انتهت المشاورات في العاصمة اليمنية صنعاء بين الحوثيين والوفد السعودي برئاسة سفير الأخيرة لدى اليمن محمد آل جابر، وبوساطة الوفد العماني، الذي وصل مساء السبت الماضي، وسط أنباء عن عودة الأجواء الإيجابية وتحقيق تقدّم في المفاوضات المستمرة بين الجانبين، واتفاق على عقد جولة ثانية من النقاشات بعد عيد الفطر، بحسب رئيس مجلس الحكم التابع للحوثيين مهدي المشاط.
وهو ما أكدته الرياض، في بيان لها، قالت فيه إن "مناقشات وفدها مع الحوثيين كانت متعمقة في العديد من الموضوعات ذات الصلة بالوضع الإنساني؛ وإطلاق جميع الأسرى، ووقف إطلاق النار، والحل السياسي الشامل في اليمن"، وفي خضم إشارتها إلى الأجواء الإيجابية بين الجانبين، أكدت على أن "اللقاءات ستُستكمل في أقرب وقت؛ بما يؤدي إلى التوصل إلى حل سياسي شامل ومستدام ومقبول من جميع الأطراف اليمنية".
يأتي كُل هذا، بالتزامن مع تنفيذ اتفاق إطلاق الأسرى والمعتقلين بين الحكومة اليمنية والتحالف الذي تقوده الرياض من جهة وجماعة الحوثيين من جهة أخرى، حيث تم إطلاق نحو 900 أسير من الطرفين بينهم وزير الدفاع في الحكومة اليمنية محمود الصبيحي وناصر هادي شقيق الرئيس عبد ربه منصور هادي، وهو ما اعتبره أمين عام مجلس التعاون الخليجي جاسم البديوي، "بادرة إنسانية مهمة وبارقة أمل جديدة تعطي الزخم للجهود الهادفة لوضع الأزمة اليمنية على طريق الحل".
وركزت المشاورات التي شهدتها العاصمة صنعاء على "وقف إطلاق النار وإعادة فتح الموانئ التي يسيطر عليها الحوثيون ومطار صنعاء بالكامل ودفع رواتب موظفي القطاع العام وجهود إعادة الإعمار وانسحاب القوات الأجنبية من اليمن"، بحسب وكالة رويترز .
ركزت النقاشات على الوضع الإنساني وإطلاق جميع الأسرى، ووقف إطلاق النار، والحل السياسي الشامل في اليمن
ونقلت الوكالة عن مصادر مطلعة لم تسمّها، أن "الطرفين قد يتفقان على اتفاق هدنة ممتد لحين عملهما على تسوية الخلافات العالقة، والتي تشمل دفع رواتب موظفي القطاع العام، الذين يصر الحوثيون على أنهم يشملون أفراد القوات المسلحة، واستخدام إيرادات النفط ووضع جدول زمني لخروج القوات الأجنبية من البلاد"...
ولم تكن التفاهمات الأخيرة، وفق رغبات الأطراف اليمنية وتطلعاتها، بل جاءت تحت ضغوط إقليمية عقب الاتفاق السعودي-الإيراني، وهو ما يجعل من أي حلٍ في اليمن مرتبطاً ارتباطاً مباشراً بنجاح عودة العلاقة بين طهران والرياض، فيما يبقى السؤال الأبرز: هل سيكون الحل شاملاً؟ وكيف؟
مرحلة ضبابية
تتركز الجهود السعودية والعمانية على مسألة رئيسية، هي إنهاء التوتر على الحدود السعودية مع اليمن، بسبب تأثير الصواريخ والمسيّرات الإيرانية، على أمن الرياض ومنشآتها النفطية، وفق الكاتب اليمني والمحلل السياسي ياسين التميمي. وفق رأيه، "يبدو أن السعودية تجترح تسويةً تتأسس على مصالحها وأولوياتها، وتستغل الشراهة إلى السلطة لدى جماعة أنصار الله الحوثيين والأطماع الخائبة للمجلس الانتقالي الجنوبي في الانفصال والتي تغذّت من الدعم السخي المقدّم من الرياض وأبو ظبي".
ويرى أن "هناك توجهاً واضحاً لتقويض الدولة اليمنية وتوزيعها أشلاءً بين مشاريع سياسية عديدة وإطلاق الخيال للحوثيين للتفكير في الاستحواذ على اليمن، مقابل التسليم للسعودية بدور الراعي والقبول بخروجها من الحرب، كما لو كانت في مناورة طويلة أو دورة تدريب طويلة في اللوجستيات وإدارة الأزمات، فالرياض دخلت الحرب على رأس تحالف عربي، واليوم تتدبر الخروج منها منفردةً، وفي ظل أجواء من التوتر مع شريكها الرئيس في التحالف، الإمارات".
وبحسب التميمي، في حديثه إلى رصيف22، "تتجه الحرب نحو استلاب القرار السياسي والسيادي من الشعب اليمني، وتوظيف سلطته الشرعية في آخر دور، قبل أن تتحول هذه السلطة إلى تركة يتقاسمها طامحون لا يرون في اليمن سوى فرصة للاستحواذ والإقصاء، واستجرار الهويات البغيضة والفرز الطائفي، وكلّها ستكون سبباً في دخول البلاد فصلاً جديداً من العنف الذي سيمنح السعودية فرصةً للتحكم بشكل أكبر في الساحة اليمنية إلى أن يتمكن الشعب من الانتصار على أعدائه من أصحاب المشاريع الطائفية والقروية".
وكان غادر الوفد السعودي والعماني صنعاء مساء الخميس دون اتفاق نهائي مع الحوثيين إنما بتفاهم "مبدئي" حول هدنة وعقد جولة من المحادثات، بحسب وكالة فرانس برس الجمعة، وأن الوفد سيحمل شروطاً لنقلها إلى القيادات السعودية.
وقال كبير المفاوضين الحوثيين محمد عبدالسلام في تغريدة على تويتر إن "الوفود أنهت أعمال التفاوض في العاصمة صنعاء بعد نقاشات اتسمت بالجدية والإيجابية، وبتقدم في بعض القضايا على أمل استكمال البحث في القضايا العالقة في وقت لاحق".
دولة اتحادية من إقليمَين؟
برأي رئيس مركز مسارات للإستراتيجيات والإعلام باسم فضل الشعبي، فإن المرحلة المقبلة ستكون ضبابيةً، مع استمرار الواقع المنقسم في اليمن، إذ يرى أن "الحلول ستكون في إطار دولة اتحادية مكونة من إقليمَين، شمالي وجنوبي، مع إيجاد حل عادل للقضية الجنوبية، ودون ذلك ستتعثر الأمور وستفشل الاتفاقات كلها"، لافتاً أيضاً إلى أن "إيران ستكون متواجدةً من خلال الحوثيين في الشمال، فهي دولة توسعية لها طموحات في المنطقة لن تتنازل عنها بسهولة".
تتجه الحرب نحو استلاب القرار السياسي والسيادي من الشعب اليمني، وتوظيف سلطته الشرعية في آخر دور، قبل أن تتحول هذه السلطة إلى تركة يتقاسمها طامحون لا يرون في اليمن سوى فرصة للاستحواذ والإقصاء
يتوقع الشعبي في حديثه إلى رصيف22، أن تتضمن "الحلول المستقبلية، تشكيل حكومة موحدة في نهاية المفاوضات، والتحضير لانتخابات بعد المرحلة الانتقالية المحددة بعامين، وهذا يحتاج إلى نظام انتخابي جديد وترتيبات جديدة ومتطورة في هذا الإطار".
في المقابل، يرى الكاتب اليمني ومدير تحرير صحيفة الجمهورية اليمنية رياض محمد الزواحي، أن "المرحلة المقبلة في اليمن ستكون مرحلةً مهمةً، بل مصيريةً في بناء سلام دائم، بعد قرابة تسعة أعوام من الحرب التي أثّرت على مجالات الحياة كلها في هذا البلد، وخلّفت أكبر أزمة إنسانية على مستوى العالم حسب الأمم المتحدة".
وبرأيه، فإن زيارة "الوفدين السعودي والعماني إلى صنعاء، تُعدّ أهم خطوات بناء الثقة وخطوةً متقدمةً بدأت بالاعتراف بسلطة صنعاء، بالإضافة إلى اتفاق تبادل الأسرى والمعتقلين والمفقودين والمحتجزين قسراً، والبدء بصرف رواتب الموظفين، وهذه الخطوات أكدت حسن النوايا، وعكست رغبةً جادةً في بناء سلام دائم وإنهاء الحرب، وهي أهم المقدمات التي تمهد للتفاوض على قضايا رئيسية في الملف اليمني ومنها مناقشة انسحاب قوات التحالف من محافظات جنوب اليمن وفتح الطرقات المغلقة بين المحافظات اليمنية والاتفاق على شكل النظام السياسي في اليمن خلال المرحلة القادمة وأيضاً بدء مناقشة ملف التعويضات وغيرها من متطلبات السلام".
ويضيف: "أي اتفاق قادم سيشمل عدداً من الحلول الرئيسية، لبناء يمن جديد، أبرزها انسحاب التحالف من اليمن واحترام سيادته وإزالة أي استحداثات في الجزر اليمنية، فضلاً عن الاتفاق على خطوات اقتصادية واضحة تحدد آلية توحيد المصادر المالية وآليات الصرف وأبوابه".
وتخضع جزيرة سقطرى، لقوات المجلس الانتقالي منذ سيطرته عليها في حزيران/ يونيو 2020، بعد مواجهات مع القوات الحكومية وطرد قيادة السلطة المحلية منها بدعم إماراتي.
الواقع المتغيّر وإملاءاته
فرضت نتائج الحرب واقعاً مغايراً لما كان يعيشه اليمن منذ اندلاع شرارة ثورة الشباب السلمية في العام 2011، وحتى سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء في 21 أيلول/ سبتمبر من العام 2014، وأيضاً في العام 2015، عندما بدأت الرياض عاصفة الحزم، وحتى الآن، حيث تغيرت موازين القوى لصالح الحوثيين، وتمزقت الحكومة الشرعية، ووهنت.
في الوقت نفسه، تؤكد الحكومة الشرعية ومجلس القيادة الرئاسي، تمسكهما بالمرجعيات الثلاث لإنهاء النزاع في اليمن، وهي المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني، وقرار مجلس الأمن 2216، والتي تنص أبرز بنودها على انسحاب الحوثيين من المدن اليمنية، وتسليم السلاح للدولة، وإجراء انتخابات مبكرة، لكن جماعة الحوثي تصرّ على تجاوز تلك المرجعيات.
فرضت نتائج الحرب واقعاً مغايراً لما كان يعيشه اليمن منذ اندلاع شرارة الثورة عام 2011، وحتى سيطرة الحوثيين على صنعاء
السعودية ذاتها، قدّمت مبادرةً في 22 آذار/ مارس 2021، لإنهاء الأزمة اليمنية والتوصل إلى حل سياسي شامل في اليمن، وتسعى إلى دعم تنفيذها بحسب تغريدة للسفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر، الإثنين الماضي، على تويتر.
آل جابر، قال إن زيارته لصنعاء والمحادثات مع الحوثيين، "استمرار لجهود المملكة لإنهاء الأزمة اليمنية، ودعم للمبادرة التي قدمتها المملكة في 2021". وتضمنت المبادرة السعودية وقف إطلاق نار شامل تحت مراقبة الأمم المتحدة، وإيداع الضرائب والإيرادات الجمركية لسفن المشتقات النفطية من ميناء الحديدة في الحساب المشترك في البنك المركزي اليمني في الحديدة، وفق اتفاق ستوكهولم بشأن الحديدة. وتشمل المبادرة فتح مطار صنعاء الدولي، وبدء المشاورات بين الأطراف اليمنية للتوصل إلى حل سياسي للأزمة اليمنية برعاية الأمم المتحدة بناءً على مرجعيات قرار مجلس الأمن الدولي 2216، والمبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني اليمني الشامل.
يقول الزواحي: "التفاهمات الجارية تؤسس لمرحلة جديدة بعيداً عن المرجعيات الثلاث، لأن هذه التسوية فرضتها نتائج الحرب، ولم تفرضها المشاورات السياسية، وأقصد هنا أمرين رئيسين هما فشل التحالف العربي في تحقيق أهدافه وفرض شروطه على الأطراف اليمنية، والأمر الآخر القدرات العسكرية التي باتت تملكها حكومة صنعاء واستطاعت أن تصل إلى عمق دول التحالف، فالواقع هو ما فرض التسوية اليوم في اليمن، وعلى أساسه سيتم اتخاذ خطوات جادة نحو السلام بناءً على هذه المعطيات".
هدنة طويلة الأمد
يرى المحلل السياسي اليمني المقيم في واشنطن منير الماوري، أن المرحلة المقبلة في اليمن ستكون مرحلة تهدئة لنزع صواعق الانفجار والدخول في هدنة طويلة الأمد، شاملة وكاملة خارج الحدود اليمنية، وهشة داخل الحدود اليمنية بين الأطراف المتصارعة.
ويقول إن "الاتفاق مع الحوثيين يتكون من ثلاثة مسارات، هي المسار الإنساني والسياسي والعسكري، المسار الأول هو الأسهل وقد تم الاتفاق على بنوده كافة، أما مسار التسوية السياسية المقبلة فسوف يستغرق وقتاً طويلاً من الجدل والحوار، وفي نهاية المطاف لن تخرج الحلول عما تم التوافق عليه في مخرجات الحوار الوطني".
ويضيف الماوري، لرصيف22، أن "المسار الأكثر صعوبةً هو المسار العسكري، لأنه يحتاج إلى قدر كبير من الثقة بين الأطراف المسلحة من أجل دمج القوات، ولن تكون هناك حاجة إلى تسليم السلاح وسوف يُستبدل ذلك بتعبير دمج الوحدات العسكرية".
ويختم حديثه بالقول: "قد تنجح هذه المسارات الثلاثة، وقد تفشل في منتصف الطريق. فإذا نجحت، سوف نكون أمام تحدّي بناء دولة مدنية محايدة دينياً ومذهبياً ومناطقياً، وإن فشل أي مسار منها فإن تقسيم اليمن إلى أكثر من شطر سيكون وارداً وسوف يتحمل الحوثيون المسؤولية التاريخية عن تمزيق البلاد إلى كانتونات أو أوصال متعددة".
مكونات السلام الحقيقي معقدة
يقول الأكاديمي والباحث السياسي فارس البيل، في حديثه إلى رصيف22، إن "اليمن سيدخل في المرحلة المقبلة في حالة اللا حرب واللا سلم، فالأطراف الدولية والإقليمية وفي ظل التطورات الأخيرة ستعمل على إنهاء الحرب، لكنها لن تستطيع إيصال اليمنيين إلى حالة من السلام الشامل العادل، لسبب أن مكونات السلام الحقيقي معقدة".
اليمن سيدخل في المرحلة المقبلة في حالة اللا حرب واللا سلم، فالأطراف الدولية والإقليمية وفي ظل التطورات الأخيرة ستعمل على إنهاء الحرب، لكنها لن تستطيع إيصال اليمنيين إلى حالة من السلام الشامل العادل
وبرأيه، فإن "جماعة الحوثيين، ليست مستعدةً للذهاب إلى المستقبل السياسي، وأن تكون فيه شريكاً يتخلى عن الحالة العسكرية والسلاح وعن البعد الطائفي والمذهبي، ويصبح منافساً سياسياً بأجندة وطنية تلتزم بالدستور والقوانين؛ وهذا أمر يعقّد الوصول إلى السلام"، كذلك، يستبعد تخلّي إيران عن مشروعها التوسعي في المنطقة، و"الجنوح إلى السلم والتخلي عن أجندتها، فما يجري الآن هو أمر معقد، والتغيرات التي لجأت إليها إيران تكتيكية".
الحلول الحقيقية في نظر البيل، تكمن في تخلّي الأطراف اليمنية كلها عن أجنداتها، والمشاريع الذاتية، وتقديم تنازلات كبيرة وإعلاء الحالة الوطنية، واستعادة الدولة بأكملها والتخلص من المشكلات المؤقتة، ويقول: "هذه الحلول مثالية ولن تحصل، فالأطراف كلها سواء جماعة الحوثيين أو الحكومة الشرعية أو المجلس الانتقالي المطالَب بالانفصال وأيضاً الفصائل الأخرى، ستذهب إلى المرحلة القادمة متمسكةً بمكتسباتها العسكرية والسياسية، وهذه المسألة تعقّد عملية الحل السياسي".
من جهته، يقول المحلل السياسي اليمني أكرم الحاج لرصيف22، إن "الدفع إلى مرحلة ثانية من المفاوضات أكثر جدية، مشروطة بتقديم الرياض تنازلات لصنعاء، في مقدمتها دفع الرواتب لموظفي الدولة وانسحاب القوات التابعة للتحالف العربي من الأراضي اليمنية ومنها الجزر اليمنية في سقطرى وميون وغيرها من الجزر التي مازلت تحت سيطرة القوات السعودية والإماراتية".
كيف سيكون شكل الدولة؟ لا جواب لدى الحاج، لكن الأكيد بالنسبة إليه أن الأجواء إيجابية والسلام أقرب من أي وقت، "خاصة مع التفاهمات الإقليمية الجديدة والدخول الصيني كمُحرّك أساسي لها".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...