في الفترة التي سبقت ثورة 25 يناير/ كانون الثاني عام 2011، كان الحديث عن تدخلات الدولة عبر أجهزتها الأمنية للسيطرة على النقابات المصرية أمراً متداولاً، لا سبيل لإثباته سوى شهادات العمال والمهنيين لنشطين نقابياً، ووقائع إلقاء القبض على عمال ومهنيين، أو وقائع تزوير سافرة في الانتخابات النقابية. ولكن في العام 2011، ومع الكشف عن ملفات "امن الدولة"، باتت هناك وثائق تثبت هذه التدخلات، ورؤية الدولة المصرية في السيطرة الأمنية على جميع أوجه العمل المدني بما فيها النقابات العمالية والمهنية، كما يمكنك أن تقرأ في مقال المحامي الحقوقي عماد مبارك المتخصص في حرية تداول المعلومات.
11 عاماً مرت على ثورة يناير، عاد معها الوضع إلى ما كان عليه، واستطاعت الدولة استعادة السيطرة على النقابات، ونجحت في إسكات الكثير منها، كما بات الحق في التنظيم النقابي مُحاصراً في ظل التقييد الدستوري والقانوني لإنشاء النقابات المستقلة، لكن مارس/ آذار الجاري يشهد تحركات ربما تعيد الأمل في تحرير نسبي للعمل النقابي في مصر، كما ظهر في الجمعية العمومية الأحدث لنقابة المهندسين التي تشهد الآن وقفة في مواجهة قيادات نقابية تنتمي إلى حزب "مستقبل وطن" القريب من السلطة، والذي ينظر إليه باعتباره التجسد الجديد للحزب الوطني الديمقراطي الذي سيطر على السياسة والعمل النقابي قبل ثورة يناير.
11 عاماً مرت على ثورة يناير، عاد معها الوضع إلى ما كان عليه، واستطاعت الدولة استعادة السيطرة على النقابات، ونجحت في إسكات الكثير منها، كما بات الحق في التنظيم النقابي مُحاصراً في ظل التقييد القانوني لإنشاء النقابات المستقلة
ماذا حدث في نقابة المهندسين؟
"#ادعم_قرارات_الجمعية_
وهيئة المكتب هي مجموعة من أعضاء مجلس النقابة مكلفة بتسيير العمل اليومي ومسيطرة غالباً على موارد النقابة المالية وسلطة اتخاذ القرارات فيها.
وصوّت الحاضرون في اجتماع الجمعية العمومية على عدة قرارات، أهمها تغيير الأمانة العامة للنقابة المكونة من الأمين العام اللواء المهندس يسري الديب والأمين العام المساعد أحمد صبري وكلاهما عضو في حزب مستقبل وطن، وتكليف مجلس النقابة باختيار أمانة عامة جديدة، وكذلك الموافقة على رفض تولي الأعضاء المنتخبين من مجلس النقابة لمناصب في عضوية مجالس إدارة الشركات التي تساهم فيها النقابة، لما في ذلك من إخلال بمبدأ فصل الملكية عن الإدارة، ومنعاً لتضارب المصالح، على أن يتولى هذه المناصب أعضاء من الجمعية العمومية من ذوي الخبرة والكفاءة، وتكليف النقيب بإعادة تشكيل جميع اللجان لتفعيلها وضمان مشاركة المهندسين كلهم.
صوّت الحاضرون في اجتماع الجمعية العمومية على عدة قرارات، أهمها تغيير الأمانة العامة للنقابة، وتكليف مجلس النقابة باختيار أمانة عامة جديدة، وكذلك الموافقة على رفض تولي الأعضاء المنتخبين من مجلس النقابة لمناصب في عضوية مجالس إدارة الشركات التي تساهم فيها النقابة
وقررت الجمعية العمومية أيضاً الموافقة على قرارات النقيب المتعلقة بالتعليم الهندسي، ومنها تحديد عدد الملتحقين بالتعليم الهندسي بـ25 ألف طالب سنوياً في جميع كليات ومعاهد الهندسة العليا في مصر.
وبحسب القانون رقم 66 لسنة 1974 المنظم لنقابة المهندسين، فإن النصاب القانوني لانعقاد الجمعية العمومية هو ربع الأعضاء، فإن لم يكتمل النصاب، يؤجل الانعقاد ساعتين، ويعتبر النصاب قانونياً بعد التأجيل إذا حضر 600 من أعضاء الجمعية العمومية.
وعقب إعلان قرارات الجمعية العمومية التي عقدت في المقر الرئيسي للنقابة في العاصمة القاهرة، توالت بيانات تأييد تلك القرارات من الجمعيات العمومية للنقابات الفرعية للمهندسين في عدة محافظات، من بينها أسوان والوادي الجديد ومطروح والأقصر والشرقية.
نقابة المهندسين واحدة من أهم النقابات التي شهدت صراعات سياسية ومحاولات مستمرة لسيطرة وصلت حد إخضاعها للحراسة (تعيين مجلس من الدولة ومنع الانتخابات) في بعض الفترات
تاريخ من محاولات السيطرة
تعد نقابة المهندسين واحدة من أهم النقابات التي شهدت صراعات سياسية في مصر. فالنقابة فُرضَت عليها الحراسة عام 1994 ضمن عدد من النقابات التي وضعت تحت الحراسة بسبب "سيطرة تيار الإخوان المسلمين" عليها. وخلال هذه الفترة نشط النقيب الحالي طارق النبرواي في إطار تجمع "مهندسون ضد الحراسة" الذي تم تأسيسه في 2004، واستطاع انتزاع حكم من محكمة شمال القاهرة برفع الحراسة عن النقابة في 2011.
بطبيعة الحال استطاعت جماعة الإخوان المسلمين في أول انتخابات للنقابة بعد الثورة، أن تسيطر على مجلس النقابة الجديد في نهاية 2011، ورغم اتهام النبرواي لمرشحي الجماعة بالتلاعب في نتيجة الانتخابات، ظلّت النقابة تحت سيطرة الجماعة حتى أكتوبر/ تشرين الأول 2013، حين طلب تيار الاستقلال عقد جمعية عمومية طارئة، وفي يناير/كانون الثاني 2014 صوتت الجمعية العمومية للمهندسين على سحب الثقة من المجلس التابع للجماعة بما يزيد عن ثمانية آلاف صوت من أصل 15 ألف عضو حضروا الجمعية العمومية.
واستطاع النبرواي أن ينتزع مقعد النقيب في 2014، وفي الانتخابات التالية فاز الوزير الأسبق ومرشح الدولة المهندس هاني ضاحي بمقعد النقيب، وظل في موقعه حتى 2022.
في 2022، انتخب طارق النبرواي نقيباً للمهندسين بعد جولة إعادة بينه وبين النقيب السابق هاني ضاحي، ومنذ ذلك الحين بدأت معركة داخلية بين النبراوي، المناضل من أجل استقلال النقابة، وبين مجلس النقابة وهيئة المكتب التي سيطر عليها حزب مستقبل وطن
في انتخابات 2022، لم تكن هناك أية محاولات للمواراة، إذ تقدمت قائمة معبرة عن "الدولة" في مواجهة النبراوي، عندما دخل حزب "مستقبل وطن" المعركة عبر قائمة "الجمهورية الجديدة"، وعلى مقعد النقيب، ترشح ممثلاً للدولة المهندس أحمد عثمان، عضو مجلس النواب عن حزب "مستقبل وطن" ووكيل أول نقابة المهندسين السابق، إلا أنه تم استبعاده بحكم من محكمة القضاء الإداري يقضي بعد إمكانية الجمع بين منصب النقيب وعضوية مجلس النواب أو الشيوخ، لعدم تحقق شرط التفرغ المنصوص عليه في القانون رقم 66 لسنة 1974. واللافت أن هذا الشرط يتم التغافل عنه في نقابة الصحافيين المصرية التي يجمع أعضاء "الدولة" في مجلسها بين عضويتهم في المجالس النيابية وعضوية النقابة، وبينهم مرشحون في انتخابات المنتظر إجراؤها في 17 الشهر الجاري.
مجلس غير متعاون
في مارس/آذار 2022، انتخب طارق النبرواي نقيباً للمهندسين بعد جولة إعادة على منصب النقيب بينه وبين النقيب السابق - الذي أعيد استدعاؤه- هاني ضاحي، ومنذ ذلك الحين بدأت معركة داخلية بين النبراوي، المناضل من أجل استقلال النقابة، وبين مجلس النقابة وأمانتها وهيئة المكتب التي سيطر عليها حزب مستقبل وطن، إذ سيطر أعضاء الحزب على جميع اللجان النقابة، وحينها بدأ الخلاف يلوح في الأفق.
ففي يونيو/ حزيران 2022، تسبب خطاب صادر عن أمين النقابة اللواء مهندس يسري الديب – عضو مستقبل وطن- يكلف النقيب بإلغاء توكيل قانوني لمكتب محاماة باعتباره مستشاراً قانونياً لنقيب المهندسين، وهو ما اعتبره النقيب تجاوزاً تمثَّل في إعطاء النقيب تكليفاً من المستوى الأقل منه، فدعا النقيب إلى اجتماع عاجل لمجلس نقابة المهندسين، طالب خلاله بإقالة الأمين العام.
وفي 5 يوليو/ تموز 2022، عُقد اجتماع طارئ للمجلس الأعلى لنقابة المهندسين، وهو الاجتماع الذي أكد فيه النبرواي حدوث الكثير من التجاوزات في حق شخص النقيب، وإرادة المهندسين، وشهد الاجتماع اعتذار يسري الديب عن الواقعة، مع استمرار قرار سحب توكيل مكتب محاماة رحاب التحيوي.
وقد اعتُبر قرار اللواء الديب بسحب توكيل مكتب رحاب التحيوي كمستشار قانوني لنقيب المهندسين نوعاً من الثأر، إذ كان وراء الدعوى القضائية التي انتهت إلى استبعاد المهندس أحمد عثمان (مرشح الدولة في الانتخابات التي فاز فيها النبراوي) من قوائم المرشحين على منصب النقيب.
تدور أزمة الشركات في محاولات عدد من أعضاء مجلس نقابة المهندسين المنتمين لحزب "مستقبل وطن" طرح فكرة بيع نصيب النقابة من هذه الشركات، وهو الأمر الذي لم يكن مطروحاً على جدول الأعمال، إلا أن النقيب طرحه، وتم التصويت عليه وسط هتافات ترفض بيع أصول النقابة
ملفات شائكة
تضم إدارة نقابة المهندسين عدة ملفات شائكة سببت أزمة بين النقيب الحالي ومجلس النقابة، أهمها ملف التعليم الهندسي، إذ يشكو أعضاء الجمعية العمومية من تزايد أعداد الخارجين، لا سيما مع انتشار المعاهد الهندسية الخاصة، وقبول خريجي الدبلومات الفنية في هذه المعاهد، وهو ما يقلل من جودة المنتج النهائي وهو المهندس.
بحسب المهندس أحمد رشاد، أحد مؤسسي اتحاد المهندسين خريجي الجامعات الحكومية – تحت التأسيس- "خاض نقيب المهندسين معركة كبيرة لتحسين جودة التعليم الهندسي دون معاونة من مجلس النقابة".
ورغم إقرار المجلس الأعلى لنقابة المهندسين قرارات النقيب المتعلقة بالتعليم الهندسي، لم يتم إدراجها على جدول أعمال الجمعية العمومية الأخيرة، وهو ما دفع النقيب إلى الحديث عنها باعتبارها أحد المخاطر التي تهدد المهندسين، وجرى التصويت عليها بحسب رشاد.
يضيف رشاد: "الحضور هو السر، فحضور الجمعية العمومية بهذه الكثافة هو ما سمح للنقيب بالاستناد عليهم للدفاع عن المهنة، مشيراً إلى أن اكثر المتفائلين توقع حضور فقط 3000 عضو الجمعية العمومية، وبالفعل تمت طباعة البطاقات الخضراء والحمراء والميزانية بناءً على هذا العدد، إلا أن الحضور فاق التوقعات، وهو ما دعم موقف النقيب".
الملف الشائك الثاني اتصل بالشركات التي تساهم فيها نقابة المهندسين، فالنقابة تساهم في عدة شركات منها شركة "يوتن" للدهانات، وشركة "المهندس" للتأمين، وبحسب قرارات الجمعية العمومية فقد تم الاتفاق على عدم جمع أعضاء مجلس النقابة المنتخبين بين عضوية المجلس وعضوية مجالس إدارة هذه الشركات.
وتدور أزمة الشركات في محاولات عدد من أعضاء مجلس نقابة المهندسين المنتمين لحزب مستقبل وطن طرح فكرة بيع نصيب النقابة من هذه الشركات، خاصة شركة "يوتن" بحجة أزمة توفير المواد الخام بسبب الأزمة الدولارية، والترويج لعرض دولاري لنسبة النقابة في الشركة، وهو الأمر الذي لم يكن مطروحاً على جدول الأعمال، إلا أن النقيب طرحه، وتم التصويت عليه وسط هتافات ترفض بيع أصول النقابة.
أعضاء المجلس المنتمين لحزب مستقبل وطن، "قرروا الضرب بتعليمات النقيب عرض الحائط"، وترشحوا لعضوية مجالس إدارة الشركات، وكذلك الترويج لفكرة بيع أصول النقابة في تلك الشركات، وهو ما دفع النقيب لعرض الأزمة برمتها على الجمعية العمومية التي صوتت ضدها
تكتل حزبي
من جانبه يرى المهندس محمد عسران، عضو مجلس نقابة المهندسين الفرعية بمحافظة قنا، أن العمل النقابي هو عمل يفترض رقابة الجمعية العمومية على مجلس النقابة والنقيب المنتخبين، وهي رقابة يكفلها القانون الذي ينص على عقد جمعية عمومية سنوية لمراقبة أداء المجلس المنتخب، ويشترط التجديد النصفي لأعضاء المجلس لمحاسبة أعضاء المجلس المقصرين، وحضور أعضاء الجمعية العمومية هو الضمانة الوحيدة لعدم سيطرة تيار أو جهة على النقابة.
ويضيف: "خلال العام الماضي تم انتخاب المهندس طارق النبرواي مع مجلس النقابة، وبطبيعة الحال فإن المهتمين بالعمل النقابي يهتمون أيضاً بالعمل الحزبي، لذلك فإن عدداً من أعضاء المجلس منتمىن لحزب سياسي هو حزب مستقبل وطن، وهو أمر طبيعي ما لم يجرِ إقحام الانتماء الحزبي في العمل للنقابي، ولكن للأسف ما جرى عكس ذلك.
ويوضح عسران أن أعضاء المجلس بدأوا في محاربة النقيب، وظهر ذلك في سيطرتهم الكاملة على اللجان، ومنع غيرهم من الانضمام إليها، وتسبب ذلك في شكاوى عديدة، كما امتنعوا عن مساعدة النقيب في أزمة التعليم الهندسي، لعلاقات تربط بعضهم ببعض المعاهد الخاصة.
ويشير إلى أن كل هذه المشكلات التي حاول النقيب التعامل معها بقيت عالقة، "إلا أن أزمة فصل ملكية شركات النقابة عن الإدارة كانت هي القشة التي قصمت ظهر البعير".
ويشرح عسران: "في فترة تولي النبراوي للنقابة للمرة الأولى بين عامي 2014 و2018، دعم النقيب مبدأ عدم تولي أعضاء المجلس المنتخبين لعضوية مجالس الشركات، على أن تدفع النقابة بذوي الخبرة ليمثلوها في مجالس إدارة الشركات، دون أن يكونوا أعضاء بمجلس النقابة حتى يمكن محاسبتهم والاستغناء عنهم في حالة التقصير، وهو ما طرحه مع توليه منصب النقيب مرة أخرى، وطالب أعضاء مجلس النقابة بعدم الترشح لعضوية مجالس الإدارة.
بحسب عسران، فإن أعضاء المجلس المنتمين لحزب مستقبل وطن، "قرروا الضرب بتعليمات النقيب عرض الحائط، لتحقيق مكاسب خاصة بهم"، وترشحوا لعضوية مجالس إدارة الشركات، وكذلك الترويج لفكرة بيع أصول النقابة في تلك الشركات، وهو ما دفع النقيب لعرض الأزمة برمتها على الجمعية العمومية التي صوتت ضدها.
ويبيّن أن مطلب إقالة الأمانة العامة هو مطلب الجمعية العمومية، وليس مطلب النقيب، وراعي النقيب في ذلك القانون، من خلال التأكيد على أن تشكيل أمانة جديدة ليس من صلاحيات الجمعية العمومية وإنما من صلاحيات المجلس.
ويكشف عسران أن الجمعية العمومية تشعر أنه خلال سنة من عمر المجلس لم يحقق شيئاً لجموع المهندسين، وهو ما ظهر خلال رفض الجمعية العمومية اعتماد الميزانية في بداية الانعقاد لأنها تمثل المجلس والأمانة العامة للنقابة وليس النقيب، وبعد اتخاذ قرارات إعادة تشكيل اللجان والأمانة العامة قررت الجمعية العمومية اعتماد الميزانية.
رد ممثلي الدولة
في المقابل، عقب يوم واحد من الجمعية العمومية، قامت صفحة نقابة المهندسين على فيسبوك، وهي تحت سيطرة أعضاء هيئة المكتب المُقالين، بوصف الجمعية العمومية بالأحداث الغوغائية، وقالت هيئة المكتب في بيان أنها "بصدد اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة للحفاظ على مصداقية قرارات مؤسسة من أعرق المؤسسات"، وهو ما رفضه النقيب طارق النبرواي، وقرر تجميد الصفحة وعدم اعتبارها معبرة عن نقابة المهندسين، فيما دشن أعضاء الجمعية العمومية وسم #ادعم_قرارات_الجمعية_العمومية_
ورداً على بيان هيئة المكتب أعلنت نقابات فرعية في الأقصر وأسوان وقنا تأييد قرارات الجمعية العمومية لنقابة المهندسين، فيما انقسمت النقابة الفرعية في الجيزة بين النقيب عضو مستقبل وطن الذي رفض قرارات الجمعية العمومية، وبين أعضاء المجلس المؤيدين لموقف النقابة.
نقابات تحت السيطرة
وتأتي الجمعية العمومية لنقابة المهندسين وقرارات استعادة النقابة من حزب مستقبل وطن، واقعة فريدة في عصر نقابات ما بعد 2013، ففي نقابة الصحافيين التي تنتظر انتخابات التجديد النصفي لها في منتصف الشهر الحالي، يسيطر أعضاء المجلس المحسوبون على ما يعرف بجبهة تصحيح المسار، وهي الجبهة التي عارضت موقف الجمعية العمومية عقب أحداث اقتحام نقابة الصحافيين في مايو /آيار 2016، عقب فتح النقابة أبوابها للمتظاهرين ضد اتفاقية تيران وصنافير في أبريل / نيسان 2016.
وبعد هذه الواقعة عقدت نقابة الصحافيين اجتماعاً حاشداً للجمعية العمومية، اشترط اعتذار وزير الداخلية، وتعليق نشر اسمه أو صورته أو أخباره، إلا أن هذا الإجماع تم خرقه باجتماع ضم أعضاء من مجلس النقابة على رأسهم خالد ميري المرشح لمنصب نقيب الصحافيين، بعد تأسيس ما يعرف باسم جبهة تصحيح المسار.
وعقب انتهاء مدة النقيب السابق يحي قلاش، سيطر على منصب النقيب مرشحون ينظر إليهم قطاع غير قليل من الصحافيين في مصر على أنهم ممثلون للدولة لدى النقابة، بداية من عبد المحسن سلامة رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام، ثم رئيس هيئة الاستعلامات الحالي ضياء رشوان، فيما يخوض مرشح تيار الاستقلال خالد البلشي المعركة ضد ميري الذي يقدمه مؤيدوه باعتباره المرشح "المطلوب" من الدولة.
وفي إطار المجلس، ظهر خلال الدورتين الماضيتين أنه لم يكن هناك أي دور لأعضاء مجلس النقابة غير المحسوبين على جبهة تصحيح المسار، إذ تم استثناؤهم وإطاحتهم من جميع اللجان النقابية، وتعطيل لجنة الحريات، كما صدر في عهد المجلس الحالي الذي تسيره "الدولة" عبر ممثليها عدة قوانين معيبة، منها القانون 180 لسنة 2018 بشأن تنظيم الإعلام، ولائحة جزاءات المجلس الأعلى للإعلام، كما تكررت حوادث اعتقال الصحافيين.
أما في نقابة الأطباء فرغم سيطرة تيار الاستقلال على منصب النقيب الذي يشغله الدكتور حسين خيري، أعلن التيار في بيان عدم خوض انتخابات التجديد النصفي بسبب ما اعتبره "معارضة الظروف المحيطة بالعمل النقابي"، على أن يظل أعضاؤه داعمين لحقوق الأطباء، والعمل على دعمها من داخل النقابة أو من خارجها.
أما نقابة المحامين فرغم قدرتها على الحشد في أزمة الفواتير الإلكترونية، وتأجيل تنفيذ قرارات إلزام المحامين بها – كما يمكنك أن تقرأ في هذا التقرير؛ إلا أنه في أزمة الاعتداء على المحامين في مطروح، إضافة إلى رفع رسوم التقاضي، ظهر أن نقابة المحامين تشهد وضعاً متأزماً نتيجة الصراع بين النقيب الحالي عبد الحليم علام المنسق لجبهة الإصلاح النقابي، وعضو مجلس النواب عن الحزب الوطني في 2010، ويعد امتداداً للنقيب السابق رجائي عطية المقرب من النظام، وبين النقيب الناصري الأسبق سامح عاشور المقرب من النظام أيضاً.
يبقى أن الجمعية العمومية للمهندسين استطاعت أن تستعيد مبدأً مهماً في العمل المدني والسياسي الذي تعد النقابات إحدى أضلعه المهمة، وهو مبدأ استخدام الآليات الديمقراطية في الدفاع عن المصالح المهنية والفردية، فهل تستوعب النقابات الأخرى الدرس؟
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Mohammed Liswi -
منذ 12 ساعةأبدعت بكل المقال والخاتمة أكثر من رائعة.
Eslam Abuelgasim (اسلام ابوالقاسم) -
منذ 18 ساعةحمدالله على السلامة يا أستاذة
سلامة قلبك ❤️ و سلامة معدتك
و سلامك الداخلي ??
مستخدم مجهول -
منذ يومينمتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ 3 أيامtester.whitebeard@gmail.com