شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
نهاية

نهاية "تحت الوصاية"... هل كانت حزينة حقاً؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي نحن والحقوق الأساسية

الجمعة 28 أبريل 202312:14 م

مثل غلاف مميز لإحدى الروايات، يعود القارئ لتأمّله بعد أن ينتهي من القراءة، عبّر الأفيش الرئيسي لمسلسل "تحت الوصاية" (محمد شاكر خضير 2023) عن قصة العمل بإيجاز وعذوبة: طفلان نائمان من التعب الواضح، والأم التي تحمل الرضيعة ويستند إلى ظهرها الطفل الأكبر، تحدق بأعين مفتوحة نحو المجهول، على خلفية من البحر والأفق المفتوح.

إذا كان على التقييم أن يجمع بين الإشادة النقدية والانتشار الجماهيري، فإن المسلسل الذي لعبت بطولته منى زكي، قد تبوّأ مقدمة أعمال الدراما الرمضانية بجدارة، بانتشار جيد للغاية في مصر وعلى امتداد العالم العربي، وإعجاب نقدي بالغ، واهتمام اجتماعي وبرلماني بقضية الوصاية على أموال القصّر، والأهم؛ التميز الواضح لعناصر الإخراج جميعها، وفي مقدمتها أداء الممثلين.

لا يمكن تجاهل أن قدراً واسعاً من الإحباط والشعور الجماهيري بأن "نكداً" بالغاً هيمن على نهاية مسلسل "تحت الوصاية"، وقسوة درامية شهدتها حلقته الأخيرة، التي تكاد تعلن انتصار الشر 

مع ما سبق، لا يمكن تجاهل أن قدراً واسعاً من الإحباط والشعور الجماهيري بأن ثمة "نكد" بالغ هيمن على نهاية المسلسل، وقسوة درامية شهدتها حلقته الأخيرة، التي تكاد تعلن انتصار الشر، متمثلاً في الهجوم الغوغائي الذي حرّضه المنافسون التجاريون في الميناء، والذي أدى إلى احتراق المركب الذي لم يكن هو كل ثروة الأبناء فقط، بل كان معادلاً لحلم الأرملة حنان، ورمزاً لكفاحها من أجل أسرتها، ولا يكتفي السيناريو بذلك فحسب، بل يزج حنان نفسها في السجن، ليفقدها طفلاها بعد أن فقدا الأب بالوفاة التي تسببت في بدء المأساة برمتها.

إنها نهاية تثير بلا شك مشاعر الحزن، بل الحزن الشديد، خصوصاً أنها تضع أحداثاً أخرى موضع التساؤل، مثل مقتل "عم ربيع" الذي قدمه السيناريو كشخصية راعية، وأب بديل لحنان. باحتراق المركب والنهاية المأساوية، يصبح موت عم ربيع بلا معنى تقريباً، تضحية بلا ثمن، اللهم إلا إذا تمسّكنا بالأمل، متخيلين أن تضحيته تلك، أو وجوده المحوري في تجربة حنان، سيكون له الأثر على شخصيتها في المستقبل المتخيل بعد نهاية الأحداث!

لم يستطع بعض المشاهدين ألا يلاحظوا أن النهايات غير السعيدة هي من سمات "آل دياب"، في إشارة إلى "خالد وشيرين دياب" مؤلفي المسلسل، وكذلك شقيقهما الأكثر شهرة، المخرج محمد دياب، صاحب أفلام "اشتباك" و"678" و"أميرة"، ومؤلف "الجزيرة" و"ألف مبروك" وأفلام أخرى.

بينما رأى آخرون أن النهايات الحزينة هي ديدن الأعمال "الهادفة"، التي تثير قضية أو تناقش مشكلة، فالخوف من تفريغ شحنة التعاطف يدفع المؤلف إلى تجنب النهايات السعيدة. كلا النقطتين، "سمات آل دياب"، و"الفن الهادف"، اجتمعا في تصريح المؤلف خالد دياب بعد نهاية عرض "تحت الوصاية"، كتب على موقع فيسبوك: "بعد انتهاء العرض مش بطلب من الجمهور اللي تابع مسلسل (تحت الوصاية) إنهم يتكلموا عن المسلسل، لأ. بطلب منهم إنهم يكونوا جزء من القضية ويتكلموا عن قانون الوصاية".

إن قانوناً يحرم الأم من الولاية على مال أبنائها، ويعود تشريعه إلى أكثر من سبعين عاماً، هو السبب الرئيسي، لا السيناريو، في النهايات المأساوية في مسلسل "تحت الصواية"

بالطبع كان ثمة انتقادات أخرى أكثر فنية لنهاية العمل، رأت أن الخيوط العديدة المتشابكة قد انتهت بصورة متعجلة، وأن التراجيديا – المبالغ فيها من وجهة النظر هذه – كانت حلاً سهلاً لإنهاء كل تلك المسارات معاً.

لكن نظرة أخرى غير متعجلة أو انفعالية، قد ترى أن النهاية على هذا النحو الحالك، هي الأفضل لعدد من الأسباب، على رأسها الطفلان، فرح (لعب دورها التوأمتان فرح وفريدة) وياسين (الطفل عمر شريف). فوجود الطفلين مع الأم في هذه الرحلة الصعبة، بلا قدرة على استخراج أوراق رسمية لهما، ومن ثم عدم استطاعة تسجيلهما في المدارس، يعني أن هذه الرحلة كان عليها أن تنتهي وأن تنتهي الآن. وقد يكون دخول الأم السجن لمدة سنة واحدة عقاباً قاسياً على رغبتها المشروعة في النجاة بأولادها من تحكم العم والجد، لكنه، في رأي آخرين، أفضل من الهرب الأبدي، بمخاطره الكبيرة، في ظل مطاردة الشرطة وضغوط المجتمع المحافظ.

إذا أضيف إلى ذلك التحوّل الدرامي في شخصية العم، إثر صدمة احتراق المركب، وإدراكه أنه لم يتسبب في ضياع ميراث الطفلين فحسب، بل تسبب كذلك في الطعن في "شرف" أرملة أخيه، ووجود الخالة الحنون، ووفاة الجد، يبدو أن الأحداث سوف تتجه إلى مسار إيجابي في النهاية، كل ما في الأمر أننا كمشاهدين لن نشهدها!

هل كان دخول "حنان" إلى السجن ضرورة رقابية حتمية، لأنها، في نظر القانون الحالي، قد "سرقت" ميراث طفليها وبددته؟ ربما. الأكيد، أن قانوناً كهذا، يحرم الأم من الولاية على مال أبنائها، ويعود تشريعه إلى أكثر من سبعين عاماً، هو السبب الرئيسي، لا السيناريو، في النهايات المأساوية.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

ما زلنا في عين العاصفة، والمعركة في أوجها

كيف تقاس العدالة في المجتمعات؟ أبقدرة الأفراد على التعبير عن أنفسهم/ نّ، وعيش حياتهم/ نّ بحريّةٍ مطلقة، والتماس السلامة والأمن من طيف الأذى والعقاب المجحف؟

للأسف، أوضاع حقوق الإنسان اليوم لا تزال متردّيةً في منطقتنا، إذ تُكرّس على مزاج من يعتلي سدّة الحكم. إلّا أنّ الأمر متروك لنا لإحداث فارق، ومراكمة وعينا لحقوقنا.

Website by WhiteBeard