"ممارسة النشاط السياسي في مصرفي الوقت الحالي أمر غاية في الصعوبة" بهذه الكلمات برر هشام قاسم الناشر المصري، ورئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان السابق، خلال مقابلة صحفية، التأخر في الإعلان عن تدشين تيار سياسي جديد يسهم في تأسيسه تحت اسم مبدئي: "التيار الليبرالي الحر".
وبحسب المقابلة فإنه من المزمع الإعلان عن تدشين التيار بصورة رسمية قبيل انتهاء شهر مايو/ آيار الحالي، بمشاركة عدد من الأحزاب والشخصيات العامة، على رأسها حزب المحافظين والإصلاح والتنمية والدستور.
إلا أن الملفت في الإعلان، أن أغلب المشاركين في التيار الليبرالي هم بالأساس أعضاء بالحركة المدنية الديمقراطية.
والحركة المدنية الديمقراطية هي تكتل يضم أحزاباً وشخصيات عامة معارضة، لا يجمعها أساس أيديولوجي، فيشارك فيها أحزاب يسارية مثل التحالف الشعبي الاشتراكي، وأخرى قومية، إضافة إلى عدد من الأحزاب الليبرالية. لكنها يجمعها فقط الموقف السياسي الرافض لممارسات وسياسات النظام الحالي، بينما يجمع التيار الليبرالي أعضاءه على أساس أيديولوجي بحت، كما أن التوقيت المنتظر للإعلان يأتي قبل نحو عام واحد على الانتخابات الرئاسية المنتظر إجراؤها في 2024، والتي يرى هشام قاسم المتحدث باسم التيار - بصفة غير رسمية - وأحد مؤسسيه، أن عدم ترشح الرئيس المصري الحالي عبد الفتاح السيسي لها؛ هو المخرج الوحيد من الأزمة السياسية والاقتصادية الحالية التي ترتهن مصير البلاد، بحسب مقابلته التي سبقت الإشارة إليها.
على مدار عام كامل خفُت الحديث عن التيار الليبرالي، رغم انعقاد عدة اجتماعات داخل مقر حزب المحافظين الذي يرأسه رجل الأعمال أكمل قرطام للتباحث حول إطلاقه، والآن توجد إشارات بإطلاق التيار في ظل الاستعداد لانتخابات رئاسية ووسط غليان أزمة اقتصادية تشهدها البلاد
مخاض استغرق عاماً
جاء الإعلان الأول عن التيار المزمع تدشينه في يونيو/ حزيران من العام الماضي، عقب شهرين تقريباً من حفل إفطار الأسرة المصرية الذي حضره المرشح الرئاسي الأسبق حمدين صباحي وشهد دعوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى "حوار وطني" بين السلطة والمعارضة على اختلاف أطيافها مُستثنى منها جماعة الإخوان المسلمين التي تصنفها مصر "إرهابية".
وبحسب تصريحات أدلى بها قاسم وقتها؛ كان إيهاب الخولي عضو المجلس الرئاسي لحزب المحافظين هو صاحب فكرة تجمع الليبراليين في تكتل واحد.
على مدار عام كامل خفت الحديث عن التيار الليبرالي، رغم انعقاد عدة اجتماعات داخل مقر حزب المحافظين الذي يرأسه رجل الأعمال أكمل قرطام، إلا أن عدة تصريحات في أوقات متفاوتة كشفت عن المرشحين للانضمام للتيار الجديد وعلى رأسهم الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية ووزير الخارجية الأسبق عمرو موسي.
وبحسب تصريحات أكمل قرطام: "فكرة التيار جاءت بالصدفة بعد اتصال بـ عمرو موسي ليعرض عليه لمناقشته في وثيقة الإصلاحات السياسية التي أعدها الحزب، وبعدها اقترح الخولي تدشين التيار". ويعتقد رئيس حزب المحافظين أن "الوقت الحالي هو الأنسب لتدشين التيار الليبرالي، ولا يجوز أن تسيطر الأحزاب اليسارية على الساحة السياسية"، مشيراً إلى أن حزب المحافظين سيقدم مرشح رئاسي.
ما قاله قرطام فتح الباب للتساؤل حول توقيت تدشين التيار الليبرالي في وقت تعاني فيه الحركة السياسية بالكامل من التضييق، لا سيما وأن التيار الليبرالي الجديد يضم على الأقل نصف الأحزاب السياسية في الحركة المدنية الديمقراطية التي تم تدشينها في 2017، وهو ما يتخوف قيادات في تيار الحركة المدنية الديمقراطية أن يقود إلى انقسام في الحركة.
مصدراً بالحركة الوطنية الديمقراطية أعرب لرصيف22 عن وجود تخوف تجاه التيار الوليد، باعتباره "يفرغ المعارضة من داخلها"
مخاوف "لا أساس لها"
هذه التخوفات لا يري فيها هشام قاسم أية وجاهة، وينفي لرصيف22، أن يكون التيار الحر بديلاً للحركة المدنية، ويقول: "لا أعرف لماذا الإصرار على جر التيار لمعركة مع الحركة المدنية بالقول إنه جاء لضربها. فالتيار هو تكتل مختلف يضم الشخصيات والأحزاب المؤمنة بالتعددية السياسية والاقتصاد الحر، ويسعي للوصول إلي التمثيل البرلماني وكافة الاستحقاقات النيابية".
وحول التوقيت قال قاسم إن الاجتماعات تتم منذ عام كامل لمناقشة كافة التفاصيل المتعلقة بالرؤية والسياسات، وأنه خلال شهر مايو/ أيار الحالي، "سيتم التدشين بصورة رسمية"، ولكن لم يحدد إن كان التيار سيعقد مؤتمراص صحافياً - وسط التضييقات الامنية القائمة- أم سيكتفي بإصدار بيان.
وأضاف قاسم "التيار يدخل المعترك السياسي ليس رهاناً على سماحة النظام، فالتيار يعلم جيداً التضييق الذي يقوم به النظام. فنحن تكتل سياسي يقوم على تجمع ممثلين لعدة أحزاب وشخصيات ترى ضرورة أن يترك عبد الفتاح السيسي السلطة لانه ثبت بالدليل القاطع فشل إدارة البلاد من خلال شخص واحد، ونحن في ذلك أقرب لتنسيقية الشباب والأحزاب التي تضم عدد من الأحزاب والشخصيات العامة وتسعي للتمثيل البرلماني والسياسي مع الاختلاف الكبير بيننا وبينهم في الرؤية والمواقف، وفي حالة تعرضنا للتضييق فنحن جاهزين للرد بكل السبل القانونية والدستورية".
وأوضح قاسم أن التيار يجتمع بصورة دورية، وأن من المتوقع عقد اجتماع أخير قبل التدشين هذا الأسبوع في مقر حزب المحافظين لوضع اللمسات الأخيرة قبل الانطلاق، مشيراً إلى أنه حتى الآن تشارك أحزاب الإصلاح والتنمية والمحافظين الدستور، لكن لم يستقر حزب الوفد على الانضمام من عدمه رغم حضور ممثلين له اجتماع للتيار، لكن من المتوقع بعد التدشين انضمام أحزاب وشحصيات جديدة.
رغم عدم تأكيد انضمام عمرو موسي للتيار الجديد؛ أعلن أحد قياداته عن انضمام شخصيات أخرى على رأسها عمرو حمزاوي مدير برنامج كارنيغي للشرق الأوسط، وأحمد حسن سعيد العضو المؤسس في حزب المصريين الأحرار
جدل المرشح الرئاسي
حاول رصيف22 التواصل مع عدد من قيادات الحركة المدنية للتعليق من دون جدوى، إلا أن مصدراً داخل الحركة رفض ذكر اسمه، أعرب عن وجود تخوف من التيار الوليد باعتباره "يفرغ المعارضة من داخلها".
وقال المصدر القيادي بأحد أحزاب الحركة: "التيار يشارك به العديد من الفاعلين داخل الحركة المدنية، وهناك اختلاف كبير في الرؤي خاصة الاقتصادية، فإذا اختلفت الرؤى حول قرار من قرارات الدولة ماذا سيكون موقف هذه الأحزاب؟".
مشيراً إلى أن "الصدام الأقرب المتوقع بين الحركة والتيار سيكون في المعركة الرئاسية القادمة"، موضحاً أنه "رغم عدم اتفاق الحركة المدنية على اختيار مرشح للرئاسة حتى الآن؛ أو حتى دعم مرشح في الانتخابات القادمة من عدمه، لا سيما مع عدم وجود ضمانات لنزاهة العملية الانتخابية، إلا أن رئيس حزب الإصلاح والتنمية وعضو الحركة والتيار لمح قبل شهر في بيان إلى احتمالية أن يكون هو المرشح القادم، وأن مشاورات تجري في الحركة المدنية معه حول ترشحه"، وهو ما نفاه خالد داود رئيس حزب الدستور السابق.
وأضاف المصدر أنه يتوقع أن يطرح التيار مرشحاً للرئاسة مخالفاً للحركة المدنية، مشيراً إلى أن الاسم المرجح حتى الآن هو عمرو موسي الذي شهدت مواقع التواصل الاجتماعي حالة احتفاء من النشطاء الليبراليين بكلمته في الجلسة الأولي للحوار الوطني، و"هو الأمر الذي من الممكن أن ترفضه الحركة المدنية لاسيما وأن موسي هو أحد وجوه نظام مبارك، مما يعني تقسيم المعارضة في أحد أهم المعارك السياسية التي ستخوضها".
ورغم عدم تأكيد انضمام عمرو موسي للتيار الجديد إلا أن شخصيات أخرى تم الإعلان عن انضمامها على رأسها عمرو حمزاوي مدير برنامج كارنيغي للشرق الأوسط، وأحمد حسن سعيد العضو المؤسس في حزب المصريين الأحرار.
شادي العدل: التيار الليبرالي لم يناقش حتى الآن أي استحقاقات انتخابية، سواء برلمان أو رئاسة أو حتى المحليات... هذه المناقشات ستأتي في مرحلة لاحقة
وقال إيهاب الخولي في تصريحات صحافية أن القائمين على تأسيس التيار يحاولون التواصل مع عالم الجيولوجيا طارق حجي للانضمام إلى التيار.
في الوقت ذاته شدد شادي العدل عضو مكتب الاتصال السياسي لحزب المحافظين وأحد مؤسسي التيار الليبرالي في تصريحات لرصيف22، أن الأحزاب المنضمة للتيار ملتزمة بالتواجد في الحركة الديمقراطية والمشاركة في كافة قراراتها وفعالياتها.
وأضاف العدل أن التيار "ليس بديلاً عن الحركة المدنية ولا يسعي إلى ضربها كما يتم الترويج، وإنما هو فقط تكتل يضم المتفقين على الآراء الليبرالية".
وحول طرح التيار لمرشح رئاسي؛ قال العدل إن التيار لم يناقش حتى الآن أي استحقاقات انتخابية، سواء برلمان أو رئاسة أو حتى المحليات، مشيراً إلى أن المناقشات حالياً تتم حول الخطوط العامة للتيار، مشيراً إلى أن هذه المناقشات ستأتي في مرحلة لاحقة.
وأضاف أن فكرة التيار بدأ التحضير لها منذ عام كامل، وبدأت بضم الشخصيات العامة فقط ثم تطورت إلى ضم الأحزاب أيضاً، و"بسبب انشغال أغلب الأحزاب في الحركة المدنية تم تأخر الإعلان، لاسيما وأن هذا العام كان بالكاد مدة كافية لصياغة الأوراق التي تعبر عن رؤي التيار".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ 3 ساعات??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 23 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون