شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
تآكل وتلف وحوادث سير... كيف تؤثر عوامل الطقس على السيارات والطرق؟

تآكل وتلف وحوادث سير... كيف تؤثر عوامل الطقس على السيارات والطرق؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

بيئة ومناخ نحن والبيئة

الأربعاء 19 أبريل 202312:18 م

في الصباح الباكر يستقل مصطفى حمدي، وهو سائق ثلاثيني، سيارته المحملة بأطنان من البضائع متجهاً من المنيا نحو القاهرة، تجبره ظروف العمل على التحرك نهاراً متخذاً من الطريق الصحراوي الغربي المخصص لمرور شاحنات النقل الثقيل، سبيلاً للوصول بأمان، إلا أن بعض العوائق المتعلقة بالطقس تقابله فجأة، وتلزمه بجملة من التدابير لكي ينجو من خطرها.

يقول حمدي لرصيف22 إن الرؤية تنعدم تماماً في الكثير من الأوقات، ما يجعله مضطراً للوقوف خارج الطريق حتى انقشاعها، ويضيف: "يخيفني الضباب الصباحي ويقلقني المطر، لأن السيارة لا يوجد بها مانع انزلاق، واضطر إلى السير ببطء شديد".

تظهر أغلب المشكلات على هيكل السيارة نتيجة عوامل الطقس، إما في الطلاء أو بعض الأجزاء المتحرك.

مخاطر مختلفة

"تظهر أغلب المشكلات على هيكل السيارة نتيجة عوامل الطقس، إما في الطلاء أو بعض الأجزاء المتحركة مثل فتحة السقف والمقابض"، يفتتح محمد علي ناصر، مهندس صيانة السيارات، حديثه لرصيف22 بهذه العبارة، مركزاً على السيارات في البيئات الساحلية والحارة مثل مدينة الإسكندرية، التي تتعرض للأمطار الكثيفة والرياح الشديدة، مؤكداً أن هذه العوامل تسبب تآكل هيكل السيارة الخارجي وبعض الأجزاء الداخلية وتحديداً أرضية السيارة.

كما يلفت إلى تأثير المناخ على السيارات في المناطق الحارة أو الصحراوية، إذ يظهر على بعض الأجزاء المتحركة، ما يتطلب صيانة دورية لها بسبب تراكم الأتربة والرمال، إلى جانب الطلاء الخارجي الذي تظهر فيه تشققات ويفقد بريقه، وكذلك طبقة الورنيش التي تحمي هيكل السيارة من الخارج، خاصة في الأسطح المواجهة لأشعة الشمس مثل السقف.

وينتقد ناصر استخدام لاصقات على الدهان من الخارج بسبب تفاعلها مع العوامل المناخية المفاجئة، موضحاً أن الملصقات تتعرض للتلف والقطع ويكون بها أطراف تختزن المياه داخلها وتسبب تآكل الهيكل.

بدوره يؤكد المهندس باسم حسن، صاحب مركز صيانة سيارات في المنطقة الصناعية، أن المناطق المبنية على مرتفعات جبلية تصاب السيارات الدائمة الوجود فيها بما يسمى "الكلح"، وهو تقشير في طبقات الطلاء نسبة إلى ارتفاع ملوحة المياه بهذه المناطق، وتعرضها لموجات حر شديدة ومفاجئة، ويقول لرصيف22: "يجب ركن السيارات في أماكن غير مشمسة، وغسلها بالمياه الباردة، مما يساعد في جعل إطارها الخارجي بارداً لحمايته من تلف الدهان".

كذلك تشير ريهام البارودي، وهي مهندسة صيانة، إلى أن السيارات بجميع أنواعها معرضة لتلف أجزائها لكن بنسب متفاوتة بسبب عوامل الطقس، ونجد السيارات الصغيرة أكثر تأثراً، إذ لا يمكنها تحمل العواصف الرملية أو الأمطار الغزيرة.

وتقول لرصيف22 إن دخول مياه الأمطار في السيارة يتسبب في تعطل أجزائها من الداخل، كما أن ذوبان الثلج داخلها عند سقوطه المفاجئ يمكن أن يكلف صاحبها إعادة تغيير دائرة الكهرباء بها، بسبب تلف أجهزة التحكم، كما أن الموجات الباردة والحرارية المفاجئة تؤثر على نشاط بوابات وفلاتر الهواء وتعرضها للتلف بسبب دخول الأتربة فيها وانسدادها، وتتطلب عمل صيانة لهذه الأجزاء، وتضيف: "استمرار قيادة السيارة في طريق ممطر يعرض السيارة للتوقف المتواصل لأن محرك السيارة لا يكون في درجة حرارته الطبيعية".

العواصف الرميلة تجعل الطريق أشبه بلوح زجاجي بسبب تراكم حبيبات الرمل، ومع ضعف قوة الفرملة تتعرض السيارة للانحراف وبالتالي تنقلب، كما أن موجات الحر الشديدة تتسبب في تمدد الأرصفة وتشوهها وحدوث فواصل في الأسفلت، ما يعرض إطارات السيارات للتلف السريع

ويتفق المهندس شريف محمود، رئيس قسم السمكرة والدهان السابق في شركة رسلان موتورز جروب، مع هذا الرأي، ويشير إلى أن كل جزء في السيارة معرض للتلف بفعل العوامل المناخية المتغيرة، والتي لا تفرق في تأثيرها بين سيارة جديدة وأخرى قديمة، وتبرز المشكلة الأكبر في حال لا تتوفر للجزء التالف قطع غيار في الأسواق.

ويقول لرصيف22 إن اتجاه الكثير من شركات السيارات إلى تصنيع مركبات تناسب المناخ الدائم في البلد المستورد: "إذا لم تكن السيارة قادرة على تلافي مخاطر تقلبات المناخ فإن سمعة الشركة المصنعة تتعرض للخطر، لذلك يجب على الشركات أن تقدم سيارات قادرة على التعامل مع التقلبات المناخية المفاجئة، وليس الطقس المعتاد فقط".

حوادث بسبب الطقس

تتسبب مياه الأمطار في تكوّن الوحل على الطرق مما ينتج عنه انزلاق السيارات وانحرافها عن مسار الطريق، وتالياً وقوع الحوادث المرورية خاصة على الطرق السريعة، إذ تؤدي هذه المياه إلى تفكيك جزيئات الطريق وإحداث الحفر والفواصل بها، فيمكن أن تساهم بزيادة خطر انقلاب المركبات ووقوع الحوادث.

وكثيراً ما نسمع عن حوادث سير تتسبب بها عوامل الطقس المتطرفة، كأن تصطدم سيارة بشخص أو بسيارة أخرى بسبب انعدام الرؤية أو هبوب رياح شديدة، أو تتعرض للانقلاب بسبب الانزلاق أو انفجار الإطارات أو اختلال عجلة القيادة بسبب ظروف الطقس السيئة.

وبحسب تقرير نشره مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، فإن آثار التغيرات المناخية على مصر تظهر في تعرضها لموجات حرارية عنيفة، إضافة إلى هبوب العواصف الترابية المتتالية وضرب السيول لبعض المناطق المصرية مثل أسوان والغردقة وغيرهما.

كل جزء في السيارة معرض للتلف بفعل العوامل المناخية المتغيرة.

ومنذ العقد الماضي زادت حدة الاضطرابات المناخية والموجات القاسية المفاجئة، وتشير الكثير من الدلائل إلى اعتبار الموجات الباردة والحارة وسقوط الثلوج أحد مظاهر التغير المناخي على طقس مصر. ولوحظ تناقص سقوط الأمطار وارتفاع درجات الحرارة في كثير من المناطق، عما كان معتاداً في العقود الفائتة.

صيانة السيارات والطرقات

يشير المهندس مصطفى فريد، وهو مدير سابق في شركة مرسيدس بنز مصر الوطنية للسيارات، خلال حديثه لرصيف22، إلى الإجراءات التي يستوجب على السائق القيام بها لضمان سلامته، وذكر منها فحص إطارات السيارة وتغييرها كل ثلاث سنوات لتجنب تعرضها للانزلاق مع هطول الأمطار الغزيرة بسبب عدم تماسك الإطار مع الأرض، إضافة إلى تعرض الإطارات للتلف والانفجار مع ارتفاع درجة الحرارة المستمر والمتزايد.

كما لفت إلى ضرورة تغيير مساحات زجاج السيارة الأمامي لإزالة الأمطار المتساقطة على واجهة السيارة أثناء القيادة، وفحص أنوار الضباب والتأكد من أنها تعمل بطريقة جيدة، ويضيف: "في الطقس السيئ يجب ألا تزيد السرعة عن 90 كيلومتراً في الساعة، ويجب عدم السير في طرق منزلقة عند هطول الأمطار".

ويشدد على ضرورة تغيير زيوت السيارة في مواعيدها المحددة لتجنب سخونة المحرك وتعطل السيارة، خاصة عند التعرض لموجات حارة، وتغيير مياه المبرد وسائل الفرامل والكشف على منظومة الفرامل، فكلها تتأثر مباشرة بالموجات الحارة وتكون أحد أسباب وقوع الحوادث.

"معظم حوادث الطرق السريعة تقع بسبب العواصف الرملية أو الأمطار مما يفقد السائق قدرته على التوجيه أثناء الفرملة القصوى في السرعات"، يقول جون ميلاد، وهو مهندس ميكانيك في شركة غبور مصر للسيارات، لرصيف22.

وينوه بالجهود التي قامت بها وزارة النقل فيما يخص توسيع عدد من الطرق السريعة، ويضرب مثالاً بطريق الصعيد الغربي القاهرة أسوان، الذي كان معروفاً بالحوادث بسبب السرعة الزائدة خاصة عندما تترافق مع ظروف مناخية حادة كالعواصف الرملية، ويضيف: "اليوم أصبح هناك أكثر من خمس حارات كل منها مخصصة لنوع من السيارات، وإشارات حية تمثل دليلاً للطريق".

من الضروري فحص إطارات السيارة وتغييرها كل ثلاث سنوات لتجنب تعرضها للانزلاق مع هطول الأمطار الغزيرة بسبب عدم تماسك الإطار مع الأرض، إضافة إلى تعرض الإطارات للتلف والانفجار مع ارتفاع درجة الحرارة المستمر والمتزايد

ويشرح ميلاد، وهو محلل حوادث سير سابق بشركة موتور كير للتأمين، تأثير العوامل المناخية على الأرصفة والطرقات، مستخدماً العواصف الرملية كمثال، إذ تجعل الطريق أشبه بلوح زجاجي بسبب تراكم حبيبات الرمل، ومع ضعف قوة الفرملة تتعرض السيارة للانحراف وبالتالي تنقلب، ويضيف: "يمكن تقليل تأثير العواصف الرملية على الحوادث عن طريق مصدات الرياح الخرسانية التي تمنع تراكم الرمال على الطرق".

كما يشير إلى تسبب موجات الحر الشديدة في تمدد الأرصفة وتشوهها وحدوث فواصل في الأسفلت، ما يعرض إطارات السيارات للتلف السريع، ويضيف: "الموجات الحارة المفاجئة تقضي على عمر الإطار وتعرضه للانفجار في أي لحظة دون أن يأخذ السائق حذره".

وينصح بضرورة الاتجاه إلى وضع نسبة من البلاستيك ضمن المواد التي يصنع منها الأسفلت، حتى يعطي نوعاً من المرونة ولا يتعرض للتشوه والتلف السريعين بسبب موجات الحرارة، مع الأحمال الزائدة لسيارات النقل الثقيل، كما يطرح حلاً للتخلص من مشاكل الأمطار والسيول على الطرق، من خلال إنشاء مخارج للمياه المجتمعة بنفس نظام بلاعات الصرف، مع أغطية لها فتحات تصب داخلها المياه، ويطرح مثالاً: "أكثر الطرق عرضة للتلف بسبب مياه الأمطار طريق الشيخ فضل من أسيوط إلى الغردقة، قد يبدو الطريق سليماً لكن عند السير عليه تظهر المشاكل".

"انتشار الكاميرات على الطرقات ساعد في الحد من وقوع حوادث السيارات، فالخوف من الغرامات دفع الناس إلى تقليل مستوى السرعة أثناء القيادة في ظل الأجواء الممطرة وأثناء العواصف"، بهذه العبارة يوضح بيتر بلامون، وهو مهندس سيارات، أهمية الإجراءات المرورية المشددة التي اتجهت لها وزارة النقل مؤخراً كمحاولة لضبط سلوك السائقين، ويقول لرصيف22: "يجب توعية المواطنين بشأن خطر عوامل الطقس المتغيرة على سلامة السيارة والسائق، عن طريق إصدار نشرات توزع في المرور أثناء ترخيص السيارة".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

بالوصول إلى الذين لا يتفقون/ ن معنا، تكمن قوّتنا الفعليّة

مبدأ التحرر من الأفكار التقليدية، يرتكز على إشراك الجميع في عملية صنع التغيير. وما من طريقةٍ أفضل لنشر هذه القيم غير أن نُظهر للناس كيف بإمكان الاحترام والتسامح والحرية والانفتاح، تحسين حياتهم/ نّ.

من هنا ينبثق رصيف22، من منبع المهمّات الصعبة وعدم المساومة على قيمنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image