قد يكون من الصدف أن ولادة جدّي جاءت مع بداية دخول ما دُعي بالاستعمار القديم لشرق المتوسط. حينها وطِئت فرنسا الشاطئ السوري، حالمةً بتكرار طريق المجد العظيم، الذي سار عليه الإسكندر الأكبر في طريقه إلى غزو ممالك الشرق الساحر، في حالة نكوص ماضوية، أشار إليها ديفيد فرومكين في كتابه "سلام ما بعده سلام".
وفاته جاءت مع بداية دخولٍ فجّ لما دُعي بالاستعمار الحديث، حين أخرجت القوات الأمريكية الجيش العراقي من الكويت.
جدّي المولود في جرد من أعلى جرود جبال اللاذقية (بلاد العلويين)، كما درجت تسميتها سابقاً، تعلّم القراءة والكاتبة والحساب من الكتّاب، ثم تعلّم الدين خلال مراهقته عند أحد الشيوخ. جسده الذي بلي بسرعة كسائر أبناء جيله، كان دليلاً على أن سنوات شبابه كانت صعبةً، فأنا لا أذكره في ثمانينيات القرن المنصرم إلا شيخاً عجوزاً، وهو الستيني فقط!
ذاكرتي التي هي امتداد لذاكراته، تنتهي معه عندما لاحظت وهو على فراش الموت بياض بشرته، التي حرقتها شمس شرق المتوسط طوال سبعة عقود، وأبقت زرقة عينيه شاهداً وحيداً على أنه أشقر اللون، بعد أن ابيضّ شعره سريعاً؛ بفعل الوراثة.
الحديث بجرأة عن ذاكرة جدّي وحياته أمر بالغ الخطورة، فالذاكرات الشعبية للجماعات الأهلية كالقنابل الموقوتة، لا لأنها تحوي كمّاً كبيراً من الخرافات والأسطرة والمرويات الغريبة، بل لأنها أيضاً قد تعلي من شأن أشخاص وتحطّ من شأن آخرين، يُنظر إليهم نظرةً معاكسةً تماماً من مجموعات أهلية مجاورة.
كما تثير أيضاً بواعث الحزن والقلق، خاصةً أن سوريا بحدودها الحالية تجاوز عمرها القرن، وهو عمر من المفترض أن يكون كافياً تماماً لبناء دولة نهائية، بقاعدة مواطنة شاملة، وعقد اجتماعي واضح، وليس للعودة إلى تاريخ شعبي عمره قرن، ما يزال أحد محرضات الحالة السياسية الاجتماعية للسكان، وبواعث المظلوميات المتنقلة.
فسوريا بجغرافيتها المتنوعة لم تحظَ بتكوين عام يقرّب بين أبنائها، فلا شواطئ طويلةً لكن فيها شاطئ، ولا نهر عملاق تصطف المدن والقرى على جوانبه، لكن تمر فيها أنهار، أحدها كبير يمرّ بشكل طرفي على جغرافيا منسية منها، نتذكرها فقط حين نجوع، ولا عاصمة كبرى وحيدة بل عاصمتان، لكل منهما تاريخها ودولها، وحتى أحلام اتحادية خاصة، وامتدادات ذات مصالح خاصة... كل هذه الأسباب قرّبتها من فكرة الجمهورية المستحيلة.
ما دون الحضيض
تزامن ميلاد جدّي مع خروج العثمانيين من سوريا عام 1918، تلك اللحظة الحرجة القلقة التي كان فيها الساحل وسوريا الطبيعية عموماً يلملمان جراحهما الثخينة، من سفر برلك حين صدر فرمان سلطاني بالنفير العام؛ أي بسحب كل رجال السلطنة مسلمين وغير مسلمين إلى التجنيد في الحرب العالمية الأولى من عمر 15 إلى 45، وقبلها حملات اليمن المنسية (1904-1905)، والتي سيق إليها والده وغاب ما يزيد عن عقد، هذا الغياب الطويل قسّم أخوته إلى جيلين، كباراً وصغاراً، وحتماً حرمهم من والدهم دون أي أخبار؛ ميت مصاب؟ لا أحد يعرف.
بالمختصر، الفترة الحميدية طبعت ذاكرة أجيال بالسواد، الذي ما يزال كنقش لا يزول، وتلتها الحرب العالمية الأولى ومجاعة عظمى عام 1915 حين تشارك الجراد مع جنرالات السلطنة طعام أهل الشام، فطاعون عالمي عام 1918 (الإنفلونزا الإسبانية)، طحن البشر وقتل الكثيرين جوعاً ومرضاً.
ذاكرة المجاعة الوراثية التي لم يعِشها، والحروب الطويلة، بقيت معه حتى مماته، فقد زرع أرضه كاملةً قمحاً بُعيد حرب تشرين 1973، ولم يلتفت إلى أن الحرب انتهت؛ وليت لكل الذاكرات الشعبية مثل تلك النتائج الحميدة يا جدي
ذاكرة المجاعة الوراثية التي لم يعِشها، والحروب الطويلة، بقيت معه حتى مماته، فقد زرع أرضه كاملةً قمحاً بُعيد حرب 6 تشرين الأول/ أكتوبر 1973، ولم يلتفت إلى أن الحرب انتهت؛ كما روى لي عمي، وليت لكل الذاكرات الشعبية مثل تلك النتائج الحميدة يا جدي.
عيد ميلاده وأمل خادع
للأمانة، بقدر ما حملت تلك المرحلة من جراح غائرة، حملت آمالاً فاضت فعلاً على السطح بسرعة لافتة. فالنزعة العشائرية بدأت تخبو ابتداءً من عشرينيات القرن المنصرم، وحتى الإيمان بالدولة ومحاكمها، فما أن خرج الوالي العثماني، -وهل من خبر أجمل من ذلك؟- حتى بدأ الاقتراب من المدن ولو لمساً، والتي لطالما كانت كقلاع حرام على ابن الريف.
في علم الرياضيات، ولو قسمنا عمر جدي -لروحه السلام- إلى نصفين تقريباً، سنجد أن طفولته وشبابه 1918-1958، كانا وفق أشد الكتّاب حصافةً، خلال فترة الحراك والنهوض الاجتماعي والسياسي في سوريا، وما تلاها من مرحلة صمت القبور، كما دعاها المفكر صادق جلال العظم.
لكن لو قيّض لنا وسألناه رأيه وما شاهده بأم العين خارج الكتب الرصينة، فغالباً سينفي بشدة، إذ إن قريته طوال الأربعين عاماً تلك، لحظت تغيرات بالكاد تُلحظ، بعكس المدن البعيدة، التي بدأت تعرف الكهرباء والمشافي والإسفلت والتعليم حتى العالي منه. وإن اعتمدنا تقسيمات أكثر دقةً؛ 1936 عام انضمام الساحل إلى الدولة السورية، ثم عام 1946 وهو عام الجلاء... إلخ، غالباً ستسقط تلك الأعوام من قاموسه الزمني، كمقدمات لأحداث جليلة كما تسجلها كتب التاريخ.
اقتصاد مشوّه... وما يزال
التغيّر في الحياة الاقتصادية كان بليداً كسولاً وامتداداً لمفردات الحياة أيام العثماني التي بخلت حتى بإعطاء شكل واضح للدورة والحياة الاقتصادية، بل كانت مزيجاً أقرب إلى المشاعية، مع أن لكل الأراضي ملّاكاً فعليين، ومرد ذلك إلى اتّساع الأراضي غير المستصلحة، وقلة السكان مما خفض من قيمة الأراضي، فقد كانت المعادلة سهلةً وبسيطةً: كل من يعمل "من الفجر إلى النجر"، قادر على أن يفتح بيتاً ويطعم عائلةً.
كانت اليد العاملة محور الإنتاج أكثر من كبر الملكيات، مما أبعد شبح الإقطاع عن المنطقة، كذلك صيغة المرابعة (أو حتى المثالثة) بين الإقطاعي والمزارع، والتي تشيع في السهول الخصيبة، وهي شبه مستحيلة وغير مجدية لفقر الأرض، فدرجت صيغة المناصفة، وهي مختلفة جذرياً عن صيغتَي المثالثة والمرابعة الشهيرتين زمن الاقطاع، إذ عنت استحواذ الفلاح على نصف الأرض بيعاً وشراءً، وذلك بمجرد استصلاحها؛ وهي التي لم تعرف قبلاً ضربة فأس، فأصبحت أرضاً مستصلحةً، وتبدو الصيغة مربحةً للفلاح، لكن هي غير ذلك؛ فالأرض لا بد من حفرها وقلبها أحياناً لأمتار عدة لإخراج الصخور التي قد يزيد وزنها عن طنّ؛ ثم تجميع التراب المتبقي، وحصره وراء الصخور المستخرجة كي لا يضيع مع سيول الأمطار، ثم زراعة الأرض بالأشجار المثمرة، طبعاً باستخدام أبسط الأدوات وبالجهد العضلي فقط.
لروحه الرحمة كان نشيطاً بل صنديداً، خاصةً لو قورن بعمال اليوم، فبرغم ميراثه الجيد من والده، أضاف المزيد من الأراضي إليه بتلك الطريقة. بالنتيجة، ما سُمي موجة الاستصلاح الزراعي الناصرية ثم البعثية لم تقترب من أعالي الجبال.
التبغ الإستراتيجي
المحصول الإستراتيجي كان التبغ، وما أدراكم ما هو التبغ! أحد الخبثاء دعاه مرةً "نبتة الذل"، لكثرة ما تُعوّد الإنسان على الركوع وحتى السجود خلال العمل فيه، من لحظة صنع المشاتل إلى ما يدعى شكّ الدخان، وهي سلسلة طويلة من الشقاء؛ دوماً امنحني الظهر وعينك إلى الأرض.
التبغ لم يكن فقط المحصول الإستراتيجي لجبال الساحل، بل لسوريا وامتداداً إلى كل من سيطر عليها من العثمانيين الذين لم يألوا جهداً في إرسال قطعان المقدّمين لجمع الضرائب، إلى فرنسا صاحبة امتياز الريجي (الشركة العامة للتبغ)، والتي ماطلت في ترك إدارته إلى ما بعد الاستقلال والجلاء.
وصلت إلى جدي أخبار توزيع الأراضي في الساحل، وكذلك قرار عبد الناصر منع تربية الماعز في الجبال. هكذا أخبار، كان لها وقع أهم عنده، بأن البلد انتقل فجأةً من عصر الديمقراطية إلى عصر المحاكم السلطانية للجزّار عبد الحميد السراج
باختصار، نقلت فرنسا كل مفردات النظام الرأسمالي الحر، إلى ريف جائع، طلباً للضرائب، بأسلوب أكثر احترافيةً من نظام المقدّمين العثماني، واستمر الأمر مع عهد الاستقلال، واستخدموا ما يُدعى "المراسلون"، وهم من يخمّن كمية المحصول ثم جودته وسعره، و"الورديانية"، وهم أقرب إلى الشرطة ممن يبحثون عن الكميات المخبأة التي لم تُبَع للريجي، والتي يحاول المزارعون بيعها إلى السوق السوداء، بدلاً من قروش الريجي القليلة والمتعسفة.
وطبعاً لم يخلُ الأمر من فساد واستغلال للمناصب، وما زاد الأمر غصةً أن الجهاز الإداري الأول أغلب عناصره من المدن وهم من المختلفين جهوياً وحتماً طائفياً. في المقابل كانت المكاسب تزحف نحو الريف ببطء شديد، لا يتناسب أبداً مع الغلو في الضرائب، وطريقة الحكم الجديدة.
استمر الأمر عينه بعيد الاستقلال، ففي المجلد الأول لخالد العظم، لم يذكر الريف السوري عدا عن الساحل، كموضوع اقتصادي أو غيره، سوى لحظة تذكرت الدولة ضرورة تسليح الجيش، فقد كان التبغ أحد أهم موارد الخزينة، وهنا نتحدث عن العظم رجل الدولة الحقيقي، صاحب النظرة الثاقبة والرؤية المستقبلية، وبشهادة الجميع... فكيف بالبقية؟
نعود لكن إلى النصف الآخر من عمر جدي، الذي بدأ مع الوحدة. حتماً وصلته أخبار توزيع الأراضي في الساحل، وكذلك قرار جمال عبد الناصر منع تربية الماعز في الجبال. هكذا أخبار، مع سوء معاملة الضباط المصريين لزملائهم السوريين، حتماً كان لها وقع أهم عنده، بأن البلد انتقل فجأةً من عصر الديمقراطية إلى عصر المحاكم السلطانية للجزّار عبد الحميد السراج.
كان جدي يهمه رفع سعر التبغ، وتخفيف ضغط "المراسلين والورديانية"، وشقّ طرق قريبة، ومدرسة لأبنائه والكهرباء... وهذا فعلاً ما حدث في النصف الأخير من حياته.
نافذة أمل غير متوقعة!
من الغريب أن نافذة الأمل جاءت من إحدى أسوأ المآسي في العهد العثماني؛ "الأخذ عسكر"، أي التجنيد. فجدّي بحكم مواليده، لم يُطلَب إلى الجندية، إذ بدأ الطلب إليها من مواليد 1927، وتالياً الجيش بدا المؤسسة الأكثر وطنيةً، بحكم التصاقه بالجميع، ويعود هذا إلى طريقة إنشائه الحديثة، المستمدة من فرنسا، والتي لا تضع أي شروط طبقية أو دينية.
وجد الشباب العلوي، خاصةً في أعالي الجبال، الأمل في التطوع في الجيش؛ رواتب تُعدّ مجزيةً في ذاك الزمن، رواتب تقاعديةً كانت أقرب إلى ربح ورقة يانصيب. صعوبة الحياة العسكرية واستبدادها لم يكونا شيئاً لأبناء الجبل المستبد أصلاً، خاصةً أن الجيش كان يقبل الجميع حتى الأمّيين. وبحكم أن التجنيد الإجباري على الجميع كان التطوع فيه غالباً يبدأ من هناك، دون تساؤل عن مكان العيش، لأن العسكري أساساً بعيد، أهو قرب إحدى المناطق العسكرية التي استحوذت العاصمة والجنوب السوري على حصة الأسد منها أو ضمنها، بعكس الوظائف المدنية التي كانت قليلةً جداً، بحكم قلة الشركات والمؤسسات في الساحل، وطلبها أحياناً حداً أدنى من التعليم غير موجود.
لم تكن النتائج ورديةً تماماً، كما سيتضح لاحقاً. طبعاً تلك الرواتب والتغرّب، زادا من فرص التعليم لأبناء العسكر، ورفعا سوية المعيشة حتى في الجبال، لكن وللأسف ولّدا علاقةً ريعيةً أثرت سلباً على دورة الإنتاج السابقة، بل قتلتها تقريباً، ولم تعد فكرة العمل "من الفجر إلى النجر"، على صعوبتها صالحةً، بل حلّت مكانها فكرة "من لم يتوظف سيموت من الجوع".
المعطى الجديد ألغى وسائل الإنتاج المحلية والحقيقية، بدل تحسينها وزيادة كفاءاتها، ثم عمل على الربط ريعياً بالسلطة، وطبعاً كانت هناك أيضاً نتائج إيجابية بطريقة ما، على رأسها الاهتمام المتزايد بالتعليم، كنتيجة مباشرة للالتحاق بسلك الدولة؛ فشتان بين أن يكون ابنك ضابطاً وعسكرياً دون رتبة، أو مهندساً أو عاملاً. وهذا ما صعّد الاهتمام بالتعليم بشكل ثوري، بصفته الخلاص من تعب الأرض غير المجدي، مما خلق جهازاً إدارياً ضخماً، فاض عن حاجة الساحل، وامتد بشكل غير متناسب على كامل الجغرافيا السورية.
ما قدّمته الدولة آنذاك عُدّ بلغة الأطفال "دحّا"، خاصةً ونحن نتحدث عن مجموعة بشرية، وعلى مدى قرون، وجدت الدولة شراً مطلقاً (العثمانيين خاصة)، فأي شيء يسير هو جيد، وحين يتوقّف تماماً فـ"عادي لا مشكلة" -هذا ما عاش عليه أجدادنا- وهذا ما نعيشه اليوم ويقال همساً، فالذاكرة الشعبية الوراثية ما تزال فعالةً، برغم أن تاريخاً قد يدحضها كلها أو بعضها، لكنها تبقى الأقوى، كعرف أقوى من القانون.
الديمقراطي الفاشل
قد يقول قائل: لو بقي الحكم الديمقراطي، لعمل هذا وأكثر. برغم افتراضية السؤال ومنطقيته معاً، لكن الناس تلتقط من خلال حواسها، كما يقول الكواكبي عن العوام: "عقولهم في عيونهم، يكاد لا يتجاوز فعلهم المحسوس المشاهد".
لروحه الرحمة كان نشيطاً بل صنديداً، خاصةً لو قورن بعمال اليوم، فبرغم ميراثه الجيد من والده، أضاف المزيد من الأراضي إليه بتلك الطريقة. بالنتيجة، ما سُمي موجة الاستصلاح الزراعي الناصرية ثم البعثية لم تقترب من أعالي الجبال
للأسف العصر الديمقراطي السوري لم يكن بتلك الطهرانية أبداً؛ من الداخل عجز عن بناء مظلة وطنية جامعة، وترك الحكم والبلد بكامل تناقضاته، وهل من تناقض أكبر من قبول رئيس لم يزُر البلد قط؟ الظروف الخارجية لم تساعده ولم يكن محظوظاً بثروة باطنية، ستسرّع حركة الإنتاج، وتخفف الضرائب، وتفتح أبواب الحياة لأغلب السكان، وفي أسوأ الحالات شراء الولاءات لشرائح أوسع، خاصةً كبار الضباط الذين لطالما رموا السلطات بالبخل في الصرف على الجيش كونه حامي الحمى، وعدّوا هذا سبب هزيمة 1948، ومقدمةً منطقيةً لسلسة الانقلابات بعد ذلك.
من صعد إلى الحكم بعد ذلك، برغم قلة ثقافته وتجربته السياسية، فهم اللعبة. فبعدما اختصر الطريق إلى الكرسي؛ السيطرة على القصر، مبنى الإذاعة، البيان رقم واحد... اعتمد الوصفة البسيطة نفسها. شيء ملموس سريع للطبقات الدنيا أو المحافظة، وليت الاثنين معاً، حتى لو اختلف أيديولوجياً مع تلك الطبقات، إذ يسجل التاريخ مثلاً، أنه حين قلقت الولايات المتحدة على نظام الشاه، ضغطت عليه لتوزيع الأراضي على الفلاحين، خوفاً من وصول اليساريين إلى الحكم، وهذه أمريكا ربّة الرأسمالية. وفي آخر انقلاب دموي في تركيا عام 1980، حاول الجنرال كنعان إيفرين، ملاطفة الإسلاميين، بسلسلة قرارات أبعد ما تكون عن العلمنة.
حتماً هذه الذاكرة الشعبية تشوبها أخطاء كثيرة، لكن هذا لا يمنع ذِكرها، بل يؤكد ضرورته، فإخراج الصديد من الجرح عملية مؤلمة جداً لكن سريعة وفعالة، وضرورية قبل التضميد، كما بناء وطن بالشكل الحديث لا يعيبه اختلاف الجغرافيا والعادات ولا حتى الشكل والعرق والدين... بل تلك الذاكرات الجمعية المختلفة، والمظلوميات التي نغطيها بحفلات من التكاذب المشترك.
رحل جدّي. وسنرحل جميعاً. ويا ليت الذاكرة مستبدة، كما جبالنا.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.