شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
وصاية أم حماية؟... مرشّحو مجلس الأمة الكويتي وناخبوهم في صراع حول

وصاية أم حماية؟... مرشّحو مجلس الأمة الكويتي وناخبوهم في صراع حول "وثيقة القيم"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن والحريات الشخصية

الثلاثاء 13 سبتمبر 202202:20 م

انقسم مرشحو مجلس الأمة والناخبون في الكويت خلال الساعات الماضية حول ما يُعرف بـ"وثيقة القيم" التي أطلقها ودعمها رجال دين وشخصيات عامة محافظة بداعي "التمسك بالقيم الإسلامية والحفاظ عليها"، بين مؤيد بدعوى أنها تدعو للأخلاق الحميدة ومعارض بشدة لـ"فرض الوصاية" على المجتمع.

وعلاوة على الخلاف الأساسي على بنودها، التي يصفها منتقدوها بالتطرف والإرهاب الفكري، يرى كثيرون في توقيت نشر الوثيقة محاولة لـ"ابتزاز" مرشحي مجلس الأمة للانتخابات المقررة في 29 أيلول/ سبتمبر الجاري إذ عليهم التوقيع على الوثيقة ودعمها علناً وإلا خسروا الناخبين المحافظين وهم قوة لا يُستهان بها في البلد الخليجي.

حتى التزام الصمت وتجاهل الوثيقة بدَوَا خياراً غير مقبول لداعمي الوثيقة ومناهضيها أيضاً كما أظهرت السجالات التي دارت على مواقع التواصل الاجتماعي في البلاد منذ تداول الوثيقة. علماً أن غالبية المرشحين استغلت فترة الدعاية الانتخابية الراهنة لإعلان الموقف من الوثيقة. كما هو متوقع، سارع المرشحون الإسلاميون لتأييدها وجاهر اليساريون برفضها.

#وثيقة_القيم vs #وثيقة_قندهار… انقسام حاد في #الكويت حول بنود مقترحة على مرشحي مجلس الأمة في الانتخابات الوشيكة. أنصارها يرونها "مشروعاً سياسياً لحماية المجتمع وثوابته" ومنتقدوها يعتبرونها "وصاية دينية" و"تكسب من وراء الدين"

علامَ تنص الوثيقة؟

وفق الصورة المتداولة للوثيقة، فإنها تبدأ بالبسملة والصلاة على النبي محمد، وتستشهد بآيتين من القرآن عن الوفاء بالعهد والدعوة إلى الخير، قبل أن تنتقل إلى صيغة: "أنا المرشح… أتعهد لله ثم للشعب الكويتي بأن ألتزم بالآتي:..."، مع سرد بنود الوثيقة الـ12.

أما البنود التي تنص عليها فهي: "تأييد المشاريع والقوانين الإسلامية والقيمية التي يقدمها النواب بمجلس الأمة" و"رفض العبث بقانون منع الاختلاط وتفريغه من محتواه، والمطالبة بتحقيقه بما يحقق فصل مباني الطلاب عن مباني الطالبات" و"رفض المهرجانات وحفلات الرقص المختلطة والتي تخالف الآداب والذوق العام وتقاليد المجتمع الكويتي الأصيلة أو القانون".

وتضم الوثيقة مطالبة بـ"تفعيل قانون اللبس المحتشم في الجامعة والتطبيقي للطلاب والطالبات" و"العمل على وقف الدورات والأنشطة التي تتعلق بخرافات الطاقة والممارسات ‘الوثنية‘ المعلنة" و"وقف الابتذال الأخلاقي وعرض الأجساد بما يخدش الحياء في مواقع التواصل الاجتماعي".

وزاد ناظمو الوثيقة بالدعوة إلى "تعديل قانون التشبه بالجنس الآخر" و"تشريع قانون لتجريم الوشوم الظاهرة على الجسد" وأيضاً تجريم "سب الصحابة" ووقف "التجاوزات الأخلاقية" على السوشال ميديا. وأخيراً "فتح خط ساخن مع معدّي الوثيقة لإبلاغ النائب المتعهد (الموقع على الوثيقة) أولاً بأول عما يقع من مخالفات شرعية وأخلاقية".

وكانت المحكمة الدستورية في الكويت قد قضت، في شباط/ فبراير 2022، بعدم دستورية المادة 198 من قانون الجزاء، المتعلقة بتجريم " التشبه بالجنس الآخر بأي صورة من الصور"، والتي طالما طالبت الجمعيات الحقوقية بإلغائها لانتهاكها حق العبور الجنسي، واستغلالها ذريعةً لإساءة معاملة العابرين/ ات جنسياً في البلد الخليجي.

صاحب الوثيقة هو المواطن الكويتي النشط عبر الإنترنت عبد الرحمن النصار، وقد أعلن عنها في 2 أيلول/ سبتمبر الجاري بعد عدة دعوات عبر حسابه في تويتر الذي يتابعه أكثر من 300 ألف شخص للاهتمام بـ"الثوابت والقيم". قال النصار إنه وآخرين معه خصصوا ديواناً للتوقيع على الوثيقة في كل دائرة انتخابية مشجعاً المرشحين على سرعة التوقيع عليها.

"إرهاب فكري يتمدد" و"وصاية مرفوضة على مجتمع حر"... انتقاد واسع لـ #وثيقة_القيم في #الكويت، واتهام لأصحابها بـ"ابتزاز" المرشحين في انتخابات مجلس الأمة 2022 والضغط عليهم خوفاً على أصوات الناخبين

أما في ما يتصل بالناخب، فقد حثه على أن "لا يكن معيارك في التصويت للأعلى صوتاً في الندوات أو الساحات، ولا الأكثر صراخاً، ولا الأجمل خطاباً والأكثر سجعاً. تصويتك للشخص يعني أنك تشهد له بصلاح دينه وأمانته وقوته في الحق"، في إشارة منه للذين وقعوا على الوثيقة.

المرشحون بين "حماية للمجتمع" و"انقضاض على الدستور"

برغم مسارعة مرشحين إلاسلاميين إلى التوقيع على الوثيقة، لم تكتسب زخماً في المشهد الانتخابي إلا في اليومين الأخيرين أي بعد نحو 10 أيام على إطلاقها. وتعهد صاحبها بنشر قائمة بأسماء المرشحين الموقعين عليها قبل يومين من الانتخابات لتفادي أي تلاعب بالناخبين.

وانقسم المرشحون بشدة حول الوثيقة بين من دعمها ووافق على الالتزام ببنودها من منطلق "حماية المجتمع" والانصياع لـ"الثوابت الشرعية"، ومن رأى فيها تعدياً على الدستور والقانون و"وصاية دينية" على الفرد والمجتمع.

من الداعمين لها المرشحُ عن الدائرة الأولى محمد الداهوم الذي قال إن نصوص الوثيقة هي "أصلاً أسباب نزولي مجلس الأمة"، مضيفاً أنها "وثيقة راقية تحمل قيماً شرعية وأخلاقية وحماية للمجتمع". ووقع المرشح عن الدائرة الثانية محمد مفرج المطيري على الوثيقة "انطلاقاً من الثوابت الشرعية وحفاظاً على قيم المجتمع وشبابه"، على حد قوله.

في المقابل، اعتبر مرشح الدائرة الثالثة عزام بدر العميم الوثيقة تغوّلاً على الدستور الكويتي إذ قال: "قيمنا لا تحتاج إلى وثيقة. ولا وثيقة إلا الدستور. وثيقة الدستور تنظم العلاقة بين الناخب والمرشح. وثيقة القيم داست في بطن (يقصد تعدت على) الدستور"، ضارباً مثالاً لذلك بمواد الحريات في الدستور الكويتي ومنها المواد 7 و14 و30 و36.

وشدد عزام على أن دور عضو مجلس الأمة واضح في الدستور من خلال التشريع ومراقبة عمل الحكومة ومحاسبتها وليس محاسبة "خلق الله". واتفقت معه مرشحة الدائرة الرابعة موضي المطيري التي نفت التوقيع على الوثيقة قائلةً: "لا وصاية على الشعب الكويتي. إحنا مو دورنا نعلم الناس شنو تلبس وشنو تاكل وشنو تسوي".

"المصيبة بموضوع #وثيقة_القيم أنها صارت برنامجاً انتخابياً مطروحاً يتصارع على قبوله ورفضه حزبان سياسيان مرشحان لتشكيل الحكومة! نحتاج مرشحين ينظرون لمصلحة البلد ومستقبله لا لدغدغة مشاعر القواعد الانتخابية"

لن أنتخب من وقع/ لم يوقع عليها

الانقسام كان حاضراً أيضاً في صفوف الناخبين وبنفس القوة بين فريقين أولهما تعهد بعدم انتخاب من لا يوقع على الوثيقة وثانيهما توعد بعدم انتخاب من وقع عليها وكذلك من لم يُجاهر بمعارضته لها. زاد المناهضون للوثيقة بتسميتها "وثيقة قندهار" أو "الوثيقة الداعشية"، في إشارة للتشدد الذي لاحظوه في نصوصها.

وقال الداعية البارز عثمان الخميس إنه اطلع على الوثيقة التي أعدها "محبون للبلد"، ولم يجد فيها "مخالفة للدين والشرع والقوانين"، ودعا جميع المرشحين لقبول الوثيقة، وحث الناخبين على ترشيح من يوقع عليها من المرشحين.

من أنصار الفريق الأول أيضاً الرئيس السابق لقسم العلوم السياسية في جامعة الكويت، عبد الله الشايجي، الذي تخطى دعم الوثيقة إلى مهاجمة معارضيها، لافتاً إلى أن الانتخابات الوشيكة ستفاجئهم بدعم شعبي عريض لها.

وغرّد: "تهجم وشيطنة ما يسمى بالتيار الليبرالي في #الكويت، الفاقد لقاعدة شعبية ومحدود التأثير، وترهيب منظريهم للنواب السابقين والمرشحين لتوقيعهم على #وثيقة_القيم المتداولة هو ترهيب فاشل وتغريد خارج السرب وزوبعة في فنجان. نتائج الانتخابات ستصدمهم. المجتمع الكويتي متدين ومحافظ بفطرته".

أما الفريق المقابل، فمنه الناشط الإعلامي عبد العزيز اليحيى الذي كتب: "أنا رجل مسلم كويتي، أتبع القرآن والسنة والدستور والقوانين والعرف. لا أحتاج أحداً يكون عليّ وصي يقولي شسوي وما أسوي… كل مرشح من الدائرة الثالثة وقع على #وثيقة_القيم لن أصوت له. أرفض كل شخص يتكسب من وراء الدين".

"لن ننتخب أي مرشح يوقع على #وثيقة_القيم غير الدستورية، أو لا يعلن عن رفضه رسمياً لها. من يقبل بخرق الدستور وتكبيل حريات الناس أو يصمت عن ذلك لا يؤتمن على مجتمع ووطن".

وكتبت الصحافية أسيل أمين: "لن ننتخب أي مرشح يوقع على #وثيقة_القيم غير الدستورية، أو لا يعلن عن رفضه رسمياً لها. من يقبل بخرق الدستور وتكبيل حريات الناس أو يصمت عن ذلك لا يؤتمن على مجتمع ووطن".

وروى صالح النفيسي حادثة تاريخية تُظهر استمرار الصراع بين التزمت والاعتدال في الكويت منذ 100 عام. قال: "عام 1920، الكويتيون محاصرون في القصر الأحمر أثناء معركة الجهراء. فاوض الوهابيون الشيخ سالم. من شروطهم للانسحاب منع التدخين والخمر والقمار والدعارة. رد عليهم أنه ضد كل ذلك لكنه غير مسؤول عما يفعله الناس في بيوتهم. استمرت المعركة بين الكويتيين والمتزمتين، وتستمر حتى اليوم".

ولفت آخرون إلى فشل محاولة استنساخ "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" -الشرطة الدينية المتشددة في السعودية- إبّان دورة مجلس الأمة عام 1992، لتصدي الكويتيين لها.

في الأثناء، رأى البعض أنه من الكارثي طرح الوثيقة كبرنامج انتخابي والجدال حوله. قال محمود: "المصيبة بموضوع وثيقة القيم أنها صارت برنامجاً انتخابياً مطروحاً يتصارع على قبوله ورفضه حزبان سياسيان مرشحان لتشكيل الحكومة! شخصياً، أشوف أي مرشح يقول رأيه بهالخبال (يقصد الهراء)- مؤيد أو معارض- غير كفء لتمثيل الناس. نحتاج مرشحين ينظرون لمصلحة البلد ومستقبله لا لدغدغة مشاعر القواعد الانتخابية".

يُشار إلى أن صحيفة "القبس" الكويتية كانت قد وصفت الوثيقة بأنها "إرهاب فكري يتمدد"، مضيفةً أنها تمثل "وصاية مرفوضة على مجتمع الكويت الحر وابتزازاً لمرشحي ‘الأمة‘". وانتقدت في الوقت عينه أن "مضامينها تصطدم بقوانين البلاد وتناقض طبيعة المجتمع المنفتحة والمتسامحة" فيما "كاتبوها نصّبوا أنفسهم سلطة موازية تقترح القوانين وتحاول فرضها على بقية الشعب".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

فلنتشارك في إثراء مسيرة رصيف22

هل ترغب/ ين في:

  • الدخول إلى غرفة عمليّات محرّرينا ومحرراتنا، والاطلاع على ما يدور خلف الستارة؟
  • الاستمتاع بقراءاتٍ لا تشوبها الإعلانات؟
  • حضور ورشات وجلسات نقاش مقالات رصيف22؟
  • الانخراط في مجتمعٍ يشاركك ناسه قيمك ومبادئك؟

إذا أجبت بنعم، فماذا تنتظر/ ين؟

    Website by WhiteBeard
    Popup Image