على الرغم من أن غالبية النساء الحوامل يعانين خلال الأشهر الأخيرة من حملهن آلاماً مبرحة وتنميلاً (خدر) في أيديهن، في ما يُعرف طبياً بـ"متلازمة النفق الرسغي"، فإن قلة منهن تسعى إلى علاج هذه الآلام عبر الطرق الطبية والفيزيائية العديدة المتاحة لعلاجها، ظناً بأنها "بتروح لحالها".
هذا ما تقوله لرصيف22 د. هناء الشوفي، المعالجة الفيزيائية المتخصصة في التعامل مع آلام الحمل والحاصلة على دكتوراه في العلاج الفيزيائي.
تقدّر الشوفي أن قلة من النساء يبحثن عن علاج للتنميل والآلام الناتجة عن متلازمة النفق الرسغي في لبنان، سيّما العلاج الفيزيائي، برغم الآلام المبرحة. "النسب متفاوتة وليست عالية جداً، على الأغلب تعتبر الحامل هذه المشاكل ‘طبيعية‘ وبالتالي تنتظر أن تزول بعد الولادة ولا تلجأ للعلاج"، تقول.
وتوضح المعالجة اللبنانية أن "هذه المتلازمة شائعة في أشهر الحمل الأخيرة عندما تزيد نسبة السوائل في الجسم، وغالباً ما تتوقف الأعراض كلياً بعد الولادة مع عودة الهرمونات إلى وضعها الطبيعي".
ماذا نعرف عن هذه المتلازمة؟
تُعرف هذه الحالة المرضية أيضاً بـ"انحباس العصب المتوسط"، وهي لا تحدث فقط لدى الحوامل وإن كانت إحدى الدراسات وجدت أن من 31 إلى 62% من الحوامل يعانين من هذه الآلام. ومن عوامل الخطورة للإصابة بهذه المتلازمة: السمنة وإصابات المعصم، وبعض الأمراض المزمنة، والتاريخ المرضي للإصابة بها، والعمل الذي يعتمد على الضغط على آلات مثل الحاسوب. النساء أيضاً أكثر عرضة للإصابة بها مقارنةً بالرجال.
"ألم حارق، ووخز، وتنميل في الإبهام السبابة والإصبع الأوسط، قد يوقظ المرأة من نومها. يزداد مع استخدام اليد المتكرر، وأيضاً في الليل"... ماذا نعرف عن متلازمة النفق الرسغي التي تصيب غالبية الحوامل ويتجاهلن علاجها؟
ويصف د. حسين الغانمي، استشاري أمراض المخ والأعصاب السعودي، عبر حسابه في تويتر، متلازمة النفق الرسغي أثناء الحمل، بأنها "ألم حارق، ووخز، وتنميل في الإبهام السبابة والإصبع الأوسط، قد يوقظ المرأة من نومها. يزداد مع استخدام اليد المتكرر، وأيضاً في الليل، وقد يصعد ليلاً لأعلى الذراع. يتحسن مؤقتاً مع هزّ اليد في الهواء. يصيب اليدين بنسبة عالية تصل إلى 75%".
ويشرح: "سبب هذه الأعراض هو الضغط على العصب المتوسط (median nerve compression) داخل قناة الرسغ حيث يمر العصب ضمن أوتار الأصابع متوجهاً لليد، وذلك بسبب زيادة السوائل والتغيرات الهرمونية في الجسم بسبب الحمل".
والنفق الرسغي هو "ممر ضيق داخل المعصم يتكون من العظام على الجزء السفلي والرباط الرسغي على القمة، يمر العصب الوسيط من الساعد إلى كف اليد للسيطرة على الإبهام والأصابع الثلاثة الأولى".
تتمثل أعراض هذه المتلازمة في وجع في اليد، وتنميل، وضعف في الحركة، وهي الأعراض التي قد تمتد إلى الكوع والكتف في بعض الحالات/ الأحيان.
ووفق الأكاديمية واستشارية أمراض النساء والتوليد السعودية، د. مها النمر، فإن "الأعراض تبدأ تدريجياً خلال الليل". وقد تتكرر - أو لا تتكرر - هذه الأعراض/ الآلام خلال الحمل المستقبلي.
وبينما يتجاهل العديد من النساء الحوامل هذه الآلام، إلا أنه يوصى بزيارة الطبيب حين تُصبح عائقاً أمام قدرة الحامل على النوم أو ممارسة حياتها اليومية بما في ذلك تمشيط أسنانها أو شعرها وصولاً إلى رعاية طفلها الجديد.
العلاج الفيزيائي خيار ناجع
وترى د. الشوفي أن العلاج الفيزيائي يمثل الحل الأنسب لكثير من حالات متلازمة النفق الرسغي أثناء الحمل "نظراً لأن الحوامل لا يستطعن أن يأخذن بعض الأدوية خشية تأثيرها على سلامة الحمل والأجنة".
وتلفت إلى أن "الحالات الصعبة" التي تواجهها خلال عملها يكون فيها جسم الأم الحامل منتفخاً للغاية بسبب تغيّر الهرمونات واحتباس السوائل وبالتالي يصعب تخفيف الضغط على النفق الرسغي بسهولة.
"هذه المتلازمة شائعة في أشهر الحمل الأخيرة عندما تزيد نسبة السوائل في الجسم، وغالباً ما تتوقف الأعراض كلياً بعد الولادة مع عودة الهرمونات إلى وضعها الطبيعي"
وتلفت في هذا الصدد إلى أن العلاج الفيزيائي الحامل لا يقتصر على علاج النفق الرسغي فقط وإنما يشمل أيضاً: علاج مشاكل الجهاز العضلي والعصبي الناتجة عن تغير الهرمونات، والوزن الزائد الناتج عن الحمل بما يزيد الضغط على الأعصاب والعضلات. علاوة على تقوية عضلات البطن وأسفل الظهر لتحمل التغيّرات الجسدية خلال الحمل، وعلاج عضلات أسفل الحوض التي تتحمل كل الضغط الناتج عن الحمل - وبالتالي تفادي المشاكل المحتملة في وظيفة المثانة وجهاز البول - وتقويتها من خلال تمارين خاصة.
من الأدوار الأخرى المهمة التي يؤديها العلاج الفيزيائي، والحديث ما يزال للمعالجة اللبنانية، تحضير الحامل للولادة من خلال تدريبها على تمارين التنفّس والاسترخاء، وتقنيات تخفيف وإدارة الألم، ووضعيات جسدية تُسهّل حركة الجنين خلال المخاض".
نصائح للتخفيف من آلامها
وبينما لا يمكن تفادي الإصابة بالمتلازمة بشكل كامل خلال الحمل، تنصح المعالجة اللبنانية، الشوفي، بوجه عام، أن تسير الخطة العلاجية في عدة إتجاهات بينها: تخفيف احتباس السوائل في الجسم، من خلال تخفيف أكل الملح على سبيل المثال جنباً إلى جنب مع شرب كميات كافية من الماء يومياً، وأداء تمارين التنفّس والرياضة بانتظام، وإتباع نظام غذائي صحي متوازن. كما تشدد على ضرورة "تخفيف الشعور بالضغط الذي يزيد دائماً من شدة واستمرارية هذه العوارض المؤلمة".
تنصح أيضاً بممارسة الأم الحامل تمارين اليد الخاصة بعلاج المتلازمة لتخفيف الضغط على العصب قدر الإمكان.
وتختلف كلفة جلسات العلاج الفيزيائي في لبنان، وفق الشوفي، بحسب "خبرة المعالج/ة، وزمن الجلسة، ونوعية الجلسة أي علاج يدوي أو علاج بالآلات". علماً أنها تقول إنها لا تؤمن بـ"فعالية الآلات أبداً" وتفضل العلاج اليدوي.
وتوصي بعض المؤسسات الصحيّة بـ"تدفئة اليدين وتجنب الجلوس في مكان بارد" و"تخفيف الضغط على المعصم والرسغ" و"استخدام داعم الرسغ أو جبيرة المعصم" ليلاً أو لدى اشتداد الأعراض.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...