شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!

"لكل من هؤلاء النساء دورٌ في تحرير الجزائر"... معرض "المجاهدات" في برلين

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والنساء

الاثنين 21 نوفمبر 202205:18 م

صور لمناضلات في الحراك الجزائري ضد الاستعمار الفرنسي وقصصهن، وربط بين نضال الماضي ونضال الحاضر، والحراك الذي انطلق في 2019 لمحاربة الفساد والطبقة السياسية المستبدة في الجزائر، ذلك كله من منظور نسوي مختلف عما يُعرض عادة عن حركة تحرير الجرائر من طغيان للجانب الذكوري فيها، لخلق مساحة لجميع النساء اللواتي ساهمن في تحرير الوطن بأجسادهن وعقولهن وقوتهن، كلها اجتمعت في معرض "مجاهدات" في مركز عيون الثقافي في العاصمة الألمانية برلين.

ففي الذكرى الستين لاستقلال الجزائر عن فرنسا، فتح المعرض أبوابه للجمهور بصور 15 امرأة من وحي محاربة الاستعمار الفرنسي، وأخرى حديثة مع نبذة عن نضال المرأة، للفنانة نادية مخلوف، بالإضافة لصور نساء باللباس التقليدي حق (حايك)، وعلاقتهن به، للفنانة مايا إيناس توام، كما شاركت الفنانة سارة الحامد بعرض فيديو بعنوان "باسم الشعب".

صور من معرض "المجاهدات" في مركز عيون الثقافي، برلين. تصوير الصحافية نزيهة سعيد

وكان الكاتب الفرنسي فرانتس فانون قد كتب في كتابه "الجزائر: كشف النقاب" الصادر في العام 1965، بأن فرنسا تبذل محاولات للحفاظ على حكمها الاستعماري، من خلال النساء الجزائريات، إذ قال: "إذا أردنا تدمير نسيج المجتمع الجزائري وقدرته على المقاومة، يجب علينا أولاً قهر النساء، يجب أن نجدهم خلف الحجاب الذي يختبئون تحته وفي البيوت حيث يحفظهم الرجال بعيداً عن الأنظار".

كتب الفرنسي فرانتس فانون في كتابه "الجزائر: كشف النقاب"، : "إذا أردنا تدمير نسيج المجتمع الجزائري وقدرته على المقاومة، يجب علينا أولاً قهر النساء"

ليس غريباً أن يستضيف مركز عيون الثقافي فعالية مثل هذه، توضح لونا سبو، المؤسسة المشاركة والمديرة التنفيذية للمركز: "في عيون، نعمل على تقديم الأشياء من منظور نسوي كويري، نقدي للطبقة وضد استعماري، نحن مهتمون بالأسئلة التي تستهلكنا - كأفراد يعانون من الصدمة، والرغبة الملحة في الشفاء والرعاية الجماعية، وعادة ما تولد الأفكار من القصص الشخصية، وفي هذه الحالة ركزّنا على تنظيم المعارض بناءً على فكرة أقوى من زهرة المضطهدة، من خلال التركيز على النساء في فترة (ما بعد) الحرب، وإزالة الغموض عن النسوية والتحالف الكويري".

صور من معرض "المجاهدات" في مركز عيون الثقافي، برلين. تصوير الصحافية نزيهة سعيد

وأضافت: "جرى التواصل مع الفنانات القائمات على المعرض اللواتي عملن على إظهار القصص التي تم محوها أو إهمالها أو إسكاتها عمداً، وإذا أردنا أن نحكي قصصنا الخاصة، فنحن بحاجة إلى تفكيك ما تم تغذيتنا به بالقوة من قبل الرجل الأبيض. نحن بحاجة إلى إعادة كتابة قصصها - وهذا ما يساهم فيه هذا المعرض بشكل كبير".

تكريم وتذكر

وتوضح الفنانة نادية مخلوف: "هذا المعرض هو تكريم لجميع النساء اللواتي قاتلن خلال حرب الاستقلال الجزائرية. ففي الأول من تشرين الثاني/نوفمبر، احتفلنا بالذكرى الـ 68 لبداية الحرب، بصفتي قيمة مشاركة على المعرض ومصورة، أردت أن ألقي الضوء على شجاعة كل المجاهدات، خاصة المجهولات منهن، أردت أن أحتفل وأضع وجهاً لذلك الجزء من المقاومة".

"هذا المعرض هو تكريم لجميع النساء اللواتي قاتلن خلال حرب الاستقلال الجزائرية". الفنانة نادية مخلوف.

وتواصل مخلوف: "على جميع من ناضلن كجنديات أو ممرضات أو سكرتيرات أو طبيبات أو حاملات مفخخات، معظم النساء اللواتي تم تصويرهن في عملي، مسلمات ولكن أيضاً يهوديات ومسيحيات وملحدات، ولكل منهن دور حاسم في تحرير الجزائر. جميعهن تعرضن للعنف الاستعماري، سواء كان تعذيباً أو سجناً أو فقداناً لأفراد العائلة أو الأصدقاء المقربين، لقد قاتلوا على جبهتين، ليس فقط ضد الاستعمار، ولكن أيضاً لمواجهة التمييز ضد المرأة والتمييز الجنسي من الرجال".

صور من معرض "المجاهدات" في مركز عيون الثقافي، برلين. تصوير الصحافية نزيهة سعيد

وتؤكد مخلوف أن هذا المعرض يشيد بدور وذاكرة النساء المناضلات ضد الاستعمار في حرب التحرير الجزائرية من 1954 إلى 1962، وتقول: "تستحق هؤلاء النساء أن يُعرفن ويُعتبرن بطلات، هؤلاء النساء هن جزء من التاريخ، لقد صنعن التاريخ بالفعل".

وقالت مخلوف خلال حديثها لرصيف22: "لقد تم نسيان هؤلاء النساء في التاريخ الرسمي وتم إخفاؤهن أكثر من 50 عاماً في الوعي الجماعي، فنجد أنه من الطبيعي أن نتحدث عن الرجال المقاتلين. ولكن هذا لم يكن الحال بالنسبة للنساء، رغم أنهن دفعن ثمناً باهظاً أثناء الحرب، ومع ذلك كنّ أول من يُنسى بعد انتهاء الحرب، لماذا؟ ربما لأن الحرب هي من عمل الرجال؟ ولكنني أعتقد أن الوقت قد حان لأن يأخذ التاريخ مساهمة المرأة الأساسية في الحسبان".

تشارك في المعرض ثلاث فنانات كقيّمات وهنّ أيضاً يعرضن أعمالهن. أكدت الفنانة مايا إيناس توام: "نحن نكافح ضد اخفاء المرأة. لذلك كان من الواضح أن أقترح رؤية أولئك اللواتي كن لفترة طويلة موضوعاً للاستغلال، وكانت أفضل فكرة للقيام بذلك هي معرض نسائي 100٪ بنظرة جاهزة لتفكيك الصور النمطية".

"نحن نكافح ضد اخفاء المرأة. لذلك اقترحت رؤية أولئك اللواتي كن لفترة طويلة موضوعاً للاستغلال، وكانت أفضل فكرة للقيام بذلك هي معرض نسائي 100٪". الفنانة مايا إيناس توام

وتوضح لونا سبو: "نركز خلال عملنا على وجهات نظر وأصوات وأعمال أفراد مجتمع النساء والكوير والأشخاص الملونين/ات، لأننا نؤمن بالعمل الإيجابي، الذي يكسر التسلسل الهرمي للهيمنة المجتمعية التي تضع تقليدياً الرجل الأبيض في القمة، لذلك، بطبيعة الحال، فإن نهجنا يعطي هذه الفئة وجميع الأعضاء الآخرين المستبعدين والعرقيين والمهمشين في مجتمعاتنا - في كل من الشتات والجنوب العالمي".

الفنانات نادية مخلوف، مايا إيناس توام، سارة الحامد، معرض "المجاهدات"، برلين. تصوير الصحافية نزيهة سعيد

صانعة الأفلام والفنانة سارة الحامد عرضت خلال المعرض فيلمها "باسم الشعب" الذي يوثق خياطتها لعلم جزائري كبير في ساحة الحراك في العام 2019، حيث ساعدها المحتجون/ات في ذلك، ليكون علماً ضخماً رُفع خلال المظاهرات، تقول عن العمل: "من خلال خياطة العلم، كنت أرغب في إظهار الدور الأساسي الذي تلعبه المرأة، عندما تقرر المخاطرة بخياطة هذا الرمز الممنوع، واضطرار النساء ليختبئن ومن ثم نقله وعرضه لإظهار الدعم للمقاومة، أردت أن أبين أن النساء شاركن في المقاومة بعدة طرق، أما بالنسبة للعلم، فهذا الرمز الذي استمروا في خياطته في الظلام أصبح الآن رمزاً للأمة المستقلة التي ساعدوا في بنائها، وبصفتي فنانة مهتمة بجذوري الجزائرية، أعتقد أن إنشاء مشروع يستحضر المجاهدات كان وسيلة لتكريم أولئك النساء اللواتي ساهمن في إظهار أن النساء لديهن نفس القدرات بل أكثر من قدرات الرجال".

"هناك الكثير من المحتوى حول المقاتلين الرجال، كما أن التاريخ يُروى من قبل الرجال، لذلك هم دائماً الممجدون والأبطال". 

وعن كون المعرض نسائياً بالكامل: "في الواقع، هناك الكثير من المحتوى حول المقاتلين الرجال، كما أن التاريخ يُروى من قبل الرجال، لذلك الرجال هم دائماً الممجدون والأبطال".

وتضيف: "من المهم أن نغير ذلك عبر تعبئة هذه الفجوة في السرد، شخصياً قابلت ناديا مخلوف قبل 10 سنوات عندما بدأت مشروعها "مجاهدات: من غير المرئي إلى المرئي". وقد تأثرت كثيراً بأبحاثها، شعرت بأنني قريبة جداً من سعيها لإثبات الهوية، واهتمامها بالنساء في تاريخنا، ورغبتها في إظهار أولئك اللواتي لم يحظين بالاهتمام المناسب، أعتقد أننا كجزائريات فرنسيات، كنا نبحث عن تمثيل لنا ونسعى للاعتراف بالبطلة التي يمكننا التعرف عليها".

معرض عالمي

وعن تفاعل الجمهور قالت الفنانة مايا: "هناك تفاعل كبير، لم يتردد الزائرون/ات في سؤالنا عن شكل ومحتوى هذا المعرض في محاولة لفهم الموضوع بالكامل، إن تقديم هذا العمل في جميع أنحاء العالم سيسمح لنا، كفنانات، بفهم الفروق الدقيقة بين المجتمعات، وانفتاحها من عدمه فيما يتعلق بهذا الموضوع".

وتوضح الحامد: "عرضنا أعمالنا الفنية في مواقع مختلفة وشاركنا في المؤتمرات والموائد المستديرة والجلسات النقاشية (حول الجزائر) خلال السنوات القليلة الماضية، لكن هذا المعرض كما تم تقديمه في مركز "عيون" في برلين مختلف. فنحن سعيدات للغاية لأن هذا المعرض يجول جميع أنحاء العالم. فقد كان مشروعاً مدروساً جيداً" حسب تعبيرها.

وختمت لونا بالحديث عن التفاعل مع المعرض: "لقد كانت ردة فعل الجمهور ساحقة ومكثفة وجميلة للغاية هنا. كانت رد الفعل ومستوى الاهتمام غير عاديين. نحن على دراية بأوجه التقارب المختلفة لموضوعات محددة ويمكننا أن نلاحظ نوع المجتمع الذي قد يكون أكثر انجذاباً إليها. مع "مجاهدات" شعرنا أن هذا هو الموضوع الذي انجذبت إليه أكثر مجموعة متقاطعة علي الإطلاق، لقد كانت تجربة مدهشة ونحن ممتنون لمساهمة الأفراد واهتمامهم من منطقة المغرب بشكل إبداعي أو نشط في المنفى أو الشتات، لقد تعلمنا الكثير ونشعر بالامتنان لكوننا قادرين على النمو أكثر، وتسليط الضوء علي القصص المخفية والممسوحة ولدينا القدرة على العمل الجماعي من أجل قضية تؤثر علينا جميعاً".

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

ثورتنا على الموروث القديم

الإعلام التقليديّ محكومٌ بالعادات الرثّة والأعراف الاجتماعيّة القامعة للحريّات، لكنّ اطمئنّ/ ي، فنحن في رصيف22 نقف مع كلّ إنسانٍ حتى يتمتع بحقوقه كاملةً.

Website by WhiteBeard
Popup Image