شهر نيسان/ أبريل 2023، لتشكو تعرّض الطالبات للتحرش اللفظي من قبل عناصر الأمن في الجامعة عند المداخل والبوابات.

وعندما طلب منها العميد أن تراجعه في غرفته للتحدث في الأمر، رفضت ذلك بصوت عالٍ، وقالت لا داعي لكتمان الأمر، فأنا أعرف المتحرش وهو يقف الآن قبالتي، ثم أشارت بيدها الى أحد عناصر الأمن الذي خرج لحظتها من القاعة. وذكرت مصادر من الكلية، بأن الشخص المقصود عاد لمزاولة عمله في اليوم التالي، بدلاً من معاقبته، فيما فرضت العمادة عقوبةً على الطلاب تقضي بمنع إدخال الهواتف المحمولة إلى الكلية.

المادة 402 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969، تنص على المعاقبة "بالحبس مدةً لا تزيد على ثلاثة أشهر وبغرامة لا تزيد عن ثلاثين ديناراً أو بإحدى هاتين العقوبتين، لكل من طلب أموراً مخالفةً للآداب من آخر، ذكراً كان أم أنثى أو تعرّض لأنثى في محل عام بأقوال أو أفعال أو إشارات على وجه يخدش حياءها، وتكون العقوبة الحبس لمدة لا تزيد عن ستة أشهر وغرامة لا تزيد عن مئة دينار، إذا عاد الجاني إلى ارتكاب جريمة أخرى من نفس نوع الجريمة التي حُكم من أجلها خلال سنة من تأريخ الحكم السابق".

وبحسب القاضي إياد محسن ضمد، فإن هذه المادة أصبحت بحاجة إلى التعديل لأسباب أوردها في مقال نشره على موقع مجلس القصاء الأعلى، أولها متعلق بالعقوبة التي نصت عليها، إذ يراها "خفيفةً ولا تتناسب مع جسامة الفعل الجرمي ولا تشكل رادعاً عقابياً مناسباً، لا سيما أن أغلب الدول عدّلت نصوصها القانونية المتعلقة بجريمة التحرش بما يحدّ من تفشي الجريمة في المجتمع".

والثاني، لأن المادة تناولت شقّين: "الأول تمثل في طلب الأمور المخلّة بالحياء من ذكر أو أنثى، وهذا الشق يشكل جريمةً تختلف عن جريمة التحرش، كمن يطلب من آخر رفع جزء من ثيابه. أما الشق الثاني فهو المتعلق بجريمة التحرش وقد اشترط لمعاقبة المتعرض للأنثى أن يكون تعرّضه قد حصل في مكان عام، في حين أن بعض الجرائم ربما تُرتكب في أمكنة خاصة كمحال البيع الخاصة أو المنازل، كذلك فإن هذا الشق تجاهل جرائم التحرش التي يتعرض لها الأطفال والصبية من الذكور". ويضيف سبباً آخر لضرورة تعديل هذه المادة، هو مواكبة التطور الذي رافق وسائل التواصل الاجتماعي في السنوات الأخيرة، الأمر الذي جعل الكثير من الأفراد يقعون ضحايا للتحرش.

ويصنّف قانون العمل العراقي رقم 37 لسنة 2015، التحرش الجنسي في العمل، على أنه أحد أشكال التمييز الجنسي غير القانوني، ويعرّف التحرش الجنسي بأنه: "أي سلوك جسدي أو شفهي ذي طبيعة جنسية، أو أي سلوك آخر يستند إلى الجنس، ويمسّ كرامة النساء والرجال، ويكون غير مرغوب وغير معقول، ومهيناً لمن يتلقاه؛ ويؤدي إلى رفض أي شخص أو عدم خضوعه لهذا السلوك -صراحةً أو ضمناً-؛ لاتخاذ قرار يؤثر على وظيفته".

ويفرض هذا القانون عقوبةً على المتحرش بالسجن لمدة لا تزيد عن ستة أشهر، أو بغرامة مقدارها مليون دينار عراقي، أو بإحدى هاتين العقوبتين.

ظاهرة متنامية

تصف المحامية والمدافعة عن حقوق المرأة زينب محمد، ظاهرة التحرش في العراق بأنها "وباءٌ خطيرٌ، فالمرأة تتعرض للتحرش في مقرّ عملها، وللمساومات لدى مراجعتها الدوائر الحكومية، والمضايقات وهي تقود سيارتها، حتى أصبح كل ذلك أمراً طبيعياً، بالإضافة إلى أن حصولها على المناصب والوظائف يستلزم في كثير من الأحيان إشباع غرائز المتنفذين".

وتتهم المجتمع بأنه هو المشجع على استمرار ظاهرة التحرش بالمرأة وتناميها، وتؤكد: "وردتني خلال السنوات الأخيرة عشرات الاستشارات من أستاذات وطالبات جامعيات وطبيبات ومعلمات وموظفات يطلبن فيها إيجاد حلول لمشكلات تعرضهنّ للتحرش دون اللجوء إلى القضاء، لأنهن يعرفن مسبقاً بأن معرفة عائلاتهن بما يحدث لهن ستؤدي إلى حرمانهن من متابعة الوظيفة أو العمل وسيتعرضن للعنف وتشويه السمعة...".

وذكرت المحامية أن صعوبات عديدةً تواجه الراغبة في تقديم شكوى ضد المتحرش بها، بدءاً من مركز الشرطة والإجراءات فيه، بالإضافة إلى التحقيق وإرسال القضية إلى المحكمة المختصة، وتنبّه إلى أن "المتحرشين، لا سيما في الجامعات، أساتذةً أو رؤساء أقسام، أصحاب نفوذ سياسي أو مدعومون من جهات نافذة، وهم يختارون فريساتهم بعناية، فلا يقدمون على التحرش بمن لديها سند أو نفوذ".

"المتحرشون في جامعات العراق، أساتذةً أو رؤساء أقسام، أصحاب نفوذ سياسي أو مدعومون من جهات نافذة، وهم يختارون فريساتهم بعناية، فلا يقْدِمون على التحرش بمن لديها سند أو نفوذ"

وترى أن الكثير من الأساتذة الجامعيين بعد 2003، وهي السنة التي سقط فيها النظام العراقي السابق، "حصلوا على شهادات عليا من جامعات غير رصينة، أو تم شراؤها من دول الجوار ويتسنمون على أساسها مناصبهم الأكاديمية" على حد تعبيرها.

المحامية زينب، أوصلتنا بواحدة من موكلاتها، وتدعى هيام، تعمل موظفةً إداريةً بموجب عقد في كلية أهلية في بغداد. تقول هيام إن مستثمراً في الكلية كان يتحرش بها لفظياً، لكنها كانت تقابل ذلك بدبلوماسية وتترك المكان أو تدّعي الانشغال أو الرد على الهاتف "لكيلا أخسر وظيفتي خصوصاً أنني حصلت عليها بصعوبة".

ومع تكرار تحرشاته، ولجوء طالبة إليها كان هو نفسه قد تحرش بها، واجهته ليكفّ عن ذلك: "قلتُ له أن يتوقف عن تصرفاته التي تشبه تصرفات المراهقين، وإننا في كلية محترمة ولسنا في سوق أو زقاق...".

احتجاجها هذا أدى إلى جدال بينهما تعمق إلى خلاف معلن، وأدى إلى مجلس تحقيقيٍ كانت نتيجته إعفاءها من الوظيفة بفسخ عقدها. تقول عن ذلك: "كنت أتوقع حدوث ذلك لأن المؤسسة أهلية ولا تخضع لرقابة حكومية، والمستثمر يعني صاحب المال، بمعنى صاحب القرار وأنا لم أكن سوى موظفة بعقد".

هيام، أرادت رد الاعتبار لنفسها بتقديم شكوى ضد الكلية والمستثمر المتحرش، لكنها واجهت مسألة الإثبات، فروايتها عن تحرشه بها لم تكن كافيةً، واللواتي تعرف أنه تحرش بهن من موظفات وطالبات، ومنهن التي لجأت إليها، امتنعن عن الإدلاء بشهاداتهن "خوفاً من الفضائح والأهالي أو فقدان الوظائف"، تقول بكثير من الحسرة.

أستاذة في كلية إنسانيات في واحدة من جامعات بغداد (لا نشير إلى الأسماء الصريحة للمتحدثات وأماكن عملهن بطلب منهن)، تؤكد أن التحرش بات بالفعل ظاهرةً في الجامعات، وأن الطالبات "أكثر الواقعات ضحايا بسبب قلة خبراتهن، ومحاولتهن التستر على الأمر قدر إمكانهن خوفاً من ردود أفعال أرباب أسرهن".

وذكرت أنها رصدت خلال عقدين من عملها التدريسي العشرات من حالات التحرش في الجامعة، كان آخرها لطالبة في المرحلة الأولى، وتبيّن: "كانت مرعوبةً عندما استنجدت بي، وأخبرتني بأن عامل الخدمة في الكلية التي تدرس فيها يتحرش بها، ويراقبها أينما ذهبت داخل الجامعة، وذات مرة رصدها وهي جالسة في حديقة الكلية بجانب زميل لها في القسم نفسه، فالتقط لها صوراً ومقطع فيديو، وأخذ يرسلها إليها ويهددها بإيصالها إلى أهلها".

وتشير الأستاذة إلى أن عامل النظافة هذا، لو لم يكن يعلم بأن هنالك أساتذةً يتحرشون بالطالبات فضلاً عن الحرس الجامعي، دون أن يتعرضوا لما يستحقونه من عقاب، لما أقدم هو على ذلك. وتؤكد أنها تواصلت معه وهددته بالشكوى لدى رئاسة الجامعة، فامتثل وترك الطالبة وشأنها.

وتتساءل الأستاذة: "كم طالبةً تعرضت للتحرش دون أن تجد من تشكو له، وربما أدى ذلك إلى انحرافها أو توقفها عن متابعة تعليمها أو تعرضها لضرر نفسي؟".

عواقب نفسية واجتماعية

المتخصص في علم النفس، د. زياد النجم، يقول إن تأثير الصدمة بعد حادثة التحرش لا ينتهي، وقد تعيش المتحرَّش بها حالةً من الصدمة المتجددة، عندما "تسترجع الذكريات المتعلقة بتلك الحادثة، أو عند توافر المثيرات النفسية التي تجعلها تمر بالمشاعر نفسها التي عاشتها في تلك التجربة، إذ يُعدّ التحرش الجنسي من أبرز الصدمات النفسية العنيفة التي تعاني منها الكثير من السيدات حول العالم".

موضوع التحرش هو من المواضيع المسكوت عنها، لأن "مجتمعنا لا يرغب في فضح نفسه وتعريتها، فيحاول التكتم على حوادث التحرش وهذا ما يصعّب كثيراً من مهمة وضع حد للظاهرة أو في الأقل تقليلها".

ويعدد مراحل التحرش، بدءاً بمرحلة الصدمة، أي "بحدوث فعل التحرش سواء كان لفظياً أو جسدياً أو بأي أسلوب آخر. وتحدث الصدمة نتيجة عدم توقع ذلك الفعل، واختبار عدد من المشاعر بشكل سريع ومفاجئ ومتعاقب، ويغلب عليها الشعور بالخوف والرعب والتوتر والعجز، فضلاً عن الشعور بالظلم".

ويشير إلى أن بعض الفتيات اللواتي يستطعن مواجهة فعل التحرش أو التعامل مع المعتدي، قد لا يمررن بالمراحل التالية، وأن دراسات أثبتت أن السيدات والفتيات اللواتي يستطعن الدفاع عن أنفسهن ضد المتحرش، يشعرن بوطأة أقل من غيرهن ممن لا يقدرن على المواجهة.

المرحلة الثانية وفقاً للدكتور زياد، هي "اضطراب ما بعد الصدمة"، وتشعر المتحرَّش بها خلالها بالظلم والقهر ولوم الذات، بسبب عدم القدرة على الدفاع عن النفس أو عدم اتخاذ أي إجراء ضد المعتدي، وقد تشعر بعدم الثقة بالنفس، وتصاب ببعض الأعراض النفسية والبدنية، التي تتمثل في "التوتر، اضطرابات النوم، اضطرابات الشهية، الحزن، العزلة الاجتماعية، الاكتئاب، وردّ الفعل العنيف".

أما المرحلة الثالثة، فتتمثل في الذكريات، ويوضح: "عندما تسترجع المتحرَّش بها التجربة، قد تمر بالمشاعر نفسها التي مرت بها وقت وقوع الحادثة، وتشعر بالخوف نفسه والقلق والذعر، ويختلف تقديرها لذاتها، وينتابها شعور بالكره والغضب واللوم، وقد ترسم بعضهن سيناريو آخر لتلك الواقعة في مخيلتها تستطيع فيه انتزاع حقها من الجاني.

الباحثة النفسية المتخصصة جاوان حسين، تقول إن ظاهرة التحرش الجنسي أصبحت "جزءاً من حياتنا نحن النساء العراقيات من البصرة حتى إقليم كردستان"، وتُرجع أسبابها إلى "التربية والنشأة والظروف الاجتماعية، والاضطرابات النفسية لدى المتحرش والبحث عن اللذة من خلال الشعور بالضعف والانكسار".

وتضيف إلى كل ذلك سبباً رئيسياً هو: "الانفتاح الفجائي في الجامعات والمؤسسات الحكومية والشركات والمنظمات خلال العقدين الأخيرين، من دون أن تكون هنالك قواعد وسلوكيات واضحة تحدد العلاقة بين العاملين والحدود التي يُفترض وجودها والعقوبات التي تُفرض في حال تجاوزها".

وتوجّه الباحثة نقدها نحو المجتمع العراقي، وتحمّله المسؤولية إزاء ظاهرة التحرش: "الآباء يضعون معظم تركيزهم على البنات بسبب الوصمة الاجتماعية والأفكار الدينية والقبلية المسيطرة على التنشئة والتربية، ويتركون الذكور دون تربية صحيحة، على اعتبار أن الرجل في المجتمع العراقي لا تتضرر سمعته كما يحدث للمرأة".

وتتفق مع الآراء التي تقول بأن خوف المتحرَّش بها من المجتمع الذي سيعاملها كجانية، إذا ما طلبت عونه في قضية تحرش، هو الذي يدفعها إلى السكوت: "هنالك من تتجاوز الأمر مقنعةً نفسها بأنه وضع قائم في العراق فتستسلم له أو هي أصلاً لا تملك الوعي الكافي لاعتبار التحرش بها تجاوزاً قانونياً على حقوقها الأساسية".

أما عن الآثار النفسية التي يخلّفها التحرش في الضحية، فتقول إنها تختلف حسب نوع التحرش "فاللفظي تختلف آثاره عن الجسدي". وهي تعيب على وسائل الإعلام والجهات المتخصصة، اهتمامها بالتحرش الجسدي، وتركها التحرش اللفظي بإيحاءات جنسية مباشرة وغير مباشرة: "هو أكثر ما تتعرض له النساء والفتيات في العراق، وتأثيره بالغ فيهن، وقد يعمل على فقدانهن ثقتهن بأنفسهن".

على النطاق الجسدي، تعدد الباحثة حالات شائعةً تصاب بها ضحية التحرش: "كفقدان الشهية والأرق والأمراض الهضمية والسمنة ومشكلات في النوم وإصابتها بالالتهابات، وفي حال الاعتداء الجنسي قد تصاب بالعدوى الفيروسية الجنسية، وقد يصبن بأمراض القلب وغيرها، فضلاً عن التداعيات النفسية كالكوابيس ونوبات البكاء وفقدان الثقة بالمحيط والاكتئاب الحاد".

وتلفت جاوان، إلى أنه من المهم جداً أن تخضع المتعرضات للتحرش للعلاج النفسي، غير أن ذلك يصطدم وفقاً لما تقول بقلة مراكز العلاج النفسي في العراق، وذلك مردّه إلى عدم الاهتمام العام بهذا الحقل نتيجة فقدان الوعي بأهميته، تؤكد الباحثة بأسف.

يرى الأستاذ الجامعي المتخصص في علم الاجتماع، وليد قاسم، أن الشائع في الجامعات العراقية هو التحرش بالطالبات، وبنسب قليلة يكون هنالك تحرّش بالموظفات والمدرّسات، وأن السبب الرئيسي في بروز هذه الظاهرة هو: "حصول البعض ممن لا يستحقون على شهادات تؤهلهم لتولي مناصب أكاديمية، نتيجة استغلالهم للظروف التي مر بها العراق خلال العقدين الأخيرين، والقوانين والفرص التي أفسحت لهم المجال ليحصلوا على تعيينات بواسطة علاقات أو وساطات من ساسة أو جهات نافذة".

ويقول إن موضوع التحرش هو من المواضيع المسكوت عنها، لأن "مجتمعنا لا يرغب في فضح نفسه وتعريتها، فيحاول التكتم على حوادث التحرش وهذا ما يصعّب كثيراً من مهمة وضع حد للظاهرة أو في الأقل تقليلها".

ويعتقد بأن سكوت الضحية، سواءً كانت طالبةً أو أستاذةً أو موظفةً، خطأ يصفه بالكبير لأن ذلك "سيؤدي بالمتحرش إلى تكرار فعلته مرةً ثانيةً وثالثةً، حتى يصبح الأمر كأنه حق من حقوقه".

لكنه في الوقت نفسه يقرّ بأن الضحية لا تستطيع في كثير من الأحيان إيجاد من ينصفها أو يحميها من التحرش، وذلك لأن "الرقابة في الجامعات العراقية ضعيفة جداً، ولا يكون هنالك تدخل إلا إذا تطور الأمر إلى شكوى أو أصبح قضية رأي عام، مع العلم بأن الكثير من الإدارات في الكليات المختلفة تعرف عن بعض المدرّسين والمنتسبين بأنهم متحرشون، ويتم السكوت عنهم في غالبية الأحيان".

الضحية لا تستطيع في كثير من الأحيان إيجاد من ينصفها أو يحميها من التحرش، وذلك لأن "الرقابة في الجامعات العراقية ضعيفة جداً، ولا يكون هنالك تدخل إلا إذا تطور الأمر إلى شكوى أو أصبح قضية رأي عام، مع العلم بأن الكثير من الإدارات في الكليات المختلفة تعرف عن بعض المدرّسين والمنتسبين بأنهم متحرشون، ويتم السكوت عنهم في غالبية الأحيان"

ويؤكد د. وليد، ضرورة توعية الطالبات الجامعيات في ما يخص التحرش وما يتوجب عليهن فعله إذا ما تعرضن له، أو تجنّب التعرض له، لا سيما الجديدات على الجوّ الجامعي، لكونهن "قليلات خبرة"، وأن تكون تلك التوعية عبر إعلام الجامعة أو الكلية، أو الأهالي وأن "يبقي أولياء الأمور الأبواب مفتوحةً للحوار مع بناتهن الجامعيات، وألا يتعاملوا معهن كمذنبات ويحمّلنهن مسؤولية تعرضهن للتحرش، بل ينبغي وقوفهم إلى جانبهن بالنصح والتوجيه المستمرَّين وحتى التدخل لوقف ما يتعرضن له بتقديم الشكاوى إذا اقتضى الأمر".

وينفي أن يكون الموضوع متعلقاً فقط بالمتحرش، فحسب وجهة نظره، قد يكون الطرف الثاني، أي المتحرَّش به، هو من هيّأ الأجواء لذلك، ويبيّن: "بعضهن يستغللن ضعفاً تدريسياً عندهن، فيحاولن التقرب منه للحصول على درجات إضافية خصوصاً إذا كانت المادة صعبةً، فيسارع الأخير بالتحرش اللفظي أو حتى الاعتداء الجنسي إذا كانت لديه فرصة لذلك".

كما يشير إلى أن بعضاً من المدرّسات أو الموظفات، قد يثرن موضوع التحرش في حال كانت هنالك مشكلات شخصية بينهن وبين مدرّسين أو موظفين آخرين: "وعادةً ما يقترن هذا بشكاوى رسمية سواءً داخل الحرم الجامعي أو حتى خارجه بغية الانتقام".

شاهندا (38 سنةً، اسم مستعار)، كانت موظفةً في جامعة بغداد، اقترنت سنة 2015 بمدرّس يحمل شهادة الدكتوراه، في الجامعة نفسها، وبعد أن أنجبت مولوداً أقنعها بالبقاء في المنزل لتربية ابنهما، فامتثلت لذلك. وذات يوم كان طفلها مريضاً فقررت الذهاب إلى منزل أهلها الذي يبعد نحو 20 دقيقةً بالسيارة، من أجل الحصول على مساعدة عائلتها في الاعتناء به.

تقول: "جمعت ثياب ابني من الحمام، وكنت أهم بالدخول إلى غرفة النوم، عندما سمعت صوت زوجي وهو يخبر أحدهم عبر هاتفه الجوال بأنه سيقوم بالأمر بمجرد إيصالي إلى بيت أهلي؟"، لم تسأله عما سيقوم به، لكن الأمر ظل يشغل بالها.

عندما عادت إلى المنزل برفقته ظهيرة اليوم التالي، وجدت كرّاساً متروكاً على الطاولة في المطبخ لطالبة في المرحلة الثالثة كان اسمها مخطوطاً على الورقة الأولى فيه. كانت متأكدةً من أن الكراس لم يكن هناك في اليوم السابق، وأخذت الشكوك تساورها.

احتاجت إلى شهر من أجل الحصول على رمز هاتفه الجوال، بعد متابعة ورقابة مستمرّتين، وأصيبت بصدمة كبرى عندما فتحت هاتفه في غفلة منه، وعثرت على محادثاته مع طالباته في تطبيق الواتساب. لم تخبره بشيء، وظلت تتفحص هاتفه كلما دخل الحمام أو غطّ في النوم.

تقول: "خلال شهرين من المتابعة، اكتشفت أنه ارتبط بسبع طالبات عبر زواج المتعة، لمدد قصيرة. هو مريض نفسياً، لقد أبقى على محادثاته معهن جميعاً، بالإضافة إلى اللواتي يحاول إغوائهن".

تتقلص ملامحها وتتابع بغضب: "إحداهن تطلب منه دفع مصروف أسبوعي لها، وأخرى تطلب مبلغاً من أجل عودتها إلى منزلها في محافظة مجاورة، وردوده كانت متشابهةً ومفادها أنه سيدفع مقابل الجنس...".

تصمت شاهندا لحظات ثم تقول بصوت عالٍ: "بعض الطالبات سألنه عن أسماء الطيور الموجودة في منزلنا، وأخريات أبدين إعجابهن بأثاثنا وسألنه عن أسعاره"، تلطم خدها بكفها معبّرةً عن صدمتها: "كان يجلبهن إلى بيتي في أثناء غيابي".

ثم واصلت متذكرةً: "هو ومجموعة من زملائه الأساتذة في الجامعة لديهم غروب في الواتساب، ولديهم حوارات مقززة عن أجسام الطالبات وأيّهن مناسبة لقضاء بضعة أيام معها في السرير عبر زواج المتعة".

تقول إنها واجهته واتهمته بخياناته المتعددة، وإنه أجابها بهدوء بأنه لم يَحِد عن الشرع: "أي واحدة تطلب مساعدتي مادياً أعرض عليها زواج المتعة، ولم أغصب أي واحدة منهن على ذلك، كما أنني بزواجي منهن منعتهن من الانحراف وبيع أجسادهن مقابل المال!".

لم تستطع تقبّل واقع أن تكون زوجةً له، فلجأت إلى بيت أهلها وطلبت الطلاق، وهي مستمرة في إجراءات دعوى التفريق التي أقامتها ضده، لكنها تشعر بالأسف لأن ذلك لن يحمي الطالبات الجامعيات منه.

متحرشون متنفذون

التحرش الجنسي لا يقتصر على جامعات العاصمة بغداد، إذ تواصلت معدّة التقرير مع موظفات وأستاذات في عدد من الجامعات في محافظات أخرى، وحصلت على شهادات أظهرت قصصاً مشابهةً، ففي كلية إنسانية في جامعة الموصل، ذكرت موظفة هناك أن معاون العميد للشؤون الإدارية، معروف على نطاق الكلية بل الجامعة بأنه متحرش "لكنه مسنود من جهة سياسية تمنع محاسبته، حتى أن ابناً له قدّم أوراقاً مزوّرةً ليُقبل في دراسة الماجستير في الكلية، وعند اكتشاف أمره، اكتفت رئاسة الجامعة بإجراء تحقيق دون فرض أي عقوبة"، تقول الموظفة.

"حين لا تستطيع محاسبة هؤلاء فلن تستطيع محاسبة الآخرين أيضاً. لقد عاثوا فيها خراباً فعمّت كل أشكال الانتهاكات من نجاح دون استحقاق، إلى بيع الأسئلة الامتحانية وكتابة البحوث، وانتهاءً بالانتهاكات الأخلاقية والتحرش بأنواعه كافة".

وتتابع: "هو يستهدف المتزوجات فقط، موظفات كنّ أو حتى طالبات دراسات عليا، ويخيّرهن بين منافع قبولهن أن يكنّ عشيقات له أو التأخر عن الترقيات ومشكلات في التقديم للدراسات أو عرقلتها، ويخبرهن بأن لديه شقّةً في أربيل، بعيدة عن أعين الناس في الموصل".

تفكر قبل الإجابة عن سؤال معدّة التقرير عما إذا كان قد تحرّش بها، ثم تجيب: "نعم لقد فعل ذلك، وأردت الذهاب لمقابلة رئيس الجامعة د. قصي الأحمدي، خلال لقاءاته الأسبوعية بالموظفين، وإبلاغه بما حدث معي، لكن زميلاتي منعنني لأن شكاوى كثيرةً قُدّمت من قبل ولم يحدث شيء، كما أنني خشيتُ من ردة فعل زوجي واحتمال أن يمنعني من الاستمرار في الدوام".

وفي البصرة، تقول أستاذة جامعية، بشيء من السخرية: "أي موظف أو أستاذ يفشل في حياته الزوجية، ينصب لي الكمائن ويعرض عليّ علاقةً أو زواجاً مؤقتاً، فقط لأنني أرملة وأبدو لهم ضعيفةً".

آخر تجربة لها كانت مع شخصية ذات منصب إداري رفيع في جامعتها، ينتمي إلى حزب سياسي يملك ميليشيا معروفة، رفض تمرير كتاب ترقيتها إلا بعد أن تتزوجه زواج متعة، ووفقاً لروايتها، فقد وعدها في حالة موافقتها بـ"القفز بين المناصب مثل لاعبة جمباز!".

تهز رأسها وهي تقول ذلك، وتستدرك: "حتى لو سجلت صوته وأرسلته إلى وزير التعليم شخصياً، لن يحدث شيء، لأن الحزب الذي يسند هذا المتحرش هو ذاته الذي أوصل الوزير إلى منصبه!".

سجى، طالبة في جامعة الكوفة، ترى بأن الكتمان هو أفضل شيء في حالات التحرش، وتقول: "نحن الطالبات ضعيفات، وكثيرات منا وصلن إلى الجامعة بطلوع الروح، بسبب الظروف المعيشية ورفض الأهالي إكمالنا دراستنا، ومن سيصدقني أنا مثلاً ويكذّب أستاذاً جامعياً يبدو أمام الناس محترماً ومتديناً؟ باختصار نحن لا سند لنا، وإذا تقدمنا بشكوى نصبح في أقل تقدير وجبة نميمة للجميع، والكل في الكلية والجامعة سينظر إلينا كسيئات خلق".

وتعتقد سجى، أن التحرش أصبح أمراً عادياً يبدأ "من دخولنا إلى الجامعة حيث حرّاس الأمن، ومن ثم الطلاب وننتقل إلى تحرشات الأستاذة التي إذا جوبهت بالرفض يبدأ التحجج على الطالبة بالغياب مثلاً أو الزي الرسمي وغير ذلك".

تقول مريم، وهي مدرّسة رصيدها 23 سنة خدمة جامعية، إن الجامعات الحكومية كما الأهلية تشهد منذ أكثر من عقد "كوارث تعليميةً وأخلاقيةً" في ظل غياب الإدارات الحازمة والتخاذل في تطبيق القوانين مع بروز الابتزاز والتهديد من قبل أشخاص هم في الغالب أصحاب نفوذ دخلوا أروقة الجامعات بقوة سلطة الأحزاب.

وتضيف: "حين لا تستطيع محاسبة هؤلاء فلن تستطيع محاسبة الآخرين أيضاً. لقد عاثوا فيها خراباً فعمّت كل أشكال الانتهاكات من نجاح دون استحقاق، إلى بيع الأسئلة الامتحانية وكتابة البحوث، وانتهاءً بالانتهاكات الأخلاقية والتحرش بأنواعه كافة".

وتتساءل، بينما تشبك يديها فوق رأسها: "إذا كان هذا هو وضع التعليم العالي، ومن يُفترض أنهم يمثّلون نخبة المجتمع، فكيف سيكون الحال في بقية المواقع؟ كل القيم تنهار وما زال هؤلاء يغطّون أنفسهم في أحاديثهم وجلساتهم العامة برداء الدين".

    أُنجز التقرير بإشراف شبكة نيريج للتحقيقات الاستقصائية.


    رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

    لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

    فلنتشارك في إثراء مسيرة رصيف22

    هل ترغب/ ين في:

    • الدخول إلى غرفة عمليّات محرّرينا ومحرراتنا، والاطلاع على ما يدور خلف الستارة؟
    • الاستمتاع بقراءاتٍ لا تشوبها الإعلانات؟
    • حضور ورشات وجلسات نقاش مقالات رصيف22؟
    • الانخراط في مجتمعٍ يشاركك ناسه قيمك ومبادئك؟

    إذا أجبت بنعم، فماذا تنتظر/ ين؟

      Website by WhiteBeard
      Popup Image