في كتابه "في حب نجيب محفوظ"، ينقل الناقد الراحل رجاء النقاش عن الأديب المصري الراحل قوله: "في اعتقادي الشخصي أن الأوضاع السيئة التي عاشها الشعب المصري، وما تعرض له من ظلم وقهر، كان سببًا أساسيًّا في إقباله على (الحشيش)، لأنه وجد فيه نوعًا من المسكن لآلامه وأوجاعه، يخفف عنه ولو لساعات، ما يمر به من هموم وأزمات، حتى أصبح تدخينه بالنسبة لهم عادة شعبية، مثل شرب الشاي والقهوة. وأكاد أقول إنه ما من مصري من أولاد البلد إلا ويحمل صفة (حشاش)، إلا إذا كانت هناك ظروف قهرية منعته، حتى إن غير القادر منهم تجده على استعداد لأن يخدم في (الغرزة) مقابل (نَفَسين)".
ما توصل إليه أديب نوبل ببصيرته، وقدرته الفذة على فهم واقعه الاجتماعي، تلك القدرة التي تشهد له بها أعماله الأدبية التي نقلت صورة قاهرة بدايات وأواسط القرن العشرين، يلخص سيرة علاقة المصريين بالحشيش، منذ عرفوه من احتكاكهم بالحيثيين في عصور مصر القديمة، وصولاً إلى عصرنا الحالي، الذي لا يزال يتمتع فيه الحشيش بقدر من الاحترام مقابل أنواع أخرى من المخدرات يستشري استخدامها في مصر. إذ تشهد إحصاءات دولية بأن 33% من المصريين يدمنون نوعاً واحداً على الأقل من المخدرات، فيما تعترف إحصاءات رسمية أن 10% فقط يدمنون نوعاً واحداً على الأقل من المخدرات أو المكيفات.
من الحكايات المروية، أن مصر عرفت الحشيش في "عصر الفراعنة"، ويقال إنه كان موجوداً عند غانية تسمى "رادوبيس"، قيل إنها بنت هرماً لنفسها من أموال البغاء والحشيش
علاقة تاريخية
في كتابه المعنون "نساء بلا شاطىء" ينقل الكاتب الراحل عزت السعدني عن مؤسس الطب الحديث في مصر "كلوت بك" ما جاء في مؤلف الأخير "لمحة عامة إلى مصر"، إذ يعتقد كلوت بك أن الحيثيين الذين كانت لهم حروب طويلة مع رمسيس الثاني، انتهت بأول معاهدة سلام في التاريخ بين مصر وبينهم، كانوا يشربون الحشيش في حفلاتهم الدينية، ومنهم عرف المصريون أن تلك النبتة لها تأثيرات "مزاجية". لكن هناك شواهد ترجح أن تكون علاقة المصريين بالحشيش أقدم من ذلك، فالمعبودة سشات، إلهة الخط وحارسة الكتب والزوجة السماوية للإله تحوت – إله الكتابة والحكمة- ، عرف عنها أيضاً أنها إلهة نبتة الحشيش، بل وتظهر رسومها على جدران المعابد المصرية أن تاجها السماوي عماده هو الورقة المميزة لنبتة الحشيش.
ويقول محمد المشاقبة في كتابه "الإدمان على المخدرات: الإرشاد والعلاج النفسي"، إن استخدام الحشيش كمخدر يرجع إلى آلاف السنين، مشيراً إلى أن قدماء المصريين استعملوه علاجاً لبعض الأمراض في عهد رمسيس الثاني.
ويروي الدكتور خالد ضو، في أطروحته "التكييف الفقهي والقانوني لتعاطي المخدرات والاتجار بها"، أنه جاء في بعض المذكرات ما يؤكد أن مصر عرفت الحشيش في "عصر الفراعنة"، وأنه كان موجوداً عند غانية تسمى "رادوبيس"، وقيل إنها بنت هرماً لنفسها من أموال البغاء والحشيش، مشيراً إلى أن "هذا يدل على أن استخدام المخدرات قديم قدم البشرية".
لكن على النقيض من ذلك، ذكر مؤلفو كتاب "تعاطي المخدرات بين طلاب المدارس: الأبعاد التاريخية والاقتصادية والاجتماعية"، الصادر عن دار المكتب الجامعي الحديث بالقاهرة عام 2012، أنه لم يستدل على معرفة الحشيش (الذي يصنع من القنب) عند المصريين القدماء؛ إذ لم يعثر في مقابرهم وآثارهم المختلفة أو في أوراق البردي على ما يشير لاستعماله عندهم، موضحين أن "كل ما عُرف عن الحشيش عند المصريين، هو ما ذكره (ديودور الصقلي المؤرخ اليوناني الذي عاش في القرن الأول قبل الميلاد)، من أن نساء مدينة طيبة كن يُذهبن عن أنفسهن الغضب والحزن باستعمالهن جرعة من دواء تدخل في تركيبته مادة الحشيش".
ويشير مؤلفو الكتاب إلى أن "المراجع أجمعت على أن نبات القنب قد انتقل إلى مصر نتيجة لاتصالها بالعالم الخارجي، باعتبارها نقطة ارتكاز بالنسبة للعالم القديم، ومعبراً للجيوش والتجارة. وإذا كانت مصر قد عرفت نبات القنب فقد استخدمت ألياف نباته في صناعة المنسوجات والحبال والمراكب".
"أكاد أقول إنه ما من مصري من أولاد البلد إلا ويحمل صفة (حشاش)، إلا إذا كانت هناك ظروف قهرية منعته، حتى إن غير القادر منهم تجده على استعداد لأن يخدم في (الغرزة) مقابل (نَفَسين)"
- نجيب محفوظ
أم هم التتار؟
وفي مؤلفه المشهور "كتاب المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار"، أشار المؤرخ الكبير تقي الدين المقريزي إلى أن نبات القنب الذي يستخرج منه الحشيش معروف في مصر منذ القدم، وقد استخدمه المصريون في صناعة الحبال، ولم يستخدموه كمخدر إلا في القرن السابع الهجري، بعد أن علمتهم الشعوب الأخرى التي جربت الحشيش، واكتشفت أنه يبعث على السعادة والسرور.
ويتفق هذا الطرح مع ما نقله الدكتور قحطان الدوري في كتابه "صفوة الأحكام من نيل الأوطار وسبل السلام"، عن ابن تيمية؛ إذ يقول: "إن الحشيشة أول ما ظهرت في آخر المائة السادسة من الهجرة، حين ظهرت دولة التتار".
وبدأ التدرج في استخدام مخدر الحشيش بعد ذلك داخل مصر، مع تغير الأوضاع السياسية والاجتماعية، وهو ما يؤكده الكاتب الصحافي إبراهيم نافع في مؤلفه "كارثة الإدمان" بقوله: "في عصر المماليك (1250 - 1517)، ومع تفشي أنواع من الظلم والخلل الاجتماعي، انتشر الحشيش في بر مصر بوصفه باعثاً على طرد اليأس والشعور بأوقات سعيدة طيبة مع أنفاس زرقاء من الحشيش، بل راجت زراعته في مصر، واشتهرت القاهرة بالذات بزراعته في حي الظاهر والفجالة وباب اللوق".
ينقل الكاتب الراحل عزت السعدني، أن أول قرار بتجريم الحشيش في مصر أصدره نابليون بونابرت في العام 1800، خشية أن يدمنه جنوده. وكانت العقوبة حينها 3 أشهر سجناً، ومصادرة الحشيش المضبوط
ويبدو أن الحشيش في مصر بدأ في الانتشار بشكل كبير في هذه الفترة، خاصة أن عالم النبات العربي ابن البيطار (1197 - 1248) وصف الحشيش المصري بأنه "مُسكِر جداً، إذا تناول منه المرء قدر درهم أو درهمين". وأن الإفراط في تعاطيه يؤدي إلى الجنون، وأحياناً الموت، وفقاً لـ"الدوري".
وفي خضم الحديث عن الحشيش في عصر سلاطين المماليك، نجد أن المؤرخ الكبير ابن إياس يؤكد في كتابه المشهور "بدائع الزهور في وقائع الدهور" أن المماليك قد اعترفوا ووافقوا على زراعة الحشيش وبيعه وتعاطيه، واكتفوا بفرض ضريبة عليه لملء خزينة الدولة بالمال، لافتاً إلى أن "الظاهر بيبرس (1223 - 1277) ألغى الضريبة المفروضة على الحشيش عندما تبين له أضراره على أهل مصر، واكتفى بمصادرة المضبوطات من الحشيش لمن يضبط وهو يبيعه أو يتعاطاه".
وعندما بدأ عصر العثمانيين في مصر (1517 –1805)، شاع استخدام الحشيش بين الناس، خاصة بعد التدهور الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الذي ساد الدولة خلال أيامهم، وهو ما لاحظه نابليون بونابرت عندما دخل إلى مصر مع حملته الفرنسية (1798 - 1801). وحتى لا يدمنه جنوده أصدر قراراً في عام 1800 بمنع تعاطيه، وكانت العقوبة حينها ثلاثة أشهر سجناً، ومصادرة الحشيش المضبوط، بحسب ما ذكره عزت السعدني في كتابه – وكتابه ليس مرجعاً تاريخياً-.
آثار جانبية
ومع بداية حكم محمد علي باشا (1805 - 1848)، اختلفت نظرة الدولة للعديد من الأمور، خاصة أنه بدأ تجربة تحديث في مجالات عدة، على رأسها الزراعة، ما جعله يطالب بالتوسع في زراعة القنب لصناعة الحبال من نباته، ليبني أكبر أسطول حربي لمصر، لكنه فوجىء بأن تعاطي الحشيش قد زاد بين العاملين في المصانع الحربية، باستخدام بذور القنب. وبناء عليه أصدر أوامره إلى جميع المديريات بمنع زراعته، إلا أن الفلاحين لم يمتنعوا عن زراعته، وظلوا يزرعونه خلسة.
ومما يدل على انتشار ظاهرة الحشيش في عهد محمد علي باشا، ما ذكره الطبيب الفرنسي أنطوان كلوت بك، الذي استقدمه الوالي العثماني من باريس، في كتابه "لمحة عامة إلى مصر"؛ إذ يقول: "لقد انتشر تعاطي الحشيش في مصر، وراح الخلق يأكلونه ويشربونه ويدخنونه في المقاهي، وفي حوانيت خاصة، أطلقوا عليها اسم المحاشش".
تناقض بريطاني
مرت الأيام وسقطت مصر تحت قبضة الاحتلال البريطاني لمصر عام 1882، وحينها زاد تعاطي المخدرات بشكل عام في الدولة، حتى صدر أول أمر عالٍ بمنع زراعة الحشيش، وهنا يقول اللورد كرومر، أول معتمد بريطاني في مصر، في مذكراته التي عُرفت بـ"مصر الحديثة": "إن مصر لم تعرف أول كارثة حقيقية ورسمية للمخدرات إلا في عام 1879، عندما صدر الأمر العالي بمنع زراعة الحشيش في مصر، ومنع استيراده".
وبحسب مصطفى هرجة، في كتابه "موسوعة الدفوع والبراءة والتعليق على قانون المخدرات"، فإن هذا الأمر العالي تضمن فرض غرامة على المخالف لا تزيد على مائتي قرش.
طبقاً لبيانات صندوق مكافحة الإدمان الصادرة عن حالة سنة 2020، فإن أكثر مواد التعاطي بين المصريين هو الحشيش بنسبة 80%
ويرى المؤلف بريك القرني في مؤلفه "المخدرات: الخطر الاجتماعي الداهم" أن إنجلترا تسببت في انتشار الحشيش في مصر، موضحاً: "أثناء احتلال بريطانيا لمصر، استخدمت القوات البريطانية الحشيش بهدف تهدئة الصاخبين وانتزاع غضب المثقفين والحد من الثورة ضدها، وعلى إثر ذلك انتشر الحشيش في مصر بشكل واسع".
مؤلفو كتاب "تعاطي المخدرات بين طلاب المدارس"، تناولوا الحديث عن الحشيش في الفترة بين عامي 1882 و1952، مشيرين إلى أن طرق تعاطيه السائدة كانت "التدخين في الجوزة أو الشيشة أو السجائر، وقلة منه كانت تؤخذ عن طريق الفم بإذابته في مشروب ساخن، ولسهولة استخدامه، كان أكثر المخدرات انتشاراَ في بداية هذه الفترة، حتى أنه في عام 1893، قُدِّر الحشيش الذي يستهلك سنوياً في مصر بنحو 65 طناً؛ لأن القنب الذي يصنع منه الحشيش كان يوزع في مصر".
ووفقاً لمؤلفي الكتاب، لم يتعرض زراع القنب لأي عقوبة حتى صدر عام 1899 قانون يفرض غرامة مقدارها 50 جنيهاً على كل من يزرع فداناً أو جزءاً منه بالقنب، ما تسبب في انحسار زراعته، لكنه كان يُهرَّب إلى مصر من اليونان، بثمن تراوح في عام 1906 ما بين 30 و60 جنيهاً للكيلوغرام.
لكن مصطفى هرجة اختلف في تحديد العام؛ إذ يقول إن "الأمر العالي عُدِّل عام 1891 وليس عام 1899، فأصبحت العقوبة 50 جنيهاً لكل فدان أو جزءاً منه يزرع حشيشاً، كما جعلها في حالة استيراده أو الشروع فيه 10 جنيهات للكيلوغرام ورفع الغرامة في حالة العود إلى 30 جنيهاً للكيلوغرام".
الحشيش يصيب المواطنين بالجنون
ومع بداية القرن العشرين، وبداية الحرب العالمية الأولى (1914 - 1918) وفي أعقابها، انتشر تعاطي المخدرات، وخاصة الحشيش، بين المصريين بشكل كبير، ولاحظ ذلك العديد ممن زاروا القاهرة.
بحسب مؤلفي كتاب "تعاطي المخدرات بين طلاب المدارس"، فإن اللورد كرومر ذكر في تقريره عن عام 1903، أن ما ضبط من الحشيش في ذلك العام يصل إلى 24249 كيلوغراماً، بزيادة 7770 كيلو غراماً عنه في السنوات السابقة، لكنهم استدركوا: "ومن المعروف أن ما يضبط يمثل عادة 10% من الكمية المتداولة. ويتضح أن كمية الحشيش التي كان يتم تعاطيها في تلك السنة كانت كبيرة جداً، مما يدل على انتشار تعاطيه".
في السياق ذاته، أشار الكاتب الصحافي الراحل إبراهيم نافع في مقال له يستند إلى "ديوان الأهرام"، إلى أن اللورد كرومر قال في تقريره عن الحالة العامة في مصر أثناء وجوده بها: "إن الحشيش لا يزال ينزل ويلاته بالقطر المصري، و18% من الذين دخلوا مستشفى الأمراض العقلية سنة 1903 كان جنونهم بسبب تعاطي الحشيش، والمصابين بسببه كانت نسبتهم كبيرة، لكن لم يمكن قبولهم بالمستشفى بسبب ضيق المكان".
ويشكو "كرومر" في تقرير العام التالي 1904 من انتشار الحشيش، "رغم أن مقاومة تعاطيه كانت جارية على قدم وساق، لكن من دون جدوى"، وأرجع ذلك إلى عدة أسباب منها: أن عقوبة التجار والمتعاطين لم تكن رادعة، والأرباح التي كان يجنيها الكثير من الأوروبيين والمصريين من بيعه بالجملة والمفرق كانت طائلة، إلى جانب الامتيازات القنصلية التي كانت تحمي التجار الأوروبيين، وصعوبة ضبط الحشيش الذي كان يزرع في اليونان وينتقل منها إلى طرابلس الغرب، ثم يُنقل جنوباً إلى واحة سيوة، فالواحة البحرية، فالخارجة ثم إلى داخل البلاد.
ويلفت أصحاب كتاب "تعاطي المخدرات بين طلاب المدارس" إلى أنه رغم أن مصر اتفقت مع اليونان على فرض ضريبة إضافية على الأطنان التي تزرع حشيشاً، ومنع تصديره إلى القطر المصري منعاً باتاً، فإن كرومر شكك في تنفيذ ذلك، وكان من أسباب انتشاره أيضاً في مصر أن طرق التهريب كانت تتغير دائماً، حتى وصل الأمر إلى صدور تقرير عام 1928، قدر عدد المدمنين في مصر بنصف مليون شخص، من مجموع السكان البالغ آنذاك 15 مليوناَ.
لم يكن أكثر دلالة على انتشار الحشيش في المجتمع المصري، من أنه دخل في الأغنيات الشعبية، ولعل أهم ما برز من ذلك "لحن الحشاشين" الذي وضعه موسيقار الشعب سيد درويش
إبداع في التهريب
وكان للبريطاني توماس راسل، حكمدار القاهرة من 1902 إلى 1946، نصيباً من الحديث عن الحشيش في مصر؛ إذ يقول في مذكراته: "يمكن القول إن جميع أنواع الحشيش التي تدخل مصر تتم زراعتها في لبنان وسوريا، والأنواع المتميزة منها تزرع فوق مرتفعات لبنان في تربة رطبة، لا توجد إلا فوق جبال ذات سبعة آلاف قدم ارتفاعاً، بينما تنمو باقي الأنواع في الأراضي الحدودية بين لبنان وسوريا ومنطقة شمال سوريا".
ولم يكن أكثر دلالة على انتشار تعاطي المخدرات بشكل عام، والحشيش على صورة أخص في المجتمع المصري، من أنه دخل في الأغنيات الشعبية والمسرحيات، ولعل أهم ما برز من ذلك لحن التحفجية الذي وضعه موسيقار الشعب سيد درويش، والذي أطلق عليه "لحن الحشاشين"، والذي تردد كثيراً على ألسنة الناس، ما جعل المرحوم نجيب الريحاني يدخله عام 1918 في مسرحية "يا مرحب".
وترتب على ذلك الانتشار أن صدر قانون رقم 18 لعام 1918، بحظر زراعة الخشخاش، مقرراً عقوبة الجنحة لمرتكب هذه الجريمة، وفي 8 آيار/مايو 1922، صدر مرسوم بوضع نظام للإتجار بالمواد المخدرة، ثم صدر مرسوم في سنة 1925، اعتبر لأول مرة إحراز الأفيون جنحة، وظل الأمر كذلك إلى أن صدر المرسوم بقانون رقم 21 لسنة 1926، بمنع زراعة الخشخاش، وكانت العقوبة الحبس والغرامة أو إحدى هاتين العقوبتين مع إعدام المضبوطات.
وفي 4 نيسان/أبريل عام 1928، صدر القانون رقم 21 بوضع نظام للاتجار بالمخدرات واستعمالها، ونص المشرع في هذا القانون على عقوبة الجنحة في حالتي الاتجار والتعاطي، وإرسال المدمنين إلى مصحة للعلاج كتدبير لهم، فضلاً عن تقرير العقوبات التبعية كالمصادرة والإغلاق، وفقاً لمؤلف كتاب "موسوعة الدفوع والبراءة والتعليق على قانون المخدرات".
فجر الحرب العالمية الثانية
ويكشف مؤلفو كتاب "تعاطي المخدرات بين طلاب المدارس" عن وضع المخدرات مع بداية الحرب العالمية الثانية عام 1940، بقولهم: "انحسر تدفق الهيروين والكوكايين على مصر تماماً بسبب ارتفاع أسعارهما. في المقابل زاد الحشيش والأفيون عن طريق المهربين. وتحول الجانب الأكبر من عمليات التهريب عندما قامت حرب فلسطين عام 1948، من الطريق البري إلى الآخر البحري عبر البحر المتوسط".
وبعد أن خفت حدة الاشتباكات بين إسرائيل والدول العربية المجاورة لها، أصبح الطريق البري عبر الحدود الشرقية لمصر هو الرئيسي لتهريب المخدرات؛ إذ كان المهربون يجمعون الحشيش اللبناني والأفيون التركي من لبنان، ثم يأخذون طريقهما إلى مصر عبر سوريا والأردن وصحراء النقب ثم صحراء سيناء، حيث يجري تخزينهما إلى أن تتاح الفرصة لنقلهما عبر قناة السويس إلى سوق الاتجار غير المشروع داخل البلاد.
عقوبات كبيرة وفشل أكبر
وفي عام 1944، صدر القانون رقم 42 بمنع زراعة الحشيش في مصر، وفي 25 كانون الأول/ديسمبر عام 1952 صدر المرسوم بقانون رقم 351 للسنة المذكورة مشددا العقوبات، لتصل إلى الأشغال الشاقة المؤبدة. يقول حامد جامع في كتابه "المخدرات في رأي الإسلام"، الصادر عام 1979، إنه "تنفيذاً للاتفاقيات الدولية تدرجت التشريعات المحرمة لحيازة وإحراز المخدرات في مصر، إلى أن كان القانون رقم 182 لسنة 1960، المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966، الذي جعل الإعدام عقوبة لجرائم الجلب والتصدير (التهريب)".
ويشير الدكتور عاطف زيدان في مؤلفه "ظاهرة الاقتصاد الموازي وأثرها على التنمية الاقتصادية"، إلى أن القانون رقم 182 لسنة 1960، عُدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989، ونص على عقوبات تصل إلى الإعدام، وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه، ولا تجاوز 500 ألف جنيه.
وما زالت العقوبة المذكورة مقررة حالياً؛ إذ تنص المادة 34 من قانون العقوبات، على أنه يعاقب بالإعدام أو السجن المؤبد، وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه: كل من حاز أو أحرز أو اشترى أو باع أو سلم أو نقل أو قدم للتعاطي جوهراً مخدراً وكان ذلك بقصد الاتجار أو اتجر فيه بأية صورة وذلك في غير الأحوال المصرح بها قانوناً.
وحددت المادة 39 من قانون العقوبات عقوبة متعاطي المواد المخدرة، وجاء نصها كالتالي: "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة، وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه، ولا تتجاوز ثلاثة آلاف جنيه، كل من ضُبط فى مكان أعد أو هُيئ لتعاطى المواد المخدرة، وذلك أثناء تعاطيها مع علمه بذلك".
ووفقا لزيدان، أعلن صندوق مكافحة وعلاج الإدمان التابع لوزارة التضامن الاجتماعي، أن %10 من المصريين سنة 2017، يتعاطون المخدرات، ونسبة تعاطي الحشيش 23.3%.
وطبقاً للبيانات الصادرة من الصندوق عن سنة 2020، فإن أكثر مواد التعاطي هو الحشيش بنسبة 80%؛ محتلاً المرتبة الأولى.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 23 ساعةمتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع